الوصول
| فئة الشباب |
نبذة الكتاب:
اقتباسات:
_ المقدمة
إنّ دور المرأة المقاومة الّذي جسّدته عمليًّا المجاهدة الكبيرة والشهيدة العزيزة أم ياسر الموسوي والسائرات في دربها والذي دخل التأريخ بعطائه وكان غنياً بدروسه وانجازاته بات يشكّل رصيداً هاماً للمرأة وبإمكانه أن يكون نواة استنهاض واستقطاب لمختلف الشرائح النسائية في مجتمعاتنا.. على امتداد العالمين العربي والإسلامي وصولاً إلى انخراط الطاقة النسائية في ميدان الفعل المباشر لمواجهة العدو الصّهيوني ومخططاته الخبيثة.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص10
_ السّفر
إنّها الآن واحدةٌ من الّذين يسافرون، ما خطر ببالها يومًا أن تكون واحدةً من أولئك المنتزعين من المكان، يا لصعوبة هذا الانتزاع حين يكون لأوّل مرّة.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص٢٠.
_ اللعب ولغة الزهور
الزّهور إحدى لغات سهام المفضّلة. في أوّل الصّباح تحمل حقيبتها وتركض إلى الجدار الصّغير الّذي يفصل منزلهم عن منزل أم خليل،
-يا أمّ خليل بدي ورد.
أم خليل في الفجر تكنس أراضي الدّار.. وسهام تطلّ برأسها وعلى أطراف أصابعها تقف، ترتفع بجسدها ما استطاعت لتطلّ براسها من فوق الجدار المنخفض:
بدي ثلاث وردات يا خالتي... ثلاث وردات...
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء،ص٢٧.
_ اللعب ولغة الزهور
كأنّ ضحكة الصّغار زادها في كلّ ذاك التّعب الطّويل الّذي لا ينتهي. ما رأت أمّها تستريح، تستفيق سهام، والأمّ غارقة في العمل، وتنام ، والأمّ على حالها، متى كانت تنام أمّها؟ ومتى تستريح؟ حتّى على مائدة الطّعام كانت آخر من يجلس، وإن جلست فهي تطعم هذا ، وتقرّب الطّعام لذاك، أو تقوم لتجلب ناقصاً هنا، أو تقضي حاجة لذاك ، لا تتذمّر، ولا تشكو، ولا تطلب المساعدة، مهما كان العبء ثقيلًا، وكأنّها تنسى أنّ أحدًا سواها يستطيع المشاركة.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص٣١.
_ المساحة المشتركة
لم تكن سهام ترى للطلاق وجهاً قبيحاً ، يرد هذا الاسم أحياناً على مسامعها ، حين يلجأ المتخاصمون إلى أمها وأبيها، ويصل الشجار بين الزوجين حتّى يتردد على مسامعها ذلك الاسم الذي يستنكره الحاضرون، ويحاولون دفعه، كانت تراه تشابهاً في الأسماء، فطلاق أبيها وخالتها خاتون لا يشبه ما يحدث، أو ما تسمع عنه. وهي لا ترى عيباً لا في خاتون ولا في أبيها ، ولا حتى في هذا الطلاق. ما شعرت سهام يوماً أن هناك مشكلة في كل هذا.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص 36
_ الرجال والعناية الفائقة
الأرض تعني له الكثير الكثير جداً، الأرض بأشجارها وحيواناتها وإنسانها ، بكل شيء فوقها ، لم تكن عيناه الطيبتان تستطيعان غض النظر عن إنسان هذه الأرض قريباً كان أو بعيداً. يكفيه أن يعرف بأن أحداً ما بحاجة إليه، أو أنه يستطيع أن يفعل شيئاً هنا أو هناك. والغريب في كل هذا انه كان يستطيع، لا يرد طلبا ولا يعود خائبا ابدا، وكأنه امر يسير مهما بدا صعباً ، ففي ذلك لطالما كان يردد: الله يسهل الأمور.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص43
_ أثر الموت الأوّل
مسحت سهام دمعاً، هي إلى الآن تبكيه. لا تبكي جدها أو تبكي الموت، تبكي من هذا الوجع الذي يصنعه الشوق. هي لا تبكي الموت؛ الموت شيء غريب، ومجهول، وغير مفهوم وهي لا تبكي شيئاً غير مفهوم. مر الموت مراراً في الحي، واقترب من بيت الجيران. لكن الشوق شيء آخر، انه موجع ليس مشاعراً فحسب، انما هو ألم ملموس، يشتد حين ترى آثاره، حتى يُبكيها كأي وجع شديد.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص48
_ ملجأ الأتراب
كانت أكثر أقرانها رفقة، مسموعة الكلمة ومحبوبة، هل هذا شيء بالوراثة، هل أخذت ذلك من جدها وأبيها، من أمها ؟! أهو شيء يتنفسه المرء في المكان، في هذه الدائرة الصغيرة، منزلها ، حيث ينمو مع الوقت، ويتشبع به القلب في فترة نموه؟ أهي صور تنعكس على جدار الروح ولا تبقي مكاناً لسواها ؟ ربما من أجل ذلك كانت محبوبة، كثيرة الأصحاب.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص53
_ بين عباس والسيّد
كانت هي واخوتها ينتظرون الصيف، فالصيف حياة، الصيف فراشة، والشتاء شرنقة باردة، في الصيف يأتي عباس ومنيرة، هما ابنا عمها الأكبر القاطنين في بيروت، في أول ساعات وصوله، كان عباس يركض في الحقول، فبيروت سجن، والضيعة فسحة الدنيا. وفي الصيف تغلق المدارس أبوابها، ويتفلت الصغار، يطول النهار لأجلهم وتتسع البيادر. وعباس لا يهدأ، ينظر بفرح إلى كل شيء. العائلة تكبر في الصيف ويكتظ بها المنزل، لا أحد يشعر بضيق المكان.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص56
_ بين عباس والسيّد
لم يكن حديثا عادياً، كان مختلفاً، ووقعه عليها كان عجيباً، تحدّث عن الدنيا، عن الهموم، عن الأحلام بالتغيير، عن الأسرة عن العطاء، والآخرة الخالدة، عن الله ورسوله.. و.. وتحدّث طويلاً عن الزهراء، تحدّث عنها حتى دمعت عيناه، وبكت سهام ، وذابت بعد ذلك كل هواجسها ، وماتت الكثير من الاسئلة حين قال بكل صدقه:
سأكون معك خطوة بخطوة، اعتمدي عليّ فلن أهملك أبداً .. سأكون معك دائماً، هذا وعد...
بعد هذا الحديث صارت ترى السيّد بشكل مختلف، بمشاعر لم تألفها سابقا ، وبدأ قلبها يتوجّه اليه.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص63
_ التسبيح والطائرة ومنيرة
تشيح بوجهها وتلامس أصابعها حبات المسبحة وتعاود التسبيح...
_سبحان ﷲ، سبحان ﷲ..
التسبيح هذا فكرة السيّد، أعطى لكل منهما مسبحة
_ التسبيح يجعل الوقت قصيراً والفائدة كبيرة. عن تسبيحة الزهراء يقول السيّد: إنها أفضل التسبيحات لأن رسول ﷲ علمها لأحب الخلق إليه، لابنته فاطمة الزهراء..
وأي شيء يرتبط بالزهراء يحبه السيّد ذكر اسمها وحده كان يكفي لتتغير ملامح وجهه
كما اقترح بعد ذلك الاستغفار وتسابيح أخرى: ... وأفضل الأعمال هو الصلاة على محمد وآل محمد.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص68-69
_ حدود الابتسامة
في كل سنوات عمرها الصغير كانت البسمة، وما زالت شعاراً ودلالة، ليصبح للبسمة تأثير عليها أن تمتد من الداخل، تكتمل لتظهر، أن تخرج من مكان أعمق، لتظهر حيه تنبض، وما الشفاه سوى منفذ لتلك المشاعر التي تعتمل في ذاك الداخل لتخرج عبر الشفاه، وتنتشر في الوجه، كل الوجه، ليتسرب أثرها إلى كل المحيط، ابتسامة تولد في الجوف أولاً، فتلقي على الوجه كله ظلالاً محببةً مؤنسةً لمن قابلها . فيتحول المحيط إلى مرايا لا تملك سوى الانعكاس هكذا فقط تصبح قادرة على التغيير ، فتنتشر كالعطر ويلف أريجها المكان
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص75
_ صحراء زينب
تتداعى إلى الذهن صور حزينة، على مثل هذا الطريق سارت قافلة الحسين، تحدوها الرياح والمصير المجهول ثم تتقاطر صور أشد حزنا لمولاتها زينب والسبايا ، ارامل وثكالى وأيتام، أسرى يقودهم اعداؤهم إلى مصير مجهول. صور التمعت بذهنها وحضرت بشدة. إنها هنا، هذه هي الصحراء الحزينه ذاتها، على هذا الدرب سارت زينب في رحلة السبي المريرة، أليست تلك طريق الشام؟ من الكوفة إلى الشام، وسهام تسلك ذات الطريق ، من الشام إلى الكوفة.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص85
_ صحراء زينب
أشد المحطات وضوحا هي تلك الرؤيا ، حُلمها، حيث رأت السيّدة الزهراء ، ونساء أخريات يحيط بهن السواد. يحضرن مجلس العزاء المقام في منزلهم، كان الحلم واضحا على غير عادته، لم تكن أحلامها بهذا الوضوح استيقظت وهي تتذكر تفاصيل، وكلمات، وأكثرها وضوحا هو كلامٌ من الزهراء، يحمل تشجيعا وشكرا لها، لها هي ولأبويها ، رأته بغير ما كانت ترى، كان مختلفا.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص87
_ كيف تشكر؟
من لا يُحسن التصرف بالعطاء في رأيها كالبركة المثقوبة، لا يظهر فيها ماء السّماء، لا يجتمع الشكر مع سوء التصرف بالنعم، حسن التصرف بالنعمة أول الشكر لها
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص207
_ صحراء زينب
لقد ترك ذلك أثرا عميقا في جوارحها لأيام طوال، وحين روت الحلم لأهلها بكت الام، واستبشر الأب خيرا، وعاهد نفسه أن لا يتوانى وتحت كل الظروف عن إقامة المجالس الحسينية على أحسن الوجوه، صورة الزهراء في تلك الرؤيا مطبوعة في ذهنها ما تزال، وكأنها في حضرة الوعي الجابر ذلك الحب الذي نما في القلب الصغير ، سهام تغفو وهي تحتضن تلك الصور، لا تريدها أن تغادر، فهي قادرة على بعث السلام في روحها .
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص88
_ تأثر و تأثير
تركته في المنزل وتركت قلبها فيه .. نظمت له الامور في كل حاجاته، وأوصيت كل من تعرفه، أعدت له ما استطاعت ليكون مرتاحاً طوال فترة غيابها التي لن تتجاوز ١٥ يوماً. ثقته بها واعتماده عليها كل تلك الفترة، جعل قلبها يعتصر لتركه وحيداً في المنزل، وتتدفق مشاعر أمومة ليس لوليدها الذي على وشك القدوم، بل للسيد الذي كانت ترعاه كأكثر الامهات حناناً كما يقول هو.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص136
_ بين امومة وامومه
"وانت ايها الحبيب هناك وحدك.. صغيرتي الحبيبة هذه يزدحم عليها الاهتمام، وبالكاد يسمحون لي بممارسة أمومتي.. اسرقها طفلتي الجميلة لا تفرد بتلك المشاعر الجديدة الباهرة، لهذا الكيان الصغير الذي تتجسد فيه ارقى العواطف في امومة عصيّة على الوصف، امومة انت جعلتها طاغية الحضور فهي جزء منك.. اراك في عينيها الجميلتين، كأنك انت هنا .. وكلما اغمضت هي فتحت عيناي لأراك وحيداً ...
ما اقسى يا سيدي ما اعاني حتى اراك"
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص140
_ بين امومة وامومه
حتى جاءت رسالة ثانية من السيّد ، لم يكن يعرف بامر القدمين الصغيرتين المكسورتين، لقد شكر ﷲ في رسالته على سلامة الأم وسلامة الصغيرة سميّة، حدثها عن شوقه إليها بأشد مما ذكر في الرسالة الأولى، وشكى لها وجع الشوق ووحشة الحياة دونها ، وعن المنزل الذي أضحى كئيباً يبعث على الحزن، كأن جدرانه تشكو فراقها الصعب
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص140_141
_ انه العبور
ازداد استثمار الوقت، وبدأت حياة سهام تأخذ شكلاً آخر، وكان الدرب قد اتسع وامتدّ صعوداً، فاشتدّ كثافة عطاءاته والاستثمارات، وكأن خطواتها السابقة قد أوصلتها إلى مكان أوسع، مكان رحيب مشرف في ارتفاعاته وأكثر قرباً من السماء، مكان تنشر فيه طاقتها ، وحماسها المتدفق.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص143
_ انه العبور
أبواب جديدة تفتحت على آفاق جديدة، زاد فيها عدد النساء اللواتي رافقنها واشتدّ عودهنّ بها ومنها، خاضت معهنّ. الدروب الجديدة صعوداً، في الدرس والاهتمامات، فقد تضاعف الدرس وتنوعت المطالعات واشتدّ العمل والنشاط
الدؤوب.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص143
_ انه العبور
كلما ضاق وقتها أعادت تنظيمه لتجده قد اتسع بما يكفي وتجد الهاماً دائما، وشيئاً يتجدد فيها. اقترابها من السماء يزداد، هي تصعد ترتقي، شعرت سهام أنها تزداد قرباً في كل يوم، وتزداد رؤيتها وضوحاً
كلما اقتربت. شعرت بوجود تلك الرحمة وذاك اللطف، من رب رحيم عطوف يرى خطواتها اليه، ترى نفسها وهي ترحل عميقاً في ساحة رحمته، وتنضوي تحت رداء لطفه الذي يتدفق، يسمع مناجاتها ولسانها الذي ما انفك يشكره.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص143_144
_ إضافات على الطريق
سميّة التي شاهدت فيها سهام دفعاً كبيراً للتقرب، في كل ما قرأته عن الأمومة في الإسلام، عن ثوابها والأجر الجزيل، لكل ما تحتاجه الامومة من جهد كبير، وعاطفة لا مثيل لها. فرحت بذلك سهام، وأرادت ان تستثمره بكامله وإلى اقصى الحدود، طمعا بذلك الكرم الدافق، لتخصص لها المزيد من الجهد والرعاية، وتحاول بكل ما تستطيع ان توفق بين هذا الجديد وما كانت عليه من قبل، واثقة من ان ربها سيعينها ، واثقة من نجاحها في كل هذا.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص147
_ بنت الهدى
أهم تلك الأماكن منزل السيّد محمد باقر الصدر، كانت على معرفة بهذا السيّد العظيم الحليل فهو استاد زوجها قبل زواجه منها. قدم من لبنان إليه حاملاً معه رسالة توصية، من ابن عمه السيّد موسى الصدر، الذي كان أستاذ السيّد عباس ومربية قبل قدومه إلى النجف. بقي تلميذ السيّد محمد باقر الصدر ومن مريديه في كل تلك السنوات. وما سمعته أم ياسر من زوحها خلال هذه السنوات، وما درسته في السنوات الأخيرة من كتبه. جعلها مبهورة بعلومه السامية المتنوعة، ولذكر اسمه على مسامعها وقع من الرهبة والتقديس.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص151
_ الرحيل الموجع
بنت الهدى أميرة نساء ذاك العصر، مثال وقدوة، بنت الهدى التي لم تر فاصلاً بين هموم السياسة والهموم الاجتماعية، كانت تحارب النظام الجائر إلى جانب أخيها المرجع الفذّ.
حين تجرأت المخابرات على اعتقاله، خرجت بنت الهدى إلى الصحن الشريف، وحرّضت الناس ودعتهم إلى التظاهر و الاحتجاج، فاجتمع الناس وارتفع الصوت، فأخرجه سجّانوه مرعوبون خائفون.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص157
_ الرحيل الموجع
من تلك الأحداث تعلمت الخوض في السياسة ومتابعة مجرياتها، خاصة في لبنان ومحيطها عبر السيّد عباس. تنكشف لها تلك الدهاليز وأساليب الظلم، ودواعي الأزمات، وكيف يستثمر الساسة اوضاع بعينها، وعبره عرفت عن فلسطين أكثر، وعن تلك الدولة العنصرية الشرسة، وهي تغوص في مشاكل العراق ومعاناة النجف وتراها بأم العين، وتعتمل في روحها معاناتهم، واشتداد الأزمة المتسارع.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص159
_ الجعل الكريم
علّمت عدداً من النساء بعضاً مما تعرف، وارشدتهن إلى المزيد، كانت تقف مذهولةً أمام هذا الذي يحدث في البيوت، بانفعال وبكثير من الحب والتأثر، قالت لصبية كانت على وشك الطلاق:
- ماذا تفعلين بزوجك وبنفسك؟ ان كثيراً من المشاكل مؤقتة وتزول، وما أهون الصبر عليها. ما أهون الصبر على فقر لن يدوم، وأحوال تتغير، وماذا تفعل الشكوى
وما الذي يُجنى من التذمر والغضب؟! ماذا تفعلين بزوجك وبنفسك وانت تهدمين تلك المودة، التي جعلها ﷲ فيكما، رجتها أم ياسر بكل عطفها ، تعالي تعالج تلك المشكلات معاً، وإذا جاء زوجك المرهق من درسه استقبليه بأفضل ما يكون وبأحسن هندام. مبتسمةً بشوشة، وقد هَيأتِ له كل ما تستطيعين من وسائل الراحة، وهذا أمر يسير.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص168-169
_ إستحضار النجف
تتابع أم ياسر خطوات السيّد بما استطاعت من عون، وحين تغلق الأبواب، ويضيق الأفق أمام الحلول، ترفع أم ياسر يدها إلى السماء، معتمدة على تجربة طويلة في الدعاء.
أوصلتها لقناعة لا يصاحبها شك، *ان ﷲ لا يترك مقاصد الساعين إليه دون عون وتسديد* وليس أمام السالك إليه
درب مغلق، وإن بدا الأمر مستحيلاً كما هو حال المدرسةالوقف. والسيّد يعمل بلا يأس ولا انقطاع، لتحويلها إلى حوزة. فتدخل السيّد موسى الصدر مشجعاً وداعماً، وكذلك العشائر ووجهاؤها، وفتح ﷲ أبوابها للسيد عباس، حافظاً عنده كل الجهد المبذول، لتكون أول حوزة بتلك المواصفات في لبنان.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص174-175
_ فرح الساحة وأحزانها
لم ينقطع يوماً التواصل بين السيّد عباس والسيّد محمد باقر الصدر في العراق، المحب والداعم للثورة في إيران، يقول لهم: *«ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب هو في الاسلام»*. وتتعلق أم ياسر بشخصية الإمام الخميني وتتابع كل خبر أو مقال، خطاب منه أو كلام. يأسرها حضوره الهاشمي، تقرأ له وتقرأ عنه، وتسأل السيّد عباس، لتزداد تعلقاً به، وايماناً بإنتصار ثورته التي هي في وجدانها مباركة مدعومة بحول من ﷲ وقوته، تشارك في الدعاء وفي النداء، في صرخات ﷲ أكبر التي كانت تتردد على اسطح المنازل في الوقت الذي يحدده الإمام، وفي كل ما تستطيع من أساليب دعم وولاء، وتشعر بالانتماء لهذا الفكر الثوري، المؤمن بالقدرة على التغيير، تشعر بأنها جزء من تلك الثورة، وتحمل لواءها أينما حلّت.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص186
_ علِّمينا يا أم ياسر
أم ياسر تقصد تماماً ما تردده في تلك الكلمتين "ﷲ بعين" وكما تُصرح في كل مناسبة عما هي مقتنعة به، قناعة لاشك فيها ، فهو عندها معين في كل شيء ، مهيئ الظروف مسبب الاسباب، وتراه شديد اللطف بها ، بعد كل هذا كيف لا تكون كما يحب، وكيف لا تحار في شكره.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص206
_ للمقاومة كل المكان
في المواقع الثابتة للمقاومة، كان التّحدي الكبير، في جبل صافي ومنطقته، ظلت تلك المنطقة عرين المقاومة ورمزها ، ولم تسقط رغم كل شيء، رغم الاستهداف الذي طالها من جميع الجهات والاتجاهات، وأم ياسر لم تهدأ ابداً، ويزداد بعد ذلك التأييد والدعم الشعبي للمقاومة.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص219
_ الدخول إلى الصعب
تقرأ لآية ﷲ مطهري، وآية الله الطبطبائي، وللأحب عندها امام المجاهدين كما تقول الإمام الخميني، وفي السياسة والاجتماع، حتى وهي تحمله، وكم من المرات وجدوها غافية وبين يديها الكتاب ومحمد ، وتداري حتى لا تنشأ علاقة سيئة بين الكتاب ومحمد ، فهو يكره اي شيء يصرف عنه امه، يريدها له وحده، ويلجأ للصراخ والبكاء والشغب، عندما تنصرف عنه.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص231
_ الخروج من الصعب
استيقظت على أذان الصبح مبهورة فرحه، فرحاً لم تعرف مثله من قبل، تروي ذلك الحلم للمقربين وللسيد عباس وضحكتها تملأ الدنيا ، رأت في ما يراه النائم ان الطريق المؤدية إلى منزلها تتشح بالسواد، وعلى جنباتها اعلام سود كثيرة، وكلما اقتربت من المنزل كلما تكاثر ذلك السواد، حتى اذا ما وصلت إلى المبنى رأت على مدخله كتابة واضحة كبيرة "منزل الشهيدة أم ياسر"
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص235
_ الخروج من الصعب
ذلك الضيف الايراني الكبير، تعجب لهذا الحديث الغريب، وما نقله السيّد عباس، أو هو اراد التأكد، فاتفق مع السيّد ان يختبرها بنفسه، وكان له ما أراد، وقد أعّد لذلك عدته من جمل، وملامح تمثيل فيها الكثير من الأسى والتعاطف، وواجهها بكل اتقان يعرفه، ومقدمات مقنعة شديدة التأثر، وختمها بجملة:
- عظم ﷲ اجركم باستشهاد السيّد عباس...
ابتسمت وقالت بكل ثقة وبراءة: لن يستشهد السيّد الا معي.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص238
_ عائلتان
ازداد اقترابها من السيّد وأصبح أشد من أي وقت مضى، حين تولى السيّد الأمانة العامة لحزب ﷲ. لم تكن سعيدة بهذا المنصب وكأنها أُخذت إلى مكان لا تريده، وكعادتها حين تؤخد إلى مكان لا تريده، فقامت من فورها وعملت على تفعيله واستغلال اجمل ما فيه، ودفع شوائبه أو استثمارها ، بدأً بعائلتها ومن اليوم الأول، جمعتهم وحدثتهم عن هذا الوضع الجديد. تصحح لهم زاوية النظر تريد لهم أن ينظروا اليه بعين غير عيون الناس، فهو هم ومسؤولية. طلبت منهم ان يكونوا أكثر تواضعاً وحرصاً مما مضى حدثتهم انهم الان مكشوفون امام الناس واي خطأ وان كان صغيراً أو غير مقصود سيكون جسيماً ابتداء من اليوم وان مساحة الحرية ضاقت عليهم، وبكثير من الحسم والشدة حذرتهم ان اياكم ثم اياكم ان تميزوا انفسكم عن الناس وان الاقتراب من المساكين والفقراء هو الرد الحقيقي على هذا الابتلاء الجديد.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص239
_ درب الوصول
قبل افول شمس ذلك اليوم بقليل، كان الخبر العاجل يتكرر على كافة المحطات الاذاعية من اقصى الأرض إلى اقصاها، خبر ملحاح مفاده:
قصفت الطائرات الاسرائيلية موكب السيّد عباس الموسوي، واصاب صاروخ المقعد الخلفي لسيارته اصابة مباشرة، مما ادى إلى استشهاده مع وزوجته وولده على الفور.
الوصول، مشاهد من حياة امرأة مثال، دار الولاء، ص251
هل تعلم؟
فقرة الأخطاء الشّائعة
_ من أشهر الكلمات المتداولة يوميًا في حديثنا كلمة "مبروك" التي نستخدمها عند التهنئة بمناسبة سعيدة، والأصح أن نقول مبارك، لأن مبروك اسم مفعول من الفعل "بَرَكَ" أي برك الجمل أو بركت الدابة، والصواب أن نقول مبارك، بارك اللّٰهُ الشيءَ وفيه وعليه: جعل فيه الخيرَ والبركة.
_ لا تقل: "غضبَ بدون سبب".
بل قل: "غضب دونَ سبب، أو غضب بلا سبب".
لأنّ "الباء" لا تدخل على دون.
_ لا تقل: "وصل إلى عنده".
بل قل: "وصل عنده".
لا يدخل على"عنده" من حروف الجرّ سوى "من".
اخترنا لكم :
_ من كلام السيد القائد بحقّ السيدة فاطِمة الزهراء عليها السلام:
" إنّ المراتب المعنوية للسيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) تُعدّ ضمن أرقى المراتب المعنوية لعدد قليل من أفراد البشرية. فهي معصومة، والعصمة شيءٌ يختصّ به عددٌ قليل من الأولياء الإلهيّين بين أبناء البشر. وهذه الإنسانة الجليلة من هذه الفئة، خصوصاً في ضوء حقيقة أنّ هذه المرأة المسلمة المجاهدة في سبيل الله لم تعش أكثر من نحو عشرين عاماً - طبعاً على اختلاف الروايات التي تترواح ما بين ثمانية عشر عاماً وخمسة وعشرين عاماً - فهي امرأة شابة لها هذه المرتبة العُليا في مصاف الأولياء والرسل وأمثالهم، ويُلقّبها الرسل الإلهيين بـ «سيدة نساء العالمين». إلى جانب هذا المقام المعنوي فإن الخصال الممتازة والأداء الفذّ في الحياة الشخصية لهذه السيّدة الجليلة تُعدّ كلّ محطة فيها درساً. تقواها وعفّتها وجهادها وحُسن تبعّلها وحُسن تربيتها للأبناء وفهمها السياسي ومشاركتها في أهم ميادين حياة الإنسان خلال ذلك العهد - سواءً في فترة الحداثة والطفولة أو فترة ما بعد الزواج - *كل شيء في حياتها كان درساً، وهو ليس درساً لكنّ فقط أيتها السيدات، بل هو درس لكل الإنسانية.* إذاً، هذا الاقتران هو فرصة لنا، فيجب التدقيق في حياة فاطمة الزهراء (ع) ومعرفة هذه الحياة بنظرة جديدة وفهمها وجعلها نموذجاً وقدوة بالمعنى الحقيقي للكلمة".
_ من رواية كوخ العم توم للكاتب هارييت ستاو:
"عجیبٌ حقًا! إِنّكِ لا تجدينَ أيّما بأسٍ في أَن يُلاطِفَ الطّفلُ كلبًا كبيرًا حتّى ولو كانَ أَسودَ اللّونِ حالكًا، ولكنّ أَعصابَكِ لا تتحمّلُ رؤيةَ هذا الطّفل عينَه يُلاطِفُ مخلوقًا مِثلَ هذا قادرًا على أَن يُفكِّر وَيَعقل وَيشعُر! وَكيفَ يَستِطيعُ البائِس المِسكين أَن يحيا إذا ما حُرِمَ عَطفَ الأطفال؟ إنّ الأطفالَ الصّغار هُم الكائِنات الدّيموقراطيّة الوحيدة في هذهِ البِلاد. إِنّهُم زَهراتٌ مِن جنّةِ عدن أَنزلها الله خصّيصًا لِلفُقراء والمساكين ليتعزّوا بها عمّا يُصيبُهم مِن ظلمٍ اجتماعيّ لا يُحتمل"
_ من مجلة بقية الله للكاتبة نهى عبد الله:
"«أن تحبّ أحداً، يعني أن تتمسّك به». في ذلك اليوم الذي لم يشبه يوماً من أيّامنا، رأينا هذه الحقيقة تسير بين الناس. كان امتداد المجتمعين يتجاوز أُفق البصر مهما امتدّ بعيداً، استمرّت الحشود في الوصول ولم تنتهِ، كان بإمكانك أن تقرأ مصير كلٍّ منهم من ملامح وجوههم؛ بعضها شاحب، وأخرى مكفهّرة، وثالثة طغى عليها الخوف والوجل، وثمّة وجوه مطمئنّة وجميلة هادئة لكنّ طول الانتظار أتعبها. طال الوقوف، حتّى عجزنا عن احتساب الزمن، كلٌّ يأمل أن يناله طيفُ رحمة، أو رمقٌ منقذ، وأن تُشرع تلك البوابات المهيبة، فالانتظار الطويل يفتح شهيّة الاحتمالات ويُضاعف المخاوف.
