الإمام الكاظم عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام
بطاقة الهوية:
هو الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام .
الأم: حميدة.
كُنية: أبو الحسن وأبو إبراهيم.
لقبه: الكاظم (لُقّب به لأنّه كان من عادته أبداً أن يُحسن إلى من يسيء إليه)
ولادته المباركة: 7 صفر 127هـ
شهادته: 25 رجب 183هـ
مكان الدفن: الكاظمية في العراق والّتي سُمّيت باسمه.
إمامته عليه السلام
ترعرع الإمام موسى بن جعفر عليه السلام في حضن أبيه أبي عبد الله الصادق عليه السلام فنهل منه العلوم الإلهية وتخلّق بالأخلاق الربّانية حتى ظهر في صغره على سائر إخوته. وقد حصلت بينه وبين أبي حنيفة مناظرة حول الجبر والإختيار بيّن له فيها الإمام عليه السلام على صغر سنّه بطلان القول بالجبر بالدليل العقلي، ما دعا أبا حنيفة إلى الاكتفاء بمقابلة الابن عن مقابلة الإمام الصادق عليه السلام وخرج حائراً مبهوتاً.
عاش الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام مدّة إمامته بعد أبيه عليه السلام في فترة صعود الدولة العباسية وانطلاقتها, وهي فترة تتّسم عادة بالقوّة والعنفوان، واستلم شؤون الإمامة في ظروف صعبة وقاسية، نتيجة الممارسات الجائرة للسلطة وعلى رأسها المنصور العباسي.
منزلته عليه السلام
وبما أن الإمام عليه السلام في عقيدة الشيعة هو وعاء الوحي والرسالة، وله علامات وميزات خاصة لا يتمتع بها سواه، فقد فرض الإمام الكاظم عليه السلام نفسه على الواقع الشيعي وترسّخت إمامته في نفوس الشيعة؛ فجسّد دور الإمامة بأجمل صورها ومعانيها، فكان أعبد أهل زمانه وأزهدهم في الدنيا وأفقههم وأعلمهم. وكان دائم التوجّه لله سبحانه حتى في أحرج الأوقات التي قضاها في سجون العباسيين فقد كان دعاؤه «اللهم إنّك تعلم أنّي كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك وقد فعلت فلك الحمد». كما احتل الإمام عليه السلام مكانة مرموقة على صعيد معالجة قضايا العقيدة والشريعة في عصره؛ حيث برز في مواجهة الاتجاهات العقائدية المنحرفة والمذاهب الدينية المتطرّفة والأحاديث النبوية المدسوسة، من خلال عقد الحلقات والمناظرات الفكرية ما جعل المدينة محطة علمية وفكرية لفقهاء ورواة عصره، يقصدها طلاب العلوم من بقاع الأرض البعيدة فكانوا يحضرون مجالسه وفي أكمامهم ألواح من الأبنوس (نوع من الخشب) كما ذكر التاريخ.
وقد تخرّج من مدرسة الإمام الكاظم عليه السلام في المدينة والّتي كانت امتداداً لمدرسة الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام الكثير من العلماء والفقهاء في مختلف العلوم الإسلامية آنذاك.
الإمام عليه السلام والسلطة:
عاصر الامام الكاظم عليه السلام من الخلفاء العباسيين المنصور والمهدي والهادي وهارون الرشيد. وقد اتّسم حكم المنصور العباسي بالشدّة والقتل والتشريد وامتلأت سجونه بالعلويين حيث صادر أموالهم وبالغ في تعذيبهم وتشريدهم وقضى بقسوة بالغة على معظم الحركات المعارضة. وهكذا حتى مات المنصور، وانتقلت السلطة إلى ولده المهدي العباسي الذي خفّف من وطأة الضغط والرقابة على آل البيت عليهم السلام ما سمح للإمام الكاظم عليه السلام أن يقوم بنشاط علمي واسع في المدينة حتى شاع ذكره في أوساط الأمة.
وأمّا الهادي العباسي فقد اشتهر بشراسته وتضييقه على أهل البيت عليهم السلام , وكذلك هارون الرشيد الذي فاق أقرانه في ممارسة الضغط والإرهاب على العلويين.
إزاء هذا الأمر، دعا الإمام عليه السلام أصحابه وأتباعه الى اجتناب كافة أشكال التعامل مع السلطة العباسية الظالمة التي مارست بحق العلويين ظلماً لم تمارسه الدولة الأموية، ودعاهم الى اعتماد السرية التامة في تحركهم واستخدام التقية للتخلص من شر هؤلاء الظلمة. ومع كل هذا الحذر فقد عصف بقلب هارون الرشيد الحقد والخوف من الإمام عليه السلام فأودعه السجن وأقام عليه العيون فيه لرصد أقواله وأفعاله عسى أن يجد عليه مأخذاً يقتله فيه. ولكنهم فشلوا في ذلك فلم يقدروا على إدانته في شيء، بل أثّر فيهم الإمام عليه السلام بحسن أخلاقه وطيب معاملته فاستمالهم إليه، مما حدا بهارون الرشيد إلى نقله من سجن إلى سجن حتى وصل إلى سجن السندي بن شاهك بغية التشديد عليه والقسوة في معاملته.
ورغم شدة المعاناة التي قاساها الإمام عليه السلام في ذلك السجن فقد بقي ثابتاً صلباً ممتنعاً عن المداهنة رافضاً الانصياع لرغبات الحاكم الظالم.
من مواقفه عليه السلام
كان للإمام الكاظم عليه السلام بعض المواقف العلنيَّة والصريحة التي أبرز من خلالها أحقيَّته في الخلافة وأولويَّته بها من بني العباس. ومن هذه المواقف احتجاجه عليه السلام على هارون الرشيد وهو في مرقد النبيصلى الله عليه وآله أمام حشدٍ كبير من الأشراف وقادة الجيش وكبار الموظفين، فقد أقبل هارون بوجهه على الضريح المقدَّس وسلَّم بقوله: «السلام عليك يا ابن العم» معتزاً ومفتخراً على غيره بصلته بالنبي صلى الله عليه وآله وأنَّه إنما نال الخلافة لقربه من رسول اللهصلى الله عليه وآله، وكان الإمام عليه السلام آنذاك حاضراً فسلَّم على النبي صلى الله عليه وآله قائلاً: «السلام عليك يا أبتِ». ففقد الرشيد صوابه واستولت عليه موجات من الاستياء، حيث قد سبقه الإمام عليه السلام إلى ذلك المجد والفخر، فقال له بنبرات تقطر غضباً وحقداً: لمَ قلت إنّك أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله منا؟ فأجابه عليه السلام بردّ مفحم قائلاً: «لو بُعث رسول الله صلى الله عليه وآله حياً وخطب منك كريمتك هل كنت تجيبه إلى ذلك؟ فقال هارون: سبحان الله!! وكنت أفتخر بذلك على العرب والعجم. فانبرى الإمام عليه السلام قائلاً: لكنّه لا يخطب منّي ولا أزوّجه لأنّه والدنا لا والدكم فلذلك نحن أقرب إليه منكم». فبهت هارون ولم يستطع أن يرد على الإمام عليه السلام بشيء.
شهادته عليه السلام
أمضى الإمام الكاظم عليه السلام في سجون هارون الرشيد سبع سنوات، وفي رواية 13 سنة, حتى أعيت هارون فيه الحيلة ويئس منه فقرر قتله، وذلك بأن أمر بدس السمّ له في الرُّطَب فاستشهد سلام الله عليه في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 183هـ. ودُفن في الكاظمية.
الأنشطة الثقافية
3506قراءة
2015-12-27 13:10:17