12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

شذرات العترة عليهم السلام >> قدوة الزاهدين

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

قدوة الزاهدين

عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أراد أن يؤتيه الله علماً بغير تعلّم, وهدى بغير هداية فليزهد في الدنيا".

وقال صلى الله عليه وآله: " إزهد في الدنيا يحبك الله, وازهد فيما في أيدي الناس يحبّك الناس".

الزهد هو تحرير الوجدان من حب الدنيا، والانعتاق الداخلي من قيود الشهوة والأهواء. فلا يرفض الإسلام امتلاك المؤمن الدنيا من مال، وجاه، وبنين، ولكنه يستنكر امتلاك الدنيا ومعانيها للمؤمن، وأن تكون معبودة له من دون الله، أو مع الله فليس الزهد أن لا تملك شيئاً بل الزهد أن لا يملكك شيء. وقد سئل أمير المؤمنين عليه السلام: يا عليّ ما الزهد؟ فقال عليه السلام: " الزهد كلّه بين كلمتين في القرآن, قال الله سبحانه: {لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}.
والمؤمن يزهد في الدنيا لأنه ذو أفق واسع، يضع الأشياء موضعها، ولا يعطيها سوى قِيَمها الحقيقية، وكلّما ازداد قلب المؤمن حباً وتعلقاً بالله، وبدينه وبالمؤمنين، وازدادت همومه الرسالية، وتوجّهاته النفسية للعمل والجهاد، كلما ضعف حب الدنيا في قلبه، وزهد في معانيها الزائلة، مالاً، وجاهاً، وزخرفاً، وشهوات.

يا دنيا إليكِ عنّي:

ولو تجسّد الزهد رجلاً لكان أمير المؤمنين عليه السلام, إذ كان الزهد مَعلَماً بارزاً من معالم شخصيته عليه السلام وسِمة مميزة زيّنه الله تعالى بها, فعن عمار بن ياسر(رض) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعليّ: "يا عليّ، إنّ الله قد زيّنك بزينة لم يزيّن العباد بزينة أحب إلى الله منها؛ الزهد في الدنيا، وجعلك لا تنال من الدنيا شيئا، ولا تنال الدنيا منك شيئا، ووهب لك حبّ المساكين، فرضوا بك إماماً، ورضيت بهم أتباعاً، فطوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك؛ فأما الذين أحبوك وصدقوا فيك فهم جيرانك في دارك، ورفقاؤك في قصرك، وأما الذين بغضوك وكذبوا عليك فحقّ على الله أن يوقفهم موقف الكذابين يوم القيامة".

وقد كان من شواهد تلك الصفة أنّه ترك كلّ لذاذات الدنيا وزينتها وتوجّه بكل وجوده نحو الآخرة وعاش عيشة المساكين وأهل المتربة من رعيته. لقد زهد عليه السلام بالدنيا زهداً تاماً وصادقاً،حيث زهد في المال والسطان وكلّ ما يطمع به الطامعون, فعاش في بيت متواضع لا يختلف عما يسكنه الفقراء من الأمّة، وكان يأكل الشعير، تطحنه زوجته الزهراء عليها السلام أو يطحنه بنفسه, قبل خلافته وبعدها, حيث كانت تُجبى الأموال الى خزانة الدولة التي كان يضطلع بقيادتها من شرق الأرض وغربها, وكان يلبس أبسط أنواع الثياب، فكان ثمن قميصه ثلاثة دراهم.

ولقد بقي زاهداً طوال حياته؛ فقد رفض ان يسكن القصر الذي كان معداً له في الكوفة حرصاً منه على التأسّي بالمساكين. وهذه بعض المصاديق كما ترويها سيرته العطرة:

فعن الامام الصادق عليه السلام: "كان أمير المؤمنين أشبه الناس طعمة برسول الله صلى الله عليه وآله كان يأكل الخبز والخلّ والزيت ويُطعم الناسَ الخبز واللحم".

وعن الباقرعليه السلام: "ولقد وليَ خمس سنين وما وضع آجرة على آجرة ولا لَبِنة على لَبِنة، ولا أقطع قطيعاً ولا أورث بيضاء ولا حمراء" .

وعن الأحنف بن قيس قال: "دخلت على معاوية فقدّم إليّ من الحلو والحامض ما كثر تعجّبي منه، ثم قال: قدّموا ذلك اللون, فقدموا لوناً ما أدري ماهو..!

فقلت: ما هذا؟

فقال: مصارين البطّ محشوة بالمخّ ودهن الفستق قد ذُرّ عليه السكّر!!!

قال الأحنف: فبكيت.

فقال معاوية: ما يبكيك؟

فقلت: لله درّ ابن أبي طالب، لقد جاد بما لم تسمع به أنت ولا غيرك!

قال معاوية: وكيف؟

قال: دخلت عليه ليلة عند افطاره, فقال لي: قم فتعشَّ مع الحسن والحسين، ثم قام إلى الصلاة، فلما فرغ دعا بجراب مختوم بخاتمه، فأخرج منه شعيراً مطحوناً، ثم ختمه.

فقلت: يا أمير المؤمنين, لم أعهدك بخيلاً، فكيف ختمت على هذا الشعير؟

فقال: لم أختمه بخلاً ولكن خفت أن يبسّه (أي يخلطه) الحسن والحسين بسمن أو أهالة!. (الإهالة: الدسم الجامد)

فقلت: أحرام هو؟

قال: لا، ولكن على أئمة الحق أن يتأسوا بأضعف رعيتهم في الأكل واللباس ولا يتميزون عليهم بشيء لا يقدرون عليه ليراهم الفقير، فيرضى عن الله تعالى بما هو فيه, ويراهم الغني فيزداد شكراً وتواضعاً".

 

الأنشطة الثقافية
1113قراءة
2015-12-26 19:35:37

تعليقات الزوار


jeff klayli