مسرحية مواكب النور - من أرشيف المسرح العاشورائي في الجمعية
الفصل الأول
المشهد الأول
يظهر أمام الستار مجموعة من العناصر الكشفييين. ونسمع صوت رجل يقرأ مناجاة.
- علي: ولكن من صاحب هذ الصوت؟
- جمال: إنه صوت أبي الفضل العباس عليه السلام، حين وصل إلى الماء في يوم عاشوراء وأراد أن يحمله إلى الأطفال، وكان يشعر بالعطش فمدَّ يده واغترف غرفة، لكنه تذكر عطش الحسين عليه السلام، فرماها وراح يقاتل الأعداء حتى استشهد.
يرتفع صوت صافره تجمع.
- علي: إنها صافرة التجمع، القائد ينادينا هيا بنا.
المشهد الثاني
يظهر القائد وأمامه العناصر يقفون.
- القائد: ضيوفنا كثيرون والماء أشرف على النفاذ، عليكم أن تتصرفوا، إنها مجالس أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وعلينا ألا نقصر في إقامتها كما يليق بها أن تكون، ولكن عليكم أن تعدوا العدة.. المسير طويل وسيستغرق عدة ساعات.
يعطي القائد خريطة لعناصره..
- القائد: والآن انطلقوا على بركة الله.
المشهد الثالث
يخرج العناصر من خلف الستار حاملين الخريطة ثم يضعونها على الأرض.
- علي: هذه الخريطة تبين لنا الطريق إلى الينبوع.
يجتمع العناصر حول الخريطة ليحددوا وجهة سيرهم.
- جمال: أنت القائد يا علي أعطنا الإشارة.
- علي: على اسم الله نبدأ المسير.
تبدأ أغنية كشفية بعنوان مستعدٌّ دائماً..
بعيدة قريبة سنبلغ الأهداف
في الليل والنهار في الآفاق لا نخاف
ونزرع الرجال ونقطف المحال
وصوتنا يعلو بالنداء بالنداء
مستعدٌ دائماً مستعدٌ دائماً
فلتهتفوا عاشت لنا مواكب الكشاف
إذا دعانا واجبٌ ما أهون الخطر
سواعد العزم الرشيد تكسر الحجر
ونجتني الآمال ونسحب الأهوال قولنا الرجاء فعلنا عطاء
مستعدٌ دائماً مستعدٌ دائماً
فلتهتفوا عاشت لنا مواكب الكشاف
للحجة المهدي نحن جنده الأنصار
ونرتدي من طهره على مدى الأنوار
وإن دنا المنال سيهتف السؤال
متى نراك سيدي ويحكم الإيمان
مستعدٌ دائماً مستعدٌ دائماً
فلتهتفوا عادت لنا مواكب الكشاف
العناصر يتحضرون لبدء المسير حيث يقوم علي بتوزيع العتاد.
الفصل الثاني
المشهد الأول
يفتح الستار وتظهر فتاتان إحداهما تحمل جرة ماء... والفتية يتقدمون نحوهما.
- جمال: السلام عليكم يا أخواتي.
- فاطمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
- علي: أتحتاجان إلى خدمة أو مساعدة؟
- سكينة: لقد نفذ الماء في بيتنا، والدتي تقيم مجلس عزاء أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وأرسلتنا كي نحضر الماء.
- علي: نحن أيضاً أرسلنا القائد لإحضار الماء، ولكن هذه الصخرة وهذا الينبوع.. فأين الماء؟
- فاطمة: للأسف، الماء لا يتوفر هنا دائماً.
- جمال: عجيب، أليس ينبوعاً للماء؟!
- فاطمة: نعم، ولكنه في بعض الأوقات من السنة يجف ماؤه.
- علي: وهل نحن اليوم في ذلك الوقت؟
- سكينة: يبدو أننا كذلك.. كأنه يجف في أيام عاشوراء حزناً ومواساة للحسين، يريد أن يشارك آل البيت في عطشهم.
- طه: أنظروا إلى الصخرة، أنظروا يبدو أن عليها بعض الماء.
- سكينة: هي بضع نقاط تظهر على سطحها كلما جفَّ ماؤها.
- جمال: وكأنها حزينة.
- علي (باستهزاء واستياء): إنها مجرد صخرة لا تنفع ولا تضر.
