يؤكّد إمام الأمّة روح الله الموسويّ الخميني قدس سره على ضرورة إحياء الشعائر الحسينيّة، والمحافظة على إحيائها، وعدم الإصغاء إلى أصوات المشكّكين أو المنحرفين أو الأعداء، فيقول قدس سره: ينبغي أن تحافظوا على مجالس عزاء الأئمّة الأطهار عليهم السلام فهذه المجالس هي شعائرنا الدّينيّة التي يجب أن نحافظ عليها. وهذه المجالس هي شعائر سياسيّة أيضاً ينبغي المحافظة عليها. ولا يغرّر بكم هؤلاء المتلاعبون بالأقلام ولا يستغفلكم هؤلاء الأشخاص ذوو الأسماء المختلفة والأهداف الانحرافيّة، فهم يريدون أن يأخذوا منكم كلّ شيء.
يجب أن تبقى المجالس الحسينيّة ومواكب العزاء على حالها، وينبغي أن يحيي الخطباء ذكرى شهادة الإمام الحسين عليه السلام، وليعِ الشعب قيمة هذه الشعائر الإسلاميّة، وليهتمّوا بهذه المآتم خصوصاً، فبإحياء ذكرى سيّد الشهداء عليه السلام يحيا الإسلام.
ويمكن لنا أن نشير إلى بعض ما جاء في كلمات الإمام رضوان الله عليه في مجال الشعائر الحسينيّة، ضمن العناوين الآتية:
1- التأكيد على ضرورة إحياء مجالس العزاء والشعائر الحسينيّة بشكل عامّ، كونها التي ساهمت في بقاء الإسلام وحفظه، وكذلك ساهمت في تحقيق الأهداف الحسينيّة، وكانت ولا تزال عنوان مواجهة ظلم الظالمين.
يقول قدس سره: إنّ الذي صان الإسلام وأبقاه حيّاً حتّى وصل إلينا نحن المجتمعين هنا هو الإمام الحسين عليه السلام الذي ضحّى بكلّ ما يملك وقدَّم الغالي والنفيس، وضحّى بالشباب والأصحاب من أهله وأنصاره في سبيل الله عزَّ وجلّ، ونهض من أجل رفعة الإسلام، ومعارضة الظلم...
ونحن السائرين على نهجه والمقتفين لآثاره، والمقيمين لمجالس العزاء التي أمرنا بها الإمام الصادق عليه السلام وأئمّة الهدى عليهم السلام، إنّما نكرّر عين ما كان، ونقول ما كان يقوله الإمام ويروم تحقيقه، ألا وهو مكافحة الظلم.
ونحن وخطباؤنا إنّما سعينا لإبقاء قضيّة كربلاء حيّة، قضيّة مواجهة الثلّة المؤمنة القليلة لنظام طاغوتيّ متجبّر، ونهوضها بوجهه مستمرّة متواصلة.
إنّ البكاء على الشهيد يُعدّ إبقاءً على اتقاد جذوة الثورة وتأجّجها، وما ورد في الروايات من: أنّ مَن بكى أو تباكى أو تظاهر بالحزن فإنّ أجره الجنّة، إنّما يفسّر بكون هذا الشخص يساهم في صيانة نهضة الإمام الحسين عليه السلام.
إنّ هذه المنابر وهذه المجالس والتعازي ومواكب اللطم هي التي حفظت لنا الإسلام.
2- التوجّه إلى البعد السياسيّ لمجالس العزاء:
يقول قدس سره أيضاً: إنّ ما أودّ أن أعرضه على السادة الخطباء هنا هو أنّ قيمة العمل الذي يقومون به ومدى أهمّيّة مجالس العزاء لم تدرك إلّا قليلاً، ولربّما لم تدرك بالمرّة، فالروايات التي تقول: إنّ كلّ دمعة تُذرف لمصاب الحسين عليه السلام لها من الثواب كذا وكذا، وتلك الروايات التي تؤكّد أنّ ثواب من بكى أو تباكى... لم تكن من باب أنّ سيّد المظلومين عليه السلام بحاجة إلى مثل هذا العمل، ولا لغرض أن ينالوا هم وسائر المسلمين هذا الأجر والثواب بالرغم من أنّه محرز ولا شكّ فيه حتماً، ولكن لِمَ جُعل هذا الثواب العظيم لمجالس العزاء؟ ولماذا يجزي الله تبارك وتعالى من بكى أو تباكى بمثل هذا الثواب والجزاء العظيم؟
إنّ ذلك يتّضح تدريجيّاً من ناحيته السياسيّة، وسيُعرف أكثر فيما بعد إن شاء الله. إنّ هذا الثواب المخصّص للبكاء ومجالس العزاء، إنّما يُعطى - علاوة على الناحية العباديّة والمعنويّة- على الناحية السياسيّة، فهناك مغزى سياسيّ لهذه المجالس.
لقد قيلت هذه الروايات في وقت كانت هذه الفرقة الناجية مبتلاة بالحكم الأمويّ، وأكثر منه بالحكم العبّاسيّ، وكانت فئة قليلة مستضعفة تواجه قوى كبرى.
لذا وبهدف بناء هذه الأقلّيّة وتحويلها إلى حركة متجانسة، اختطّوا لها طريقاً بنّاءً، وتمّ ربطها بمنابع الوحي، وبيت النبوّة وأئمّة الهدى عليهم السلام، فراحوا يخبرونهم بعظمة هذه المجالس واستحقاق الدموع التي تُذرف فيها الثواب الجزيل ممّا جمع الشيعة - على الرغم من كونهم آنذاك أقلّيّة مستضعفة - في تجمّعات مذهبيّة ولربّما لم يكن الكثير منهم يعرف حقيقة الأمر، ولكن الهدف كان بناء هيكل هذه الأقلّيّة مقابل الأكثريّة.
3- صنع النماذج والنخب القياديّة والجهاديّة:
يقول قدس سره: إنّ هذه المجالس التي تذكر فيها مصائب سيّد المظلومين عليه السلام وتظهر مظلوميّة ذلك.. (الإمام) الذي ضحّى بنفسه وبأولاده وأنصار
في سبيل الله، هي التي خرّجت أولئك الشبّان الذين يتحرّقون شوقاً للذهاب إلى الجبهات ويطلبون الشهادة ويفخرون بها، وتراهم يحزنون إذا هم لم يحصلوا عليها.
هذه المجالس هي التي خرّجت أمّهات يفقدن أبناءهنّ ثمّ يقلن بأنّ لديهن غيرهم وأنّهنّ مستعدّات للتضحية بهم أيضاً.
إنّها مجالس سيّد الشهداء عليه السلام ومجالس الأدعية من دعاء كميل وغيره، هي التي تصنع مثل هذه النماذج وتبنيها، وقد وضع الإسلام أساس ذلك منذ البداية وعلى هذه الركائز، وقدّر أن يتقدّم ويشقّ طريقه وفق هذا المنهج.
ولم يغفل الإمام رضوان الله عليه عن التوصية بترك بعض الممارسات الخاطئة التي تسيء إلى الشعائر فقال:
ينبغي أن تعلموا أنّكم إذا أردتم الحفاظ على نهضتكم فيجب أن تحافظوا على هذه الشعائر والسنن، وطبعاً فإنّه إذا كانت هناك أعمال وممارسات منحرفة وخاطئة يرتكبها أشخاص غير مطّلعين على المسائل الإسلاميّة فيجب أن تتمّ تصفيتها، لكنّ المواكب والمآتم ينبغي أن تبقى على قوّتها.
تدريب
1735قراءة
2021-08-10 16:56:07