إرادة الشهادة ونداء الشهداء
نبارك لصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وللإمام الخامنئي دام ظله الوارف ولكل المجاهدين، ذكرى ولادة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه وذكرى ميلاد الإمام زين العابدين عليه السلام وأبي الفضل العباس عليه السلام، راجين من الله سبحانه وتعالى أن يمن على شهدائنا بالرحمة وعلو الدرجات، وعلى جرحانا بالشفاء العاجل، وعلى المجاهدين في المقاومة الإسلامية بالنصر المؤزر.
الشهادة هي إنجاز إنساني يقوم على أساس اعتناق قضية تتجاوز الشخص والعائلة والمصالح الخاصة، لتكون قضية التزام لمصلحة الدين و الأمة، وهي اختيار إلهي رباني، حيث ينظر الله إلى عباده المؤمنين والمجاهدين في سبيله فيختار منهم الأصفى سريرةً، والأنقى طهارةً، والأكثر إيماناً وإخلاصاً، والأشد حباً لله، فيتخذه شهيداً وخليلاً وحبيباً ورفيقاً في المحل الأعلى، حيث لا عَينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خَطَرَ على قلبِ بشر, والشهادة هي أشرف الموت، وأرفع البر، وأفضل الرزق، وخير الختام، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "فوق كل ذي برٍّ برٌ، حتى يُقتل الرجلُ في سبيل الله، فإذا قُتل في سبيل الله عز وجل فليس فوقَهُ برّ " و "إنَّ أشرفَ الموت قتلُ الشهادة".
ولذلك فإن أعظم شرف وأعظم وسام يمكن أن يحصل عليه إنسان ما هو أن يكون شهيداً، وإنّ من أفضل مواقف الانسان أن يكون حياً ينتظر الشهادة، ويحمل إرادتها ومشروعها، ويسعى نحوها، ويندفع إليها كاندفاع ذلك الصحابي الذي كان في يده قبضة من التمر يأكلها في أحد، فقال وقد احتدم أوار المعركة: "لا يفصلني عن الجنة إلا هذه التمرات"، ثم ألقاها من يده، وشهر سيفه وانخرط في القتال.
ويعتبر الإمام القائد دام ظله الوارف أن للشهداء موقفين في منتهى الروعة والعظمة، وكل واحد منهما يحمل في طياته نداءً عميقاً:
- أحدهما: موقف من الإرادة الإلهية المقدسة، وإزاء دين الله وعباده الصالحين.
- والآخر: موقف أمام أعداء الله.
ويقول دام ظله: "ولو أنكم وضعتم موقف الشهيد ومعنوياته ودوافعه موضع التمحيص والدراسة لاتضح لكم هذان الموقفان".
أما الموقف المتعلق بالله وأوامره وعباده، فيتلخص بالإيثار والتضحية، فالشهيد آثر وضحّى لله بمعنى أنه أنكر ذاته ولم يدخلها في الحسبان لأنه كان يتطلع إلى أوامر الله ومصالح عباده وبلوغ الدرجات العالية والأهداف الكبيرة، وهذا أول موقف للشهيد، فلو أنه أقحم نفسه في الحسابات واحتفظ بحياته ولم يخاطر لمَاَ بلغ هذه المنزلة.
وأما الموقف المتعلق بأعداء الله فهو: الصمود والثبات المطلق بوجه العدو، وعدم خشيته، وعدم التهيب منه، أو الانفعال أمامه. فقد مثل الشهداء على مر التاريخ وإلى يومنا هذا أروع صور الثبات والشجاعة في مواجهة العدو، وكانوا كما قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾.
وثمة نداء آخر يتحدث عنه الإمام القائد دام ظله الوارف فيقول: "نداء الشهداء يدعو إلى عدم الانصياع لهواجس الغنائم والمكاسب الدنيوية، هذا هو نداؤهم لي ولكم ولجميع من يكرّم هذه الدماء الطاهرة، لا تنظروا إلى من يعصي ويتجه إلى جمع الغنائم ﴿لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ عليكم بأنفسكم ولا يشغلنكم من اختار طريق الغواية ".
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
مهدي
1477قراءة
2016-01-20 21:29:55
doha tarhini |