12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

المناسبات الإسلامية >> السيدة زينب عليها السلام في فكر الإمام القائد الخامنئي(دام ظله)

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

السيدة زينب عليها السلام في فكر الإمام القائد الخامنئي(دام ظله)

هذه الأيام أيام العشرة الأخيرة من صفر، وهي أيام ما بعد الأربعين. وإذا نظرنا إلى تاريخ صدر الإسلام فسنجد أن هذه الأيام هي أيام السيدة زينب الكبری عليها السلام .  والمهمة‌ التي نهضت بها زينب الكبری عليها السلام كانت مهمة من هذا السنخ، أي مهمة محضة لوجه الله تعالى. حيث ظهر الكيان المعنوي والإلهي للدين في الشخصية الحاسمة للسيدة زينب الكبری عليها السلام  وسط الأخطار والمحن والصعاب.

فمن المناسب أن نعلم ونفهم سطور التاريخ القديم القيم جداً، والذي لا يزال يفيض إلى اليوم بالبركات والخيرات الفكرية والمعرفية، وسيبقى كذلك إلى آخر الدنيا إن شاء الله.

لقد تألقت السيدة زينب عليها السلام  كولي إلهي في المسير إلى كربلاء مع الإمام الحسين ×، وفي حادثة يوم عاشوراء وتحمّلها تلك الصعاب والمحن، وأيضاً في أحداث ما بعد استشهاد الإمام الحسين بن علي ×، حيث قامت برعاية تلك الجماعة المتبقية من الأطفال والنساء... فتألقت بشكل لا يمكن أن نجد له نظيراً على مرّ التاريخ. ثم في الأحداث المتتابعة خلال فترة الأسر، في الكوفة والشام وإلى هذه الأيام وهي أيام نهاية‌ هذه الأحداث وابتداء مرحلة‌ جديدة للحركة الإسلامية وتقدم الفكر الإسلامي والمجتمع الإسلامي. وبسبب هذا الجهاد الكبير اكتسبت زينب الكبرى عليها السلام عند الله تعالی مقاماً لا يمكننا وصفه.

لاحظوا أنّ الله تعالى يضرب في القرآن الكريم المثال من امرأتين للنموذج الإيماني المتكامل، ويضرب المثال للكفر أيضاً من امرأتين. «ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا»([1])، هذان هما المثالان على الكفر وهما امرأتان كافرتان. أي إنّه لا يسوق المثال للكفر من الرجال، بل يأتي به من النساء. وهذا ما نجده في باب الكفر وفي باب الإيمان أيضاً. «‌وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون»([2]). أحد المثالين على النموذج الإيماني المتكامل هو امرأة فرعون والمثال الآخر السيدة مريم عليها السلام «ومريم ابنة عمران عليها السلام ».

إنّ مقارنة عابرة بين زينب الكبری عليها السلام وبين زوجة فرعون يمكن أن تجلي لنا عظمة مقام السيدة زينب الكبری عليها السلام، حيث عُرّفت زوجة فرعون في القرآن الكريم بوصفها نموذج الإيمان للرجال والنساء على مرّ الزمان وإلى آخر الدنيا. ثم لكم أن تقارنوا زوجة فرعون التي آمنت بموسى وانشدّت إلى تلك الهداية التي جاء بها موسى وحينما كانت تحت ضغوط التعذيب الفرعوني، والذي توفيت بسببه حسب ما تنقل التواريخ والروايات، فالتعذيب الجسماني جعلها تصرخ: «إذ قالت ربّ ابنِ لي عندك بيتاً في الجنة ونجّني من فرعون وعمله» فطلبت من الله تعالى أن يبني لها بيتاً عنده في الجنة...

والواقع أنّها طلبت الموت وأرادت أن تفارق الحياة. «ونجني من فرعون وعمله»... أي أنقذني من فرعون وأعماله المضلة. والحال أنّ السيدة آسيا زوجة فرعون كانت مشكلتها وعذابها ألماً جسمانياً ولم تكن كالسيدة زينب عليها السلام فقدت عدة إخوان وعدة أبناء وعدداً كبيراً من الأقارب وأبناء الإخوان الذين ساروا أمام عينيها إلى مقاتلهم.

فهذه الآلام الروحية التي تحملتها زينب الكبری عليها السلام لم تتعرض لها السيدة آسيا زوجة فرعون. فقد رأت السيدة زينب عليها السلام بعينيها يوم عاشوراء كل أحبّتها يسيرون إلى المذبح ويستشهدون: الحسين بن علي عليه السلام سيد الشهداء والعباس وعلي الأكبر والقاسم وأبناءها هي نفسها وباقي إخوانها رأتهم كلهم. وبعد استشهادهم شهدت كل تلك المحن: هجوم الأعداء وهتك الحرمات ومسؤولية رعاية الأطفال والنساء. فهل يمكن مقارنة عظمة وشدة هذه المصائب بالمصائب الجسمانية؟ ولكن مقابل كل هذه المصائب لم تقل السيدة زينب عليها السلام لله تعالى: «ربّ نجّني»، بل قالت يوم عاشوراء: «ربنا تقبّل منّا». رأت الجسد المبضع لأخيها أمامها فتوجّهت بقلبها إلى خالق العالم وقالت: "اللهم تقبل منّا هذا القربان". وحينما تُسأل كيف رأيتِ؟ تقول: «ما رأيت إلا جميلاً»([3])...

كل هذه المصائب جميلة في عين زينب الكبری عليها السلام؛ لأنّها من الله وفي سبيل الله وفي سبيل إعلاء كلمته. فلاحظوا هذا المقام المتقدم وهذا العشق للحق. والحقيقة كم هو الفارق بينه وبين ذلك المقام الذي يذكره القرآن الكريم للسيدة آسيا. فهذا دليل علی عظمة مقام السيدة زينب عليها السلام. وهكذا هو العمل في سبيل الله. ولذلك بقي اسم زينب عليها السلام وعملها إلى اليوم نموذجاً خالداً في العالم.

فبقاء دين الإسلام وبقاء سبيل الله وبقاء السير في هذا السبيل من قبل عباد الله يعتمد كله على العمل الذي قام به الحسين بن عليء× وما قامت به السيدة زينب الكبریعليها السلام. أي إنّ ذلك الصبر العظيم وذلك الصمود وتحمّل كل تلك المصائب والمشكلات أدى إلى أنّكم ترون اليوم القيم الدينية هي القيم السائدة في العالم. فكافة‌ هذه القيم الإنسانية التي نجدها في المدارس المختلفة والمتطابقة مع الضمير البشري هي قيم نابعة من الدين... هذه هي خصوصية العمل لله.



[1]  سورة التحريم، الآية 10.

[2]  سورة التحريم، الآية 11.

[3]  بحار الأنوار، ج 45، ص 116.

الأنشطة الثقافية
2290قراءة
2017-04-08 15:48:27

إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا