مقدمة
الحركة الكشفيّة هي حركة تربويّة تطوعيّة تهدف إلى تنمية قدرات الشباب وفق مبادئ وطريقة خاصّة بمعاونة الراشدين.
أسس البناء التربوي في الكشفيّة
إن أساسات البناء التربوي في الكشفية هي المبادىء التي ترتكز عليها الحركة الكشفية، وهي ثلاثة : الواجب نحو الله / الواجب نحو الآخرين / والواجب نحو الذات.
ولكن ماذا يعني كل واجب من هذه الواجبات ؟
الواجب نحو الله:
هو أول المبادئ الكشفية، ويعني التمسّك بمبادئ الدين والعمل بإرشاداته، والحرص على أداء شعائره والالتزام بما يدعو إليه من قيم وفضائل .
الواجب نحو الآخرين:
ويتبلور من خلال ولاء الفرد لوطنه، والمشاركة في خدمة وتنمية المجتمع، مع الاعتراف بحقوق الآخرين واحترامها.
الواجب نحو الذات:
يعبّر عن مسؤولية الفرد تجاه نفسه ، فلنفسه عليه حق؛ وهو تنمية قدراتها.
ولكي تحقق الحركة الكشفية أهدافها التربوية لا بد من منهج تتبعه، وتتميّز به عن غيرها من المؤسسات والمنظمات التربوية العاملة في المجتمع. لذا فالكشفية خطّت بوضوح منهجها التربوي القائم على الطريقة الكشفية.
فما هي الطريقة الكشفية؟
وهل يمكن لها أن تحقق الأهداف التربوية للحركة الكشفية؟
هذا ما سنحاول التعرّف عليه من خلال التطرّق إليها بالتفصيل .
الطريقة الكشفية:
هي
1- نظام
2- متدرج
3- للتربية
4- الذاتية
وتعريف الطريقة على هذا الوجه هو أمر في غاية الأهمية، ولكنه يستثير لدينا مجموعة من التساؤلات، سيُجاب عليها عند التعرّف على عناصر الطريقة الكشفية السبعة.
1. الوعد والقانون:
القانون عبارة عن مجموعة من الضوابط السلوكية التي توجّه الفرد في علاقاته مع الله والآخرين والذات، وما يستوحى منه: إفعل.
وهنا تكمن أولى لبنات العملية التربوية، ونستطيع المباشرة بالبناء التربوي بالاعتماد على الوعد الطوعي والالتزام الضمني.
فالوعد يكتسب أهميته الخاصة من هذه الزاوية، كونه الضمانة التي يمكن أن نبني عليها مواقفنا مع العنصر الكشفي، فيجب الاعتناء الخاص بمراسم تأدية الوعد، وإقامة احتفال خاص بذلك بحضور القائد والأفراد والاهل ليكون الإلتزام أبلغ وأعمق.
وبالتزامه الطوعي تُحلّ العقدة، ويصبح القانون الكشفي قابلاً للتطبيق، وعندئذِ تبدأ حركة الفرد بإتجاه تحقيق أهداف الحركة الكشفية المختفية والمتوارية بين سطور وعبارات القانون " مؤمن .. يطيع .. صادق .. مهذب ..."
2. التعليم بالممارسة:
بما أن هدف الحركة الكشفية يتّجه نحو تنمية قدرات الشباب، إذن فالمقصود هو أن تتحوّل المفاهيم التربويّة إلى سلوك عملي في حياة الفرد، فلا يكفي زرع المفاهيم نظرياً فقط، بل ينبغي أن تكون النظرية مساوقة للتطبيق.
ولأجل هذه الغاية لا بد من تقديم المفاهيم النظرية بقالب عملي مباشر يخدم الغاية.
وعلى سبيل المثال : إذا أردنا أن نبني مفهوم أهمية الصدقة في الإسلام وانعكاسها على حياة الفرد والمجتمع، فلا نكتفي بالمحاضرة ونلقي ما لدينا في ذهن العنصر، إذ يجب أن يتعرّف على هذه الأهمية بشكل عملي لكي تتحوّل الصدقة إلى سلوك في حياته.
3. الجماعات الصغيرة:
نظام الجماعات الصغيرة يعتمد على تقسيم المجموعة الكبيرة إلى جماعات صغيرة ليسهّل التعاطي معها للوصول إلى الأهداف المنشودة بتعيين أحد أفرادها مسؤولا عنها ( الذي يبقى مرتبطا بقائد الفرقة ومجلسها)، ولهذا النظام فوائد كبيرة جدا تنعكس على العملية التربوية برمتها فيما لو أحسنّا تطبيقه وراعينا متطلباته.
4. التقدّم الشخصي:
انسجاماً مع تعريف الطريقة الكشفية ، فإن التربية الذاتيّة هي المحور الأساسي فيها ،لذا على الفرد أن يسعى بنفسه لتحصيل التربية بمفهومها الشمولي، ولكن بالاعتماد على نظام متدرج يساعده في تحقيق الأهداف المنشودة، وهو أشبه ما يكون بدرج وضعت على كل درجة منه قطعة مربعة تمثل جزء من رسمة، وعلى الفرد أن يصعد الدرج ليكمل الصورة ، وبإكتمال الصورة تظهر صورة بنائه التربوي جلية .
وهذه الصورة هي إنعكاس لبنائه التربوي في الكشفية ، حيث أن البناء يرتكز على المبادىء، ويتشكّل من عدد من الطوابق يمثّل كل منها مرحلة من مراحل الكشفية ، وكل طابق يحوي ثلاث شقق تمثّل كل واحدة منها درجة من الدرجات التي يحصل عليها العنصر في وحدته.
