الفراشة مصدر إلهام الجيش
توصّل عالمان في علم الأحياء, الى معرفة التقنية البالغة التعقيد, التي تعتمدها الفراشة في طيرانها, وكان ذلك بداية تصوّر لطائرة استطلاع هي الأولى من نوعها.
تحت جناح الظلام, وفي مكان ما من وسط أوروبا, كانت مجموعة مسلّحة من الكوماندو, تتهيأ لتفجير أحد الجسور فوق النهر. كان رجالها يتقدمون بوثبات صغيرة وسريعة, تموّه أجسادهم بدلة عمل قاتمة اللون, وتخفي وجوههم خطوط متداخلة بسواد الليل. وكان هؤلاء يتوقفون من حين لآخر, يستشيرون الصمت الذي كان يلف تحركاتهم, ثم يتابعون التقدم. لكن أحداً منهم لم يكن يعير اهتماماً لزوج من فراشات الليل, كان يطير على ضوء القمر بالقرب من حافة النهر. كما أن أحداً لم يكن يرتاب بطيران الفراشتين, الذي كان منتظماً بشكل غير طبيعي, أو حتى بالدوائر الكبيرة التي كانت الفراشتان ترسمانها فوق رؤوسهم. وقبل أن يتنبه رجال الكوماندو الى أي شيء من هذا القبيل, كان الأوان قد فات. فقد خرجت من كمينـها, مجموعـة من الجنـود, الذين أطبـقوا في ثوان قليلة على رجال الكومانـدو وعطّـلوا مهمتـم. أما الواشي, فلم يكن سـوى زوج الفراشـات الذي كان ينبئ الجنـود عن بعد, ومـنذ نحو الساعة, بتحركات الكوماندو كاملة!
إنها حادثة حقيقية, تلوح في أفق العام 2013. لكن ذلك لا يعني أن العسكريين توصلوا الى طريقة يروّضون بها الفراشات, لأغراض تجسس واستطلاع. فالأمور لم تصل بعد الى هذا الحد. لكن الواقع لا يقلّ غرابة عن ذلك. فالأمر يتعلّق بفراشات مزيّفة, تقوم بدور طائرات استطلاع صُغيرية (microdrone). والمعروف أن الجيوش الحديثة (في الولايات المتحدة, بريطانيا وفرنسا...)تستعمل حالياً طائرات استطلاع من دون طيّار, لتنفيذ مهمات مراقبة وتجسس. لكن حجم هذه الطائرات يعادل حجم طائرة صغيرة, أو حجم نموذج طائرة في أحسن الأحوال, كما أنها تُصدر صوتاً من محركها ومروحتها. وهذه العيوب لا نجدها في طائرات الإستطلاع المستقبلية, التي تبدو كفراشات بريئة لا يمكن لأحد أن يشتبه بوجودها. وأكثـر من ذلك فإن تقنية الطيران التي ستُصنع على أساسها الطائـرات الصغيرية (microdrone) تجعلها تعمل بمرونـة وتكـتم شديدين في أدق الظروف وأصعبها. وهذه التقـنية نجح باحثان بريطانيان بكشف خباياها للمرة الأولى.
نقلا ً عن مجلة الجيش- العدد 215 | كانون الثاني 2003
تنمية مجتمع
1326قراءة
2016-01-06 09:38:37
doha tarhini |