المنافسة السليمة(1)
إن تقسيم المشاركين في بعض الأعمال إلى جماعات حين التطبيق يؤدي، إن عملت هذه الجماعات بطريقة صحيحة، إلى التنافس وهو أمر مطلوب وله تأثير إيجابي على تطوير مهارة الفرد. وإنّه لجزء هامّ ومؤثّر في التّعليم المبكّر، ليصبح متماسكاً تحت ضغط الآخرين وباقي الأطراف.
إلاّ أن ّعلماء مختصّين يعتبرون أنّ المنافسة في نشاطات الشباب يكمن أن تسبب استهلاكاً لتطوّرهم وحالات مخيفة من خلال أوضاع تنافسيّة يمرّون بها في حياتهم. والحقيقة أنّ المنافسة في حدّ ذاتها ليست هي الّتي تؤثّر على التطوّر المستقبلي لطفلكم، سواء إيجابيا أو سلبيا. ويعتمد خطر أو قيمة المنافسة على كيفية استخدام الراشدين وصغارهم وتقييمهم وتقدّمهم، وهضمهم للتنافس خلال سنوات النّمو.
لذلك يجب أن تكون المنافسة ممتعة ومتحدّية ومسلّية خاصة عند الصّغار نسبياً حسب الهدف. وممّا يدمّر المتعة فرض القوانين والأنظمة والمواقف والبطولات أثناء اللّعب.
إنّ بعض الأهل والمشرفين يفقدون رؤية هدفهم في تطوير المهارات، بل يغدون منغمسين بدلاً من ذلك في سباق الوصول إلى الأفضل وكسب لقب لمجموعة أو محافظة أو بطولة أو منحة أو ربما فقط شريط ملوّن أو عنوان بارز في الصحافة.
ولسوء الحظ، عندما يفقد السّرور والتّسلية لهذه العمليّة، تفقد غالباً الرغبة في القيام بالأحسن، والاستعداد للعمل على تطوير الموهبة، والقدرة على البقاء في القمّة.
فإذا أردتم رؤية الفتيان وهم يستمرّون في مجال موهبتهم الخاصّة، وتستمتع بفوائدها عندما تصل إلى سنيّ المراهقة وما بعدها. ويمكن للمنافسة في بعض الظروف أن تدمّر احترام الذّات والرّغبة. لكن ربّما تكون في ظروف أخرى بانية للمهارة وعاملاً محفّزاً. وتعتمد النّتيجة الموفّقة على قدرتكم على تعزيز وتشكيل موقف موجّه نحو البراعة إزاء التنافس أكثر من أن يكون موقفاً موجهاً نحو الغرور.
إنّ الشخصية المغرورة أو تلك الّتي تهتمّ بالنّتيجة فقط، تربط احترامها لذاتها وهويتها الذّاتية بالفوز، إذ يجب تجنّب الخسارة بأي ثمن لأنها مربكة، ومخزية وتحطّ من القدر. وتعتبر هزيمة الآخرين في المجال التنافسي دالة على كيفية كسب الشخصيّة المغرورة الشعور بالكفاءة. وفي الحقيقة إنّ الفرد المغرور سيتخلّى عن نشاط ما عندما يبدأ بالخسارة أو حتى قبل أن يتوفّر له فرصة الخسارة في بعض الأحيان، ما لم يضمن النّتيجة التي يرغبها، أي النّجاح والصّدارة. ولن يشارك هذا الفرد بتاتاً في الغالب بأكثر من تحمّل الألم الذي تسببه الخسارة عندما يحطّم المفهوم الشّخصي لاحترام الذّات وقيمة الذات المرتبطة بنشاط منفرد.
وبما أنّ الفوز هو الدّافع الأقوى وراء الأفراد المغرورين، فإنّهم يتعرّضون غالباً لضغط الغشّ أو اتخاذ طريق مختصرة لتحقيق النّجاح، وربّما يتناول هؤلاء العقاقير الّتي تسرّع الأداء، أو يسرقون أجوبة الامتحانات، أو يكذبون ويغشّون إذا كان ذلك يؤدّي إلى الفوز. كما يمكن للشّخص المغرور أن يندفع نحو الأذى والأعمال الإجرامية من أجل الوصول إلى القمة.
أتذكر كيف كنت أركض نحو أبي عندما كنت صغيرا لأريه شريط الدرجة الثانية الذي فزت به في السباق. فوضعه على الطاولة وقال لي : عندما يكون شريطّا من الدرجة الأولى، آنذاك سأشعر بالسّرور. دفعني هذا التعليق للعمل بجد أكثر إلى أن فزت بالدرجة الأولى -المرة تلو الأخرى- لسنوات. لقد كنت الأفضل في كلّ سباق التحقت به. لكنّ ذلك التعليق الوحيد علّمني أيضاً أنّ الفوز كان كل ما يهم. وليس مدى ما بذلته من جهد، وما قمت به من الأداء الجيّد، وما تعلّمته، وما حسّنته. لا أزال أشعر بالاضطراب إزاء أي نوع من المنافسة. فأنا أخشى كثيراً من أن لا أكون الأفضل، بحيث رفضت الكثير من الفرص في حياتي كراشد، والتي كان من شـأنها أن تفيد مهنتي وحياتي الشخصية، لكنّني خائف جداً من الخسارة، لذلك لا أقوم حتّى بالمحاولة.
تدريب
1246قراءة
2015-12-16 19:21:17
تنمية مجتمع |