فجأةً، صاح صوتٌ، أسمع بشدّته آذان الحشود الغفيرة كلّها: «غضّوا أبصاركم». بعضنا زادت مخاوفه، وبعضنا الآخر تسارعت نبضات قلبه: «هل يحدث الآن؟»؛ فالأحداث هنا وقعها مختلف. شيئاً فشيئاً انبلج صبح ذلك اليوم، بدّد عتمة ليل انتظارنا وعنائنا، مرّ موكبها بنورٍ لا يشبه الشمس، كأنّما لآلئ الأكوان اجتمعت دفعةً واحدة، أزهرت فجذب نورها ثلّة خاصّة، ميّزتهم بين أكوام الخلائق بسهولة كأنّما عرفتهم مُسبقاً، أعناق الناس اشرأبَّت، من ستناله جذبتها؟ كان لقاء المُخلصين مهيباً، سارت بهم وخلفها مِرطُها يمتدّ منساباً خلفها، كأنّما كان سيل رحمة آخر، تجدّد الصوت: «يا محبّي فاطمة، أمسكوا بأهداب مِرطها، كما تمسّكتم في الدنيا بها، وتقدّموا إلى الجنّة».
يومها، سيكون عدد المتمسّكين وأشكالهم وألوانهم ولغاتهم واختلاف أزمانهم مفاجئاً لنا. وإلى ذلك اليوم، كيف نُحسن التمسّك بمرطها؟!".
_ وصايا تهزُّ الإنسان وتوقظه
بهذا عبّر الإمام الخميني قدس سره: "عندما أقرأ وصيّة مربّية لشهيد، فإنّني أشعر بالحقارة والضِعة"، وأضاف قائلاً: "إنّ هذه الوصايا تهزُّ الإنسان وتوقظه".
ذلك الإمام العظيم، رأى في وصايا الشهداء ما يُزيل الغشاوة عن عقول الشباب والشابّات المعارضين للثورة وقلوبهم، فأوصاهم بالاطّلاع عليها؛ ليتعرّفوا على أهداف الثورة، وليتبيّن لهم مَن يُناصر المحرومين والمظلومين. وهذا يدلّ على ثقة الإمام قدس سره بالتأثير الكبير لهذه الوصايا.
_ اخترنا لكم من وصيّة الشهيد السيّد عبّاس الموسوي "رضوان الله عليه" :
"عندما يَصِلُ قلبكَ إلى التَعلّق بالموقعيّات والمَسؤوليات، فافتح يا حبيبي عَينيك: أنتَ في الهاوية! وهذا الهَواء الذي تشعُرُ بهِ ليسَ هواء قمّة الجَبل، إنّهُ هواءُ السّقوط. الموقعيّة العُظمى أن تكونَ في اللامَوقِع، وأنتَ تَخدُم النّاس برمشِ عينيك!".
_ اخترنا لكم من وصية الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني رضوان الله عليه:
"إلهي! يداي خاويتان؛ فلا شيء لديهما تقدّماه ولا طاقة لهما على الدّفـاع، لكنّني ادّخرت في يداي شيئًا وأملي معقودٌ على هذا الشّيء؛ إنّهما كانتا دائماً ممدودتين إليك، في تلك الأوقات التي كنت أرفعهما إليك، وعندما كنت أضعهما لأجلك على الأرض وعلى ركبتيّ، وعندما حملت السلاح بيدي لأجل الدّفــاع عن دينك؛ هذه هي ثروة يداي وأملي بأن تكون قد تقبّلتها".
برامج
504قراءة
2024-05-03 09:34:07