ويذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهمية الشورى بقوله: "أما إنّ الله ورسوله لغنيّان عنها، ولكن جعلها الله رحمة لأمّتي، فمن استشار منهم لم يقدم إلّا رشداً، وما لم يستشر لم يقدم إلّا غياً"6.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "من استبدّ برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها"7.
فالاستشارة تحفظ الإنسان من مهالك الاستبداد، ومن أخطار الأخطاء التي تفقد ثقة الناس بقائدهم، لأنّها تُثير الشكوك حول قدرته على إدارة الأمور، وهذه الشكوك وحدها تكفي في تخريب علاقة القائد بجمهوره.
ولكن ينبغي أن نفهم أنّ الشورى لولي الأمر إذا كانت واجبة لقوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾ فهي غير ملزمة لعدم وجود دليل على الإلزام، ولأن الآية الكريمة تربط التنفيذ والعمل بعزم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾8.
عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال لابن عباس وقد أشار عليه في شيء لم يوافق عليه: "عليك أن تشير عليَّ فإذا خالفتك فأطعني"9.
فإنّ القائد ينبغي أن يتداول مع أصحابه حول ما يستجد على الساحة من أحداث، ولكن تبقى وظيفته الأساس اختيار الرأي الأنسب فإذا عزم فلا بدّ أن تكون الكلمة الأخيرة له. وعلى الجميع أن يطيعوه.
العنصر الثالث:
العزم والقوّة وعدم التردّد بعد مرحلة التروّي، وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: "روّ تحزم، فإذا استوضحت فاعزم"10.
وعنه عليه السلام: "اعلم أنّ من الحزم العزم"11.
فلا بدّ من الحزم والعزم وهما متلازمان، فإذا ضعف الحزم ضعف العزم، وإذا اشتدّ الحزم تضاعف معه العزم.
وهذه الحقيقة يؤكّدها عليه السلام بقوله: "من قلّ حزمه ضعف عزمه".
فلا يصحّ التردّد في التنفيذ بعد اتضاح الرؤية، بل يتوكّل على الله وحده ويقدم على العمل.
1. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 71، ص 339.
2. م.ن، ج 77، ص 238.
3. ابن شعبة، تحف العقول، ص 216
4. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 71، ص 338.
5. سورة آل عمران، الآية 159.
6. السيوطي، الدر المنثور، ج 2، ص 90.
7. السيّد الرضي، نهج البلاغة، الكلمات القصار، كلمة 161.
8. سورة آل عمران، الآية 159.
9. الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، ج 8، ص 428.
10. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 71، ص 341.
11. م. ن، ج 77، ص 165.
تدريب
2965قراءة
2017-05-27 16:41:35