قصص من حياة الإمام السجاد عليه السلام
الفرزدق وهشام
روي: أنّه حجّ هشام بن عبد الملك فلم يقدر على استلام الحجر من الزحام، فنُصِبَ له منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه السلام وعليه إزار ورداء من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة، فجعل يطوف فلما بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له.
فقال شامي: من هذا يا أمير؟
فقال: لا أعرفه، لئلا يرغب فيه أهل الشام.
فقال الفرزدق وكان حاضراً: لكني أنا أعرفه.
فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟
فأنشأ يقول:
هذا الذي تعـــرف البطحاء وطأته***والبــيت يعــرفه والحــل والحـــــرم
هــــذا ابــن خير عباد الله كلهم***هذا التقي النقي الطاهر العلم
فغضب هشام ومنع جائزته وقال: ألا قلت فينا مثلها؟!
قال: هات جداً كجده، وأباً كأبيه، وأماً كأمه، حتى أقول فيكم مثلها.
فحبسوه بعسفان بين مكة والمدينة، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه السلام فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال: «أعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به».
فردها وقال: يا ابن رسول الله، ما قلتُ الذي قلت إلا غضباً لله ولرسوله، وما كنت لأرزأ عليه شيئاً.
فردها إليه وقال: «بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك» فقَبِلَهَا.
الظبية تلوذ به
بينما كان الإمام علي بن الحسين عليه السلام جالساً مع أصحابه، أقبلت ظبية من الصحراء، ضربت بذنبها وحمحمت، فقال بعض القوم: يا ابن رسول الله، ما تقول هذه الظبية؟
قال: «تزعم أن فلان بن فلان القرشي أخذ خشفها (الخشف: ولد الظبية) بالأمس، وأنّها لم ترضعه منذ أمس شيئاً»، فوقع في قلب رجل من القوم شيء.
فأرسل علي بن الحسين عليه السلام إلى القرشي فأتاه، فقال له: «ما لهذه الظبية تشكوك؟».
قال: وما تقول؟
قال: «تقول: إنك أخذت خشفها بالأمس في وقت كذا وكذا، وإنها لم ترضعه شيئاً منذ أخذته، وسألتني أن أبعث إليك فأسألك أن تبعث به إليها لترضعه وترده إليك».
فقال الرجل: والذي بعث محمداً صلى الله عليه وآله بالحق لقد صدقت عليّ.
قال: فأرسل إلى الخشف فجيء به.
قال: فلما جاء به أرسله إليها، فلما رأته حمحمت وضربت بذنبها ثم رضع منها.
فقال علي بن الحسين عليه السلام للرجل: «بحقي عليك إلا وهبته لي». فوهبه له.
ووهبه علي بن الحسين عليه السلام لها، وكلمها بكلامها.
فحمحمت وضربت بذنبها وانطلقت وانطلق الخشف معها.
فقالوا: يا ابن رسول الله ما الذي قالت؟
قال: «دعت لكم وجزتكم خيراً».
الأنشطة الثقافية
1615قراءة
2015-12-26 19:41:44