12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

المواهب >> التذوق الفني

التذوق الفني

 


إن التذوق ليس مجرد عملية تقبل سلبي, وإنما يفترض القيام بعمليات إيجابية, تساعد على الإختيار والإنتباه لعناصر الجمال وخصائص العمل الفني وان تذوقنا للعمل الفني يعتمد على خبرتنا, والمتذوق للعمل هو خالق من وجهة نظر أخرى.
اول خطوة في مجال التذوق الفني هي اننا لا نكتفي بالنظرة العابرة للعين, بل يجب ان نعيش في الاشياء التي نلاحظها ونشاهدها امامنا.
والتذوق هو عملية إتصال وتواصل بين الجمال والفنان وبين المتذوق او المستمع بها, وان حكمنا على الأعمال أياً كانت (لوحة,مسرحية,فيلم,معزوفة موسيقية...) بالجمال, معناه اننا قد نفذنا الى دواخل هذا الابداع وتذوقناه, وحدث نوع من التلاقي وهكذا يعيش المتذوق تجربة المبدع, وتجربة إبداع العمل .
وذلك يتطلب تربية معينة, لتدريب حاسّتي السمع والبصر اللتين نعتمد عليهما في الاحساس بالجمال.

اما الشروط التي تتحكم في عملية التذوق فهي:
البيئة , الزمان , الجنس ,التربية, الشخصية الفردية او المزاج الخاص.
1-البيئة: هي العصر والظروف , وهي اجتماعية- ثقافية.
2-الزمان: وهو الحضارة, التطور, الرقي.
3-الجنس: وهو العادات ,الطبائع المشتركة, السمات المتوارثة عند البعض.
4-التربية: داخل الاسرة وخارجها.
5-الشخصية.


إذا المشاهد يبدأ من حيث ينتهي الفنان, فالفنان يخلق هالة بصرية لتصبح بدورها موضوع مادة لاستجابة المشاهد او رد فعله, وبهذا المعنى, فان الفنون البصرية قد تقوم مقام اللغة, فالفنان هو مصدر الايصال. والعمل الفني هو الوسيط, والمتلقي هو المشاهد, ولكي يحصل التفاهم بين الثلاثة... لا بد من طرح موضوع المتعة الجميلة والاستماع والتأمل.
فعندما اتمتع بمشد غروب الشمس الجميل فأنا احس بالرضا بالتأمل فيه, وقد يتطلب الامر تدريباً قصيراً ليحقق الفرد الإستجابة لمنظر غروب الشمس, او الوان الحقل, او الجبل,أو الغيم, وهناك اختلافاً بين وعينا للمعلم المستند الى هذه المعلومات ( الإدركات).
وتدلنا الإختبارات على ان الاحساسات التي نتلقها لا تعني شيئاً إلا إذا عرفنا كيف ننظمها (في إدراك منسق) فالاحساس هو وجه واحد للإدراك, ان ادراك الشيىء يتطلب من المشاهد ان ينتقي ما يلائمه من الاحساسات الكثيرة التي تنقل اليه في وقت واحد.
فالطفل يتعلم كيف يميز ابويه, وهو يتعلم بعد ان يتعثر ويسقط مرة وأخرى.
ولنبتعد قليلاً, قد تبدو لوحات بيكاسو وبراك التكعيبية غريبة ومغايرة إلا ان المتلقي يعيش مشاهد يومية, وصار لديه افكاراً ومعارفاً, وتجربة تتغير بإستمرار,فإذا تملك واستطاع تفحص العمل الفني والتمتع به إستجاب لإبداع الفنان, وإلا سيبقى العمل الفني لغزاً حتى يحين الوقت الذي يستطيع الاستجابة له.
والسؤال هو يوجد معيارا قادرا على وضع قيم مطلقة في مجال الجماليات.
لقد شغلت هذه القضية الفلاسفة لكن اياً منهم لم يتوصل الى احكام مرضية, فالتذوق الفني ينبغي ان يكون تحقيق تجربة جمالية, ولكي يتعلم الانسان لغة الفن عليه ان ينظر الى الفن وان يتفاعل معه لا ان يحكم عليه.

