12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

المقالات التربوية >> الخُلق الكريم

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis


باسمه تعالى


بحث بعنوان : الخُلق الكريم

 

مقدمة

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد ابن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين .السلام على من بعث ليتمم مكارم الاخلاق ويرتقي بالانسان الى مدارك الكمال الانساني .

لقد ورد في الحديث " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار "1

وقد ورد في دعاء مكارم الاخلاق للامام زين العابدين " اللهم لا تدع خصلة تعاب مني إلا أصلحتها ، ولا عائبة أؤنب بها إلا حسنتها ولا أكرومة في ناقصة إلا أتممتها ."2

إن الخلق الحسن الكريم ، هو السمة الابرز التي يجب أن تطبع حياة الفرد المؤمن المجاهد ، وكل من يرغب في أن يصل إلى درجة من فرض الاحترام وتحقيق الذات وتقديرها .

فالخلق الحسن والخلق الاسلامي هو الموصل الى رضوان الله تعالى . فالانسان الخلوق هو - كما سيرد في هذه الورقة البحثية- الأكثر مقبولية في مجتمعه ، والاكثر نجاحا في حياته.

وأعتقد أن المقبولية والنجاح هي من أهم أهداف الشباب في يومنا هذا. وعليه أسأل الله أن يساعدنا على أن نحسن أخلاقنا فنكون زينا لأئمتنا ، وصورة حسنة لديننا وأخلاقه السامية الكريمة .


أولاً: الاخلاق أساس المجتمع

إن الاخلاق هي أساس المجتمعات الملتزمة المؤمنة بالله تعالى. ولولا الاخلاق لما قامت لها قائمة، بل ظلت تراوح مكانها مع تقدم الآخرين عليها، هذه الحقيقة يؤكد الامام الخميني (دام ظله
عليها ويعتبر أن أهم ما تبنى من خلاله أخلاق الامة الملتزمة المؤمنة، هو قصد القربة الى الله تعالى .في كل الامور صغيرها وكبيرها بما يشمل الامور السياسية، فإن السياسة في الامة المسلمة ينبغي أن تكون قربة لله تعالى لأنها تصب أخيرا في خدمة العباد وهذا من أعظم العبادة.


كما أن تبليغ الدين والتعاليم الاسلامية ، من قبل العلماء أمر لا يغفل عن أهميته في بناء الأخلاق في المجتمع وعليهم أن يضطلعوا بالدور الأكبر في تعميم الثقافة الأخلاقية.

يقول سماحة السيد علي الخامنئي :" إن تبليغ الدين وتبيان الحقائق ، الذي يعد واجب العلماء والمبلغين العظام ، يشمل اليوم كل تلك الامور فلو أننا بلغنا أعلى المستويات الاقتصادية ، وضاعفنا من قدرتنا وعزتنا السياسية ، وكنا نفتقر الى العفو والصبر والحلم وحسن الظن لأنهار وضعنا ."3

فالاخلاق هي الاساس وكل تلك الامور هي مقدة للأخلاق الحسنة ( إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق ). والحكومة الاسلامية تهدف الى تربية البشر في هذا الجو لتسمو أخلاقهم ، وليكونوا أقرب الى الله تعالى ، وأن يقصدوا القرب منه.


ثانيًا: الانسان موضوع التربية والاخلاق

إن لكل علم موضوع ، وموضوع التربية والاخلاق هو الانسان . والانسان بنظر الاسلام ذو بعدين جسماني وروحاني ، مادي ومعنوي. ومعرفة هذه الأبعاد أمرا ضروريا من أجل التربية للانسان بمعناها الشامل يمكن أن تتحقق.

من هنا فإن معرفة هذا البعد المعنوي للانسان بمعنى نفسه وروحيته التي تشكل شخصيته الواقعية وتحمل القيم الأخلاقية إنما تكون في تهذيب النفس وتكميلها بالتربية.

ولهذا فإن معرفة هذا البعد ، أي معرفة النفس، سوف تكتسب في التربية والأخلاق أهمية خاصة، ولهذا فإن العلم والتربية والأخلاق إنما تحكي حالات النفس وقواها واستعداداتها وميولها الاخلاقية والانسانية وكيفية هدهيتها وإبداعها ، قال رسول الله (ص) من عرف نفسه فقد عرف ربه "4. وقال علي (ع) :" معرفة النفس أنفع المعارف "5.

ومن المؤكد أن هذه المعرفة ليست منحصرة في معرفة حقيقة النفس التي ليست مستطاعة للجميع ، بل تشمل حتى معرفة الأبعاد والآثار واللوازم. فالأخلاق هي تلك الالملكة النفسيانية التي تستند بنظر الاسلام على الإيمان والتعبد والتسليم لله تعالى ، وعلى ذلك يكون جوهر الأخلاق حقيقة واحدة من العلاقات الانسانية .

فالانسان كما يقول الفلاسفة يعيش أربعة أنواع من العلاقات:
مع الله، ومع النفس، ومع الناس، ومع الدنيا.. وفي كل واحدة من هذه العلاقات نستطيع أن نتصور للأخلاق مقاما ومرتبة.

والجدير بالذكر أن العلاقات المذكورة بالاضافة الى البعد الاخلاقي.. أبعادا عبادية وتكليفية لا ينفك أحدها عن الآخر. فالتعبد والعبودية مثلا تكليف إلهي له جنبة أخلاقية بعنوان شكر المنعم والإحسان والاحترام للوالدين واجب شرعي في الاسلام، ويتمتع في نفس الوقت ببعد أخلاقي أيضًا.


وقد وردت نفس هذه العلاقات المذكورة في رواية الامام الصادق (ع) ولكن بتفاوت بسيط فقد قال (ع) " أصول المعاملات تقع على أربعة أوجه: معاملة الله ومعاملة الناس ومعاملة الخلق ومعاملة الدنيا وكل وجه منقسم على سبعة أركان .. ثم ذكر (ع) لكل واحدة منها جوانب اخلاقية وعرفانية وتربوية، وكل هذه الجوانب تشملها التربية الاخلاقية الاسلامية.

 

ثالثًا: دور التربية والاخلاق في بناء شخصية الانسان


إن دور التربية هو مساعد براعم الشخصية الواقعية للانسان على التفتح، ونقل استعداداتها المخفية من القوة الى الفعل.

فبدون التربية الاخلاقية لن يستطيع الانسان الحصول على شخصيته الواقعية ، ولن تنضج له هويته المستقبلية ، وكل ما يحصل عليه خارج هذا الاطار لن يكون من انسانيته الذاتية . فبناء الشخصية الانسانية يجب أن تراع لب الاخلاق.

ولب الاخلاق هو ضبط الشهوات لأن الاخلاق تقوم على ضبط الشهوات. بحيث تعتدل فلا تجنح لناحية التفريط ولا الافراط بل تسلك الجادة الوسطى التي حددتها الشريعة الاسلامية الغراء، ولا يقتصر الامر في ضبط الشهوات على شهوة التناسل فحسب . بل يتعداها ليشمل كل الشهوات الاخرى، كالغضب، وحب الانتقام، وشهوة البطن، وشهوة الجاه، والمناصب وغيرها من الشهوات.

والى هذا المعنى يشير سماحة الامام الخامنئي بقوله:" أعزائي إن الانسان في أسمى شكل وأكمل حياة هو ذلك الانسان الذي يمكنه التحرك في سبيل الله ويرضى الله عنه، والذي لا تأسره شهواته، ذلك هو الانسان السالم والكامل، أما الانسان المادي الذي يقع أسير شهوته وغضبه وأهوائه النفسية وأحاسيسه، فإنه حقير مهما كان كبيرا على الظاهر وله منصب. فرئيس جمهورية أكبر دولة في العالم التي تمتلك أكبر ثروات العالم، إذا كان عاجزا عن لجم شهوته وقمعها، وكان أسير طلباته النفسية، فإنه إنسان وضيع ، أما الانسان الفقير الذي يمكنه أن يتفوق على شهولته ويطوي الطريق الصحيح أي طريق كمال الانسان - طريق الله - فإنه إنسان عظيم ".6

 

خاتمة

إن التربية الخلقية توجد مصاديقها الاساس عند الرسول الأكرم محمد (ص) الذي كان له
أسلوب خاص في تأهيل المجتمع ليصبح مجتمعا أخلاقيا ، ولعل هذا الاسلوب هو الاسلوب الانجع والأكثر تأثيرا في كل الأساليب التبليغية، وهو يتمثل بتقديم النصيحة الأخلاقية من خلال العمل بها ، وليس من خلال الخطب والشعارات ، أو وسائل الدعاية فقط .
يقول الامام الخميني ( قدس سره ) :" الذي يريد أن يتهذب لا يتهذب بالعلم ، فالعلم لا يهذب الانسان ، وقد يبعث العلم الانسان الى جهنم .. في كثير من الاوقات يكون العلم بدون عمل وبدون تقوى مضرا، يجب على العالم أن يكون متقيا ومتوجها الى الله تبارك وتعالى حتى يستطيع أن يربي المجتمع، يجب عليه أن يربي نفسه حتى يستطيع تربية المجتمع ."7

 

 

إعداد : القائدة نبال رعد

مفوضية البقاع - آب 2010


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لتربية والاخلاق في الاسلام ، العلامةمحمد تقي رهبر والعلامة محمد حسن رحيميان.
2- سبيلك الى مكارم الاخلاق - الشيخ نعيم قاسم.
3- السيد علي الخامنئي - توجيهات أخلاقية - طبعة 2008.
4- سفينة البحار ص 232.
5- تصنيف الغرر ص 232.
6- من خطبة الجمعة للامام الخامنئي في 1/2/1997م.
7- صحيفة النور ج:19- زج92. ص:21.

 


المراجع
1- الشيخ نعيم قاسم - سبيلك الى مكارم الاخلاقز
2- الشيخ محمد تقي رهبر ، الشيخ محمد حسن رحيميان - التربية والاخلاق في الاسلام.
3- الاربعون حديثًا.
4- السيد علي الخامنئي - توجيهات أخلاقية.
5- خطبة الجمعة للامام علي الخامنئي دام ظله .

 

 

برامج
1237قراءة
2015-11-10 08:15:29

تعليقات الزوار


doha tarhini