فالكشفية بذلك تساعد الفرد على ترقي درج الأهداف من خلال نظام التقدم الذي يعتمد على سجل التقدم الخاص بكل فرد ، وبتحقق متطلبات كل درجة من الدرجات يتقدم الفرد ذاتيا باتجاه تنمية قدراته وتحقيق أهدافه التربوية بطريقة جذّابة ومشجّعة، تعتمد على جملة من الحوافز وعلى معاونة ومساعدة من الجهات الكشفية المعنيّة .
وهنا تتجلى بوضوح التربية الذاتيّة، وكيف يمكن للكشفية أن تساعد الفرد على تحمل مسؤولية تقدمه الشخصي وصولاً إلى تنمية قدراته في كافة الجوانب.
5. الحياة في الطبيعة:
إنّ أفضل مكان مناسب لتحقيق أهداف الحركة الكشفية، هو العمل في الطبيعة ووسط المجتمع، لأنّ الأهداف المتوخاة هي بمعظمها سلوكية عملية، فالحياة الكشفية المثمرة لا يمكن أن نتصورها داخل الغرف وما بين الجدران، إنها الحياة في الهواء الطلق، في الطبيعة وما بين الناس؛ فإننا نربي جيلاً للمستقبل، نعدّه ليكون فاعلاً ومؤثراً في محيطه الاجتماعي؛ لذا لا يمكن عزله عن المجتمع.
ونريد أن ننمّي قدراته في كافة جوانب شخصيته، فلا يمكن أن نقيده، ونحد من حركته في كافة الاتجاهات.
فكانت الطبيعة هي المكان الأنسب لتنامي متوازن ولتربية عمليّة، فأهدافنا السلوكية لا يمكن أن نحققها داخل المقر الكشفي،إنها دعوة للخروج إلى المجتمع والفضاء الرحب، لنطلق العنان للأنشطة والمشاريع والبرامج المتحررة من زنزانة المقر الكشفي، فالمقر الكشفي على الرغم من أهميته يبقى هو محطة للانطلاق وليس محطة للوصول.
وبهذا المعنى يمكن أن نفهم مقولة أنّ الكشفيّة مكمّلة لحركة الإعداد المدرسي، وتسدّ الثغرات التي لا يمكن تداركها وتلافيها في المنهاج المدرسي.
6. معاونة الراشدين:
دور الراشدين هو مواكبة الأفراد ومساندتهم ومساعدتهم للوصول إلى أهدافهم، ولكن بجهود الأفراد ذاتهم وبوعيهم لكل العملية، حتّى تتحوّل التربية إلى سلوك بعدما يتمّ حفرها على لوح العقل وصفحة القلب.
ويتجلى دور الراشدين أيضاً بتأمين المواقف التربوية المساعدة للأفراد في تقدمهم الشخصي، وذلك من خلال البرامج والأنشطة والمشاريع التي يعدّونها ويقومون بتنفيذها مع الأفراد، تماماً كما مرً معنا بموضوع الصدقة، .فضلاً عن حث الأفراد ومتابعتهم وتحفيزهم لتحقيق متطلبات تقدمهم المختلفة.
7. الإطار الرمزي:
عند التأمّل في معنى الرمز، نجد انّه مصلح يشير إلى معنى محدد، فالمعنى يختفي وراء الرمز، وبمجرد حضور الرمز فإنّ المعنى يحضر تلقاء ولا يتأخر عنه، وإنّ ذكرنا للفظة "بيت" تُحضر صورة البيت مباشرة في أذهاننا، إذ أنّ هذه اللفظة مؤلّفة من مجموعة حروف، مركّبة ومرتّبة لتدلّ على معنى محدد.
إن الكشفية ميدانها الطبيعة والمجتمع حيث تمارس نشاطها وتستخدم رموزها ( خيمة ، تحية ، عصا ، لباس خاص ، وعد ، سهرة نار ، تكريس ..) فتجتذب الشباب إليها ، الذين جذبتهم الرموز لما لها علاقة بخصائص مراحلهم العمرية، يأتون إليها ليعيشوا الرموز ويندمجوا بالأنشطة ليلبوا احتياجاتهم، وعندما يحلّون ضيوفاً في الكشفية يعيشون الرموز ويستخدمونها، وحيث أن لكل رمز دلالاته ومعانيه، فعندما يعيشون الرموز فإنّ المعاني والدلالات لن تتخلّف، فيعيشون الرمز والمعنى معاً، وعندما تحضر المعاني تتحول إلى مفاهيم وقيم وسلوك واتجاهات لديهم.
فالإطار الرمزي هو السور الحاضن للأهداف الكشفية الرامية إلى تنمية قدرات الشباب في إطار التربية الشمولية، وليس عبثاً أن تتلبّس الكشفية بثوب الرموز .
وأخيراً معاً نخطّ الطريق
وبالعودة إلى العناصر السبعة نجدها تدور حول فلك الوعد والقانون، فهما المحور فيها، والعناصر جميعاً مترابطة متماسكة متّصلة لا تنفك عن بعضها البعض، فلكل عنصر دوره في إطار تكاملي، ولا يمكن الاستغناء عن أحدها أو الاكتفاء ببعضها، كل متكامل يخدم الهدف الذي من أجله وجدت.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية المطاف لنقول : هذه هي الكشفية كما أرادها مؤسسها، وهذه هي الكشفية كما يراها التربويون، وهذه هي الكشفية كما ينبغي أن نمارسها.
برامج
10629قراءة
2015-11-09 17:46:47
سلمى |