الشهادة في سبيل الله
فضل الشهادة
الشهادة هي بذل النفس وترك الدنيا بكل ما تحويه من إغراء ومن عناصر جذب وتعلق ولذلك كانت الشهادة في سبيل الله عز وجل وسيلة من الوسائل التي يمكن للإنسان من خلالها التقرب إلى الله تعالى ونيل المقامات الرفيعة لديه.
أن الإنسان الذي يقدم روحه لأجل قضية يحملها هو إنسان لا تنتهي حياته بالقتل فهو يستحق الحياة الحقيقية فالشهداء هم الأحياء الحقيقيّون هم،أحياء عند ربهم وفي ضمير ووجدان أمتهم (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَات بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ )1.
وإن لمقام الشهادة في سبيل الله أجراً كبيراً وفضلاً عظيماً؛ فعن أمير المؤمنين عليه السلام فطوبى للمجاهدين في سبيله والمقتولين في طاعته2.
وعن رسول الله: الشهداء عند الله على منابر من ياقوت في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله وعلى كثيب3 من مسك فيقول لهم الله ألم أوف لكم وأصدقكم؟ فيقولون بلى وربنا4.
أهمية الشهادة
إنّ حبّ الشهادة عنصر من عناصر قوة المسلمين في كل العصور لأنّ من يؤمن بعالم الغيب وأنّ وراء هذا العالم عالماً آخر يثاب فيه ويؤجر فإن عزيمته تشتدّ تبعا لهذا الاعتقاد واليقين، ولهذا فإن أكثر ما يخاف منه أعداء الإسلام هو مسألة حب الشهادة لدى المسلمين فإن من تكون عقيدته هكذا لا يخيفه العدو بقتله لأنه هو الذي سعى للموت بقدميه وغايته العظمى أن يَقتل ثم يُقتل وبذلك يكون قد زرع بدمائه القدوة وأثار في القلوب الوالهة إلى لقاء الله الحماسة والشجاعة.
كيف نصل لمقام الشهادة؟
لكي يصل الإنسان المؤمن لمقام الشهادة في سبيل الله عز وجل، لا بد له من أن يسلك طريقا مختلفا عن طرق الآخرين وهو طريق ذات الشوكة،الذي لا يعرف المهادنة في الحق، ولا المساومة على الأحكام الإلهية، ولا يرضى بأنصاف الحلول لنيل الحرية، فالإخلاص لله تعالى أول الطريق، والتسليم لقضائه والالتزام بالتكليف الشرعي ومراقبة النفس على الدوام والعزم والإرادة والصبر وسائر الصفات الخلقية السامية، هي مقدمات يصل الإنسان من خلالها لنيل التوفيق الإلهي للشهادة.
إذاً الشهادة ليست أمراً عادياً فليس كل من سعى فإنه يصل.
وبعد ذلك كله يحتاج الإنسان إلى الدعاء والطلب من الله عز وجل أن يرزقه إياها فإنه حينئذ ولو لم ينل الشهادة في الدنيا فلا يحرم ثوابها في الآخرة، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه5.
فطلب الشهادة من الله عز وجل أمر مهم لمن أراد أن ينال هذا الشرف والمقام الرفيع حيث روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل6.
إلا أنه لا بد من الإلتفات إلى أن الشهادة في سبيل الله تعالى ليست الهدف الحقيقي للمؤمن بل هي الوسيلة التي توصل إلى رضا الله تعالى عن الإنسان ومعناها بيع النفس في سبيل الله تعالى يقول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوف بِالْعِبَادِ)7 فالهدف الأساسي للإنسان المؤمن هو أن يصل إلى الله تعالى، وبما أن الشهادة وبذل النفس في سبيله هي من السبل السريعة الموصلة إليه فإن أولياء الله تعالى يتمنونها.
من كتاب زاد المجاهدين.
________________________________________
1- سورة البقرة، الآية: 154.
2- ميزان الحكمة، الحديث 2681.
3- الكثيب: هو تلال الرمل صحاح الجوهري).
4- كنز العمال، الحديث 11100.
5- ميزان الحكمة، الحديث 9787.
6- ميزان الحكمة، الحديث 9759.
7- سورة البقرة، الآية: 207.
مهدي
1941قراءة
2016-01-20 23:26:56