التغذية الراجعة (5)
كيف تتعامل مع التأثير العاطفي للتغذية الراجعة؟
أنت تساعد القادة على النمو والتطور عندما توفّر لهم التغذية الراجعة المتكررة، الصادقة، والمتعاطفة. ومع أنك لا تستطيع التحكم برأيهم عنها، لكن يمكنك، بل يجب عليك، استخدام ما تعرفه عن كل موظف لتكون تغذيتك الراجعة أكثر فاعلية وفائدة. فأنت الآن تدرك- عبر خبرتك الإدارية- أن الأشخاص يختلفون في استجابتهم للمعلومات التي يتلقونها عن إنجازهم. وأن التفهم والتوقع والاستعداد الذهني للتعامل مع ردود الفعل المختلفة تجاه تغذيتك الراجعة تمثل كلها جزءاً من فنّ الإدارة.
خذ الحالة الشخصية بعين الاعتبار:
عمل القائد سعيد معك مدة شهر، وهو قلق حقًا بشأن حُسن أدائه للعمل الجديد. أنت تعلم أنه يمتلك المؤهلات والخبرة. ولكنه تخلّف انطباعًا بالتردد والضعف أمام الأهالي والعناصر. تعلم أنه لن ينجح بعمله إذا استمر بكبح أفكاره وتجنب اتخاذ القرارات.
بإمكانك تقديم تغذية راجعة عن التأثير السلبي لسلوك سعيد، ولكن هذا لن يزيد سوى قلقه. في هذه المرحلة، ووفقًا لتقويمك للحالة، فإن سعيد سيقوم بعمل أفضل عندما يحصل على تغذية راجعة عن سلوكه الإيجابي، وعندما تؤكد له ثقتك به.
اعلم أن الناس يفهمون المعلومات بطرق مختلفة:
قدمت لباقر تغذية راجعة عن الاخطاء الكثيرة التي ارتكبها في إعداد الميزانية وتأثير هذه الاخطاء على عمله. ولكنه فوجئ بذلك فهم مهتم كثيرًا بإتقان عمله والتطور فيه. ويبدو أنه يجهل حقيقة عدم إتقانه لعمله في هذه الناحية. ولكن عندما تسأله عن الأعمال المميزة التي يمكنه القيام بها، فإن باقر يقدّم تأكيدات ووعودًا مبهمة.
بإمكانك ابتكار خطة ليبدأ باقر بجمع تقاريره باكرًا، وتكليف قائد آخر بمراجعة أرقامه قبل توزيعها. لكنك ترى أن باقر فوجئ وتكدر، وتعلم أنه ربما يفضل وضع خطته الخاصة لحل المشكلة. وهو يحتاج إليه ليؤدي عمله على نحو مختلف. عندما تقدم تغذية راجعة ستجد أن بعض القادة يفهمون مرادك فورًا وينتقلون للحديث عن التفاصيل والمضامين. في حين يحتاج آخرون إلى الوقت والانفراد بأنفسهم لكي ينظموا معلوماتهم، ويكرهون اتخاذ قرارات على أساس ملاحظات واقتراحات جديدة تمامًا عليهم. فإذا استعجلت الحصول على قرار من قائد كهذا قبل أن يتاح له الوقت الكافي للتفكير، فستكون النتيجة حتمًا اختيار خاطئًا والتزامًا ضعيفًا. هذه الاختلافات ليست عيوبًا أو نقاط ضعف لكنها تؤثر بشدة على طريقة تعبير الأشخاص عن أنفسهم وطريقة تعاملهم مع المعلومات الجديدة والحالات غير المألوفة.
ضع في الحسبان المشكلات العائلية والشخصية والصحية:
محمد واحد من موظفيك الواعدين، وأمامه الآن فرصة كبيرة لتطوير مهاراته والارتقاء بعمله. أنت ترغب في تكليفه بالتدريب على نظام خاص في مواقعك الميدانية على امتداد البلد، وهذا يتطلب منه السفر مدة يومين أسبوعيًا، ولكن عندما تخبره بذلك يحزن ويتراجع.
وعندما تترك فرصة الحديث لمحمد، ستجد أنه مستعد حالًا لنقل أمه إلى دار رعاية، وهذه المرحلة صعبة للغاية، لأن أمه تتوقع منه أن يترك العمل مؤقتًا لتفرغ لها. كان محمد ينتظر دوماً فرصة السفر والتدريب، لكن بسبب القدر الظالم- حسب رأيه- أتت الفرصة في الوقت الذي وجب عليه تقديم رعاية إضافية لأمه. بل لن يستطيع التفكير حتى في الرحلاتالتي تمتد ليلة واحدة فقط. تؤثر المشكلات والضغوط من خارج العمل على أداء القادة لعملهم. وعندما تعرف بوجود مشكلات عابرة تعترض أحد القادة، يمكنك تحديد توقيت تغذيتك الراجعة ومضمونها بما يتناسب معها. لكن يجب أن تكون مستعدًا لإضافة أي معلومات مفاجئة في حالات التغذية الراجعة.
استفد من قدرات القادة على حل المشكلات:
يتمتع حسن بمهارات تقنية وتحليلية ممتازة. لكن ضمه لكن ضمه إلى مجال تسويق إصدارات الجمعية لم يحقق نجاحًا. ففي الاجتماعات- حيث يجب عليه تقديم معلومات وتقارير للمشاركين - يبالغ في استخدام المصطلحات التقنية، أما تصرفاته أثناء هذه الاجتماعات فتجعله يبدو متغطرسًا وفظًا. فهو لا ينظر في عيني محدثه. هكذا تقدّم لحسن تغذية راجعة محددة يستنتج منها- مثلك- ضرورة إبعاده عن فريق التسويق، على الرغم من أنه تطوع لأداء هذه المهمة.
يفاجئك حسن بردة فعله، فهو مهتم كثيرًا في أداء هذه المهمة وتعلم إنجازها بطريقة صحيحة. إذ إن تعلم طريقة تقديم المعلومات التقنية بأسلوب فاعل إلى غير التقنيين يحتل مرتبة متقدمة في أولويات تطوره الشخصي. وهو مدرك تمامًا للتأثير السلبي لسلوكه بل اتخذ بعض الخطوات لتحسينه. ويقرأ كتبًا عن التعليم الذاتي لتحسين مهاراته في التقديم والعرض.
ويود أن يعرف إن كنت تقترح مراجع أخرى ربما تساعده على تطوير هذه المهارات بصورة سريعة. إن القادة الذين يتلقون التشجيع والتحفيز على أداء عملهم بإتقان غالبًا ما يتوصلون إلى حلول ذاتية للمشكلات التي تلفت انتباههم إليها. ويجب أن تمنحهم تلك الفرصة عن طريق التغذية الراجعة، قبل أن تقدم اقتراحك بشأن إصلاح الخلل. فالحلّ الذي يبتكره القائد لن يجعله يشعر بأنه تلقى عقوبة، وربما يكون مناسبًا لشخصيته وأسلوبه أكثر من أي حلّ آخر تبتكره أنت.
التدريب يصنع الديمومة:
قد تشعر بأن تقديم التغذية الراجعة للقادة أمر غير طبيعي وغير مريح في البداية. مثلما هو حال المهارات القيادية الأخرى التي سبق وطورتها. لا تقلق إت لم تكن محاولاتك الأولى متقنة. اتخذ تلك الخطوة الأولى. قدم التغذية الراجعة مراراً لتبني ثقتك بنفسك، وتقيم علاقة مع القادة تمكنك من تزويدهم بتغذية راجعة تنقل رسالتك بكل وضوح.
لا يمكنك الامتناع عن تقديم تغذية راجعة للقادة، لأنك بذلك تحرمهم في تطورهم ونجاحهم، فإذا كانت المرة الوحيدة التي تحدثت فيها إليهم عن أهدافهم المهنية وأدائهم أثناء المراجعة السنوية، فإنك تفوّت مئات الفرص لمضاعفة نقاط القوة وتحسين الأداء إلى الحد الأقصى. أما إذا بقيت صامتًا في حين يرتكب القادة الأخطاء، أو يحققون الأهداف، فإنك تلحق ضررًا كبيرًا بهم وبنفسك وبالجمعية.
قدّم هذا الدليل خطة سهلة وفاعلة لبناء علاقة التغذية الراجعة وإدارتها مع القادة. ولا ريب أن القدرة على تقديم تغذية راجعة للقادة تعد مهارة يمكنك، بواسطة الممارسة، تطبيقها بثقة كبيرة وفاعلية مؤثرة.
برامج
1892قراءة
2015-11-05 08:35:21