12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

شذرات العترة عليهم السلام >> الإمام الهادي (عليه السلام) في سامرّاء

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

الإمام الهادي (عليه السلام) في سامرّاء

--------------------------------------------------------------------------------

الإمام الهادي (عليه السلام) في سامرّاء

 


خلال وجود الإمام في سامرّاء، كان المتوكّل يتظاهر بتعظيمه وإكرامه، لكنّه كان يراقب جميع تحرّكاته وتصرّفاته.

وكان أنصار الإمام يتّصلون به في الغالب عن طريق الكتابة والمراسلة. وكان المتوكّل يستدعيه إلى مجلسه بين الحين والآخر. وكان كثيراً ما يأمر رجاله بالإغارة على دار الإمام وتفتيشها، بحثاً عن المال والسلاح، فيقابلهم الإمام عليه السلام بهدوءٍ وثقةٍ، ويساعدهم في التفتيش أحياناً.

ويروى في هذا المقام أن أحد رجال المتوكّل ويدعى «البطحانيّ»، وكان يضمر للإمام عداوةً شديدةً، سعى بالإمام إلى المتوكل قائلاً: إنّ عنده أموالاً وسلاحاً، فأمر المتوكل حاجبه واسمه سعيد بالهجوم على الدار ليلاً، فقصد الحاجب دار الإمام مع رجاله، وصعدوا على سطحها بواسطة سلّم أحضروه معهم، لكنّهم لم يروا طريقهم في الظلام، فنادى الإمام الحاجب قائلاً: يا سعيد، مكانك حتّى يأتوك بشمعةٍ، ثم أتوا له بشمعةٍ فنزل مع رجاله، ووجد الإمام مرتدياً جبّةً وقلنسوةً من صوفٍ، وهو متوجّه إلى القبلة للصلاة،فقال لسعيدٍ: دونك البيوت، (أي الغرف أمامك ففتّشها)، وبعد التّفتيش لم يجدوا ما أتوا في طلبه من مال وسلاح، سوى بعض الكتب،

فاعتذر سعيد من الإمام بحجة أنّه مأمور، فأجابه عليه السلام: (وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون).

وفي مرّة أخرى، أحضر الإمام إلى مجلس المتوكل، وكان يجلس إلى مائدةٍ وفي يده كأس من الشراب، فأجلسه إلى جانبه وقدّم له الكأس التي في يده، لكنّه طلب إعفاءه فأعفاه، غير أنّه طلب أن ينشده شعراً يستحسنه، فاعتذر ثانيةً، لكنّه ألحّ عليه ولم يقبل له عذراً، فأنشده:

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم *** غلب الرجال فما أغنتهم القلل

واستنزلوا بعد عزٍّ عن معاقلهم *** فأودعوا حفراً يا بئس ما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد ما قبروا *** أين الأسرة والتيجان والحلل

أين الوجوه التي كانت منعّمةً *** من دونها تضرب الأستار والكلل

فأفصح القبر عنهم حين ساء لهم *** تلك الوجوه عليها الدّود ينتقل

قد طال ما أكلوا دهراً وما شربوا *** فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا

وطالما عمروا دوراً لتحضنهم *** ففارقوا الدّور والأهلين وانتقلوا

وطالما كنزوا الأموال وادّخروا *** فخلّفوها على الأعداء وارتحلوا

أضحت منازلهم قفراً معطّلةً *** وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا

يصف اللإمام في هذه الأبيات مظاهر القوّة والعظمة لدى الحكّام، ويصف قصورهم وحياتهم المترفة، ثم يصور زوال كلّ هذه النعم ونهاية أصحابها إلى القبور، تعدو عليهم الدّيدان فتأكل وجوههم وأعضاءهم، بعد أن كانوا يأكلون الناس وأموالهم. وواضح أنّ الإمام عليه السلام يرمي إلى عظة المتوكّل ونصحه، وردعه عن مجونه وآثامه.

أمّا المتوكّل الذي لم يكن يتوقّع من الإمام أن ينشده شعراً من هذا النوع، فقد بكى بكاءً شديداً، وأمر برفع الشراب من مجلسه، واعتذر من الإمام، وودّعه مكرّماً.

لقد حاول المتوكّل إذلال الإمام أمام حاشيته، فقدّم له الشراب وهو يعلم أنّ الإمام يرى أنّ شارب الخمر كعابد الوثن، ولمّا أبى، طلب أن ينشده شعراً في وصف الخمر والجواري، ولم يكن يتوقّع أن يصفعه الإمام عليه السلام هذه الصفعة، أو أن يجرؤ على صبّ هذه الصّواعق عليه، لكنّه أمام هذا الوصف الرّائع للجبابرة في حياتهم وبعد موتهم، ولتلك الوجوه الناعمة الطريّة يعبث فيها الدود، لم يستطع إلاّ التّأثر بهذه الحقائق الواضحة، والبكاء من شدّة الخوف والجزع ممّا ينتظره غير بعيدٍ.

مهدي
1110قراءة
2016-01-01 15:04:25

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا