الطرماح والشهيد عبد الرسول
كان الطرماح دليل مجموعة من المجاهدين الذين التحقوا بالرّكب الحسيني بعد محاصرته من قبل الحرّ بن يزيد الرياحي، إلا أن بعض ما ورد في تاريخه يؤثّر في الحكم عليه بلحاظ ترتيب الأولويات.
فقد ذكرت بعض الروايات أنه ترك الركب الحسيني بحجة أنّ معه مؤونة ونفقة لعياله يريد أن يوصلها إليهم، ثم بعد ذلك يرجع لنصرة الحسين (عليه السلام).
فالطرماح على رغم حسن سريرته، إلا أنه لم يرتب أولوياته جيداً، ففوّت عليه أعظم فرصة في حياته بأن يكون من العشاق الشهداء الذين لا يسبقهم أحد قبلهم ولا يلحقهم أحد بعدهم.
إلا أنّ عمل الطرماح كان درساً قاسياً تعلّمه أبناء مدرسة الإمام الحسين (عليه السلام) الذين انتهلوا من معين قيم عاشوراء.
ومن هؤلاء المتعلمين شهيد من شهداء المقاومة الإسلامية في لبنان هو علي زهري الذي كان يلقب بـ :"عبد الرسول"، إذ يروي مسؤوله المباشر قصته من أول قدومه إلى عمله حينما أخبره عن رؤيا شاهدها أثناء نومه في ذلك المكان المبارك، فقد رأى أنه قامت القيامة، وإذ بالناس يحاسبون بين يدي الله تعالى، وحينما جال بنظره رأى الإمام الحسين (عليه السلام) يُدخل بعض الناس إلى الجنة من أحد أبوابها، ولاحظ أنّ مدخل الباب مزدحم بصفٍ طويل، فما كان من الشهيد عبد الرسول إلا أن خالف ترتيب الصف، وتقدم إلى مدخل باب الجنة متجاوزاً الواقفين، فناداه أحدهم ارجع، وقف في الصف، فليس الوقت وقتك، بل وقتك بعد عشر سنوات.
ويتابع الشهيد الحديث عن رؤياه بأنه بعد وقت لم يشعر بطوله انتهت السنوات العشر، ووصل دوره إلى الباب ودخل الجنة.
قصّ الشهيد رؤياه على مسؤوله "أبو حسين" أول قدومه للعمل مع المقاومة الإسلامية في المحور الذي بقي يجاهد فيه طيلة السنوات العشر.
وكان يُلاحظ عليه فيه أنه كان أثناء هذه السنوات يمارس جهاده بحيث لا يبدو حذره في أية عملية، وإن كانت مما يقتضي الحذر، وكان يسوّغ ذلك لمسؤوله قائلاً: لم تمضِ السنوات العشر.
ولكنْ بعد عشر سنوات حينما انتخبه قادة المقاومة ليشارك في عملية سجد لاحظ عليه مسؤوله أنه بدأ يتحدث بكل جدية مغيّراً تصرفاته المعهودة.
وقتها تذكر مسؤوله الرؤيا، وأخذ يحسب الزمن الذي مضى على قدوم عبد الرسول، فتبين أنه في السنة العاشرة من زمن بداية عمله الجهادي في المحور.
ومن موقع المحبّ قال له مسؤوله: "انزل إلى بيروت وودع خطيبتك ثم أقدم للمشاركة في العملية".
فأجابه عبد الرسول: "أنا منذ عشر سنوات أنتظر هذه اللحظة، فلعلي إذا ذهبت إلى بيروت يحدث لي حادث في الطريق فأتأخر عن العملية، فأحرم نفسي من الشهادة".
لقد حرم لطرماح نفسه من الفتح والشهادة، ونجح الشهيد عبد الرسول في الالتحاق بركب الفاتحين.
الأنشطة الثقافية
1849قراءة
2016-01-09 15:33:23