الموهبة والإبداع
مقدمة :
بعد الإطلاع على الكثير من المراجع التي أعدّها وألّفها أفضل المختصين في مجال التربية والتعليم. والتي تعنى بشكل أساسي بالأطفال وخاصة المبدعين منهم، إستطعنا أن نجمع معلومات وافية حول الموهبة والطفل الموهوب وكل ما يتعلق بهذا المفهوم,وإليكم ما توصلنا اليه في بحثنا المتواضع.
لمحة تاريخية
الإبداع تاريخ عريق. بدأ منذ قدم الإنسان. فالانسان بفطرته يبحث عن التفوق والتميز، إبتكر ليعيش، وتفوق لينال المراكز الحساسة ولعلّ أفضل منطلق تاريخي يجب الوقوف عنده، هو التجربة الصينية التي قام بها الصينيون منذ ما قبل الميلاد الذين أبدعوا فكرة التفوق، وطبقوها واستمروا في الاعتماد عليها مدة طويلة من الزمن، ولعلها كانت الأساس للكثير من نجاحاتنا في العمل .منها كانت الامتحانات وكان النجاح ، وملئت الوظائف وكان الموظف يمثل الشخص المتعلم الذي فاز في إختبارات عدة ، انفق عشرات السنين يستعدّ لها ويتنافس لأجلها، وقد تطور الأمر إلى أن وصل عند أباطرة الصين إلى إجراء إختبار آخر بعد ثلاث سنوات من حصول الموظف على وظيفته، للتأكد من صلاحية الوظيفة. ويُروى أن الامتحانات كانت على مستوى عالٍ، وكان التنافس كبير. وبعد إصدار النتائج، يُمنح الرابحون أوسمة معينة للدلالة على تميزهم.
وقد استطاعت الصين أن تضع مرتكزات أساسية للمتفوقين عقلياً حيث أنه دون التفوق لا يمكن الوصول إلى الهدف المقصود.
وقد إهتمّ اليونانيّون بالمتفوقين أيضاً، وقد ظهر واضحاً عند أفلاطون في كتابه المشهور "جمهورية أفلاطون الفاضلة "، فمن أهم دعائم هذه الجمهورية الإهتمام بالموهوبين لأنهم سيكونون رجالها الأوائل؛ ومن الجدير ذكره، أن اهتمام اليونان بالموهوبين بلغ حداً انهم جعلوا للأطفال الموهوبين معلمين خصوصيين لتعليمهم وتدريبهم كي يصنعوا منهم قادة الغدّ.
أما فيما يختص بالعهد الرومانيّ، فكان الأمر مختلفاً عمّا هو عند اليونان إذ أنهم اهتموا بالمتفوقين في مجال القتال والحرب وذلك من أجل صنع القادة.
وخلال الحكم العربي والاسلامي، بدا واضحاً اهتمام الخلفاء والولاة بالموهوبين إلى حدّ أنهم كانوا يبحثون عنهم في كلّ حروبهم فكانوا يجلبونهم إلى البلاط ، يعتنون بهم ،يدربونهم وتويعلمونهم من أجل تسيير دفة الحكم والإدارة.
وهكذا استمرت الأمور على هذا المنوال من الاهتمام بالموهوبين خلال الحقب المتلاحقة في التاريخ من أوروبا إلى اليابان. وما أن أطلّ القرن العشرين حتى ظهرت دراسات علميّة وضعت معايير ومقاييس من أجل التعرف على الموهوبين، وقد تم ذلك عبر إختبارات الذكاء المختلفة لذلك لا بد لنا أن نلقي إطلالة مختصرة حول موضوع الذكاء لنتعرف على الطرق المناسبة التي اعتمدها الباحثون من أجل التعرف على الأذكياء والموهوبين.
أولا" :
تعريف الموهوبين:
إختلفت النظريات حول هذا المصطلح الذي استخدم لأول مرة في بداية الستينات من القرن العشرين، واعترض البعض على استخدامه في مجال التفوق العقلي والابتكار على أساس انه قد شاع استخدام هذا المصطلح في المجالات الغير أكاديميّة كالفنون ، الألعاب الرياضية، المجالات الحرفية المختلفة ، المهارات الميكانيكية ، والقيادة الاجتماعية.
وقد قيل أن الموهبة لا ترتبط بذكاء الفرد لأنها قد توجد بين المتخلفين عقلياً، لذلك أصبحت الموهبة تمتدّ إلى مجالات الحياة المختلفة وانها تتكون بفعل الظروف البيئية التي تقوم بتوجيه الفرد إلى استثمار ما لديه من ذكاء في كافة المجالات.
وهناك من أكد على العلاقة بين الذكاء والموهبة ، حيث يقول فريهل (1961) :
"أنه مما لا شكّ فيه ان الذكاء عامل اساسي في تكوين ونمو المواهب جميعاً ".
وقد أصبح مصطلح الموهوبون يتّسع ليشمل المجالات الأكاديميّة، وأصبح الطفل المتفوق هو الطفل الموهوب سواء كانت الموهبة في مجال أكاديمي أو غير ذلك.
ثانيا" : من هو الطفل الموهوب؟؟
أجمع معظم علماء التربية وعلم النفس على القول بأن الطفل الموهوب هو ذلك الطفل الذي أظهر تفوقاً ملحوظاً في مجال معين ، ومتمتعاً بقدرة ذهنية ممتازة أي أن الطفل الموهوب هو ذلك الطفل الذي يمتاز بالقدرة العقلية التي يمكن قياسها بنوع معين من إختبارات الذكاء، وبالتالي قياس قدراته على التفكير والاستقلال من جهة أخرى قدرته على تحديد المفاهيم اللفظيّة بالإضافة إلى القدرة على الإدراك لأوجه الشبه بين الأخطاء والأشياء المماثلة. نضيف عليها القدرة على ربط الخبرات والمهارات والتجارب السابقة بالمواقف والأمور الراهنة.
