مقدمة:
إن كان أصل الشجرة المعمرة بذرة، وأساس الصرح الشامخ المتعالي صخرة، ونبع المحيطات الواسعات قطرة، فأنتم يا أفواج جمعيتنا الأصل والأساس والصخرة الصلبة التي نستند إليها كل حين، و أنتم البذرة التي تزرع في صدورنا الأمل و التفاؤل كل موسم، وترويها كل يوم قطرات عملكم الجبار المخلص لوجه الله تعالى.
ولأننا نؤمن بأهمية دوركم ووجودكم، يسرنا في مفوضية الفنون والمواهب أن نضع بين أيدي أمناء الفن والنشاط في أفواج جمعية كشافة الإمام المهدي(عج) إصدار "ألوان", وهي النشرة الفصلية الدورية التي تعنى بالأنشطة و المجالات الفنية المتنوعة، تتناول في كل عدد موضوعاً فنياً محدداً، تعالجه بطريقة تربوية ممنهجة قابلة للتطبيق الفعلي, وتضعه في قالب سلس وجذاب.
تمتاز نشرة "ألوان" أنها تلبي كافة الإحتياجات الفنية للأفواج، ولها قابلية عالية في التنفيذ بسهولة.
إن مفوضية الفنون والمواهب تأمل ومن خلال إصدارها لهذه النشرة، رفع المستوى الفني لدى العناصر والأفواج الكشفية، كما أنها تتطلع إلى أن تشكل هذه النشرة مادةً ومرجعاً فنياً لكل القادة المهتمين في هذا المجال وبالأخص أمناء الفن والنشاط.
أما نشرتنا الاولى فهي حصيلة ورشة فنية صغيرة أقمناها لمدة أربعة أيام, شارك فيها أطفال من مختلف الأعمار (5-12 سنة) ومن أفواج مختلفة, سعياً منا لتكون مقومات هذه النشرة من نتاجات أطفالنا أنفسهم.
صورة رقم1 : صورة عامة للورشة
عندما يعبر الأطفال:
الرسم بالنسبة للطفل لغة ، ووسيلة للتعبير .وان عرفنا كل مفاتيح هذه اللغة، سنتفهم عالم أطفالنا, وكيف سنتعامل معهم.
"فالشخبطة" هي النظام الذي يبدأ به كل طفل مفاهيمه التشكيلية,وهي القاموس الأول الذي من خلاله يظهر الخط والدائرة والمثلث وشتى أنواع الأشكال,هي لغة الشكل الذي يخاطبنا به.
إذاً... ما هي دوافع الطفل للتعبير الفني ؟
1ـ الإشباع الحسي الحركي .
2ـ التنفيس عن الإنفعالات والمشاعر.
3ـ التعــــبير عـــــن الـــذات .
4ـ الحاجة الى التقدير وتحقيق الذات .
1- الإشباع الحسي - حركي:
يعتمد الطفل في سنوات عمره الأولى على نشاطه الحسي- حركي، لذلك نراه يشخبط على كل ما يراه من أسطح .وهو ينتج شخبطاته الأولى طبقاً لرغبة حركية عضلية, حيث تكون الحركة بداخله تبحث عن متنفساً أو مخرجاً .
والدافع الرئيس لنشاط الطفل في هذه المرحلة هو مجرد المتعة واللذة,
ويعتبر الرسم بحد ذاته مصدرا لشعور الطفل بالمتعة الجمالية والحركية وما ينتج عنه من خطوط وأشكال يولد عنده إحساسا بالرضا والسرور.
2 ـ التنفيس عن الإنفعالات والمشاعر:
يولد الطفل حرا طليقا ثم يتعرض أثناء نموه شيئاً فشيئاً لضغوط الكبار وأوامرهم ونواهيهم داخل الأسرة والمجتمع,وخلال عملية تكيفه
يتعرض لبعض الصراعات والإحباطات وكبت لإنفعالاته ورغباته التي لا تجد طريقا للإشباع .
لذلك يعتبر التعبير الفني وسيلة هامة لتحقيق التوافق الداخلي حيث يسمح للمشاعر والإنفعالات التي يعجز الطفل بالتعبير عنها لفظيا بالإنطلاق . ويشبع له رغباته التي لم تجد فرصة للإشباع .
فالطفل يعكس في رسومه مخاوفه ومشاعره في صور مرئية مستعيناً بالصور البلاغية التشكيلية مثل التصغير والمبالغة والحذف .
صورة رقم 2: رسمة تظهر تصغير الاحجام والمبالغة
3 ـ التعبير عن الذات :
الحاجة للتعبير عن الذات و الإتصال بالآخرين أهم ما يدفع الطفل إلى الرسم .الذي هو شكل من أشكال اللغة قوامها الخطوط والأشكال والألوان والمساحات والرموز الشكلية المرئية . والتعبير بالرسم اقوى وأهم وسائل التعبير غير اللفظية .
وقد أوضح الباحثون أن فن الطفل لغة مرئية يمكن لسائر أطفال العالم قراءتها .لأنها عبارة عن رسائل موجهة الى جميع المحيطين به .
صورة رقم3: أي رسمة
4 ـ الحاجة إلى التقدير وتحقيق الذات:
حاجة الطفل إلى الشعور بالتقدير والإعتبار من قبل المحيطين به من الحاجات النفسية الضرورية, ليشعر بقيمته وفرديته, وهناك صلة وثيقة بين التعبير الفني والذات .لأنه يساعده على تنمية مفهوم ذاته والشعور بالرضا عن النفس. فالطفل أثناء عملية الرسم يتناول مظاهر الحياة والعالم من حوله ويتحكم بها بأسلوب قد لا يتسنى له إتباعه في حياته اليومية المعتادة ، وكأنه يقول : أنا هنا ، أنا موجود .
صورة رقم4: من رسومات الأطفال في يومهم الأول
لرسومات الأطفال خصائص تميزها عن بعضها البعض ، وهي مرتبطة بعمرهم الزمني,حيث تبدأ تقريباً من عمر سنتين وحتى سبعة عشر سنة، أي من مرحلة التخطيط وحتى مرحلة المراهقة .
لذلك علينا إتاحة الفرصة أمامهم للتعبير وإعطائهم التعليمات وتثقيفهم بما يكفي, وتشجيعهم على ممارسة العمل الفني وتوفير الإمكانات والخامات والادوات اللازمة لذلك,
في مراحل العمر الأولى علينا أن نركز في أعمالنا الفنية علىاستخدام أقلام الرصاص وألوان الباستل والألوان الشمعية أكثر من استخدام الفرشاة والألوان المائية لأنها سهلة التحكم,والأطفال عادة يظهرون نوعاً من التقدم في استخدامها .
صورة رقم5: رسومات أطفال ملونة بالباستيل
أما بعض أنواع الألوان المائية كالتمبرا والغواش فنركز على استخدامها في المرحلة ما بين الأربع وسبع سنوات حيث يستطيع الطفل في هذه المرحلة التعبير بطريقته الخاصة وتكون له القدرة على الإنسجام مع خصائص هذه المواد وادراك جماليتها.
صورة رقم6: رسمة ملونة بالغواش
أما في مرحلة ما بعد الثامنة,المرحلة التي ينتقل فيها الطفل من اعتماده على الحقائق المعرفية الى الحقائق المرئية أو البصرية التي يعبر فيها عن نفسه بمحاولته تقليد الحقيقة كما هي, فلم يعد يستخدم الرموز وأيضاً هو لا يعرف شيئاً عن المنظور, الفتاة في رسمه تظهر كالفتاة والصبي كالصبي,في هذه المرحلة من المحبذ لنا أن نعمل بمختلف مواد التصوير (التلوين) لا بل علينا أن ننوع من استخدامنا لهذه المواد وللخامات والأدوات المتنوعة لما لذلك من أهمية في تنمية قدراتهم على التعبير.
صورة رقم7: صورة لصبي يضحك
مرحلة المراهقة,هي مرحلة التحول من الطفولة الى البلوغ,حيث تطرأ تغيرات شاملة في النواحي العقلية, الجسدية, الانفعالية والإجتماعية,وأولى الآثار الناتجة عن هذه التحولات هي قلة الإنتاج وعدم الرغبة في ممارسة الأعمال الفنية, بحيث يصبح المراهقون أكثر حساسية ونقداً لما يرسمونه وعادة ما يحاولون تشبيه رسوماتهم برسومات الكبار, لذلك علينا أن نتفهمهم جيداً وان نتيح لهم جميع الفرص التي ينبغي أن تأخذ بفنهم الى مجراه الطبيعي,فلا بأس بالإنطلاق للعمل بخامات جديدة كالأحجار والأخشاب والمعادن والعجائن المختلفة ومحاولة صياغتها في انتاج فني مبتكر وجديد,والإبتعاد عن الألوان الزيتية لما لها من خصوصية في العمل.
دورنا تجاههم
التربية الفنية هي إحدى الوسائل الهامة المستخدمة في التربية الحديثة(التربية من خلال الفن) والتي من شأنها أن تنشىء الطفل تنشئة اجتماعية متكاملة وتسمح له بالتعبير عن ذاته,كما وأنها تكشف لنا عن موهبته فنساعده على تطويرها في مراحل نموه
صورة رقم8: أطفال من الورشة
المختلفة.ولكي نحث أطفالنا على ممارسة الأنشطة الفنية المتنوعة وننمي أذواقهم يجب أن:
1 ـ نثري بيئتهم بمختلف أنواع الإثارة والتشويق, كتهيئة الخامات والمواد اللازمة للتمييز بين مختلف السطوح كالناعم والخشن, الصلب واللين, الأشكال الصغيرة والكبيرة, الخطوط والألوان...
2 ـ زيادة معلوماتهم عن الفنون والألوان من خلال الرسم والتخطيط والتشكيل . وتشجيعهم على معالجة الموضوعات عن طريق تعمقهم بمعرفة عناصر العمل الفني والتوليف فيما بينها.
4 ـ تأكيد معرفتهم بالمبادىء الأساسية للتصميم الفني من خلال التناغم في التأليف والتوازن في الحركة والتناسق والإيقاع...
صورة رقم9: رسمة تكعيبية
5- تطوير معرفتهم بأعمال فنانين من مدارس مختلفة عن طريق عرض بعض أعمالهم والتعرف عليها وإقامة النقاشات حولها.
صورة رقم10: صورة أثناء عرض الرسومات على الأطفال
6- زيادة معرفتهم بأهمية الفن التشكيلي وأثره في حياتنا وحياة الشعوب.
7- زيادة وعيهم ومعرفتهم بالعالم الخارجي وبالبيئة التي يعيشون بها والعمل على ترقية ذوقهم الفني.
8 ـ احترام الأعمال التي يقومون بها وتقديرها وإن لم تكن بالمستوى المطلوب,لاكسابهم الثقة بالنفس وتجنيبهم الإحباط والقصور.
9 ـ تشجيعم وتقدير أعمالهم من خلال عرض انجازاتهم ومشاركتهم عملية تقييمها.
فنون
4273قراءة
2019-04-02 14:14:21