من مواعظ الإمام علي عليه السلام
--------------------------------------------------------------------------------
من مواعظ الإمام علي عليه السلام
عِبَادَ اللهِ، إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللهِ عَبْداً أَعَانَهُ اللهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ، وَتَجَلْبَبَ الْخَوْفَ ، فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدَى فِي قَلْبِهِ، وَأَعَدَّ الْقِرَى لِيَوْمِهِ النَّازِلِ بِهِ، فَقَرَّبَ عَلَى نَفْسِهِ الْبَعِيدَ، وَهَوَّنَ الشَّدِيدَ.
نَظَرَ فَأَبْصَرَ، وَذَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ، وَارْتَوَى مِنْ عَذْب فُرَات سُهِّلَتْ لَهُ مَوَارِدُهُ، فَشَرِبَ نَهَلا، وَسَلَكَ سَبِيلا جَدَداً (الارض الصلبة التي يسهل فيها السير).
قَدْ خَلَعَ سَرَابِيلَ (القميص) الشَّهَوَاتِ، وَتَخَلَّى مِنَ الْهُمُومِ، إِلاَّ هَمّاً وَاحِدَاً انْفَرَدَ بِهِ، فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمَى، وَمُشَارَكَةِ أَهْلِ الْهَوَى، وَصَارَ مِنْ مَفَاتِيحِ أَبْوَابِ الْهُدَى، وَمَغَالِيقِ أَبْوَابِ الرَّدَى (الهلاك). قَدْ أَبْصَرَ طَرِيقَهُ، وَسَلَكَ سَبِيلَهُ، وَعَرَفَ مَنَارَهُ، وَقَطَعَ غِمَارَهُ (الماء الكثير)، وَاسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُرَى بِأَوْثَقِهَا، وَمِنَ الْحِبَالِ بِأَمْتَنِهَا، فَهُوَ مِنَ الْيَقِينِ عَلَى مِثْلِ ضَوْءِ الشَّمْسِ، قَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ للهِ سُبْحَانَهُ فِي أَرْفَعِ الاْمُورِ، مِنْ إِصْدَارِ كُلِّ وَارِد عَلَيْهِ، وَتَصْييرِ كُلِّ فَرْع إِلَى أَصْلِهِ.
مِصْبَاحُ ظُلُمَات. كَشَّافُ عَشَوَات (الأمور الملتبسة)، مِفْتَاحُ مُبْهَمَات، دَفَّاعُ مُعْضَلاَت، دَلِيلُ فَلَوَات (الصحراء الواسعة)، يَقُولُ فَيُفْهِمُ، وَيَسْكُتُ فَيَسْلَمُ. قَدْ أَخْلَصَ للهِ فَاسْتَخْلَصَهُ، فَهُوَ مِنْ مَعَادِنِ دِينِهِ، وَأَوْتَادِ أَرْضِهِ.
قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْعَدْلَ، فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِهِ نَفْيُ الْهَوَى عَنْ نَفْسِهِ، يَصِفُ الْحَقَّ وَيَعْمَلُ بِهِ، لاَ يَدَعُ لِلْخَيْرِ غَايَةً إِلاَّ أَمَّهَا، وَلاَ مَظِنَّةً إِلاَّ قَصَدَهَا، قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِهِ، فَهُوَ قَائِدُهُ وَإِمَامُهُ، يَحُلُّ حَيْثُ حَلَّ ثَقَلُهُ (متاع المسافر)، وَيَنْزِلُ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُهُ.
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ؟ وَأَنَّى تُؤْفَكُونَ! (تُصرفون عن طريق الحق والنجاة) وَالاْعْلاَمُ قَائِمَةٌ، وَالآيَاتُ وَاضِحَةٌ، وَالْمَنَارُ مَنْصُوبَةٌ، فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ ! وَكَيْفَ تَعْمَهُونَ (تترددون حيارى) وَبَيْنَكُمْ عِتْرَةُ نَبِيِّكُمْ ! وَهُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ، وَأَعْلاَمُ الدِّينِ، وَأَلْسِنَةُ الصِّدْقِ ! فَأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ الْقُرْآنِ، وَرِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِيمِ (الإبل) الْعِطَاشِ.
أَيُّهَا النَّاسُ، خُذُوهَا عَنْ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ يَمُوتُ مَنْ مَاتَ مِنَّا وَلَيْسَ بِمَيِّت، وَيَبْلَى مَنْ بَلِيَ مِنَّا وَلَيْسَ بِبَال" فَلاَ تَقُولُوا بِمَا لاَ تَعْرِفُونَ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الْحَقَّ فِيمَا تُنْكِرُونَ، وَاعْذِرُوا مَنْ لاَ حُجَّةَ لَكُمْ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنَا، أَلَمْ أَعْمَلْ فِيكُمْ بِالثَّقَلِ الاْكْبَرِ! وَأَتْرُكْ فِيكُمُ الثَّقَلَ الاْصْغَرَ!
قَدْ رَكَزْتُ فِيكُمْ رَايَةَ الاْيمَانُ، وَوَقَفْتُكُمْ عَلَى حُدُودِ الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ، وَأَلْبَسْتُكُمُ الْعَافِيَةَ مِنْ عَدْلِي، وَفَرَشْتُكُمُ الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي، وَأَرَيْتُكُمْ كَرَائِمَ الاْخْلاَقِ مِنْ نَفْسِي، فَلاَ تَسْتَعْمِلُوا الرَّأْيَ فِيمَا لاَ يُدْرِكُ قَعْرَهُ الْبَصَرُ، وَلاَ تَتَغَلْغَلُ إِلَيْهِ الْفِكَرُ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
مهدي
1986قراءة
2016-01-01 15:09:56
بتول عقيليا عليالسلام عليك يا أمير المؤمنين2021-05-02 16:59:03 |
|
doha tarhiniالسّلام على أمير البلاغة ..2016-01-01 15:14:03 |
|
مهديسلام الله عليک يا أمير المؤمنين. سلام الله عليک يا قائد الغرّ المحجّلين.2016-01-01 15:13:33 |
|
الأنشطة الثقافيةيا وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله بارك الله بكم وجعلنا من المتمسّكين بولاية أهل البيت (عليهم السلام)2016-01-01 15:13:18 |
|
اعلامسلام الله عليك يا أمير المؤمنين..2016-01-01 15:12:48 |