12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

تنمية المجتمع >> أنت وما تشاهد !!

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

أنت وما تشاهد !!

أنت ... وما تشاهد !!!

" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " هكذا قال النبي محمد(ص) في حديث له, نلحظ أن القضية الأساس في الحياة هي نفسها جوهر الدين وركيزته الأساسية وهي الأخلاق الحسنة وطريقة التعامل مع الأخرين في الحياة اليومية.
من أين يكتسب الفرد هذه القيم والأخلاق ؟وكيف يتعلمها؟ وبأية وسائل ؟؟؟
أسئلة تخطر على البال عندما نذكر هذا الموضوع وهذه القضية المهمة والتي تقوم بدور مصيري على مستوى الفرد من حيث تحديد دربه في الحياة الدنيا ومصيره في الأخرة.
من أبرز المصادر الرئيسية والفعالة والسريعة لإكتساب منظومة القيم والأخلاق هي الأسرة والعائلة, المدرسة والحي والمحيط الذي يعيش فيه الفرد, الكتب والمجلات - وإن كانت قدرتها على التأثير أقل من غيرها لكن في واقع الأمر هي تؤثر ولا يمكننا إنكار ذلك - وأخيرا ً التلفاز والسينما والأفلام التي يشاهدها الفرد خاصة فئة الأطفال والتي يتلقى منها العديد من العادات وأساليب العيش والحياة.
مما لا يخفى على أحد أن ثقافة الشباب اليوم باتت - وللأسف - ثقافة تلفزيونية غربية أو ما يسمى بثقافة الرؤيا, وهذا بسبب دخول الدش والفضائيات منازلنا في الوقت الذي لا توجد فيه خطوط دفاع أو أرضيات صلبة لمواجهة هذا الغزو الثقافي. فبات شباب اليوم يمضون نصف أوقاتهم أمام شاشات التلفزة في ما لا ينفع مستقبلهم ولا يخدم واجبهم إن كان من الناحية الدنيوية (إجتماعيا ً أو ثقافيا ً أو أسريا ً... ) أو من الناحية الأخروية ( عبادة وصلاة واداء تكليف شرعي وصلة رحم و... ). هذا حال الشباب ما إن يضغطوا على جهاز التحكم عن بعد (الريموت كونترول ), مسمرين أمام الشاشات كأجذاع نخل خاوية لا يتزحزحون من أمامه - إلا عند إنقطاع التيار الكهربائي - ويغوصون في العالم الثاني ويعبرون بواباته من خلال شاشات التلفزة لينتقلوا الى عالم (الكمال) كما يدّعون وأمام كل هذا العناء الذي يتكبده المؤلفون والفنانون والكاتبون والروائيون من نسج قصصي خيالي نرى الشباب ينجذبون لهذا العالم الخيالي ويبدأون بالكذب على أنفسهم ومن ثم ينشدون حياة مماثلة ويسعون الى تحقيقها وترجمتها عمليا ً على أرض الواقع لكن دون جدوى, فكل محاولة تبوؤ بالفشل العاطفي أو الأخلاقي أو الإجتماعي أو... عندها يتضح له أن ما يتمناه لا يمكن أن يدركه. فالكثير من المسلسلات والأفلام العاطفية - وحاليا ً موجة المسلسلات التركية - تظهر لنا الجانب الكمالي الذي يبغيه المؤلف والمخرج إذ نلحظ في الآونة الأخيرة زيادة حالات الطلاق بسبب عدم ترجمة ثقافة الرؤيا على أرض الواقع الزوجي أو عدم رضى أحد الطرفين - وفي أغلب الأحيان النساء - من هذا الواقع.

تأثير الأفلام من وجهة نظر علماء النفس :

يرى علماء النفس أن الطفل منذ صغره كمستوعب فارغ يستقبل كل ما يلقى بداخله بغض النظر عن المحتوى الذي يُرمى فيه, لذلك ألقوا عناية شديدة بالطفل وتأثير الأفلام عليه وما يشاهده على التلفاز من برامج ومسلسلات وأفلام.
وبعد دراسة مكثفة أجراها علماء النفس حول موضوع "العنف عند الأطفال" إستخلصوا الى نتيجة أوضحت أسباب هذه الظاهرة وهي أن الأفلام التي تتضمن مشاهد العنف والقتل والإجرام هي التي تزرع في الطفل هذا الأسلوب وهذه اللغة الإرهابية التي تدفعه الى إرتكاب الجرائم والقتل دون أي إلتفات الى عواقب هذه الأمور فقط حبه بأن يترجم ما يشاهده عمليا ً.
وربط بعض علماء النفس بين مشاهد العنف الفني والعنف الواقعي من خلال إثباتهم أن الدول التي لا تعرف هذا النوع من الأفلام الإجرامية كانت في منأى عن الجريمة بالشكل الذي آلت إليه الأن, ومن الكاتبين بهذا الموضوع الكاتبة الأمريكية (بنلوب ليتسن) في كتابها " الأطفال أولاً " بقولها:" منذ جيلين فقط كان من النادر أن يشهد الطفل شخصاً يصاب بحجر ضخم على رأسه، أو يردى قتيلاً برصاصة، أو تدهمه سيارة، أو انفجار تتناثر معه أشلاء الضحايا (...)، أما الآن فإن الأطفال، مثلهم مثل الكبار، يشاهدون هذه الحوادث يومياً وعلى مدار الساعة وعندما يعتاد الطفل ذو الأربع سنوات على هذه المشاهد فإنها في الواقع تصبح شيئاً عادياً بالنسبة له ويفقد الإحساس بها كأعمال غير إنسانية "
كل هذه المشاهد العنيفة التي يشاهدها أطفالنا تجرهم الى عدم المبالاة بآلام الأخرين وعدم الإكتراث بعواقب إرتكاب الجريمة بل سيرون لذة ومتعة في إرتكابها وتنفيذ ما يشاهده هؤلاء.


