روح مقام التوكّل

هو باب من أبواب الرّحمة الإلهية فتحه الله سبحانه لعباده ليناجوه ويسألوه بما أرادوا.... وليبثوا إليه عزّ وجلّ همومهم وشكواهم وطلباتهم تعبيراً عن الحب والرّجاء والأمل، وهو القائل: "قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم" سورة الفرقان، آية77.

هو فسحة للعبد مع خالقه الذي يعطي من سأله ومن لم يسأله تحنناً منه ورحمة.

إنه القنوت... إحدى أهمّ المستحبات المؤكدة التي ينبغي أن لا تترك... ولعلّ الكثير من الناس عرّفه على أنّه واجب...

فيه تُرفع اليدين حيال الوجه، ويُبسط باطن الكفين نحو السماء، مضمومتي الأصابع إلا الإبهام، ليُخاطب العبد ربه مقبلاً عليه في كل ما يريد، منتظراً الإجابة، مستطعماً كالمسكين، باكياً أو متباكياً... يدعو بما يشاء وأفضله المأثورات...

ولعلّ أفضل الأدعية فيه هو دعاء الفرج، ودعاء "يا من أظهر الجميل"، وكل الأدعية التي تُظهر عبودية العبد السالك وتعزز أنسه وخلوته.

وقد روى الصّدوق رحمه الله تعالى: "أطولكم قنوتاً في دار الدّنيا، أطولكم راحةً يوم القيامة".

إنّ مقام القنوت بنظر الإمام الخميني (قده) كمقام السّجود، فذاك توجّه وإقبال على ذل العبودية وتذكر مقام عز الربوبية، وهذا إقبال على العز الربوبي وتذكر عجز العبودية وذلها. وكما أنّ السجود مقام فناء العبد وترك الغير فالقنوت مقام الانقطاع إلى الحق وترك الاعتماد على الغير وهو روح مقام التوكل.

ولا تنسوا ... في القنوت بل في كل دعاء:

1. قول الله تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان سورة البقرة 186.

2. وقول نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله): "من تمنى شيئاً وهو لله عز وجل رضىً، لم يخرج من الدنيا حتى يُعطاه".

3. وقصة البزنطي: الذي قال قلت لأبي الحسن (عليه السلام ) جعلت فداك إني قد سألت الله حاجة منذ كذا وكذا سنة وقد دخل قلبي من إبطائها شئ فقال يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيل حتى يقنطك إلى أن قال ؟ إن صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل فأعطى طلبه غير الذي سأل وصغرت النعمة في عينه فلا يشبع من شئ وإذا كثر النعم كان المسلم من ذلك على خطر للحقوق التي تجب عليه وما يخاف من الفتنة فيها أخبرني عنك لو أني قلت لك قولا كنت تثق به مني ؟ فقلت له جعلت فداك إذا لم أثق بقولك فبمن أثق وأنت حجة الله على خلقه ؟ قال فكن بالله أوثق فإنك على موعد من الله عز وجل أليس الله يقول " وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان".