برقية الحسين (عليه السلام) "الفتح"
بسم الله الرحمن الرحيم
"من الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) إلى بني هاشم، أما بعد، فإنه من لحق بي منكم استُشهد معي، ومن تخلّف لم يبلغ الفتح".
هذه برقية وجهها الإمام الحسين (عليه السلام) إلى بني هاشم، حينما خرج من مكة متوجهاً نحو العراق.
هذه البرقية تحمل في طياتها عدّة عناوين بارزة، الشهادة، التخلّف، والفتح.
بحسب نص الرسالة، فإنّ الملتحقين هم شهداء، وبالتالي لا انتصار عسكرياً لهم، وعليه فالفتح لا يعني النصر العسكري، إذاً ماذا يعني؟
يقول الله تعالى في محكم كتابه:
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ
ومن الواضح أنّ الفتح في الآيتين بمعنى واحد، هو قرين للنصر الذي منَّ الله تعالى به على نبيه (صلى الله عليه وآله) والمسلمين.
فأي فتح قصد الحسين (عليه السلام) في برقيته هذه، وأي انتصار؟؟؟
التحريف في العقيدة الإسلامية، التغيير في الشريعة الإسلامية، التشويه في القدوة الأصيلة، تفريق المجتمع الإسلامي، إرهاب الناس، هي سياسات اتخذها معاوية عشرين سنة في المجتمع الإسلامي.
عشرين سنة مضت على حكم معاوية ضلل فيها المجتمع محرِّفاً في عقيدته، مغيِّراً في أحكامه، مشوّهاً صورة القادة الحقيقين له، مفرّقاً أبناءه، مسلطاً سيفه على كل من عارضه، مرهباً كل من لم يوالِه.
وانقسم المجتمع إلى قسمين، فمنهم من أثرت فيه سياسة التضليل الديني، فاتخذ معاوية قدوته الأولى. وآخرون لم تؤثر فيهم، لكنّ الإرهاب والقتل والتشريد أخذ فيهم كل مأخذ، فأصبحوا مهزومين هزيمة يصعب تصورها.
هذا هو حال مجتمع السنوات العشرين.
إنه مجتمع مضلل، مخدّر، مفرّق، خائف... والسبب هو إغلاق العقول والقلوب.
إغلاق للعقول نتيجة التضليل، وإغلاق للقلوب نتيجة الخوف.
أمام هذا الخطر العظيم على دين الله تعالى ورسالته الخالدة رأى الحسين (عليه السلام) أن فتح العقول والقلوب لن يتم بواسطة الخطابات والمواعظ، بل لا بدّ لتحقيق الفتح من التضحية بالأعز، التضحية بالنفس وبأهل البيت وبالأصحاب، لا بد من تقديم ذلك كله مع دموع اليتامى وسبي النساء في مسار المذبح الإلهي المقدّس.
واستطاع الإمام الحسين (عليه السلام) من خلال ذلك ومن دون نصر عسكري، أن يحقق الفتح الثاني لعقول الأمة وقلوبها.
إنه ليس انتصاراً عسكرياً، بل هو فتح لولاه لما بقي الإسلام.
- هو فتح يَدين له كل خير في الإسلام حصل بعده.
- هو فتح يرجع إليه كل فضل في الإسلام حدث بعده.
- هو فتح أسس لجهاد المجاهدين، وشهادة الشهداء بعده.
- هو فتح يعود بسببه إلى الفاتحيين الكربلائيين ثواب كل عمل صالح كان رهناً ببقاء الإسلام.
لقد صدق الحسين (عليه السلام) حينما أرسل لبني هاشم: "من تخلّف لم يبلغ الفتح".
فمن تخلف حرم نفسه من الفتح، حرم نفسه أن يكون من الذين لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحق بهم من جاء بعدهم. حرم نفسه من ثواب جارٍ ما دام الإسلام، وكرامةٍ ما بعدها كرامة.
ويبقى السؤال:
لماذا تخلفوا هؤلاء ليحرموا أنفسهم من هذه الكرامة؟؟؟؟؟؟
الأنشطة الثقافية
1118قراءة
2016-01-07 15:31:24