12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

شذرات العترة عليهم السلام >> العلاقة مع أهل البيت (ع)

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

العلاقة مع أهل البيت (ع)

 

( قل ما أسالكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً ) ( الفرقان 57)


في هذه الآية الكريمة أمرين اساسيين : الأول أن النبي (صلى الله عليه وآله) _ بأمر من الله تعالى _ يطلب الأجر على الرسالة ، فالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي أوصل هذا الإسلام العزيز بما فيه من سعادة الدنيا والآخرة إلى الناس ، يطلب أجراً مقابل ذلك. والثاني أن الأجر يطلبه من الذي توفرت فيه صفة أساسية هي (شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) .


ما هو هذا الأجر ؟

هناك آية أخرى من القرآن الكريم تذكر ذلك ، يقول تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ) ، فهذا الأجر المطلوب ممن أراد ان يتخذ إلى ربه سبيلاً يحدده بنقطة واحدة هي " المودة في القربى " وهم أهل البيت (عليهم السلام) ، فما المقصود من هذا الطلب وما معنى المودة ؟


طلب النبي (صلى الله عليه وآله)

إن النبي (صلى الله عليه وآله) كما يصفه القرآن الكريم ليس إلا رحمة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، والرحمة هي العطاء بلا مقابل ، وهذا يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله) لا يطلب لنفسه شيئاً مقابل ما يقدمه للبشرية ، وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم في العديد من الآيات القرآنية كقوله تعالى ( قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ) ( ص 86 )، وهذا يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله) لا يطلب شيئاً لمصلحته الخاصة وإنما ما يطلبه فهو لمصلحة الأمة ، فمودة أهل البيت (عليهم السلام) تعود فائدتها إلى الأمة ، وهذا ما تؤكده الآية الكريمة ( قل ما سألتكم من أجر فهو لكم ... ) (سبأ 47 ).


مودة أهل البيت (عليهم السلام):

إن الود بمعنى المحبة ، والمحبة حالة نفسية تجذب المحب نحو المحبوب , فما فائدة هذا الود وهذه المحبة حتى يطلبها النبي (صلى الله عليه وآله) بأمر من الله تعالى وتكون فائدتها على الأمة ؟ فائدة هذه المودة تتضح في آية أخرى تشرح الأجر الذي يطلبه النبي (صلى الله عليه وآله) ، يقول تعالى. فالمودة هي السبيل إلى الله سبحانه وتعالى.


هل يكفي الحب والمودة القلبية ؟ (معهم بالعمل)

هل هذا يعني أن السبيل إلى الله تعالى هو مجرد المودة القلبية من دون اشتراط الأعمال والصالحة ؟

ليس المقصود من هذه الآيات التي تتحدث عن المودة إبعاد الناس عن الأعمال الصالحة وتوجيههم إلى بديل يكفي لدخول الجنة هو مجرد الحب أو ادعاء الحب والمودة لأهل البيت (عليهم السلام)، بل على العكس من ذلك فهي شبيهة بالآية التي تتحدث عن النبي (صلى الله عليه وآله) ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) (الأحزاب 21 ).

فالمودة تعني اتخاذهم أسوة وقدوة لننطلق من خلال المودة إلى السير على النهج والالتصاق بالطاعات ، لتكون المودة كما فسرتها الرواية عن الإمام الحسن بن علي (عليه السلام): " اقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت " .

وهناك الكثير من الروايات التي تؤكد أن الشيعة هم من أطاع الله تعالى ، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): " إنما شيعة علي من عفّ بطنه وفرجه واشتد جهاده وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه " ، وأنه لا بد من العمل الصالح، عن الصادق (عليه السلام): " أبلغ شيعتنا أنه لا ينال ما عند الله إلا بالعمل "، بل إن الشيعي والمحب الحقيقي هو الذي يعمل بالطاعات.

عن الباقر (عليه السلام): " يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت ؟ فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه ... فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، ليس بين الله ولا بين أحدٍ قرابة ، أحب العباد إلى الله تعالى وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته ، يا جابر والله ما نتقرب إلى الله إلا بالطاعة ، ما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة ، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، وما تُنال ولايتنا إلا بالعمل والورع ".

