12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

شذرات العترة عليهم السلام >> الامام الحسين عليه السلام منذ الطفولة وحتى الشهادة

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

الامام الحسين عليه السلام منذ الطفولة وحتى الشهادة
الامام الحسين عليه السلام منذ الطفولة وحتى الشهادة

 

لأجل أن يتضح مدى عظم فاجعة عاشوراء، أستعرض بصورة إجمالية ثلاثة مراحل قصيرة من حياة أبي عبد اللَّه الحسين عليه السلام، لنرى شخصية الحسين عليه السلام في هذه المراحل الثلاثة، هل من الممكن أن يحتمل أحد أنه ينتهي به المال يوم عاشوراء إلى أن تحاصره حشود من أمة جده وتقتله أشنع قتلة هو وأصحابه وأهل بيته وتسبى عياله؟


تتلخص تلك المراحل الثلاثة في:


أولاً: مرحلة الطفولة وتبدأ منذ نعومة أظفاره إلى تاريخ وفاة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم.

ثانياً: مرحلة شبابه.. أي خمس وعشرون سنة، من وفاة جده إلى خلافة أمير المؤمنين عليه السلام.

ثالثاً: المرحلة التي استمرت عشرين سنة من بعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام إلى واقعة كربلاء


ففي المرحلة الأولى: أي في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كان الحسين عليه السلام طفلاً مدللاً ومحبوباً عند رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم. فقد كان لرسول اللَّه‏صلى الله عليه و آله و سلم بنت، وكان المسلمون يعلمون جميعاً انذاك أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال: «إني لأغضب لغضب فاطمة وأرضى لرضاها». فانظروا عظيم منزلة هذه البنت بحيث أن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم يبجّلها بهذه الكلمات وأمثالها في محضر المسلمين والملأ العام. وليس هذا بالأمر العادي.


وزوَّجها الرسول الكريم صلى الله عليه و آله و سلم لشخص كان ذروة في الماثر، هو علي بن أبي طالب عليه السلام الذي كان شاباً شجاعاً شريفاً ومن أكثر الناس إيماناً وأسبقهم إلى الاسلام، وأكثرهم مشاركة في كل ميادينه، علي.. من قام الإسلام بسيفه.. ومن كان يقدم حيثما يحجم الاخرون ويحل المستعصي من العقد.. فهذا الصهر العزيز المحبوب الذي لم تكن محبته منطلقة من وازع القرابة وما شاكلها من الوشائج، وإنما كانت انطلاقاً من عظمة شخصيته، ولهذه الأسباب زوَّجه ابنته، فكان من نسلهم الحسين و...


وهذا الكلام يصدق كله أيضاً على الإمام الحسن عليه السلام. إلاَّ أن كلامي هنا يدور حول الإمام الحسين عليه السلام.. أعزّ عزيز عند الرسول.. الذي كان زعيم العالم الإسلامي وحاكم المسلمين ومحبوب كل القلوب يضمه بين ذراعيه ويصطحبه إلى المسجد. والمسلمون كانوا يعلمون أن هذا الطفل هو محبوب قلب الرسول صلى الله عليه و آله و سلم الذي تذوب القلوب جميعاً في محبته. فحينما كان الرسول يلقي خطبة من فوق المنبر علقت رجل هذا الطفل بعائق فسقط على الأرض، فنزل الرسول من فوق المنبر واحتضنه ولاطفه. هكذا كانت محبة الحسين عليه السلام عند الرسول‏صلى الله عليه و آله و سلم.


إنّ‏َ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قال عن الحسن والحسين عليهما السلام وهما انذاك في السابعة والسادسة من عمريهما:
«الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة». قال فيهما هذا القول وهما لا زالا طفلين. أي أنهما حتى وإن كانا في تلك السن إلاَّ أنهما يفهمان ويدركان ويعملان كمن هو في سن الشباب، ويفوح الأدب والشرف من جنبيهما.


ولو قال قائل حينذاك أن هذا الطفل سيقتل على يد أمة هذا الرسول بلا جرم أو جريرة، ما كان ليصدّقه أحد. مثلما صرَّح رسول اللَّه نفسه بتلك الحقيقة المرَّة وبكى لها. وتعجَّب في وقتها الجميع، مستنكرين إمكانية حدوث عمل كهذا.

 

المرحلة الثانية: هي الفترة التي استمرت خمساً وعشرين سنة من وفاة الرسول إلى خلافة أمير المؤمنين عليه السلام. إذ كان عليه السلام شاباً متوثباً وعالماً وشجاعاً، شارك في الحروب وخاض شدائد الأمور. كان معروفاً عند الجميع بالعظمة وعندما يأتي ذكر الكرام تشخص إليه الأبصار وتحوم حوله الأذهان. واسمه يسطع بين جميع مسلمي مكة والمدينة وحيثما امتد الإسلام، بكل فضيلة ومكرمة. والكل ينظر إليه وإلى أخيه باحترام وتكريم. وحتى خلفاء ذلك العصر كانوا يبدون لهما التعظيم والإجلال. وكان مثالاً ومقتدى لشباب ذلك العهد. وهكذا لو أن شخصاً قال انذاك أن هذا الشاب سيُقتل على يد هذه الأمة، لما صدَّقه أحد.

 

المرحلة الثالثة: هي تلك المرحلة التي حلَّت من بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام وكان دور غربة أهل البيت. فكان الإمامان الحسن والحسين يقيمان خلال تلك المدة في مدينة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم. بعد مقتل أمير المؤمنين بعشرين سنة، انحصرت الإمامة في الحسين على جميع المسلمين وإن لم تكن الخلافة في يده وبدى مفتياً كبيراً، وزاد احترامه عند الجميع، وأضحى عروة يتمسك بها كل من يريد التمسك بأهل البيت. فكان ذا شخصية محبوبة ورجلاً شريفاً نجيباً أصيلاً عالماً. حتى انه بعث في ذلك الوقت بكتاب إلى معاوية، لو كان غيره كتبه لأي حاكم لكان جزاؤه القتل. إلاَّ أن معاوية حينما وصله الكتاب تلقَّاه بكل تكريم وقرأه متغاضياً عما جاء فيه. ثم لو أن أحداً كان يقول في ذلك الوقت أن هذا الرجل الشريف الكريم العزيز النجيب الذي يجسّد الإسلام والقران في نظر كل ناظر، سيُقتل عما قريب على يد أمة الإسلام والقران قتلة شنيعة، لم يكن أحد ليتصوَّر صحة ذلك. إلاَّ أن هذه الواقعة العجيبة البعيدة عن التصور، قد حصلت فعلاً!


ولكن من الذين فعلوا ذلك؟ فعله أولئك الذين كانوا يترددون عليه ويوالونه ويعربون له عن محبتهم وإخلاصهم! فما معنى هذا؟ معناه أن المجتمع الإسلامي أفرغ طوال هذه الخمسين سنة من قيمه المعنوية وجُرِّد من حقيقة الإسلام، فكان ظاهره إسلامياً وباطنه خاوياً. وهنا هو مكمن الخطر.

 

مهدي
2667قراءة
2016-01-01 23:21:56

تعليقات الزوار


doha tarhini