- جمال: إنها تبكي، أنظروا إلى نقاط الماء التي تنحدر على سطحها.
- فاطمة: صحيح إنها تشبه الدموع.
- علي: إنها بضع قطرات من الندى ليس إلا.
- سكينة: لقد ذرفت دموعاً شديدة.
- طه: أشعر بعطش شديد.. أريد أن أشرب.
- جمال: يا إلهي، هل من نبع آخر قريب.
يأتي صوت من الصخرة.
- الصخرة: هل تريدون الماء حقاً؟
- طه: صوت من هذا؟
- سكينة (مشيرة إلى الصخرة): إنه صوت قادم من هنا.
- فاطمة: نعم إنه من هنا.
- جمال: إسمعوا.. إسمعوا.
- الصخرة: هل تريدون الماء حقاً؟
- جمال: ولكن من يتكلم؟ من؟
- الصخرة: أنا.. أنا الصخرة التي تختزن تحتها ينبوع الماء الكبير.
- علي: الصخرة تتكلم، إنه شيء لا يصدق!
- الصخرة: لا تتعجبوا، فما في الكون اليوم ذرة تراب ولا قطرة ماء إلا وهي حزينة، ولو أمكنها أن تحكي لحكت، الكون كله حزين على المظلوم العطشان.
ثم يبدأ نشيد " إنه يوم حزين "
إنه يوم حزين.. يوم ضمته السماء
يوماً ذكراه أنين الأسى.. الليل.. الشقاء
ابن بنت النبي وابن نبراس الهدى
وشقيق للزكي ضمته اليوم السماء
يقف الفتية والفتيات حزينين.. ثم يمشون على المسرح.
- جمال: الكون كله حزين كما قالت الصخرة، فكيف يمكننا أن نعبِّر عن هذا الحزن؟ وكيف يمكننا أن نواسي النبي كما يجب أن نواسيه؟
- علي: علينا أن نحمل الماء إلى مخيمنا ولا نبطئ بذلك فالقائد أوصانا أن نهتم بمجلس العزاء الذي أقمناه كما يليق بالمناسبة العظيمة، وبذلك نواسي أهل بيت النبوة عليهم السلام.
- جمال: ولكن الينبوع جاف، ولا ماء فيه، فأين نجد الماء؟
- فاطمة: تعالوا نسأل الصخرة.
- سكينة: أيتها الصخرة، أيتها الصخرة.. أما من سبيل إلى ما نحتاج إليه من ماء..؟ ضيوفنا كثيرون ولا نريد أن نتأخر عليهم.
- الصخرة: سأعطيكم الماء الذي تريدونه، وسيشرب الضيوف وستشربون.. ولكن لا يمكنني ذلك قبل أن تأذن لي بوابة الزمان، فهي تنتظر مواكب النور.
- علي: مواكب النور؟! ما مواكب النور؟
- الصخرة: إنها دموع الباكين على آل بيت محمد صلى الله عليه وآله، فهي تدخل عبر هذه البوابه إلى عاشوراء، وهناك تقف قرب أبطال كربلاء تشاهد الأحداث الأليمة.
يجلس الفتية والفتيات بشكل حزين على الأرض وتكمل الصخرة حديثها معهم.
- الصخرة: .. وتعيش حزن الواقعة بعد انتهاء مصرع الحسين عليه السلام.. تخرج عبر هذه البوابه أيضاً، ثم تأذن لي بتفجير الينبوع وملء النهر وسقي المؤمنين.
- جمال: إنها دموعنا أيضاً، وهل نستطيع أن ندخل معهم؟
- الصخرة: نعم تستطيعون، ولكن عليكم أن تعرفوا من هي صاحبة الدمعة الكبرى التي تسطع كنجمة في ظلمة الليل.
يبدأ نشيد حزين، فيقف الأطفال بطريقة حزينة، ثم يجلسون على الأرض وهم يبكون.
تدخل امرأة تجسد دور السيدة زينب (ع) وتمر بين العناصر ثم تغادر.
تقف فاطمة.
- فاطمة: لقد عرفتها إنها دمعه مولاتي وسيدتي زينب عليها السلام، إنها شقيقة الامام الحسين عليه السلام، التي كانت يوم عاشوراء أمه وأماً لأخوتها ولكل الأطفال، وهي التي حفظت روح النبوة في حفظ الامام زين العابدين عليه السلام.
