12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

الصلاة >> بيان القائد دام ظلّه الموجّه الى الملتقى السنوي الخامس لإقامة الصلاة

بيان القائد دام ظلّه الموجّه الى الملتقى السنوي الخامس لإقامة الصلاة

بيان القائد دام ظلّه الموجّه الى الملتقى السنوي الخامس لإقامة الصلاة (تبريز) ـ 5/9/1995
بسم الله الرحمن الرحيم
منذ بضع سنين، ومثل هذه الأيام، تعدّ موسم الصلاة في بلدنا، أي أنّ أرجاء البلد تكون معطّرة فيه بذكر واسم الصلاة، وأصحاب البصيرة والإيمان يتحدثون بلهف ونشاط حول الصلاة، ويدعون لها ويجاهدون لإقامتها في كل مكان.
وإنه لسعي مبارك ينبغي لكل مَن يرغب في حياة إسلامية طيّبة وعيش تحت ظل الحق والعدل أن يباركه ويعين على استمراره.
إنّ إقامة الصلاة من أوجب الفرائض في بلد رفع راية الإسلام خفّاقة ويفخر بحكومة الإسلام، لأنّ كل أهداف المجتمع السعيد من قبيل:
تحقيق العدالة الإجتماعية، وبلوغ الرفاهية العامة والإزدهار المادي، وتنمية القابليات والإبداعات لدى أفراد الشعب، والتمتع بالعلم والمعرفة والخبرة، والإستقلال والإقتدار الوطني، وإشاعة الأخلاق الإنسانية والعلاقات السليمة بين أفراد الشعب، وسائر الأهداف السامية
إنما تتحقق تحت ظل التربية الذاتية والتهذيب الأخلاقي لدى أفراد الشعب، ولا سيما المسؤولين عن شؤون البلاد. وبوجود أناس أطهار في ذلك المجتمع يتمتعون بالعزيمة والتوكل والإخلاص والصبر والسعي الحثيث يتمكنون، وبمعونة هذا الرصيد الروحي من تحمّل الأعباء الثقيلة، والوقوف بوجه العقبات المختلفة، ولا سيما أمواج الفساد والدمار. وكلما ازداد عدد هؤلاء في مجتمع ما وبلد معيّن، إتّسعت آفاق مستقبل ذلك المجتمع وذلك البلد، وازدادت إمكانية وسهولة الوصول الى السعادة فيهما.
ومما ذكرنا، تتضح أهمية الصلاة، وأحد أسرار الدعوة الى المواظبة عليها في التعاليم الإسلامية، لأنّ الصلاة أفضل وسيلة لبلوغ أفراد المجتمع المسلم التهذيبَ الأخلاقي والسموَّ الروحي والمعنوي.

إنّ للصلاة ثلاث خصائص رئيسية لها الدور الأساس في تهذيب النفس وتربية الروح:
الأولى: إنّ الصلاة، بهيئتها المحدّدة في الإسلام - أي الحركات والأذكار المخصوصة - تدعو المصلّي - بصورة طبيعية - الى الإبتعاد عن الذنب والرذيلة [إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر]، هذه الدعوة المستمرة لها القدرة على إنقاذ أي كان من المستنقعات وأن تسمو به.

الثانية: الصلاة تحيي في المصلّي روح العبودية والخضوع أمام ساحة الباري (تعالى) المحبوب الحقيقي والفطري لكل إنسان، وتزيل عن هذه الحقيقة الساطعة المودعة في أعماق فطرته غبار النسيان.

الثالثة: تزرع في قلب وروح المصلّي تلك السكينة وذلك الإطمئنان، اللذان يعتبران الشرطين الأساسين للنجاح في جميع ميادين الحياة، وتبعد عنه التزلزل والإضطراب اللذان يعتبران مانعاً كبيراً في طريق السعي الجادّ في التربية الأخلاقية.
وكل واحدة من هذه الخصائص الثلاثة جدير بالتدبر والإمعان، لتتّضح من خلاله الكثير من معارف الصلاة.
وعندما نرى الصلاة بهذه الخصائص، وبتأثيرها الإستثنائي، وسعة دائرتها، حيث إنّها تشمل كل المجتمع الإسلامي - أي يجب على الجميع أداء الصلاة تحت أي ظرف وفي أي مكان كانوا - ولم يخرج أحد عن دائرة هذه الفريضة الإلهية أبداً، فحينها ندرك مدى تأثيرها البالغ في تحقيق السعادة لشعب ومجتمع ما.

والحقيقة أنّه متى ما شاعت الصلاة بكل شروطها بين فئة من الناس، فإنّ هذا الواجب الإلهي بعينه سيرفعهم تدريجياً نحو كل أشكال السعادة وإقامة صرح الدين في حياتهم.
ولا يفوتنا القول إنّ كل هذه تتعلق بتلك الصلاة التي تقام بروحها، أي مع الإنابة وحضور القلب، فمثل هذه الصلاة تجعل المصلّي متناغماً ومتماشياً مع عالم الخلق كله، وتفتح السبيل أمام تطبيق السنن الإلهية في الطبيعة والتاريخ، لأنّ عالم الخلق كله - وفق الرؤية الإسلامية - في حالة تسبيح وعبودية للحق تعالى [يسبّح لله ما في السموات والأرض].

وصيتي الأكيدة للجميع، ولا سيما الشباب، هي الأنس بالصلاة والإلتذاذ بها، أي أن يقيموا الصلاة، مع فهم لمعانيها، وشعور بالحضور لدى حضرة الرب المتعال (جلّت عظمته)، وأن يسهّلوا بالممارسة هذا العمل على أنفسهم، ليتمكنوا من الإتيان بالنوافل، لا سيما نافلتي الصبح والمغرب أيضاً. وإن كان بين الأرحام والأقرباء والأصدقاء مَن حرم نفسه من فيض الصلاة، فليردعوه عن ارتكاب هذا الذنب الكبير والخسارة العظمى، وليكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة. طبعاً على الآباء والأمهات مسؤولية أكبر تجاه أبنائهم، لا سيما الأحداث.

إنني قدّمت في كلمتي الى ملتقيات الصلاة في السنين الماضية توصياتٍ الى مسؤولي الدوائر المختلفة بخصوص الصلاة. فمن المناسب تشكيل هيئة من هذا الملتقى لمتابعة تلك التوصيات، وإعداد تقرير بكيفية ومدى تحقيق تلك المطالب.
وأخيراً، مع دعائنا للأعزاء القائمين على مسألة الصلاة، نرجو من الله قبول مساعيهم، وأن تكون بعين ولي الله الأعظم (أرواحنا فداه وسلام الله عليه).

 

 

الأنشطة الثقافية
1608قراءة
2016-01-07 09:04:21

تعليقات الزوار


H@ss@n @l @w@d