تاريخ زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام
بعد وقعة الطف واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام، أصبح الاحساس بالخيبة والندم مسيطرا على المجتمع الكوفي أنذاك بتركه نصرة الإمام الحسين عليه السلام، وقد كانوا هم الذين تسببوا في الفاجعة التي ألمت بعترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من دعوتهم الإمام عليه السلام بالقدوم عليهم، ثم تركه عرضة للرماح والسهام.
فكان ندم أهل الكوفة يتجلى في كثير من المواقف سواء بعد انتهاء وقعة الطف، أو بعدها بحين، فهرعوا إلى قبره يلتمسون التوبة، ويجددون العهد بالانتقام من القتلة.
وأول من زار مصارع الشهداء ووقف عليهم وبكى، هو عبيد الله بن الحر الجعفي الذي ندم على تركه نصرة الإمام الحسين، وندمه هذا يتجلى من خلال قصيدته التي رثى بها الإمام الحسين:
يا لك حسرة ما دمت حيا * يردد بين حلقي والتراقي
حسينا حين يطلب بذل نصري * على أهل العداوة والنفاق
مع ابن المصطفى نفسي فداه * فيا لله من ألم الفراق
غداة قول لي بالقصر قولا * أتتركنا وتزمع بانطلاق
فلو فلق التلهف قلب حي * لهم اليوم قلبي بانفلاق
فقد فاز الأولى نصروا حسينا * وخاب الآخرون أولوا النفاق
ثم زاره الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري في 20 / صفر، والتقى بالإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام في هذا المكان.
كما زاره التوابين وهم في طريقهم إلى عين الوردة، للتصدي لقوات عبيد الله بن زياد، فلما وصلوا إلى قبر الحسين عليه السلام صاحوا صيحة واحدة، فما رأى باكيا أكثر من ذلك اليوم، وجعلوا يدورون حول القبر مستغفرين نادمين: " اللهم إنا خذلنا ابن بنت نبيك، وقد أسأنا وأخطأنا، فاغفر لنا ما قد قضى من ذنوبنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم إن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين".
حتى بلغ الحماس أشده، فانطلقت الألسن تمجد الحسين وتلعن قاتليه، فهب رجل منهم يدعى وهب بن زمعة الجعفي فوقف على القبر باكيا ثم قال: " والله لقد جعله الأعداء للسيل عرضا، وللسباع طمعا، فلله يوم الحسين، لقد تمادروا منه يوم وافوه ذا وفاء وصبر وعفاف وبأس وشدة وأمانة ونجدة، ابن أول المؤمنين وبنت نبي رب العالمين، قلت حماته وكثرت عداته، فويل للقائل، وملامة للخاذل، إن الله تبارك وتعالى لم يجعل للقاتل حجة، ولا للخاذل معذرة، إلا أن ينصح الله في التوبة فيجاهد الفاسقين، فعسى الله عند ذلك أن يقبل التوبة ويقيل العثرة " ثم أنشأ يقول:
تبيت نساء أمية نوما * وبالطف قتلى لا ينام حميمها
وما ضيع الإسلام إلا قبيلة * بأمر فزكاها ودام نعيمها
وعادت قتادة الدين في كف ظالم * إذا مال منها جانب لا يقيمها
فأقسم لا تنفك نفسي حزينة * وعيني مسفوحا لا يجف سجومها
حياتي أو تلقى أمية وقعة * ينال بها حتى الممات قروحها
ثم زاره المختار بن عبيد الثقفي عندما فارق عبد الله بن الزبير، ورجع من مكة، فلما وصل إلى القادسية عدل عنها إلى كربلاء، ثم اغتسل ولبس ثياب الزيارة، فلما دنا من القبر انكب عليه، معتنقا له باكيا، ومجددا له العهد للانتقام، وقتل من قتلهم وسفك دمائهم فقال: " يا سيدي آليت بجدك المصطفى وأبيك المرتضى، وأمك الزهراء، وأخيك المجتبى، ومن قتل من أهل بيتك وشيعتك في كربلاء، لا أكلت طيب الطعام، ولا شربت لذيذ الشراب، ولا نمت على وطئ الوهاد، وخلعت عن جسدي هذه الابراد، حتى انتقم لك من قتلك، أو أقتل كما قتلت، فقبح الله العيش بعدك ".
وقيل إن مصعب بن الزبير لما توجه إلى عبد الملك بن مروان لقتاله، فلما بلغ الحيرة دخل فوقف على قبر أبي عبد الله عليه السلام، ثم قال: يا أبا عبد الله، أما والله لئن كنت غصبت نفسك ما غصبت دينك، ثم انصرف وهو يقول:
وإن الأولى بالطف من آل هاشم * تأسوا فسنوا للكرام التأسيا 1.
____________________________________
1-مرقد الامام الحسين عليه السلام تحسين آل شبيب.
مهدي
1519قراءة
2016-01-20 23:08:59