12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

شذرات العترة عليهم السلام >> من أهم أدوار الإمام  الباقر عليه السلام

من أهم أدوار الإمام  الباقر عليه السلام


لقد أدّت السياسات التي انتهجها الأمويّون إلى انحراف الأمّة عن مسيرة الحقّ والعدل، فكان أن انحسرت كلّ معالمه وآثاره الحقيقيّة عن مختلف المواضع والمواقع على امتداد مساحة الدولة الإسلاميّة، في طول البلاد وعرضها.
وظهرت تبعات هذه السياسات الكبيرة والخطيرة على الحياة الفكريّة والثقافيّة والعقيديّة للناس، وعلى كلّ الواقع السياسيّ والاجتماعيّ والتربويّ، وغيره.

وقد كانت لهذه السياسات نتائج مرّة، حيث تمكّنت من تدمير البنية الفكريّة، والعقيديّة، والثقافيّة والتربويّة الإسلاميّة بصورة عامّة تدميراً كاملاً، أو كادت.

وأصبحت الأمّة تعيش غربة حقيقيّة عن الإسلام وعن القرآن وأحكامه، وعن رسومه وأعلامه، وعن عهد الإمامة.

وفي عهد الإمام الباقر عليه السلام، كان قد مضى على هذه السياسات مدّة من الزمن طويت خلالها أجيال، لينشأ ثمّة جيل جديد أشدّ إيغالاً في البعد عن هذا الدين، وعن نبيّه الكريم، وقرآنه العظيم.

وقد كان الإنجاز الكبير والمهمّ جداً للإمام الباقر عليه السلام هو في هذا المجال بالذات. فإنّه قد فتح أبواباً متنوعة في العلم لهذه الأمّة، ولم يترك باباً من أبواب الفقه والشريعة، ولا مجالاً في شتّى مناحي المعارف. ولا شأناً من شؤون العقيدة، والأخلاق، والتربية، والسياسة، والسلوك، وغير ذلك ممّا تحتاج إليه الأمّة إلّا وسجّل فيه وفي أدقّ تفاصيله وجزئيّاته النظريّة والتطبيقية كلمة الإسلام الهادفة، والمرشدة إلى طريق الحقّ، والخير، والهدى.
 
ثمّ جاء بعده ولده الإمام الصادق البارّ الأمين عليه السلام ليكمل المسيرة ويتابع رسم الطريق لكلّ الأجيال، وعلى امتداد العصور والدهور.
 
وكان الإمام السجّاد قبلها هو الذي استطاع بسياسته الفضلى، وبطريقته المثلى أن يهيّئ المناخ المناسب لنشوء مدرستها سيّما التي استقطبت المئات من روّاد العلم بل الآلاف. إذ من البديهيّ: أنّ هذا الامتداد القويّ والعميق لم يكن ليحصل لو لم يسبقه تخطيط وإعداد عمليّ واسع في نطاق ترسيخ قواعد فكريّة واجتماعيّة وخلقيّة أو الاستفادة من ظروف سياسيّة أصبحت مؤاتية فأرسيت القاعدة العقيديّة والفكريّة الصلبة، التي قام عليها ذلك البناء الشامخ لمدرسة استطاعت أن تلهب في العالم الإسلاميّ، جذوة طالما عمل الحكّام والمتسلّطون على إطفائها، وقد تركت بصماتها على كلّ قضيّة، وفي كلّ موضع وموقع، في شتّى مجالات الحياة.
 
ويمكننا أن نسلّط الضوء على أمرين من أهمّ الأدوار التي قام بها الإمام عليه السلام في عصره:
 
 
 أ- النهوض بجامعة أهل البيت عليهم السلام:


إنّ الظروف التي تهيّأت للإمامين الباقر والصادق عليه السلام لم تتهيّأ لغيرهما من الأئمّة عليهم السلام، ذلك لأنّ فترة إمامة الباقر عليه السلام قد رافقتها بوادر النقمة العارمة على سياسة الأمويّين والدعوة في مختلف الأقطار للتخلّص منهم ومن سوء صنيعهم مع العلويّين من أقوى الأسلحة بيد أخصامهم الطامعين بالحكم، ممّا دعاهم إلى اتّخاذ موقف من الشيعة وأئمّتهم أكثر اعتدالاً ممّا كانوا عليه بالأمس، ولمّا جاء عهد الإمام الصادق عليه السلام كانت الدولة الأمويّة تلفظ أنفاسها الأخيرة وتعاني من انتصارات أخصامها العبّاسيّين هنا وهناك وبالتالي تقلّص ظلّها وتمَّ الأمر للعبّاسيّين.

