12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

تنمية المجتمع >> قادة جادوا بأكثر من دمائهم

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis


قادة جادوا بأكثر من دمائهم


ربّما هي المشيئة الإلهية التي أرادت أن ترتوي أرض لبنان بدماء قادة المقاومة الإسلامية في شهر شباط، لتتفتح في آذار وروداً عطرة على امتداد مساحات الوطن. فمن الدماء الطاهرة لشيخ شهداء المقاومة الإسلامية الشيخ راغب حرب، مروراً بسيدها الشهيد السيد عباس الموسوي، وصولاً إلى قائد الإنتصارين الشهيد الحاج عماد مغنية وما بينهم من شهداء، نبتت ورود الحرية في لبنان، فكانت المشعل الذي أنار درب المقاومين، وكانت الملهمة لهم في ليالي الوحشة المظلمة، فاستراحوا بين أوراقها وليستنشقوا رائحة النصر من عطرها. وفي هذه المناسبة الطاهرة أحببنا ان نعرّج الى سيرة حياة شيخ الشهداء وآثاره في الحياة المجتمعية. فاليكم هذا النموذج.......
ولد الشهيد السعيد الشيخ راغب حرب، في صيف حافل بالعمل والنشاط من عام 1952 م، من أبوين كادحين، عاشا فوق ثرى جبل عامل، وعلى أرضه الطاهرة، وراحا يزرعانه خيراً وبركة ويسقيانه بعرق الجبين..
تميّز الأبوان بتمسك قويّ بمبادئ الدين الحنيف، والتزام أصيل بتعاليمه السمحاء..
ترعرع ونما في كنف هذه الأسرة الطيبة، فتنسّم في أجوائها عطر الرسالة، وتنشق عبير الإيمان، فنبتت في أعماقه أروع الخصال وأجمل السجايا".
من مسقط رأسه في جبشيت، فبيروت، مروراً بالنجف الأشرف، فطهران، وانتهاءً بشهادته المدّوية، ظل الشيخ راغب (رضوان الله عليه) ملجأ المؤمنين، وحضن المقاومين.
في مسيرته، عاد الشيخ من النجف الى مسقط رأسه بعد أن أسفر النظام في العراق عن حقد دفين على المؤمنين والعلماء فطاردهم وشرّدهم وزج عدداً كبيراً منهم في السجون.. وهو يدرك أن طريقه ليس مفروشاً بالزهور، كان يعلم أن طريقه صعب وطويل، محفوف بالمكاره، مزروع بالأشواك، يتطلب جهداً كبيراً، وآلاماً كثيرة، فتوجه في بداية عمله لاصلاح ما أفسدته الأوضاع السائدة آنذاك، وعمل على إظهار الإسلام بصورته النقية الناصعة، بعد أن أن طمرت معالمه الأفكار الدخيلة، ثم ساهم في تنمية الحس الإسلامي وتطويره من خلال المواعظ التي كان يلقيها، والدروس التي يقدمها، والسهرات التي يحييها، واستطاع بأسلوبه الجذاب، وطلاوة حديثه، أن يشدّ الناس إليه ويحببهم فيه، ولم يغب عن باله أن أخطر ما يعاني منه الناس هو جهلهم لدينهم وما يتضمن من مفاهيم وقيم سامية، فاهتم بتطوير الثقافة الإسلامية، وأنشأ المكتبة العامة، لتكون وسيلة تساهم في الإرتقاء بالإنسان المسلم إلى مستوى الوعي الرسالي..

وبعد أن أطمأنّ إلى الصحوة التي أنشأها في بلدته، أراد أن يتجاوز بعمله حدود قريته الصغيرة، ليشمل ما جاورها من قرى المنطقة، فراح يوطد العلاقة مع أبنائها، ويلتقي مع المؤمنين فيها، ليشاركهم فيما يحملون من هموم العمل وشؤونه، ولينشئ بالتعاون معهم وجوداً إسلامياً، يقدر على الوقوف بوجه التحديات التي تواجهه، والأخطار المحدقة به، مما أثار حفيظة القوى السياسية الأخرى التي كانت تتحكم بمجريات الأمور، فهيّأت نفسها لمواجهة ظاهرة جديدة لم تكن تراها من ذي قبل، وعمدت إلى تضييق الخناق على رقاب المؤمنين، واضطهاد عدد منهم، وملاحقة الآخر.
ولم يكن الشيخ ليكتفي بالعمل التبليغي وحسب، كما لم يكن يكتفي بالتثقيف والإرشاد فقط، لقد كان يرى أن الكلام مهما أوتي من قداسة، يظل كلاماً عابراً معلّقاً في الفراغ، ما لم يترجم إلى سعي مستمر، وعمل دؤوب، لذلك عاش الشيخ مع الناس.. دخل إلى عمق مأساتهم، وراح يعالج مشاكلهم، ويكابد معهم، فيعاني ما يعانون، ويألم لما يألمون..
لقد كان أشد ما يؤلمه مشهد الفقراء البائسين، الذين لا يجدون قوت يومهم، فراح يزورهم بنفسه، ليستكشف أحوالهم، يتفقد أمورهم، يمدّ لهم يد المساعدة، علّه يخفف عنهم مرارة البؤس ولوعة الحرمان، ولعل أكثر ما كان يثير الأسى في نفسه، هي تلك الصور الدامية للأطفال اليتامى، فعمل جاهداً على إيوائهم، واستنقاذهم من براثن الجهل والفقر، ورعايتهم وتربيتهم على أسس إسلامية سليمة ومتينة، من أجل أن يصنع منهم جيل المستقبل الذي سيرفع على أكتافه مجتمعاً متعافياً دافقاً بالخير، زاخراً بألوان الرقي والتقدم والازدهار..
وقد وفق بعد جهود مضنية، وبالتعاون مع "الجمعية الخيرية الثقافية" إلى بناء مبرّة "السيدة زينب(ع)" لتكون وسيلة لهذا.


وهكذا نجد أن قادتنا قدموا في حياتهم نماذجاً في العمل الدؤوب لخدمة المجتمع...


تنمية مجتمع
1359قراءة
2016-01-06 08:51:59

تعليقات الزوار


تنمية مجتمع