- الصخرة: أحسنتم يا أحبتي، إنها عقيلة بني هاشم عليها السلام.
- جمال (وهو ينظر باتجاه المسرح مشيراً بيده): من أولئك؟
- الصخرة: اقترب الفرج، إنها مواكب النور.
- جمال: مواكب النور؟
تدخل فتيات ترتدين زياً أبيض.
ألا نوحاً ودمعاً جودي يا دار
فأهلك لوادي الطف إن ساروا (3 مرات)
فلا خبر ولا أمل تراءى لي كأنهم بأنوار الفنا غاروا
كأنهم بأنوار الفنا غاروا
- سكينة: تعالوا ندخل معهم.
- جمال: أيتها الصخرة، قبل أن ندخل أريد أن أسألك سؤالا.. هل يمكننا أن نفعل شيئاً؟ هل يمكننا أن ننصر ساداتنا؟
- الصخرة: لا يا صغيري، سترون أهل عاشوراء ولكنهم لن يروكم، ولن تستطيعوا فعل أي شيء، ولكنكم ستخرجون من هناك ومعكم الكثير.
- جمال: هيا بنا ندخل وراءهم.
- الصخرة: ولكن احذروا.. عندما تخرج مواكب النور، عليكم أن تخرجوا جميعاً معهم، ولا تنسوا منكم أحداً وإلا ظل هناك إلى العام القادم.
المشهد الثاني
العناصر داخل غرفة سوداء ينظرون بتعجب.. بعدها يخرجون من خيمة من خيم كربلاء.. يبحثون عن مصدر الصوت.
- طه: صوت من هذا؟
- سكينة: إنه طفل يبكي.
- جمال: إنه آتٍ من خلف الزمان.
- سكينة: هيا نبحث عنه ونحمله ونهدئه.
الأطفال يركضون باتجاه مصدر الصوت.
يترافق ذلك مع عرض مشاهد من واقعه الطف، وعرض لطمية حسينية.
- سكينة: كم أنا حزينة، يا سيدتي زينب كيف أنت اليوم؟ هل بكت عينان كما بكت عيناك؟
هل وجع قلب كما وجع قلبك؟
- جمال: يا ليتنا كنا معك يا سيدي يا أبا عبد الله فنفوز فوزاً عظيماً.
- فاطمة: هذه مواكب النور تستعد للخروج من بوابة الزمان.
نرى خروح مواكب النور باتجاه الخيمة التي دخلت منها..
ألا نوحاً ودمعاً جودي يا دار
فأهلك لوادي الطف إن ساروا
- فاطمة: علي، علي أسرع.
- علي: إذاً فلنسرع بالخروج خلفها.
- صوت طفلة تبكي: أبي.. أبي
تلتفت سكينة إلى مصدر الصوت وتقف. فيخرجون ويتركونها.
- سكينة: إنه بكاء طفل.
- طه: أسرعي يا سكينة أسرعي..
- سكينة: ولكن.. ولكن هناك طفل يبكي.. هناك طفل يبكي.. انتظروا.. انتظروا.. انتظروا.
يخرج العناصر جميعاً وتبقى سكينة وحدها على المسرح.
- سكينة: يا إلهي، أين ذهبوا؟ يبدو أن بوابة الزمان أغلقت عليّ.. يا إلهي يبدو أنني سأبقى هنا وحدي.. عاماً كاملاً، كما قالت الصخرة.. يا إلهي.. يا إلهي.
- صوت الطفلة: أبي ..أبي.. أبي.. أبي
تركض سكينة خلف الكواليس.
مشهد لفتاة من خلف الستار تجسد دور السيدة رقية (ع).
- السيدة رقية: أبي، عمتي أين أبي؟ أين أبي؟ أبي، أبي، أبي، أبي، أبي.
يظهر يزيد وهو واقف خلف الستار وعلى كتفه قرد وهو يضحك.
- يزيد (ضاحكاً): أسمع صراخ طفل لم يتوقف منذ وصلت السبايا.
- الحارس: إنها رقية بنت الحسين.
- يزيد: كم عمرها؟
- الحارس: أربع سنوات.