وتجدر الإشارة ان التذوق الفني والخبرة الإبداعية تمر ايضا بمراحل وهي:
1-مراحل الاستعداد
2-الاختمار
3-الاشراق
4-الامتلاك


أهمية دراسة التذوق عند المبدع:

ان وضع هذا العنوان هدفه وضع المتلقي مقابل المبدع, فالمبدع أثناء عمله إنما يمر بخبرة تكاد تكون مماثلة لتلك التي يمر بها المتلقي ونرى ان المبدع هو اول المتلقين, لانه يتذوقه بتفاصيله.
كما أن الذاتية والموضوعية تمتزجان معاً عند المبدع, وموقفه يشبه موقف الفيلسوف وهذا له وجهة نظر متسقة تتعلق بالحياة ولكنهما يفترقان في النتائج, الفيلسوف له حكم وقانون بينما المبدع لا يدعي الصح او الخطأ لان الفن ينطلق من المشاعر نحو الخيال, ونلاحظ ان الشاعر يتوجه نحو اشياء العالم, لا يكون إفطاراً عنها, بل ليكتشفها, وذلك بنفسه وهو ينظر اليها, أي اننا بازاء مبدع يتوجه نحو الواقع, وهو يلاحظ في هذا الواقع اشياء قبل ان تكون هذه الاشياء معان وافكار.

خلاصة:

ان التذوق الفني, هو عملية اتصال communication وعملية الإتصال,تقتضي طرفين:
أحدها هو: المرسل
والثاني هو: المتلقي

بينهما قناة للتوصيل ورسالة محمولة على هذه القناة وهناك نظريات متعددة حول موضوع التذوق الفني:

- نظرية الدوافع المحركة لعملية التذوق.
- ونظرية التحليل النفسي باعتبار أن التذوق نوع من التسامي.
-ونظرية المعلومات, المتوقفة على نوع وكمية وخصاص المعلومات.

الإطار المرجعي للخبرة الفنية:

قبل الحديث عن الخبرة الفنية نلاحظ ان الانسان لدية من الخصائص ما يجعله قادراً على تلقي الرسالة, وهو حين يتلقى الرسالة لا يشبه غيره من الناس, فلكل منا اسلوبه الخاص في تلقي الاعمال الفنية, وهناك تشابه وإختلاف في الخبرة الفنية, هذا ما يميز الانسان عن غيره, ومع ذلك نرى ان لكل انسان إطاراً مرجعياً يعتمد عليه, ونعني بذلك اسلوباً في تلقي الحياة والتعامل معها ولكل منا حالة نفسية او طاقة وهي تتكون لدى الانسان على مدى حياته وتكون مسؤولة عن تصرفاته ودفعها في اتجاه ما, وهي تتكون من أربع جوانب.
1-الذهني: استعدادت عقليته ذهنية معرفية
2-الوجداني: خصائص إنفصالية, ميول, قيم وإتجاهات
3-الجمالي: استعدادات جمالية, حب الإستطلاع, ميل نحو الفن.
4-الاجتماعي: تيارات ثقافية, حركات اجتماعية, حرية سياسية, اقتصاد, واجبات, نماذج الخ.


الواقع الخارجي ومنبع الخبرة:

يلتقي هذا المنبع مع ذات المبدع, اي أنه يلتقي مع خبرة داخلية ذاتية. ولا شك ان المبدع وهو يعمل, لا يكون هو ذلك الفرد الذي نتعامل معه في واقع الحياة, انه كائن آخر في لحظة العمل, يبحث عن اللذة, او اكتشاف المساحة المضاءة .
إن مايكل انجلو يقول " ليس فن النحت هو تشكيل قطعة صخر صلبة, لكنه تحرير للشكل من سجن الصخر. وحيث يقرر المبدع الانتهاء من عمله يسعى الى إطلاع الآخرين على عمله فيطلب منهم إبداء الرأي,واذا لم يلقوا الإستحسان يصابون بالحزن والاسف, ولكن العمل الفني لا يبدأ إلا حين يشترك مع مبدع من الطرف الآخر.

فنون
2002قراءة
2016-01-12 20:36:38

تعليقات الزوار


نورالهدى