12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

شذرات العترة عليهم السلام >> ذكرى استشهاد الإمام موسى الكاظم عليه السلام

ذكرى استشهاد الإمام موسى الكاظم عليه السلام


نعزي الإمام صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وولي الأمر في غيبته الإمام الخامنئي مدّ ظلّه العالي وعموم المؤمنين بذكرى استشهاد الإمام موسى الكاظم عليه السلام.

 

إنّ من غرر أحاديث الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام وصيّته الثمينة لهشام بن الحكم وفيها أنه قال له: "إنّ الله تبارك وتعالى بشَّرَ أهل العقل والفهم في كتابه فقال: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾.


يا هشامُ إنّ لقمان قال لابنهِ: يا بُنيَّ إنّ الدنيا بحرٌ عميقٌ قد غرِق فيه عالمٌ كثيرٌ فلتكن سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الإيمان وشِراعُها التوكُّلَ وقيِّمُها العقل، ودليلُها العلم وسكّانُها الصبر.

يا هشام لكلِّ شيءٍ دليلٌ، ودليلُ العاقل التفكُّر ودليل التفكُّر الصمتُ. ولكُلِّ شيءٍ مطيّةٌ ومطيَّةُ العاقل التواضع. وكفى بك جهلاً أن تركب ما نُهيتَ عنه.


يا هشامُ لو كان في يدك جوزةٌ وقال الناس: في يدكَ لؤلؤةٌ ما كان ينفعُك وأنت تعلم أنّها جوزةٌ؟ ولو كان في يدكَ لؤلؤةٌ وقال الناسُ: إنّها جوزةٌ ما ضرَّكَ وأنتَ تعلمُ أنّها لؤلؤةٌ؟


يا هشامُ ما بعثَ الله أنبياءهُ ورسُلهُ إلى عبادهِ إلّا ليعقلوا عن الله، فأحسنُهم استجابةً أحسنُهم معرفةً لله. وأعلمُهم بأمر الله أحسنُهم عقلاً. وأعقلُهُم أرفعهم درجةً في الدنيا والآخرة.


يا هشامُ ما من عبدٍ إلّا ومَلَكُ آخذٌ بناصيته، فلا يتواضعُ إلّا رفعهُ الله ولا يتعاظَمُ إلّا وضعهُ الله.


يا هشامُ إنّ لله على الناس حُجَّتين: حُجَّةٌ ظاهرة وحُجّةٌ باطِنةً، فأمّا الظاهرةُ فالرُسل والأنبياء والأئمّة، وأمّا الباطنةُ فالعقولُ.


يا هشامُ من سلَّط ثلاثاً على ثلاثٍ فكأنّما أعان هواهُ على هدم عقله: من أظلَمَ نور فكرِه بطول أملِه، ومحا طرائِفَ حكمته بفضولِ كلامه، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنّما أعان هواهُ على هدم عقلهِ. ومن هدَمَ عقله أفسد عليه دينه ودنياهُ.


يا هشامُ كيف يزْكوا عند الله عملُكَ وأنتَ قد شغلْتَ عقلكَ عن أمر ربِّكَ وأطعْتَ هواكَ على غلبَةِ عقلِكَ؟!


يا هشامُ نُصِبَ الخلقُ لطاعة الله. ولا نجاةَ إلّا بالطاعةِ. والطاعةُ بالعِلم. والعِلم بالتّعلُّمُ. والتعلُّمُ بالعقلِ يُعتقدُ. ولا عِلمَ إلّا من عالِمٍ ربّانيٍّ. ومعرفةُ العالِم بالعقل.


يا هشامُ إن كان يُغنيك ما يَكفيكَ فأدنى ما في الدُّنيا يكفيك. وإن كان لا يُغنيك ما يكفيك فليس شيء من الدُّنيا يُغنيك.


يا هشامُ إنَّ العُقلاء تركوا فُضول الدُّنيا فكيف الذُّنوبُ، وتركُ الدُّنيا من الفَضلِ وتركُ الذُّنوب من الفرضِ؟.


يا هشامُ إنّ العُقلاء زهدوا في الدُّنيا ورغبوا في الآخرة، لأنّهم علموا أنّ الدُّنيا طالبةٌ ومطلوبةٌ والآخرةُ طالبةٌ ومطلوبةٌ، فمن طلب الآخرةَ طلبتهُ الدُّنيا حتّى يستوفي منها رزقهُ، ومن طلب الدُّنيا طلبتهُ الآخرة فيأتيه الموتُ فيُفسدُ عليه دنياهُ وآخرتهُ.


يا هشامُ من أراد الغنى بلا مالٍ وراحة القلب من الحسد والسّلامة في الدّين فليتضرَّعُ إلى الله في مسألته بأنْ يُكمل عقله، فمن عقل قنعَ بما يكفيهِ ومن قنع بما يكفيهِ استغنى ومن لم يقنعْ بما يكفيهِ لم يُدركِ الغنى أبداً.


يا هشامُ لا تمنحو الجُهّال الحِكمةَ فتظلِموها، ولا تمنعوها أهلَها فتظلِموهم. يا هشامُ كما تركوا لكم الحِكمةَ فاتركوا لهم الدنيا.


يا هشامُ لا دينَ لمن لا مُروَّةَ له. ولا مُرُوَّة لمن لا عقلَ له. وإنّ أعظم الناس قدراً الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطراً، أما إنّ أبدانكم ليس لها ثمنٌ إلّا الجنّةَ، فلا تبيعوها بغيرها.


يا هشامُ إنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: "لا يجلس في صدر المجلِس إلّا رجلٌ فيه ثلاثُ خصالٍ: يُجيب إذا سُئِل وينطقُ إذا عجزَ القومُ عن الكلامِ، ويُشير بالرأي الذي فيه صلاحُ أهله، فمن لم يكن فيه شيء منهنَّ فجلسَ فهو أحمق". وقال الحسن ابن عليّ عليهما السلام: "إذا طلبتُم الحوائج فاطلبوها من أهلها. قيل: يا بن رسول الله ومن أهلُها؟ قال: الذين قصَّ الله في كتابه وذكرَهم، فقال: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ﴾ قال: هم أُولو العقول".

 

 

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

مهدي
1948قراءة
2016-01-01 16:49:21

تعليقات الزوار


doha tarhini