12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

خيمة الدليلات >> دور المرأة في الجهاد

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

بسم الله الرحمان الرحيم

 

لا يختلف دور المرأة في تبليغ الرسالة ونشرها والدعوة إليها كثيراً عن دور الرجل، وإنّما الذي هو محلّ تساؤل هو دورها في حالات الصراع العسكريّ والجهاد. وقبل الخوض في مفردات هذا الدور لا بدّ من الإشارة إلى أمر وهو أنّ الإسلام عندما أراد أن يرسم للمرأة دورها في الحياة ويحدّد لها وظيفتها راعى مقتضيات تكوينها الطبيعيّ والنفسيّ وذلك لأنّ طبيعة الاجتماع الإنسانيّ تحتاج إلى المرأة في أنوثتها وعاطفتها ورهافة أحاسيسها وبدونه لا تتكامل الإنسانيّة على صعيد الأفراد كما على صعيد المجتمعات وعلى صعيد الإنسانيّة.

والآن تعالوا نُضئ على مفردات هذا الدور والذي يتلخّص بما يلي:

 الدور التعبويّ:
بمعنى القيام بما يستنهض الهمم ويشعل الحماس في نفوس المجاهدين من خلال الخطب، والأشعار الحماسيّة، وكذلك من خلال بعض الأفعال الأخرى.
وفي تاريخ الإسلام نماذج من ذلك تلك المرأة التي كانت مع جيش أمير المؤمنين تستنهض همم المجاهدين وتستثير حميّتهم ونخوتهم وتعمل على تحفيزهم للقتال حتّى وقع في نفس معاوية منها ما وقع وظلّ في نفسه شيء منها إلى ما بعد شهادة الإمام عليّ عليه السلام.
وفي كربلاء نجد نماذج راقية، أمّ وهب التي أقحمت ولدها العريس ميدان الجهاد والشهادة وأبت عليه إلّا أن يقتل بين يدي حفيد رسول الله، بل كانت تقول وتحمل معه وإلى جانبه: "لن أعود حتّى أموت معك"

خدمة المجاهدين وتمريضهم:
وتلخّص ذلك الصحابيّة الجليلة أمّ عطيّة فتقول: "غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع غزوات وكنت أخلفهم في رحالهم وأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى".

الجهاد بالمال:
لقد أمر الله المؤمنين بأن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأنّه اشترى منهم أموالهم كما اشترى منهم الأنفس. ومن أبرز النساء المجاهدات بالمال السيّدة خديجة بنت خويلد أمّ المؤمنين التي أنفقت كلّ مالها في دعم الدعوة الإسلاميّة عندما كانت في أوائل خطواتها وفي أضعف حالاتها.

 رعاية عوائل الشهداء:
وهنا يبرز دور العقيلة زينب عليها السلام في حفظ أيتام الشهداء ورعايتهم طيلة مسيرة السبي، بل في الروايات أنّها كانت تطعم الأيتام حصّتها من الخبز وتطوي أيّامها جوعاً حتّى أثّر فيها ذلك.

أدوار ووظائف أخرى للمرأة
للمرأة أدوار قامت بها تذكرها كتب السير، فمن ذلك الدور الأمين الذي قامت به صفيّة بنت عبد المطلّب التي قامت بقتل من تسلّل من المشركين إلى معسكر النبيّ للتجسّس وإلقاء الفتنة ولجمع المعلومات وكان من اليهود، ممّا ألقى الرعب في قلوبهم.

وكذلك قامت بعض النساء بالجهاد العسكريّ عندما فرّ الرجال من ساحات القتال كما فعلت نسيبة المازنيّة في أحد.

ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ ثمّة وجوهاً أخرى للحرب كالحرب النفسيّة والإعلاميّة والثقافيّة، تستطيع المرأة أن تؤدّي فيها دوره، ومن أبرز من يعطينا في ذلك درساً دور السيّدة زينب في حفظ العقيدة الإسلاميّة ومفاهيمها والردّ على الحرب النفسيّة التي شنّها الطغاة عندما ردّت على من أراد قلب المفاهيم بالقول كيف رأيت صنع الله بأخيك؟ حيث كان الردّ كلاماً يثبت العقيدة ويردّ الحجر من حيث أتى: ما رأيت إلّا جميلا، هؤلاء قوم كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّ وتخاصم فانظر لمن الفلج...

