التكافل الإجتماعي نظرية أم تطبيق ؟؟؟
الجواب في هذه المقابلة التي أجريناها مع المدرّس في الحوزة الإسلامية والمشرف الديني سماحة الشيخ وسام صقر
ماذا يعني التكافل الإجتماعي في الإسلام؟
إن الدين الإسلامي دين واسع وشامل، يشمل الكثير من القيم والمبادئ من ضمنها مبدأ التكافل الإجتماعي الذي أكّده القرآن الكريم في أكثر من آية كريمة وكذلك أكّده رسول الله (ص) وأهل بيته الطيبين الطاهرين (ع).
التكافل الإجتماعي يعني أن يتضامن كل أفراد المجتمع فيصبحون ملتحمين كجسد واحد ليس فيهم ضعيف ولا إنسان محتاج ولا فقير ويقفون إلى جانب بعضهم البعض، فيتآزرون على قضاء حوائجهم ورفع الكرب وكشف الهمّ والغمّ ودفع السوء وصرف الآفات...
من هنا كان التأكيد في كتاب الله{واعتصموا بحبل الله جميعا" ولا تفرقوا} والإعتصام هنا يحاكي التكافل، التكاتف، والتآزر، وقد نهى عن التشتت الذي هو في مقابل مفهوم التكافل فيقول سبحانه تعالى { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}.
ما هي أهمية التكافل الإجتماعي في الإسلام؟
إن القرآن الكريم أولى موضوع التكافل الإجتماعي أهمية كبرى بالرغم من أنه لم يرد بالإسم لكنه ورد في عموم الآيات (المذكورة أعلاه) وقال رسول الله (ص): مثل المؤمنين في توادّهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى. هذا يدلّ على أهمية التكافل الإجتماعي في الإسلام الذي إنطلق من الدائرة الصغيرة أي الأسرة إلى ما هو أكبر أي المجتمع والأمة، فبات يأمر المؤمنين أن يآزر بعضهم الآخر وأن يقف الغني إلى جانب الفقير والقوي إلى جانب الضعيف حتى لا يبقى في المجتمع أي طبقات. فآخى النبي (ص) بين المسلمين وعبّر عنه أمير المؤمنين (ع) بقوله: القوي عندي ضعيف حتى آخذ الحقّ منه والضعيف عندي قوي حتى آخذ له الحقّ.
إذا الدين الإسلامي أولى أهمية كبرى لموضوع التكافل الإجتماعي لما للتكافل الإجتماعي من آثار طيبة على المجتمع حيث أنها ترسي مبادئ التساوي ومبادئ المحبة ويبني جسور التواصل والثقة في ما بين هؤلاء الأفراد في المجتمع الإسلامي، فنلاحظ مثلا" أنه إذا كان الغني يعول الفقير والقوي يقف إلى جانب الضعيف نجد أن هذا المجتمع متماسك مجتمع صلب مجتمع لا تنفذ إليه الثغرات والضعف ولا يمكن أن يقال عن أي مجتمع متكاتف وفيه التكافل الإجتماعي أن يقال عنه ضعيف بل هو مجتمع قوي لأن تكافل هؤلاء الأشخاص فيما بينهم يشكل جسور قوة ويشكل دعامات لا يمكن أن يهزّها أي عواصف من هنا أو هناك.
ما هو الدور الذي يلعبه التكافل الإجتماعي في المجتمع؟
عند التحدّث عن مجتمع يقطنه أشخاص أثرياء، أناس فقراء، أشخاص وجهاء، أصحاب مسؤوليات، أشخاص معدمين و... يأتي التكافل الإجتماعي فيلغي هذه الطبقية ويرفع حالة الضعف والفقر والعوز حتى أنه يدمّر حالة الكبرياء وحالة الطبقية في مجتمع ينهض أبناؤه فلا يبقى من يسكن قصورا" عاجية في حين هناك من لا يجد لهم مأوى، ما ينتج أمة" متساوية" تغيب فيها الطبقية وأية حالة مأساوية.
هذا المفهوم مهم جدّا ويعدّ من الدعائم والركائز التي تقوم عليها الأنظمة وقد أكّده الإسلام فجعله بمثابة الفرض الواجب.
مثلا" المجتمعات التي حكمها أهل البيت (ع) وأداروها وخطّوا نهج الإسلام فيها وتابعوا مسيرة الأنبياء ومسيرة جدّهم رسول الله (ص) في رفع الظلم والفقر والعوز جاءت بخلاف الولايات التي حكمها الخلفاء الذين استولوا على أموال بيت المال وأخذوها ليوزوّعها على المحاسيب والأزلام والأقارب والخواص، الأمر الذي شكّل ضعفا" في ما رعوه.
ينصبّ أهم ما يعالجه التكافل الإجتماعي في رفع حالات النقص في المجتمع لا سيما لدى الأيتام والأرامل والمحتاجين.
ما هي أبرز أوجه التكافل الإجتماعي؟
مفهوم التكافل الإجتماعي واضح أما تطبيقه فله أوجه متعددة أهمها ما نشهده في هذا الزمن بالأخصّ بعد ثورة الإمام الخميني (قدس سره) وما زرعته المقاومة الإسلامية في لبنان من تكفّل أبناء الشهداء والأيتام، وانتشار المبرات، وإنتشار أعمال الخير، وصناديق الصدقة... (مؤسسة الإمداد، مؤسسة الشهيد، مؤسسات الرعاية الإجتماعية، دور العجزة) هذه الأمور تشكّل ظاهرة نوعية وهي تحققّ حلم الأنبياء وحلم الأئمة (ع) وهناك مؤسسات أخرى تقوم بأدوار فاعلة كجمعية كشافة الإمام المهدي (عج) التي تقوم بأدوار رائعة على صعيد التكافل من خلال ذهاب بعض العناصر والقادة إلى البيوت الفقيرة وأخذ الحصص التموينية والغذائية إليهم ومسح دمعة اليتيم فيأتون ويخففوا آلام وجراح هؤلاء المستضعفين.
ما هي الآثار التي يتركها التكافل الإجتماعي على الفرد في الدنيا والآخرة؟
شهر رمضان هو شهر المودّة والرحمة هو حقيقية" شهر التكافل الإجتماعي حيث أن رسول الله (ص) بيّن أثر هذا الفعل الحسن في الدنيا كما في الآخرة فقال (ص): تصدّقوا على فقرائكم. والصدقة هي لون من ألوان التكافل الإجتماعي فحينما يخرج الإنسان من حرّ ماله ويدفعه إلى هؤلاء المحتاجين يكون بذلك قد سدّ حاجاتهم ورفع عنهم عوزهم، الصدقة وردت في القرأن الكريم
"من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" "مثل من ينفق في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل" "وما تفعله من خير فإنّ الله يعلمه" "وما تنفقوا من شيء فهو خير الرازقين" وحثّ رسول الله (ص) في شهر رمضان على التحننّ على الأيتام "وتحننّوا على أيتام الناس يتحننّ على أيتامكم" أي أن الجزاء يناله صاحبه في الدنيا والآخرة. أما الأثر الذي يتركه على شخصه وعلى نفسه فهو أولا" تزكية النفس "خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكّيهم بها" إذا موضوع الصدقة يطهّر الإنسان من شوائب التمسّك بالدنيا والحرص وحبّ المال.
وختاما" : وأحسن إلى من شئت تكن أميره واحتج إلى من شئت تكن أسيره واستغن عمن شئت تكن نظيره.
تنمية مجتمع
2165قراءة
2016-01-06 10:25:14