في هذه الظروف الخاصّة انطلق الإمامان الباقر والصادق عليه السلام لأداء رسالتهما وتمّ لهما ذلك بين عهدين: عهد تحيط به الكوارث والهزائم، وعهد ظهرت فيه تباشير النصر وأحلام السيطرة على الحكم، وقامت الحكومة الجديدة على حساب العلويّين، ولم تتهيّأ مثل هذه الظروف لأحد من أئمّة الشيعة، ولمّا استتبّ الأمر للعبّاسيّين الذين تستّروا بأهل البيت وشيعتهم عادوا يمثّلون أقبح الأدوار التي مثّلها الأمويّون معهم، حتّى قال قائلهم:

يَا لَيْتَ جَوْرَ بَنِي مَرْوَانَ دَامَ لَنَا       وَلَيْتَ عَدْلَ بَنِي العَبَّاسِ في النَّارِ


لقد تأسّست جامعة أهل البيت في وقت كانت الدولة الأمويّة تحيط بها الأخطار من جميع جهاتها، واتّسعت لأكثر من أربعة آلاف طالب، ولكن  ذلك كان بعد أن مضى على المسلمين أكثر من قرن من الزمن لا عهد لهم فيه بفقه يختصّ بأهل البيت، ولا بحديث يتجاهر الرواة في نسبته إليهم سوى ما كان يروى عنهم أحياناً بطريق الكتابة في الغالب، لأنّ الأمويّين كانوا جادّين في القضاء على كلّ آثارهم والتنكيل بكلّ من يتّهم بولائهم1.
 
أهمّ المجالات العلميّة التي بيّنها الإمام عليه السلام:
 
قام الإمام الباقر عليه السلام بتبيين العديد من الجوانب العقائديّة والفقهيّة والفكريّة، نشير إلى أهمّها:
 
تجديد علم التوحيد، وتعليم الأمّة تنزيه الله تعالى وتحصينها من التشبيه.
 
توضيح مقام النبوّة وردّ التّهم والشبهات حول شخصيّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وكشف تحريفات سنّته وسيرته من قبل الحكومات ورواتها.
 
بيان عقيدة الإمامة وأصالتها في نسيج الإسلام، وتحديد الفئة الناجية، وإرساء معالم عقائدها، وتعليم الأمّة البراءة من مدّعي الإمامة.
 
بيان معالم الفقه الإسلاميّ ووضع أصول الفقه، في مواجهة الفقه الظنّي والكيفيّ، الذي تبنّته الحكومات وعلماؤها، وأصول الحديث في مواجهة الإسرائيليّات والمكذوبات عند بعض الرّواة.
  
 فتح نافذة على الأمّة من الغيب النبويّ، وإخبارها عن بعض الأحداث في مستقبلها القريب والبعيد حتّى يتحقّق الوعد الإلهيّ بظهور مهديّها الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

ب- بناء النخبة الصالحة:
 
لقد جهد الأئمّة عليهم السلام في تربية مجموعة من الأفراد كان لهم قصب السبق في الفضيلة، ومن هنا كان لكلّ إمام ثلّة طاهرة من الأصحاب والأنصار، عرفوا بالحواريّين.
 
وقد كان للإمام الباقر عليه السلام مجموعة من الأصحاب نالوا مرتبة عالية من العلم والعمل، يقول الشيخ الكشّي أحد أئمّة علم الرجال: "أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأوّلين ستّة: زرارة، ومعروف بن خربوذ، وبريد، وأبو بصير الأسديّ، والفضيل بن يسار، ومحمّد بن مسلم الطائفيّ، قالوا: وأفقه الستّة زرارة، وقال بعضهم مكان أبي بصير الأسديّ أبو بصير المراديّ وهو ليث بن البختريّ".


 

تدريب
2173قراءة
2020-07-28 16:04:22

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا