العلبة الذهبيّة
عاقب رجلٌ ابنته ذات الثلاثة أعوامٍ لأنّها أتلفت لفافةً من ورق التغليف الذهبيّة. فقد كان المال شحيحًا، وقد استشاط غضبًا حين رأى طفلته تحاول أن تزيّن إحدى العلب بهذه اللفافة لتكون على شكل هديّةٍ. على الرغم من ذلك، أحضرت الطفلة الهديّة لأبيها بينما هو جالسٌ يشرب قهوة الصباح، وقالت له: "هذه لك يا أبتِ". أصابه الخجل من ردّة فعله السابقة، ولكنّه عاد واستشاط غضبًا ثانيةً عندما فتح العلبة واكتشف أنّ العلبة فارغةً. فصرخ في وجهها مرّةً أخرى قائلًا: "ألا تعلمين أنّه حينما تهدين شخصًا هديّةً، يفترض أن يكون بداخلها شيءٌ ما؟".
ثمّ ما كان منه إلّا أن رمى بالعلبة في سلّة المهملات ودفن وجهه بيديه في حزنٍ. عندها، نظرت الفتاة الصغيرة إليه وعيناها تدمعان قائلةً: "يا أبي، إنّها ليست فارغةً، لقد وضعت الكثير من القُبَل بداخل العلبة وكانت كلُّ القبل لك يا أبي!".
تحطّم قلب الأب عند سماع ذلك. وراح يلفّ ذراعيه حول فتاته الصغيرة، ويتوسّل لها أن تسامحه، فضمّته إليها وغطّت وجهه بالقبل. ثمّ أخذ العلبة بلطفٍ من بين النفايات وراحا يصلحان ما تلف من ورق الغلاف المذهّب، وبدأ الأب يتظاهر بأخذ بعض القبلات من العلبة فيما ابنته تضحك وتصفّق وهي في قمّة الفرح. استمتع كلاهما بالكثير من اللهو ذلك اليوم.
وأخذ الأب عهدًا على نفسه أن يبذل المزيد من الجهد للحفاظ على علاقةٍ جيّدةٍ بابنته ، وقد فعل، وازداد الأب وابنته قربًا من بعضهما مع مرور الأعوام.
وحفظ الأب تلك العلبة الذهبيّة لسنواتٍ لاحقةٍ. و وضع العلبة على طاولةٍ قرب سريره، وكلّما شعر بالإحباط، كان يأخذ من تلك العلبة قبلةً خياليّةً ويتذكّر الحبّ غير المشروطٍ من ابنته التي وضعت تلك القبل في العلب ة.
كلُّ واحدٍ منّا كبشرٍ، قد أعطي مثل هذه العلبة الذهبيّة، قد مُلئ بحبٍّ غير مشروطٍ من أبنائنا وأصدقائنا وأهلنا. وما من شيءٍ أثمن من ذلك يمكن أن يملكه أيّ إنسانٍ.
يجب علينا أن نتذكّر دائمًا بأنّه يجب فهم من حولنا وإظهار المحبّة لهم والتعامل معهم بلطفٍ، وحينها سنعلم كم يمكلون لنا من حبٍّ غير محدودٍ.