من أراد التوبةَ والعودةَ إلى الله، فهذا شهر رمضان شهر التوبة والعودة، ومن أراد الاستقرارَ والقربَ من الله تعالى فهو شهر الدعاء ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ (البقرة: 186(، ومن أراد إصلاحَ ما فَسُد بينه وبين الله، فهو شهر الأوّابين: ﴿فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ (الإسراء: 25)، ومن أراد الهداية فهو شهره: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (البقرة: 185).
•مميّزات شهر رمضان
عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "هذا شهر رمضانُ شهرٌ مُباركٌ، افترض الله صيامه، تُفَتَّحُ فيه أبوابُ الجنّةِ، وتُغَلَّقُ أبوابُ السَّعيرِ، وتُصَفَّدُ فيه الشياطينُ"(1).
فشهر رمضان يتميّز بمجموعة أمور، أهمّها:
1. فتح أبواب الجنّة: وفيه ترغيب للمؤمنين في اغتنام هذا الشهر بالطاعات والقربات.
2. إغلاق أبواب النيران: لأنّ المؤمنين يقلّلون من ارتكاب المعاصي في هذا الشهر العظيم.
3. تصفيد الشياطين: أي تُسَلْسل، والمراد بالشياطين المرَدة منها، وهي أشدّ الشياطين عداوةً للإنسان.
4. المغفرة: وهي هدف العبد الآبق من الله إليه، والمسجون في هوى النفس، الطالب للحرّيّة من المعاصي، فقد شرّع الله تعالى أيّاماً وسنّ أعمالاً، إذا ما قام بها العبد حبّاً له وإخلاصاً وانقياداً له؛ غُفر له ما تقدّم من ذنبه.
5. العتق من النيران والدعوات المستجابة: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ للهِ عُتَقاءَ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيلَةٍ، لكُلِّ عَبْدٍ مِنهم دَعْوَةٌ مُستَجابَةٌ"(2)؛ فعلينا الإكثار من العتق في شهر رمضان، وهذا ممّا يشجّع الصائمين على التسابق لنيل هذا الفضل العظيم: بالإخلاص في العبادات والإحسان في أدائها، وترك المعاصي وهجرانها.
***المهمّة الأسهل في شهر رمضان هي غفران الذنوب، أمّا المهمّة الأكثر صعوبةً، فهي أن نجد أنفسنا التائهة، ونحيي أرواحنا الذابلة. إنّ التوبة التي تعزم عليها في ليالي القدر تنجز لك كلتا المهمّتين، لكن إلى متى؟! كلّنا نحتمل أنّنا سنعود للمعصية بعد عيد الفطر، ولربّما قبله أيضاً. كن واقعيّاً، وستدرك أنّك لن تصل إلى العصمة في ليلة القدر. نعم، قد تزداد مناعتك مقابل الذنب بنسبةٍ هائلة، وهذا إنجازٌ عظيم وهدفٌ يجدر التخطيط له والتوسّل لبلوغه، لكن ما ينبغي اكتسابه أيضاً هو تصحيح المسار؛ أي تعبيد الطريق لرحلةٍ أكثر أماناً وسلامة.
1.الأمالي، الطوسي، ص74.
2.كنز العمّال، المتّقي الهنديّ، ج3، ص153.
تدريب
1431قراءة
2021-04-13 15:51:25