- يزيد: وماذا تريد؟
- الحارس: تسأل عن أبيها وتبكي.
- يزيد (بسخرية): تسأل عن أبيها وتبكي؟هاتوها هاتوها.
- يزيد: ماذا تريدين يا صغيرة؟
- السيدة رقية: أين أبي؟ أريد أبي.. أين أبي؟ أريد أبي.
- يزيد: أحضروا لها ما تريد.
- الحارس: ولكن يا سيدي...
- يزيد: قلت لكم أعطوها ما تريد، دعوها تنظر إليه.
نسمع صوتاً يقرأ (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
المشهد الثالث
يأتي أحد الحراس ويضع طشتاً مغطى بمنديل..
السيدة رقية تمشي حزينة باتجاه الطشت ثم تجلس أمام الطشت وتبكي.
- السيدة رقية (باكية): أبي يا أبي إنه رأسك الشريف، أين جسدك يا أبي؟ أين يداك تضمان رقية؟ أي ظهرك تحملني عليه؟ أبي أبي أبي أبي...
نسمع صوتا يردد كلمات السيدة رقية.
السيدة زينب عليها السلام تمشي باتجاه السيدة رقية تحملها وتذهب بها خلف الكواليس.
ثم يأخذ الحارس الطشت عن الأرض.
المشهد الرابع:
تخرج سكينة من خلف المسرح.
- سكينة:
يا أيها الزمان هلا تركت الروح
من حاضر الأيام تسعى إلى المجروح
تهفو إلى الأطفال من ودعوا المذبوح
من أودعوا البسمات في جسمه المطروح
باب الرجا مفتوح باب الأسى مفتوح
يا أيها الزمان هلا تركت الروح
علَّ الثواني تنطوي علَّ اشتياقي يرتوي
هلا رقية يحمل الصدرالجوى
عينان دمع الصبح والشعر من الليل هوا
ونواحها يعلو ممزقا ففي صدري بكاء
وأنينها جمراً بدا من لظى الشوق الطوال
- سكينة: الامام الحسين عليه السلام، هنا استشهد، هنا ظلم أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله.. أأبكي لوحدتي وغربتي؟ الامام الحسين عليه السلام كان وحيداً وغريباً، فلم لا أواسيه في وحدته وغربته ولم لا أبكيه؟
تخرج فتاة ترتدي لباس أبيض وتأتي باتجاه سكينة..
- سكينة: من أنتم؟ من أنتم؟
- الفتاة بالزي الأبيض: نحن دموعك الجديدة، التي ذرفتها حزناً على الحسين عليه السلام.
- سكينة: أيمكن أن تتحول دموعي أنا إلى مواكب نور؟
- الفتاة بالزي الأبيض: كل دمعة على الامام الحسين عليه السلام هي نور في نور وكل عين تذرفها لن تعرف النار، والآن اتبعيني.
ترتفع مقدمة مرثية "ألا نوحاً ودمعاً"
ألا نوحاً ودمعاً جودي يا دار
فأهلك لوادي الطف إن ساروا
تدخل سكينة مع الفتاة إلى الخيمة التي دخلت منها إلى كربلاء.
المشهد الأخير
العناصر أمام الصخرة وهم حائرون بسبب عدم التحاق سكينة بهم. وفجأة تخرج سكينة.
- سكينة (تصرخ): فاطمة..
- فاطمة: عرفت أنك ستخرجين.
- جمال: عرفنا أن آل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم حصن وأمان لكل من والاهم.
- الصخرة: هذه عاشوراء يا صغاري، هذه بعض من مشاهد عاشوراء.. هذه بعض من الأحداث التي جرت على آل بيت محمد صلى الله عليه وسلم.
- جمال: والآن عرفت من أين يشرب أطفالنا البطولة وهم في المهاد.
- سكينة: الآن عرفت لمَ تبكي السماء والأرض حزناً في عاشوراء.
- علي: الأن عرفت لم تستشهد أبطالنا في ساحات الفداء دون أن يهابوا الموت.
مشهد للماء يخرج من الينبوع.. يركض الأولاد إلى الصخرة.
- سكينة (تصرخ): الماء.. الماء.. لقد تفجر الينبوع.
فنون
8271قراءة
2016-01-10 17:46:32
ام حسينمسرحية كواكب النور |