دافعيّة الفرد
• تعريف الدافعيّة الداخليّة: هي تلك القوّة التي نجدها داخل النشاط، والتي تجذب الفرد نحوها وتشدّه إليها، فيشعر بالرغبة في أداء العمل، أو الانهماك في الموضوع، ويتّجه نحوه دون وجود تعزيزٍ خارجيٍّ ظاهرٍ؛ فالتعزيز متأصّلٌ في العمل أو الموضوع ذاته، وهذا النوع يعتبر أفضل من الدافعيّة الخارجيّة لعمليّة التعلّم. ومن الأمثلة على الدافعيّة الداخليّة في عمليّة التعلّم:
1- أهميّة الموضوع بالنسبة لحياة الفرد ومساعدته على حلّ مشكلاته.
2- الوضوح في الموضوع بالنسبة للفرد من حيث الهدف والفائدة.
3- الارتباط بين ميول واتجاهات وحاجات الفرد، والموضوع المطروح.
• تعريف الدافعيّة الخارجيّة: هي القوّة الموجودة خارج النشاط أو موضوع التعلّم، ولا علاقة تربطها به، وتستخدم عادةً لدفع التعلّم نحو العمل للقيام به أو الاهتمام به، وفي هذه الحالة يكون التعلّم وسيلةً لتحقيق هدفٍ خارج موضوع التعلّم نفسه؛ ومن الأمثلة على الدافعيّة الخارجيّة:
1- الجوائز الماديّة: هديّة، بدل مالي...
2- الجوائز المعنويّة: كالعلامات والثناء، نيل إعجاب الأفراد، التقدير، الإرضاء.
• الفرق بين الدافعيّة الداخليّة والخارجيّة:
1- إنّ العمل في الدافعيّة الداخليّة هو سببٌ وحافزٌ للسلوك الذي دفع الفرد نحو الهدف أو العمل المرغوب فيه، أمّا في حالة الدافعيّة الخارجيّة والتي تتمّ عن طريق الترغيب والإثابة والمعنويّة والماديّة والموعد، فإنّه يكون غير مرتبطٍ بالعمل نفسه.
2- الدافعيّة الداخليّة أقوى وأبعد أثرًا، وأقدر على الثبات والاستمراريّة من الدافعيّة الخارجيّة، وهي تؤدّي إلى تعلّمٍ أقوى (قويّ المعنى) وقابلٍ للبقاء والاسترجاع والانتقال.
• الدافعيّة الداخليّة وأثرها:
الدافعيّة: هناك إفتراضاتٌ (فرضيّاتٌ) عديدةٌ لهذا المنظور، فمنهم من يفترض وجود خصائص أساسيّة في تكوين الإنسان وهي التي تحدّد طبيعة السلوك (العديد من علماء النفس تحدّث بذلك) وأكثر ما تتّسِق مع الرأي العام نظريّة "ماسلو" عن الدافعيّة، حيث يظهر أنّ الفرد يجب أن يكون لديه أوّلًا كفايته من الطعام قبل أن يتقدّم نحو الأمور الأخرى.
ومنهم (ماركس) من يدعم فكرته بأنّ مصدر السلوك هو خارج الفرد وليس بداخله، ومنهم من يخلص بالقول بأنّ الإنسان يولد صفحةً بيضاء، والخبرات التي يتعرّض لها هي التي تملأ هذه الصفحة، وتشكّل الفرد، ونظريّةٌ تقول بأنّ الدافعيّة لا يمكن أن تكون فقط خارجيّةً أو داخليّةً محض، بل هي وليدةٌ لتفاعل الإنسان مع الأشياء، وغيرها من النظريّات.. لكن نخلص بالقول إلى أنّ الدافعيّة لها دورٌ بارزٌ في عمليّة التعلّم عند الفرد، إذ لا تعلّمٌ دون دافعيّةٍ بجانبَيها (الداخليّ والخارجيّ)، إلّا أنّ الدراسات تؤكّد أكثر على أنّ فعاليّة الدافع الداخليّ أكبر أثرًا في إستمراريّة التعلّم من الخارجيّة (كالمكافآت والحوافز...)، باعتبار أنّ الأولى لها علاقةٌ بحاجات وقيم واتجاهات واهتمامات، وتظهر عمليّة التأثّر بقوّة الدافعيّة عند الأفراد انطلاقًا من فروقاتٍ فرديّةٍ، (فليس من العدل أن نقدّم لجميع الأفراد مكافأةً بذات المستوى، إذ أنّ هذا الفرد يحتاج إلى مكافأةٍ تختلف عن الآخرين).