 
ومن المواقف بطوليّة للمرأة في كربلاء:


أ- السيدة زينب بنت عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام) والمواقف الصُلبة:
المرأة التي أبت إلّا المشاركة في النهضة، تلك الزوجة الوفيّة، وألأمّ الحنون، والعمّة العطوف، والخالة الرؤوف، والأخت المسؤولة التي كانت قدوة لا للنساء فحسب بل للرجال أيضاً، أخذت على عاتقها أدواراً مختلفة يصعب على المرء حصرها، ولكن سنشير إلى جانبٍ منها ألا وهو تفعيل ألأهداف التي من أجلها نهض الإمام الحسين عليه السلام وتكريسها وذلك بعد شهادته عليه السلام، وإن شئت فقل تكميل ذلك الدور واستمراريّته فقد وقع على عاتقها، ولا يمكن نسيان هذا الدور الفاعل، ولولا جهودها لما أثمرت تلك النهضة المباركة بهذا الشكل الذي أثمر، وقد أبت السيدة زينب إلّا أن تشارك شقيقها الحسين عليه السلام، فقد ذكر المؤرّخون أنّ ابن عباس جاء إلى الحسين عليه السلام ناصحاً ومودعاً وهو بأرض الحجاز ليثنيه عن السفر إلى العراق، ولكنّه وجد نفسه أمام إصرار الإمام عليه السلام الذي لا محيص عنه فطلب منه عليه السلام أن لا يأخذ معه النساء قائلاً: جعلت فداك يا حسين، إن كان لا بدّ من السير إلى الكوفة فلا تسِرْ بأهلك ونسائك، فسمعته السيدة زينب عليها السلام فانبرت تخاطبه: يا ابن عباس تشير على سّيدنا وشيخنا أن يخلّفنا ها هنا ويمضي وحده؟ لا والله بل نحيا معه ونموت معه وهل أبقى الزمان لنا غيره.


ب- بحرية بنت مسعود الخزرجيّة وتجهيز ابنها للشهادة:
المرأة التي تجهّز ابنها للشهادة، كانت بحرية وهي ممّن حضرن كربلاء مع زوجها جنادة بن كعب الخزرجيّ فخرج الزوج وقاتل قتال الأبطال بين يدي أبي عبد الله الحسين عليه السلام، ولما لم تمتلك بحرية وسيلة أخرى للدفاع عن الحقّ المتمثل بالحسين عليه السلام جاءت إلى ابنها عمر، الذي لم يتجاوز العقد الأول من عمره، فألبسته لامة الحرب وقلّدته السيف، وتحدّثت معه بأمر القتال بين يدي أبي عبد الله، والنواميس التي يدافع عنها، وحثّته على ذلك وقالت فيما قالته: أُخرج يا بني وانصر الحسين عليه السلام وقاتل بين يدي ابن رسول الله فلمّا جهّزته خرج ووقف أمام الحسين عليه السلام يستأذنه للقتال، فلم يأذن له فأعاد عليه ألاستئذان، فقال الحسين عليه السلام: "إنّ هذا غلام قتل أبوه في المعركة، ولعلّ أمّه تكره ذلك" فقال عمر: "يا بن رسول الله إنّ أمّي هي التي أمرتني وقد قلّدتني هذا السيف وألبستني لامة الحرب" وعندها سمح له الحسين عليه السلام فذهب إلى ميدان القتال وهو ينشد ما يختلج بقلبه قائلاً من المتقارب:
أميري حسين ونعم الأمير        سرور فؤاد البشير النذير
علي وفاطمة والداه               فهل تعلمون له من نظير
له طلعة مثل شمس الضحى      له غرّة مثل بدر المنير
فقاتل حتّى قتل وقطع رأسه فرمي به إلى جهة الحسين عليه السلام، فأخذته أمّه وضربت به رجلا أو رجلين فقتلتهما، وخفّ إليها الحسين عليه السلام فأرجعها إلى الخيمة3. فمن يا ترى يمتلك قلباً مفعماً بالإيمان والشجاعة!.

ج- دلهم بنت عمرو الكوفيّة والتشجيع على الولاء والقتال:
المرأة التي وضعت زوجها على الطريق، لم يكن زوجها زهير بن القين البجليّ من الموالين لأهل البيت عليهم السلام بل كان على الخطّ النقيض لخطّ أهل البيت (عليهم السلام) ولكنّ الطريق جمع بينه وبين الإمام الحسين عليه السلام وهما في طريقهما إلى الكوفة، وما كانت إلّا ساعة فإذا برسول الحسين عليه السلام على باب خيمة زهير يقول: إنّ أبا عبد الله بعثني إليك لتأتيه فساد صمت رهيب في مجلس زهير، حيث كان يكره زهير وقومه مسايرة الحسين عليه السلام وهو في الطريق فكيف بهم ورسول الحسين يدعوهم للقياه، وفي هذه اللحظة مزّقت دلهم تلك المرأة الحكيمة والمؤمنة، أجواء الصمت والذهول، والتفتت إلى زوجها مفجّرة بكلماتها بركاناً من الدرن الذي خيّم على القلوب وقالت: يا زهير أيبعث إليك ابن رسول ألله ثمّ لا تأتيه، سبحان الله، لو تأتيه فسمعت كلامه، ثمّ انصرفت، فما كان من زهير إلّا أن قرّر الذهاب إلى أبي عبدالله عليه السلام والاستماع إليه، وفجأة وجد زهير نفسه في مجلس الحسين عليه السلام حيث حملته رجلاه إليه،
ولمّا حاوره الحسين عليه السلام وبيّن أهداف نهضته، أنقلب زهير واتّخذ قراراً حاسماً، وصمّم على الالتحاق بركب ريحانة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فعاد إلى قومه مستبشراً قد أسفر وجهه والتفت إلى زوجته ليطلّقها ويلحقها بأهلها، لا كرهاً بها بل حباً لها، مُوطّناً نفسه على الشهادة، فبشّرها بقراره الشجاع، والتحاقه بركب الحقّ فقامت إليه زوجته تودّعه باكية لتقول له بكلّ ثبات: خار الله لك، أسألك أن تذكرني في القيامة عند جدّ الحسين3. وهكذا ودّع زهير كلّ متاع الدنيا ليقول للحسين عليه السلام: " 


د- نوار بنت مالك الحضرميّة وإنكار الظلمة:
المرأة التي رفضت بعلها، فقد انتُدِبَ الخوليّ بن يزيد الأصبحيّ ليحمل رأس الحسين عليه السلام إلى الطاغية عبيد ألله بن زياد، وكان عَجِلاً من أمره للوصول إلى دار الإمارة لينال الجائزة إلّا أنّه وصلها متأخّراً حيث خيّم الظلام وأغلقت الكوفة أبوابها فاضطرّ إلى المضي إلى داره ليستريح ليلته ويعود في الصباح الباكر، ولمّا دخل بيته سألته زوجته نوار عمّا يخبّئه في التنور، فقال لها بعد حوار طويل: جئتك بغنى الدهر، هذا رأس الحسين عليه السلام معك في الدار. فقالت: ويلك جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسول الله، لا والله لا يجمع رأسي ورأسك في بيت أبداً، ثمّ أضافت قائلة: اِرجع، وأخذت عموداً وأوجعته ضرباً، وقالت: "والله ما أنا لك بزوجة، ولا أنت لي ببعل" وهكذا فارقته لتُعلّم الآخرين درساً في التعامل مع الظالمين وإن كان الظالم وليَّ نعمتهم، وفعلاً ؟ تّبعتها ضرّتها عيوف الأسديّة حيث هي الأخرى رفضت الخوليّ فبات بلا مأوى، فمن يا تُرى استنكر فَعلة الظالمين!.

هـ- مارية بنت منقذ العبدي وحماية المجاهدين:
المرأة التي موّلت الثائرين، كانت مارية أرملة استشهد زوجها في معركة الجمل نصرةً لأمير المؤمنين عليه السلام ومع هذا فقد كانت موالية للحقّ دون أيّ ملل أو تعب، وكانت تحوز مكانة مرموقة في المجتمع البصريّ وتمتلك أموالاً طائلة، ولما بدأ الصراع العلويّ الأمويّ وأصبح على أشدّه فتحت بيتها للزعماء الموالين للبيت العلويّ ليكون نادياً فكرياً يناقش فيه الزعماء قضايا الأمّة، ومركز اتّصال وتواصل لدعم المعارضة، فقد قال الطبريّ: "اجتمع ناس من الشيعة بالبصرة في منزل امرأة من عبد القيس يُقال لها مارية ابنة سعد أو منقذ أيّاماً، وكانت تشيّع، وكان منزلها لهم مألفاً يتحدّثون فيه.

المصدر: جمعية المعارف الإسلامية

الحمد لله رب العالمين

دليلة
1488قراءة
2021-08-05 14:20:03

إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا