أخلاقيات الإمام الرضا (عليه السلام)
هكذا تكون المعاشرة
عن إبراهيم بن العباس أنه قال:
(ما رأيت أبا الحسن الرضا (ع) جفا أحداً بكلامه قط.
وما رأيت قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه.
وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر عليها.
ولا مدّ رجليه بين يدي جليس له قط.
ولا اتكأ بين يدي جليس له قط.
ولا رأيته شتم أحداً من مواليه ومماليكه قط.
ولا رأيته تفل قط.
ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط، بل كان ضحكه التبسّم.
وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه حتى البواب والسائس.
وكان (ع) قليل النوم بالليل، كثير السهر، يحيي أكثر لياليه من أولها إلى الصبح. وكان كثير الصيام، فلا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر ويقول: «ذلك صوم الدهر».
وكان (ع) كثير المعروف والصدقة في السر، وأكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة، فمن زعم أنه رأى مثله في فضله فلا تصدقوه).
على الحصير
عن محمد بن أبي عباد أنه قال: «كان جلوس الرضا (ع) على حصير في الصيف ، وعلى مسح في الشتاء، ولبسه الغليظ من الثياب، حتى إذا برز للناس تزين لهم».
أعلم الناس
عن إبراهيم بن العباس أنه قال: ما رأيت الرضا (ع) يُسأل عن شيء قط إلا علم، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان الأول إلى وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيب فيه، وكان كلامه كله وجوابه وتمثله انتزاعات من القرآن، وكان يختمه في كل ثلاثة ويقول: «لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة تختمت، ولكني ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها، وفي أي شيء نزلت، وفي أي وقت؛ فلذلك صرت أختم في كل ثلاثة أيام».
الجود والكرم
عن اليسع بن حمزة قال: كنت في مجلس أبي الحسن الرضا (ع) أحدثه، وقد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام، إذ دخل عليه رجل طوال آدم فقال له: السلام عليك يا ابن رسول الله، رجل من محبيك ومحبي آبائك وأجدادك (ع) مصدري من الحج وقد افتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ مرحلة، فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي ولله عليّ نعمة، فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك؛ فلست موضع صدقة.
فقال له (ع) : «اجلس رحمك الله»، وأقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا وبقي هو وسليمان الجعفري وخيثمة وأنا، فقال: «أتأذنون لي في الدخول؟».
فقال له سليمان: قدم الله أمرك.
فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة، ثم خرج ورد الباب وأخرج يده من أعلى الباب، وقال: «أين الخراساني؟».
فقال: ها أنا ذا.
فقال: «خذ هذا المائتي دينار واستعن بها في مئونتك ونفقتك وتبرك بها، ولا تصدق بها عني، واخرج فلا أراك ولا تراني».
ثم خرج (ع) فقال له سليمان: جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت، فلماذا سترت وجهك عنه؟.
فقال: «مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته، أما سمعت حديث رسول الله (ص) : المستتر بالحسنة يعدل سبعين حجة، والمذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بها مغفور له، أما سمعت قول الأول:
متى آته يــــــوماً لأطلب حــاجةً رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه»
في تشييع جنازة المؤمن
قال موسى بن سيار: كنت مع الرضا (ع) وقد أشرف على حيطان طوس، وسمعت واعية فاتبعتها، فإذا نحن بجنازة.
فلما بصرت بها رأيت سيدي وقد ثنى رجله عن فرسه، ثم أقبل نحو الجنازة فرفعها، ثم أقبل يلوذ بها كما تلوذ السخلة بأمها.
ثم أقبل عليّ وقال: «يا موسى بن سيار، من شيع جنازة وليّ من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه لا ذنب عليه».
حتى إذا وضع الرجل على شفير قبره رأيت سيدي قد أقبل، فأخرج الناس عن الجنازة حتى بدا له الميت، فوضع يده على صدره ثم قال: «يا فلان بن فلان أبشر بالجنة فلا خوف عليك بعد هذه الساعة».
فقلت: جعلت فداك هل تعرف الرجل، فوالله إنها بقعة لم تطأها قبل يومك هذا؟
فقال لي: «يا موسى بن سيار، أما علمت أنا معاشر الأئمة تعرض علينا أعمال شيعتنا صباحاً ومساءً، فما كان من التقصير في أعمالهم سألنا الله تعالى الصفح لصاحبه، وما كان من العلو سألنا الله الشكر لصاحبه».
مع الخدم
روي عن ياسر الخادم أنه قال: كان الرضا (ع) إذا خلا جمع حشمه كلهم عنده، الصغير والكبير، فيحدّثهم ويأنس بهم ويؤنسهم.
وكان (ع) إذا جلس على المائدة لا يدع صغيراً ولا كبيراً حتى السائس والحجام إلا أقعده معه على مائدته.
عن ياسر الخادم ونادر قالا: قال لنا أبو الحسن (ع) : «إن قمت على رؤوسكم وأنتم تأكلون فلا تقوموا حتى تفرغوا».
ولربما دعا (ع) بعضنا فيقال له: هم يأكلون، فيقول: «دعوهم حتى يفرغوا».
مهدي
2074قراءة
2016-01-18 21:32:21
doha tarhini |