ألم نجعل الأرض مهاداً

﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا* وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾......
بعد أن كان علماء الجغرافيا والجيولوجيا يعرّفون الجبال أنّها عبارة عن جزء مرتفع من الأرض وله قمّة، أتى العلم الحديث ليُثبت أنّ الجبال تمتد تحت سطح الأرض بما يعادل خمسة أضعاف ارتفاعها فوق الأرض، كما أثبت العلم أنّ القشرة الأرضية إنّما هي مكوّنة من صفائح تكتونية يفصل بينها شقوق وصدوع أرضية. وهنا تأتي وظيفة الجبال؛ وهي تثبيت هذه القشرة، فلولاها لما استقرت حياة على سطح الأرض. وهذا ما حدّثنا به القرآن الكريم: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا* وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾. فالوتد عبارة عن قطعة تُغرس في الأرض، فيكون جزؤها الأعظم تحت سطح الأرض، وجزءٌ بسيط منه فوق السطح، لكي يقوم بعملية التثبيت التي من أجلها وُجد الوتد. وكذا الجبال تأخذ نفس الشكل حيث إنّ أكثر من خمسة أضعاف الجبل يمتد تحت سطح الأرض والباقي يطفو فوق.
ولم يكتفِ القرآن بوصف الجبل فقط، بل تحدّث عن وظيفته أيضاً، فقال تعالى: ﴿ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ وقال أيضاً: ﴿ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ ، فبما أنّ الأرض مكوّنة من صفائح، فإنّ امتداد الجبال تحت سطحها يخترق القشرة الأرضية، ويعمل على تثبيتها من الحركة المتقلبة السريعة.