وكثيرٌ من الأفراد يُحرم من استمراريّة النجاح، بسبب فشل وعدم قدرة المعلّم على التحفيز واستثارة الدافعيّة.
«تكرار النجاح يقود إلى النجاح، وتكرار الفشل يؤدّي إلى الفشل». (مريم سليم: علم نفس التعلّم ص500).
وعليه، لا بدّ من الالتفات إلى جانب الدوافع الخارجيّة، كتوفير ظروفٍ لإثارة الاهتمام بموضوع التعلّم وتحقيق الأهداف/ الإثارة، وهناك بعض التطبيقات التربويّة لأثر الدافعيّة في التعلّم منها حاجاتٌ فزيولوجيّةٌ: أمانٌ، انتماءٌ، تقدير الذات (سلّم ماسلو).
• اجعل قاعة الصف آمنةً سيكولوجيًّا (حاجة الأمان) جوّ القاعة.
• انتبه إلى ما قد تفعله ويثير القلق عند الأفراد.
• اخلق أجواءً للمبادرة من قبل الأفراد.
• إذا ما تغيّب فردٌ، قُم مع زملائه بالاتصال به، وعند عودته أشِر إلى ذلك.
• نظّم خبراتٍ تعليميةً يكتسب من خلالها التلاميذ تقدير واحترام للذات. (التقليل من المقارنة، تقديم مساعدة للذين يتعلّمون ببطءٍ).
• تجنّب صعوبات فرص النموّ (عدم طرح التفكير الحدسيّ والتخمين..).
• اجعل الأفراد يتذوّقون طعم النجاح (عدم المبالغة في التأنيب والثناء).
• راعِ مساوئ ومزايا المكافأة المعنويّة والمادّيّة (دافعيّة خارجيّة).
••• استراتيجيّاتٌ لبناء الدافعيّة الداخليّة/ تنشيط الدافعيّة الداخليّة:
ما هي الظروف التي تعزّز الدافعيّة الداخليّة عند الأفراد؟
الاستراتيجيّة الأولى: التخلّص من التهديد، وهو يحتاج إلى وقتٍ وإلى عزيمةٍ قويّةٍ، غير أنّه يستحقّ ذلك (ويكون ذلك من خلال كشف المشاكل، باجتماع الأفراد لمجموعاتٍ صغيرةٍ تطرح ما يعيق تعلّمهم، بعدها تناقش كيف يمكن التغلّب على بعض المشكلات، والطلب من الأفراد أن يكتبوا دون ذكر أسمائهم)، تجنّب كثرة الطلبات.
الاستراتيجيّة الثانية: هي وضع أهدافٍ (مع بعض الخيار للمتعلّم) على أساسٍ يوميٍّ، يمكن أن يزوّد التلاميذ بشكلٍ أكثر تركيزًا. طرح قصصٍ شخصيّةٍ لإثارة الاهتمام، وهذا يضمن أن يكون المحتوى وثيق الصلة بالأفراد (جوٌّ من الجدّيّة والحركة والاختيار).
الاستراتيجيّة الثالثة: التأثير الإيجابيّ على أفكار الأفراد بشأن أنفسهم وشأن موضوع التعلّم. وهذا يتضمّن استخدام التأكيد الإيجابيّ والاعتراف بنجاحات الأفراد من خلال بعض النشاطات (العمل الجماعي) وتكون بطريقة (الابتسامة/ حركة اليد..).