فالمحبة بلا عمل غير مفيدة كما يقول الإمام الخميني (قدس): " فيا أيها العزيز ! لا يغرنك الشيطان ولا تخدعنك الأهواء النفسية ، ومن المعلوم أن الإنسان الخامل المبتلي بالشهوات وحب الدنيا والجاه والمال - مثل الكاتب - يبحث عن مبرر على خموله ، ويقبل على كل ما يوافق شهواته ويدعم رغباته النفسية وأوهامه الشيطانية ...

هذا المسكين يظن أن مجرد ادعاء التشيع وحب التشيع وحب أهل بيت الطهارة والعصمة يسوغ له - والعياذ بالله - اقتراف كل محرم من المحظورات الشرعية ويرفع عنه قلم التكليف، إن هذا السيئ الحظ لم ينتبه بأن الشيطان قد ألبس الأمر عليه، ويُخشى عليه في نهاية عمره أن تُسلب منه هذه المحبة الجوفاء التي لا تجدي ولا تنفع، ويحشر يوم القيامة صفر اليدين وفي صفوف نواصب أهل البيت (عليهم السلام)" .


الوقوف عند كلماتهم:

المودة الحقيقة كما تستتبع العمل الصالح كذلك هي تستتبع الوقوف عند كلماتهم وعدم تجاوزهم على مستوى المفاهيم والعقائد، فهم سفن النجاة التي ينبغي الالتزام بها وعدم تجاوزها قيد أنملة، والالتزام بها يعني التوقف عندها وعدم تجاوزها لأن التجاوز يعني السقوط في البحر والغرق.

تماماً كسفينة نوحر فعن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ( إن مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ) التي لم يبق عاصم سوى التوقف عندها والالتزام بها ( قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ) ( هود 43 ).

في الرواية عن الباقر (عليه السلام):" يا معشر الشيعة كونوا النَّمْرَقَة الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي ، فقال له رجل من الأنصار يقال له سعد: جعلت فداك ما الغالي؟ قال (عليه السلام): " قوم يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا فليس أولئك منا ولسنا منهم ... "


وقد تجاوز الكثير أهل البيت (عليهم السلام) حتى تحقق قول النبي (صلى الله عليه وآله): " يا علي يهلك فيك اثنان محب غال ومبغض قال "، فادعى البعض ربوبيتهم وألوهيتهم وغالوا فيهم، فيما تخلى آخرون عنهم وتركوا منهجهم (عليهم السلام).

وقد ظهرت مشكلة الغلو في زمن الأئمة (عليهم السلام)، وتميزوا في طريقة طلقيهم لروايات أهل البيت (عليه السلام) بأمرين:

الأول: الكذب ووضع الأحادث على لسان أهل البيت (عليهم السلام) ، يتحدث الإمام الصادق (عليه السلام) عنهم قائلاً: " أولعوا بالكذب علينا ".

الثاني : يفسرون الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) بشكل خاطئ يتناسب مع أهوائهم يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : " إني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير وجهه ".


الإمام الصادق (عليه السلام) في مواجهة الانحراف:

وقد واجه الإمام الصادق (عليه السلام) هذه الانحرافات بخطوات عملية تمثلت بالبراءة منهم، فعنه (عليه السلام): " يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء ... " وبيان خطورتهم عنه (عليه السلام): " والله ما الناصب لنا حربا بأشد علينا من الناطق علينا بما نكره وبما لم نقله في أنفسنا "، والتأكيد على ضرورة مقاطعتهم ، فعنه (عليه السلام): "يا مفضل لا تقاعدوهم ولا تواكلوهم ولا تصافحوهم ولا توارثوهم ".

بالإضافة إلى وضع الموازين الشرعية المتمثلة بالتوقف عند ما قالوه: " اللهم إني أبرأ إليك من الذين قالوا فينا ما لم نقله في أنفسنا"، وعرض الروايات على القرآن الكريم وطرح ما ينافيه، فعنه (عليه السلام): " ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو باطل " .

 

 

الأنشطة الثقافية
1200قراءة
2015-12-27 16:24:48

تعليقات الزوار


doha tarhini