الموضوعات الدينية المتنوعة >> فضل زيارة الإمام الحسين عليه السلام يوم عرفة
شرف الكعبة بمولد سيد الوصيين كان مقدار ساعة، وشرف كربلاء بضريح سبط خاتم النبيين إلى قيام الساعة، إن يكون الطواف بالكعبة به تمام الحج والعمرة، فالطواف بضريحه يعدل ثوابه ثواب ذلك ألف مرة، إن تكن الكعبة قبلة جباه المسلمين، فكربلاء وجهة قلوب المؤمنين، إن تكن الصلاة عزيمة وفريضة، فبغير ولايته وولاية آبائه وأبنائه لا تعادل عند الله جناح يعوضه، إن يكن البيت العتيق عتيق من الطوفان والغرق، فمقامه صلوات الله عليه لما أجرى الماء عليه حار وما انطلق، إن تكن أفئدة من الناس تهوي إلى البيت، فقلوب المؤمنين تحن على زيارته على الدوام.
ولله در الشاعر دعبل الخزاعي حيث يقول في زيارة قبر سيد الشهداء:
زر خير قبر بالعراق يزار * واعص الحمار فمن نهاك حمار
لم لا أزورك يا حسين لك الفدى * قومي ومن عطفت عليه نزار
ولك المودة في قلوب أولي النهي * وعلى عدوك مقتة ودثار
لقد أصبح قبر الحسين عليه السلام محط أنظار المسلمين وكان لأهل البيت عليهم السلام دورا بارزا في توجيههم وحثهم على زيارة القبر الشريف، وما لزيارته من فضل عظيم عند الله سبحانه وتعالى، ومن قبلهم كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخبر بفضل زيارته عليه السلام وأن زواره هم الصديقون من أمته، كما جاء عن أبي جعفر عليه السلام قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل الحسين عليه السلام اجتذبه إليه ثم يقول لأمير المؤمنين عليه السلام: أمسكه، ثم يقع عليه فيقبله ويبكي، يقول: يا أبه لم تبكي؟ فيقول: يا بني أقبل موضع السيوف منك وابكي، قال: يا أبه وأقتل؟ قال: إي والله وأبوك وأخوك وأنت، قال: يا أبه فم صارعنا شتى؟ قال: نعم يا بني، قال: فمن يزورنا من أمتك؟ قال: لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلا الصديقون من أمتي".
وفي رواية ابن قولويه بسند عن أبي عبد الله عليه السلام قال:"كان الحسين بن علي في حجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم يلاعبه ويضاحكه، فقالت عائشة: يا رسول الله ما أشد إعجابك بهذا الصبي؟ فقال لها: ويلك وكيف لا أحبه ولا أعجب به، وهو ثمرة فؤادي وقرة عيني، أما إن أمتي ستقتله، فمن زاره بعد وفاته كتب الله حجة من حججي، قالت: يا رسول الله حجة من حججك؟ قال: نعم وحجتين من حججي، قالت: يا رسول الله حجتين من حججك؟ قال: نعم، وأربعة، قال: فلم تزل تزاده ويزيد ويضعفه حتى بلغ تسعين حجة من حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأعمارها".
ومن حديث له صلى الله عليه وآله وسلم مع أبنته الزهراء عليها السلام عندما أخبرها بمقتل فلذة كبدها الحسين عليه السلام وبكت قال لها من جملة ما قال: أما ترضين أن يكون من أتاه زائرا في ضمان الله، ويكون من أتاه بمنزلة من حج إلى بيت الله الحرام واعتمر، ولم يخل من الرحمة طرفة عين، وإذا مات مات شهيدا، وإن بقي لم تزل الحفظة تدعو له ما بقي، ولم يزل في حفظ الله وأمنه حتى يفارق الدنيا.
فكان الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يصف زوار الحسين بالصديقين من أمته، ومرة أخرى يعتبر زيارة الحسين صلى الله عليه وآله وسلم تعادل تسعين حجة وعمرة من حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا مات زائر الحسين مات شهيدا، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حق الحسين عليه السلام:"يا ابن عباس من زاره عارفا بحقه كتب له ثواب ألف حجة وألف عمرة، ألا ومن زاره فكأنما زارني، ومن زارني فكأنما قد زار الله، وحق الزائر على الله أن لا يعذبه بالنار".
هذه منزلة الحسين عليه السلام عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا ينطق عن الهوى، ثم جاء ولده الأئمة من بعده بكشف الحجاب المرخى على فضائل هذا القبر الشريف، فقال المرحوم الدكتور جواد الكليدار عن هذا المعنى:"ولذلك جاءت الأحاديث عن الأئمة وكلها ناطقة بهذا المعنى، فجعلوا لزيارة بطل الإسلام الشهيد ابن الشهيد أبي الشهداء، وزيارة مرقده الخالد مناسك مثل ما لحج بيت الله الحرام، لأن الزائر بحضرته أمام شخصية إسلامية عظيمة لم تمت بمنطوق الآية الكريمة: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ وآي شهيد أعظم منزلة، وأعلى قدرا ومكانة عند الله من الحسين سيد الشهداء وأبي أئمة العرب الأطهار ومن أصحابه؟ وهم شهداء ليس مثلهم شهداء إلا شهداء بدر الذين ضحوا بأنفسهم لتثبت دعائم الدعوة الإسلامية.
حتى أصبحت زيارة الحسين فرض على كل مسلم، فالتزم بها الشيعة بشكل دقيق، وهم ينصتون للإمام الباقر عليه السلام يقول:"مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السلام، فأن إتيانه مفترض على كل مؤمن يقر للحسين بالإمامة من الله عز وجل".
من هنا أصبحت زيارة الحسين فريضة على كل من يقر للحسين عليه السلام بالإمامة، وكان عارفا له حقه وحرمته وولايته، أما الجاحدون لأهل البيت عليهم السلام فهم خارجون عن شرط الزيارة، ففي حديث هارون بن خارجه، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:"إنهم يرون إنه من زار الحسين كانت له حجة وعمرة؟ قال: ومن زاره - والله - عارفا بحقه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر".
وعن مولانا موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام:"أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد الله عليه السلام بشط الفرات إذا عرف حقه وحرمته وولايته، أن يغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر".
وفي حديث الوشاء، قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول:"إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائه وشيعته، وإن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا لما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاؤهم يوم القيامة".
وكان الإمام الصادق عليه السلام يصرح بثواب زيارة الحسين عليه السلام بقوله: كمن حج ثلاث حجج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم1.