12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

شذرات العترة عليهم السلام >> كلمات للإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

كلمات للإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام

--------------------------------------------------------------------------------

كلمات للإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام

 

في الزيارة الجامعة الكبيرة الصحيحة من ناحية السند والقوية من حيث المتن وردت عبارة في توصيف كلمات أئمتنا عليهم السلام تقول هي:

 

"كلامكـم نـور"

 

ومن طبيعة النور أنه ظاهر بنفسه ومظهر لغيره، وهذه الحقيقة ظاهرة بوضوح في كلماتهم عليهم السلام فهي من طبيعتها النورانية وتنوير كلِّ ما سواها كيف لا وهو ينبع ممن أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيرا، ومن هنا نشاهد التقارب العجيب بين كلامهم عليهم السلام بحيث كلُّ منهم يفسر كلامه كلام الآخر بل يفسرون كلام الله تعالى الذي يعبر عن نفسه (نوراً) وقد وُصفوا في نفس الزيارة بأنَّهم "تراجمة لوحية...".

ونحن في هذه الكلمة ننطلق من عدد من أحاديث الإمام علي بن محمد النقي الهادي عليه السلام الذي انتشر ضياء نوره في قلوب من والاه ، تبيينا للترابط الموجود في كلامهم عليهم السلام وشرحاً للعلاقة الموجودة بين حديثهم الحسن بأحسن الحديث فننتقى بعض الأحاديث التي نقلت في كتاب "تحف العقول عن آل الرسول" قال عليه السلام :

((إن الله لا يوصف إلا ما وصف به نفسه، وأنى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه والأوهام أن تناله والخطرات أن تحده والأبصار عن الإحاطة به، نأى في قربه وقرب في نأيه، كيّف الكيف بغير أن يقال: كيف، وأيّن الأين بلا أن يقال: أين، هو منقطع الكيفية والإينية، الواحد الأحد، جل جلاله وتقدست أسماؤه.))

وهذا الحديث رغم اختصاره إلا أنَّه يحتوى على معاني عميقة ومفاهيم جليلة وأدلَّة منطقية محكمة فقد سدَّ المجال لكلِّ من أراد تشبيهه تعالى في صفاته بشيء من مخلوقاته فأوصافه تعالى لا تؤخذ إلا منه،


وهذا هو عين كلام جدِّه علي عليه السلام:

"لا تدرك العقول كنهه ...."

وقوله عليه السلام في إبطال من وصفه:

"من وصفه فقد حدَّه ومن حدَّه فقد عدَّه ...."

ومن قوله عليه السلام "لا يوصـف" نعرف بأنَّه لا مجال لذلك أصلاً لأن التوصيف عند البشر إنَّما هو إعطاء صورة واضحة للشيء كي يتعرَّف عليه الآخرون وكيف يتسنى لبشر أن يوصف من يستحيل تصوُّره، فتصوُّر الشيء ينبع من الارتباط به من خلال أحد الخيوط الأربعة وهي:

1 الحواس الخمسة بالدرك
2 الأوهـام بالنـيـل
3 الخـطـرات بـالحـدّ
4 الأبصار(القلوب) بالإحاطة.

وواجب الوجود أي المطلق من كافة الأبعاد لا يصل إليه شيء وهذا يرجع إلى نقص الوسائل لا ذاته تعالى فهو من أوضح الأشياء وهذا ما يستفاد من كلمة "تعجـز" الواردة في الحديث، وقد تسلسل سبحانه من الداني إلى العالي كي يسدّ جميع الطرق التي تؤدي إلى توصيفه بأوصاف بشرية مهما تعالت تلك الطرق فبدأ بالحواس الخمسة التي هي وسائل أولى تربط الإنسان بالعالم الخارجي من خلال العلم الحصولي فهي عاجزة عن دركه تعالى وبذلك فنَّد كلّما اعتقد به بعض المسلمين غير السائرين على نهج أهل البيت عليهم السلام حيث قالوا بأن الله يرى في يوم القيامة اعتمادا على قـوله تعالى:

(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ*إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (القيامة/22،23).

وحتى في الدنيا وذلك لأنه يقـول:

(وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى)(النجم/13).

فهذه الايات وأمثالها لا تعني النظر بالعين بل هي رؤية خاصة يبينها سبحانه بقـوله:

(وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ*تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ)
(القيامة/24،25).

في الآية الأولى، وقـوله:

(مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)(النجم/11).

وهذه الرؤية غير الإحاطة والإدراك القلبي الذي يشير إليه أمير المؤمنين عليه السلام فهو نوع من الشهود لا يصل إليه إلا من تعمق في معرفة نفسه.

وأما السمع فحكمه حكم البصر فلا يسمع له تعالى صوتٌ صادر منه بمعنى التوليد كيف وهو الذي (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)(الإخلاص/3).

فالذي حصل لموسى على نبينا وآله وعليه السلام هو أمر آخر، وهذا جار في جميع الصفات .

ثمَّ إن الإمام بيَّن السر في ذلك فقال "نأى في قربه وقرب في نأيه" فهو قريب وهو بعيد والذي هو كذلك كيف يمكن أن يدرك بالحواس أو ينال بالأوهام أو يحدّ بالخطرات أو يحاط بالأبصار .

" كيّف الكيف بغير أن يقال: كيف، وأيّن الأين بلا أن يقال:أين"

فمن كيَّف الكيفيات كيف يكون له كيف ومن أيَّن الأينيات كيف يكون له أين ، ومن أجل أنّه ربَّما يتوهم البعض ويقول بإمكان أن يتأيَّن أي يستقر في مكان إلا أنَّه لم يستقر أو بإمكان أن يتكيَّف و يتشكل ولكن لا يكون كذلك، دفع الإمام هذه الشهة بقوله عليه السلام:

" هو منقطع الكيفية والإينية" وذلك لأنَّه تعالى هو : "الواحد الأحد، جل جلاله وتقدست أسماؤه" والواحد لا يكون كذلك إلا إذا كان أحداً أي غير مركب فهو واجب الوجود من جميع الجهات.

 

الدنيا


قال عليه السلام:

إن الله جعل الدنيا دار بلوى والآخرة دار عقبى وجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سبباً وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً
هذا الحديث المختصر أيضا يشتمل على مفاهيم رفيعة المستوى قد بيَّنها الإمام في أروع أنواع البيان فبيَّن سلام الله عليه أنَّ الناس أياً كانوا فهم مبتلون في الدنيا وهذا هو تبيين قوله تعالى (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عمَلاً..)(الملك/2) وذلك لأنّ الدنيا دار الإبتلاء والإمتحان ومن هنا عبَّر عنده سبحانه بأنَّه متاع (..وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)(الأعراف/24).

فرغم أنَّ العقبى هي دار والدنيا دار إلا أنّهما متضادان تماماً فلا يجتمعان أبداً ولكن مع ذلك الدنيا يمكنها ان تكون وسيلة للوصول إلى ثواب الآخرة فثوابها إنَّما هو نتيجة طبيعية لبلوى الدنيا (ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون)(التوبة/94) فهناك إرتباط الوثيق بين الدارين(اليوم مضمار وغدا السباق) ورغم أن الآخرة هي عقيب الدنيا فكل من هو في الدنيا سيصل إلى الآخرة لا محالة إلا أنّ ذلك لا يعني أن كلَّ من في الدنيا يكتسب ثواب الآخرة بل هناك من يقول عنهم سبحانه (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (الحج/11).

وبالطبع هذه البلوى ربَّما تكون مكروه وقد ورد أن الآخرة محفوفة بالمكاره وبالنتيجة الدنيا هي دار تجارة يربح فيها وقوم ويخسر آخرون ومن هنا عبَّر سبحانه بالبيع في قوله تعالى (..فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة/111).


والجدير أن الإمام الهادي عليه السلام في كلمة أخرى يقول:


"الدنيا سوق، ربح فيها قوم وخسر آخرون"

 

مهدي
1045قراءة
2016-01-01 15:02:16

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا