من خطبة السيدة الزهراء عليها السلام
نعزي صاحب العصر والزمان عجّلَ اللهُ فرجهُ الشريف ونائبه القائد الخامنئي مدّ ظله العالي وعموم المؤمنين والإخوة المجاهدين بذكرى شهادة بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) في الثالث من جمادي الآخرة على الرواية المشهورة.
بعد عشرة أيام من الحدث الجلل بوفاة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) وبعد الأحداث الأليمة التي جرت بعد وفاته والتي كان فيها أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) مأمورًا بالصبر حفظًا للإسلام الحنيف، خرجت الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) من بيتها مع ثلة من نساء قومها ودخلت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث تواجد حشدٌ من المهاجرين والأنصار وغيرهم، وقبل البدء بخطبتها عُلِّقت بينها وبين القوم ستارة وحجاب، ثمّ ابتدأت بتلك الخطبة التي هي بحق الوثيقة التاريخية الكبرى، نعرض منها بعض فقراتها:
البداية: حمد وشهادة
" الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، والثناء بما قدم، من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وإحسان منن أولاها، جمّ عن الاحصاء عددها، ونأى عن الجتازات أمدها...
وأشهد أن لا إله إلا الله كلمة جعل الإخلاص تأويلها وضمن القلوب موصولها، وأبان في الفكر معقولها، الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام الإحاطة به...
أشهد أن أبي محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله، اختاره قبل أن يجتبله ، واصطفاه قبل أن يبتعثه ، وسماه قبل أن يستنجبه... فرأى (صلى الله عليه وآله) الأمم فرقًا في أديانها، وعابدة لأوثانها، عكفًا على نيرانها، منكرة لله مع عرفانها، فأنار الله بأبي محمدًا صلى الله عليه وآله ظلمها ، وفرّج عن القلوب بهمها ، وجلا عن الأبصار غممها...".
ثم توجهت إلى القوم قائلة :
" ففرض الله عليكم الإيمان تطهيرًا لكم من الشرك، والصلاة تنزيها لكم عن الكبر، والزكاة تزييدًا في الرزق، والصيام تثبيتًا للاخلاص، والحج تشييدًا للدين، والعدل تنسيقًا للقلوب، وطاعتنا نظامًا للملة، وإمامتنا أمانًا للفرقة، والجهاد عزًا للإسلام، والصبر معونة على الاستيجاب، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، والنهي عن المنكر تنزيها للدين...
فاحمدوا الله الذي بعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض إليه الوسيلة، فنحن وسيلته في خلقه، ونحن آل رسوله ونحن حجّة غيبه وورثة أنبيائه..." .
ثم قالت :
"أيها الناس! اعلموا أني فاطمةُ وأبي محمدًا صلى الله عليه وآله...
إن تعزوه (أي تنسوه) تجدوه أبي دون نسائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم بلغ النذارة صادعًا بالرسالة...
كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، وكلما نجم قرن الضلالة، أو فغرت فاغرة للمشركين قذف أخاه (أي الإمام علي عليه السلام ) في لهواتها ، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها (أي أذنها أو ثقب الأذن) بأخمصه ، ويخمد لهبها بحدّه، مكدودًا في ذات الله، قريبًا من رسول الله، سيدًا في أولياء الله...
وأنتم في بلهينة (أي سعة) آمنون، وادعون فرحون تتوكفون الأخبار، وتنكصون عند النزال على الأعقاب... حتى أقام الله بمحمد (صلى الله عليه وآله) عمود الدين...".
وتابعت (عليها السلام) حديثها ما حدث بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثمّ أعلنت (عليها السلام) موقف الصبر لأجل حفظ الدين الله تعالى مهما كانت التضحيات فقالت:
"ونصبر منكم على مثل حز المدى (أي الشفرات) ووخز السنان في الحشا...".
رد مع اقتباس
مهدي
1846قراءة
2016-01-18 22:22:31