حكمة الصيام
تعددت النّصوص الشريفة المبيِّنة لحكمة تشريع الصوم، فرسم القرآن الكريم التقوى هدفاً أساسياً للصوم بقوله تعالى: "يا أيّها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، وأيضاً بيّنت روايات أهل بيت العصمة (عليهم السلام) أهدافا متعدّدة نصبت في خانة التقوى نذكر منها:
الشعور بالفقراء:
وهو ما ذكره الامام الصادق (عليه السلام) لصاحبه الجليل هشام بن الحكم حينما سأله عن حكمة وجوب الصوم، فقال (عليه السلام): "إنما فرض الله عز وجل الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك أن الغني لم يكن يجد مس الجوع فيرحم الفقير، لأن الغني كلما أراد شيء قدر عليه، فأراد لله عز وجل أن يسوي بين خلقه وأن يذيق الغني مس الجوع والألم ليرق على الضعيف فيرحم الجائع".
تذكُّر الآخرة:
فقد روي عن الامام الرضا (عليه السلام) تيبان حكمة الصوم بقوله "لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش فيستدلوا على فقر الآخرة".
الصّبر على الطاعة:
ويكمل الامام الرضا (عيله السلام) الحديث السابق بقوله: "...وليكون الصائم خاشعاً ذليلاً مستكيناً محتسباً عارفاً صابراً لما أصابه من الجوع والعطش...".
التحرُّر من سيطرة الشهوات:
ويكمل الامام الرضا (عليه السلام) بقوله: "مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات...". فالصوم يُعرِّف الانسان بقدرته على السّيطرة على شهواته وعاداته لينظّمها هو كما يريد بدل أن تجرفه هي إلى حيث تميل.
التذلّل إلى الله تعالى:
فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "وعن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات ومجاهدة الصيام في الأيام المفروضات، تسكيناً لأطرافهم، وتخشعاً لأبصارهم، وتذليلاً لنفوسهم، وتخفيضاً لقلوبهم، وإذهاباً للخيلاء عنهم، ولما في ذلك من تعفيرعتاق الوجوه بالتراب تواضعاً، والتصاق كرائم الجوارح بالأرض تصاغراً، ولحوق البطون بالمتون من الصيام تذلّلاً".
تثبيت الاخلاص:
وهذا ما ذكرته سيدة نساء العالمين (عليها السلام) في خطبتها المعروفة قائلةً: "جعل الله الصيام تثبيتاً للاخلاص". ففي الصوم خصوصية بين العبادات عَبَّر عنها أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: "الصوم عبادة بين العبد وخالقه لا يطّلع عليها غيره ...".
فبالصوم يشعر الإنسان أنه مراقبٌ من الله تعالى ـ ولو كان وحيداً ـ مما يثبت حالة الاخلاص لله لنفسه، ومع مراعاة الأدب الباطني يشعر الصائم بالأنس مع الله تعالى فيعشق عبادته ليكون أفضل الناس كما حدَّثنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقوله: "أفضل الناس من عشق العبادة، فعانقها وأحبّها بقلبه وباشرها بجسده وتفرّغ لها فهو لا يُبالي على ما أصبح من الدنيا على عسر أم على يسر".
اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والعافية المجللّة، ودفاع الأسقام، والرّزق الواسع، والعون على الصلاة والصيام والقيام وتلاوة القرآن، اللهم سلمنا لشهر رمضان وتسلمه منا وسلمنا فيه، حتى ينقضي عنّا شهر رمضان وقد عفوت عنّا وغفرت لنا ورحمتنا يا أرحم الراحمين.
والحمد لله رب العالمين
أمانة برامج الجوالة والكشافة
1758قراءة
2016-01-20 19:23:01