الاستراتيجيّة الرابعة: التحكّم بانفعالات الأفراد من خلال الاستخدام الإيجابيّ للطقوس والحركة والاحتفال، وتعليم الأفراد أن يتحكّموا بانفعالاتهم.
الاس تراتيجيّة الخامسة: التغذية الراجعة، أحد أهمّ مصادر الدافعيّة الداخليّة، ويتمّ ذلك من خلال وقت التبادل، ووضع الأهداف، والعمل الجماعيّ، ووقت الأسئلة والأجوبة -إعادة موضوعٍ يمكن للأفراد أن يؤدّوه باستخدام تغذيةٍ راجعةٍ وتُدار ذاتيًّا- ونجاح هذه التغذية يتوقّف على التحضير والتصميم الدقيق للموجّه والمرشد.
••• متى تقبل الدافعيّة الخارجيّة؟
• عندما تستخدم للبدء في نشاطٍ معيّنٍ.
• عندما يوجد نوعٌ من العمل لا يمكن أن يعتمد فيه على نشاطٍ ذاتيٍّ.
من أحد النماذج والتي تثبت أهميّة الدافعيّة الداخليّة، وحول الدافعيّة المتعلّقة بالتعزيز الخارجيّ:
الكثير من العلماء بيّن أنّ التعزيز يخفّض الدافعيّة الداخليّة، إلّا أنّها ليست قاعدةٌ ثابتةٌ بعد طرح الآخرين، إذ يبيّن بعض الباحثين أنّ التعزيز وحده لا يؤدّي إلى انخفاضٍ بالدافعيّة الداخليّة، إنّما القواعد أو الضغوط التي نضعها على النشاط.
مثال: تمّ وضع 80 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 4 و5 سنوات، للمشاركة بنشاط اللعب بـ"البازل puzzle " الذي يُعتبر مثيرًا وجذّابًا بالنسبة للأطفال..
في المجموعة الأولى: قيل للأطفال أنّهم إذا أنجزوا العمل جيّدًا سوف يلعبون بألعابٍ أخرى (إنسانٌ آليٌّ...) حيث رأَوها.
في المجموعة الثانية: لعب الأطفال بالبازل بأنفسهم "دافعيّةٌ داخليّةٌ".
وبعد ذلك قسّمت كلّ مجموعةٍ إلى مجموعتين، ووضعوا كاميرا تصوير عند كلّ مجموعةٍ وقيل لهم ذلك. (للتعرف ما إذا كان قام بالنشاط بشكلٍ جيّدٍ):
بعد ثلاثة أسابيع: تمّ اختبار الدافعيّة الداخليّة، وذلك بترك الأطفال في نشاطٍ حرٍّ، ومراقبَين غير مرئيّين، عدّ المراقبان الأطفال الذين يُقبلون على اللعب بشكلٍ عفويٍّ، فلاحظا أنّ المكافأة تخفّض الدافعيّة الداخليّة التي قيست بالاختبار الحرّ للّعب.
لكنّ الجديد هنا هو دور المراقبة، حيث خفّضت الانجذاب إلى اللعبة (الدافعيّة الداخليّة) بنسبة 20%. وتمّت ملاحظة تأثيرٍ متراكمٍ للمراقبة، حيث إنّ 90% من الأطفال الذين لم يتمّ وعدهم بألعابٍ أخرى، يلعبون بعفويّةٍ، بينما 50% من الذين تمّ وعدهم بالمكافأة، تمّت مراقبتهم يعودون إلى اللعب.
باختصار:
إنّ الدافعيّة الداخليّة تنخفض عند الفرد عندما يعرف أنّه مراقبٌ ممّا يحدّ من استقلاليّته، من هنا فإنّ المكافآت (المال، الجوائز..) تعمل لوقتٍ محدّدٍ فقط.
برامج
2838قراءة
2015-11-04 19:51:35