حفظ الأسرار
الأغراض
يذكر 5 أحاديث تركّز على حفظ الأسرار وعدم إفشائها.
مقدمة
روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: يحشر العبد يوم القيامة وهو يدمي دما فيدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك فيقال له : هذا سهمك من دم فلان ، فيقول يا رب إنك لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دما ؟ فيقول : بلى سمعت من فلان رواية كذا وكذا ، فرويتها عنه، فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها ، وهذا سهمك من دمه.
الكتمان سبب النجاح:
إن من أقوى أسباب النجاح، وأدوم أحوال الصلاح، وأدل شيء على سعة النفس، وغزارة العقل كتمان السر، فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «أنجح الأمور ما أحاط به الكتمان، من كتم سرّه كانت الخيرة في يده».
وعنه عليه السلام : «سرّك أسيرك فإن أفشيته صرت أسيره».
ومما أوصى به بعضهم: كن على حفظ سرك أَحفظ منك على حقن دمك، فكم من إظهار سر أراق دم صاحبه، ومنع من نيل مطالبه، ولو كتمه كان من سطواته آمناً، ومن عواقبه سالماً، ولنجاح حوائجه راجياً.
هذا فيما يتعلق بإفشاء المرء لأسراره الشخصية والبيتية التي لا ترتبط بالآخرين، وأما ما يتعلق بهم فلا شك أن كشف أسرارهم التي أودعوها عنده أقبح من كشف سر نفسه، لأن الذي يبدي سرّ غيره ويفشيه يبوء بوصمة الخيانة والنميمة.
ويتأكد الاهتمام بالمحافظة على الأسرار أكثر كلما كانت ترتبط بقضايا خطيرة كالتي تعني شؤون العمل الجهادي من قبيل الخطط العسكرية، ومواضع تواجد المجاهدين، والمقدّرات الميدانية وما شابه هذه الأمور، ويعتبر البوح بها إلى الغير خدمة مجانية إلى الأعداء، كما يصبح المتهاون بها شريكاً في كل ظلامة أو سفك دم أو ثغرة ناتجة عن بوحه بالسر المأمور بكتمانه.
معيار حفظ الأسرار:
يقول الإمام الصادق عليه السلام : «لا تطلع صديقك من سرك إلا على ما لو أطلع عليه عدوك لم يضرّك، فإن الصديق قد يكون عدواً يوماً ما».
هذا الحديث يوضح المعيار والميزان الذي على ضوئه يكون الإبداء أو الإخفاء، وهو إن كان اطّلاع الآخر على سرك غير مؤذٍ ولا مضر حتى لو انقلب عدواً أو أوصل السرّ إلى الأعداء فكشف هكذا سر مسموح به، وإلا لو كان إطلاعه عليه مضراً في حالة ما اتصل به عدواً فهو غير مسموح به وإن كانت الصداقة والمودة لا تزال قائمة بينهما، هذا على الصعيد الفردي ومنه نفهم ما هو على الصعيد العام.
لا سيّما وأن أمير المؤمنين عليه السلام يقول: «جمع خير الدنيا والآخرة في كتمان السرّ ومصادقة الأخيار، وجمع الشر في الإذاعة ومؤاخاة الأشرار».
وقيل: صدور الأحرار قبور الأسرار.
الثقة أمين السرّ:
هناك أمور تعتبر أسراراً مهمة تخصنا لكن لا نستغني فيها عن مساعدة صديق أو استشارة ناصح، أو معاونة إنسان حاذق عارف بكثير من مفاصل الحياة وبلاءاتها، فإذا كان لا بد لنا أن نودع أسرارنا لدى شخص يحمل مواصفات تساعدنا على بلوغ أهدافنا وإنجاح أعمالنا، لما يمتلك من مؤهلات قد يفتقدها البعض منّا، فكيف نختاره ليكون أميناً على ذلك؟
يجيبنا والد الشيخ البهائي (رض) قائلاً: «فليختبر العاقل أميناً جليلاً إن لم يجد إلى كتم السرّ سبيلاً، وليتحرّس في اختيار من يأتمنه عليه كل الاحتراس، فليس كل من كان على الأموال أمين كان على الأسرار أميناً، لأن العفة على الأموال أيسر من العفة عن إذاعة الأسرار، بدليل أن المرء قد يظهر سره في غير محله بمبادرة لسانه، ويحترز في ذلك على اليسير من ماله، فلهذا كان أمناء الأسرار أشد تعذراً وأقل وجوداً من أمناء الأموال».
ومن صفات أمين السرّ:
أن يكون ذا عقل راجح، ودين صالح، ونصح مبرور، وود موفور، كتوماً بالطبع، ثقة لا يكذب يخشى ربه في الخفاء والعلانية.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام : «لا تودع سرّك إلا عند كل ثقة».
وينبغي أن يكون شديد الحرص في إخفاء السرّ كما أنشد بعضهم:
ومستودعي سراً تبوأت كتمه فأودعته صدري فصار له قبراً
وقيل لبعض الحكماء: كيف حفظك للسرّ فقال: أنا قبره.
من لا ينبغي إيداع السرّ عندهم:
1 الجاهل الأحمق:
عن أمير المؤمنين عليه السلام : «لا تسرّ إلى الجاهل شيئاً لا يطيق كتمانه».
وفي الحديث: «إن قلب الأحمق في فمه ولسان العاقل في قلبه».
2 الخائن:
فيما روي: «لا تودعنّ سرّك من لا أمانة له».
3 النمّام.
وفي الختام
قال الصادق عليه السلام : «سرّك من دمك فلا تجريه في غير أوداجك».
وقال عليه السلام : «صدرك أوسع لسرّك» ومما روي: «المرء أحفظ لسرّه».
برامج
1776قراءة
2015-11-20 18:08:25