فيلم أم كتاب ؟؟

عندما نتكلم عن الأفلام والتلفاز والمسلسلات لا بد لنا من التطرق الى موضوع الكتب والمطالعة والقراءة لأن هذان الموضوعان متلازمان ومتخاصمان في آن معا ً. إذ أننا نرى أن أهم سبب لعدم المطالعة وهجران الكتاب هو التلفاز والأفلام والسينما والكمبيوتر فنرى أن أغلبية الأشخاص يفضلون مشاهدة فيلم على حمل كتاب وقراءته لأنه أسهل وأسرع لإكتساب المعلومات. نلاحظ أن نسبة القراء في العالم العربي منخفضة عن الدول الأخرى ، ولقد أصدر مركز دراسات الوحدة العربية ومقره [لبنان] ملفاً إحصائياً على مدى عشرين عاما بين 1965-1985م ، جاء فيه أن العالم العربي كان يصدر (4000) عنوان كتاب جديد عام 1965م ، ووصل العدد إلى (7000) عنوان جديد في 1985م ، ثم تراجع إلى أن وصل إلى 2800عنوان ، هذا بالمقارنة مع [اليابان] تصدر سنويات 35.000كتاب ، وشتان بين أنواع الكتب العربية والكتب اليابانية .
يرجع سبب هذا الإنخفاض في النسبة الى أن شباب العالم العربي يمضون يوميا ً في مشاهدة التلفاز أكثر من4 ساعات. ذلك أن الفيلم يعد كقراءة سلسة وسريعة لكتاب تاريخي أو قصصي يمكن أن تتلاشى أوراقه فتتحول الى قرص مدمج cd)).
كما وتبين أن 60-40 % من الأفلام التي يشاهدها هؤلاء هي ذات ثقافة مستوردة أي تحمل معها ثقافة الغرب وعاداتهم التي لا تتناسب مع ثقافة المسلمين وقيمهم وبهذا تكون ثقافة المسلمين مهددة من قِبَل الأفكار التي تحملها هذه الأفلام والمسلسلات الغربية .


آفاق الحل :

قال تعالى : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) الإسراء/ 36
في صدد هذا الموضوع نرى أنه من الضروري وجود جهات تعمل على إنتشال المجتمع من ظاهرة العنف - خاصة بعدما إتـُهـِم الإسلام بحمل أفكار تحث الفرد على الإرهاب والعنف - ويسعون الى وضع القيود على هذا النوع من الأفلام من خلال الخطوات التالية :
1. نشر الوعي الإسلامي وإشاعة الأجواء الإيمانية وتبيان الحقيقة القرآنية التي تنص على أن الفرد مسؤول عما تشاهده العين ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) الإسراء/ 36 .
2. حث الأهل على الإهتمام بهذا الموضوع من خلال التوعية الأسرية, ويلاحظ الجهود التي تقوم بها " أسرتي سعادتي " التي فُعِّلت أنشطتها في الآونة الأخيرة على قناة المنار وبرامجها.
3. فرض رقابة قصوى على الأفلام التي تـُنتـَج خاصة المستوردة منها وتصنيفها حسب الأعمار وإنتقاء ما يتوافق منها مع ثقافة المسلمين.
4. عدم السماح للأطفال بالجلوس مطولا ً أمام شاشات الكمبيوتر مع ألعاب القتال العنيفة التي تؤثر عليه نفسيا ً مما يدفعه الى ارتكاب الجرائم.
5. الإكثار من الثقافة الأدبية وزرع حب المطالعة والقراءة والتمسك بهذه العادة كي تشغل عقول الشباب عن التلفاز والتفرغ للقراءة عوضا ً عن أفلام العنف والرعب والقتل.
لذلك نرى أنه من المسموح :
- قضاء بعض الوقت امام التلفاز لمدة لا تتخطى الساعة او الساعتان.
- الأخذ من الأفلام ما يزيدنا فائدة وعلم ومعرفة مثل الأفلام التاريخية والعلمية...
- أن يشاهد الأطفال أفلاما ً تتناسب مع أعمارهم.
- إمكانية إقتناء الدش مع العمل بتشفير القنوات.

وفي الختام عزيزي القارئ, لو أتيح لك أن تصور حياتك في فيلم ٍ تلفزيوني ماذا تحب أن تشاهد فيه ؟؟؟ أن تشاهد نفسك وأنت جالسا ً أمام التلفاز طوال الوقت مع أفلام الرعب والقتل, أم أنك تعيش حياتك الإجتماعية برفاهية وطمأنينة وراحة بال ؟؟؟


تنمية مجتمع
981قراءة
2016-01-06 09:55:58

تعليقات الزوار


doha tarhini