ومن الجدير ذكره أن الطفل الموهوب هو ليس الطفل التقليديّ الذي يتفوق على زملائه في الصف من الناحية المدرسية الأكاديمية فحسب بل المتفوق في مجالات أخرى.
يعتبر الطفل الموهوب واحداً من أهم الأرصدة ، وقد أبدى المجتمع العربي أخيراً إهتماماً واضحاً نحو الأطفال الموهوبون.
وقبل الخوض أكثر في مجال الموهبة والموهوبون، لا بدّ لنا أن نعط لمحة موجزة عن " الذكاء " لنقول : إن المعنى العام لهذه الكلمة هو معنى لغوي ترتبط فيه الفطنة والحدس. أما المصطلح العلمي لهذه الكلمة فهو "القدرة العامة" ويعود الفضل من تداول كلمة الذكاء أو مرادفها "القدرة العامة"، إلى العالمييّن "جولتون Galton" و "بينيه Binet" فقد حاول هذان الرائدان في مجال علم النفس أن يضعا في الاختبارات ما يقيس " القدرة العامة" حيث قالا بأن هذه القدرة فطريّة وبالتالي ان هنالك علاقة وثيقة بين الذكاء والوراثة.
فنستخلص من كل هذا ان الذكاء:
" عبارة عن قدرة عقلية عامة تمكننا من القيام بتصرفات وتنظيمات سلوكية بحيث يستطيع الانسان من خلالها أن يتكيف مع البيئة المادية والاجتماعية ويدرك العلاقات فيما بينها ".
ثالثا" :
إختبارات الذكاء :لقد نشأت نظريات عديدة للذكاء ونشأت معها الاختبارات التي أصبحت تزيد عن الأربعة لكنها متساوية في نتائجها.
ومن إختبارات الذكاء مثلاً مقياس بينيه (Alfred Binet) الأول والثاني والثالث، ومقياس العالم الأميركي " لويس تيرمان " (Lewis Terman)، الذي عدّل مقياس " بينيه " ودمجه مع مقياسه وأصبح يعرف بمقياس "ستانفورد- بينيه " (Stanford Binet)، ومن ثم أتت نظرية " سيبرمان Siberman " التي سميت بنظرية العاملين:
1- ا لعامل العام الذي يشترك في كل العمليات العقلية المختلفة.
2 - العامل الخاص الذي يظهر في عمليات معينة ويختلف عن غيره من العمليات الأخرى.
وقد ظلت هذه النظرية في الذكاء هي السائدة مدة طويلة بإعتبار أنها من أهم مظاهر الإتجاه التجريبي الناجح في هذا الميدان، لكن هذا لم يعفها من سهام النقد التي وجهت إليها من العلماء الآخرين، لكنه لم يكن نقداً سلبياً بل إيجابياً، ساهم في توسيع نظريته ليتمكن العالم "تومسون" (Tomson theory) من قوله : " ان هناك فروقاً معينة بين الكائنات الحية من حيث الذكاء وحتى بين أفراد النوع الواحد منها بناء على الارتباطات العصبية في الجهاز العصبي لكل فرد " .
وبما أن هناك عدداً كبيراً من القدرات الموجودة خارج عالمه الخاص. فهو لا يستجيب لها بشكل إفراديّ، بل على شكل جماعي، وذلك بسبب كون الكائن الحي معقد عضوياً واجتماعياً".
وهكذا أكد " تومسون" في نظريته العامل المشترك لمجموعة العمليات مهما كانت، وكيفما كان موضوعها.
خلاصة :
وما نستطيع أن نستخلصه في الختام ، انه ليس هنالك من طريقة محددة واحدة يمكن الركون اليها كمعيار محدد للتعرف على الأطفال الموهوبين، لأن مظهر التفوق والموهبة لا يظهر من خلال تحصيل التلامذة الموهوبين في حصة الدراسة ، بل عبر نواحٍ أخرى لا تلفت نظر المعلم، ولا الآباء أحياناً ؛ حيث تظهر موهبته في نقاش وحوار مع الآخرين بشكل ملفت للنظر، أو ربما تمكنه من قراءة كتاب أو مجلة أو صحيفة تفوق مستواه العلمي ، أو الطفل الذي يتمكن من القيام بعمل فني هام . لذلك عندما نخضع هؤلاء الأطفال الموهوبين إلى اختبار عقلي، يأتي الاختبار مؤكداً صحة الموهبة.
ولعلّ أفضل طريقة نتبعها لإكتشاف الموهبة عند الأطفال هي اللجوء إلى إختبارات الذكاء المخصصة ضمن فترات منظمة، شريطة أن يكون الشخص الفاحص للذكاء مؤهلاً وملماً بالاختبارات وأصول اجرائها وتفسيرها حسب نوع السلوك الذي يقوم به الطفل. فاذا ما اجتاز هؤلاء الأطفال هذه الاختيارات بدرجة عالية ومميزة، عند ذلك يجب أن تجري عليهم إختبارات فرديّة للتأكد من مواهبهم الكامنة.
بعد الإطلاع على الكثير من المراجع التي أعدّها وألّفها أفضل المختصين في مجال التربية والتعليم. والتي تعنى بشكل أساسي بالأطفال وخاصة المبدعين منهم، إستطعنا أن نجمع معلومات وافية حول الموهبة والطفل الموهوب وكل ما يتعلق بهذا المفهوم,وإليكم ما توصلنا اليه في بحثنا المتواضع.
فنون
1371قراءة
2016-01-12 21:57:47
jeff klayli |