التربية بالقصّة
يُعدّ أسلوب التربية بالقصّة واحدًا من طرق العلاج العديدة والناجحة في توجيه الأطفال، وخاصّةً أولئك الموهوبين منهم، فالقصة:
1- تُفيد الأهل والمربّين في فهم شخصيّات الأطفال، من خلال ملاحظة ردود فعلهم والمشاعر التي ترتسم على وجوههم.
2- تُعتبر من الأساليب المهمّة التي يُعتمد عليها في تشخيص مشكلات الأطفال.
3- تُستخدم كبديلٍ عن العلاجات النفسيّة المعقّدة، في علاج الأطفال من المخاوف والرغبات الجامحة.
4- تتميز القصة بأنّها لا تحمل الأوامر والنواهي والتوجيهات المباشرة التي تُزعج الأطفال،
فهي تٌقدم للطفل النماذج السويّة الصالحة من الشخصيّات ليقتدي بها، وتُعزّز جانب الفضائل بالمثوبة والمكافأة، لأنّ أحداثها تجري في جوٍّ مستقرٍّ وادع، يُظلّله العطف والحبّ والتعاون والمرح، حتّى تنتهي الحكاية بالحلّ الصحيح والنتيجة الإيجابيّة المرضية.
• كيف نستثمر القصّة بالأنشطة المتعدّدة؟
مثال:
قصّة "غسّان يعرف ما هو أحلى مكان"
تأليف: نبيهة محيدلي
رسوم: لجينة الأصيل
[نحن الآن في قرية غسّان وفي بيت جدّته، في الصباح الباكر أحبّ غسّان أن يذهب إلى مكانٍ حلوٍ وجميلٍ، مشى ومشى ومشى حتّى وصل إلى البستان الكبير. دخل غسّان البستان، وجد الفراشات تطير من زهرةٍ إلى زهرة، والأرانب تقفز فرحةً، والعصافير تزقزق.
" ما أجمل هذا المكان!"؛ قال غسّان: "لا بد أنّه أحلى مكان في القرية."
أكمل غسّان مشواره، صعد وصعد وصعد، حتّى وصل أعلى الجبل، جلس على صخرةٍ هناك، نظر تحته، وجد البيوت وقد بدت صغيرة.
"ما اجمل هذا المكان!" قال غسّان: "لا بدّ أنه أحلى مكان في القرية."
أكمل غسّان مشواره، نزل ونزل ونزل حتى وصل الوادي، نظر حوله، وجد الجبال تحيط به من كلّ جانب، صاح بصوتٍ عال: "هاها ..." ؛ ردّدت الجبال: "هاها...".
"ما اجمل هذا المكان!"؛ قال غسّان: "لا بدّ أنه أحلى مكان في القرية."
أكمل غسّان مشواره، مشى ومشى ومشى حتى وصل النهر الصغير، جلس على ضفّته سمع خرير الماء، وراقب السمك وهو يُحرّك ذيله يمينًا وشمالاً، والضفادع وهي تقفز هنا وهناك.
"ما اجمل هذا المكان!" قال غسّان:" لا بدّ أنه أحلى مكان في القرية."
غسل غسّان وجهه ويديه، ثم أكمل مشواره، مرّ بالوادي والجبل والبستان، حتى عاد إلى بيت جدّته. دخل البيت، عانق جدّته، قبّلها وقال: "كل الأمكنة حلوة في القرية، ولكن يبقى بيتك يا جدّتي هو أحلى مكان."
كيف نستثمر هذه القصّة مع الأطفال؟؟؟؟
أوّلاً: نعرض القصة معتمدين على الأساليب التالية:
1- قراءة الصور من قبل الأطفال دون تدخّلٍ منّا.
2- وضع فرضيّة: فالأطفال سيعبّرون عمّا تمثّله هذه الصور وترويه في رأيهم، وفي ذلك فرصةٌ رائعةٌ للحديث عن الطبيعة (الأنهار، الجبال، الوديان والبساتين...) وسيحلو للأطفال أن يعبّروا بطريقتهم الخاصّة، ودور المشرف هنا، أن يُحسن الإستماع والإصغاء، وأن يدع الأطفال يوجّهوا الحديث.
3- تصحيح الفرضيّة استنادًا للنص المكتوب: فالأسلوب الإيقاعيّ الذي كُتب فيه النص مناسبٌ للقراءة بصوتٍ عالٍ، وعندما يقوم المشرف بالقراءة سيلاحظ الأطفال ترتيب الأحداث وتكرار بعض العبارات مثل: "ما أجمل هذا المكان! لا بدّ أنّه أحلى مكانٍ في القرية". ودور المشرف هنا أن يدع لأطفاله الوقت لترديد هذه العبارات، وكم سيسعدهم المشاركة في القراءة، فهذا يمنحهم الشعور بأنّهم أصبحوا يقرأون كالكبار، ويبقى الأهم، ألا يُشغل المشرف نفسه إذا ما كان يقوله الأطفال مطابقًا تمامًا للنصّ أم لا، فالمهمّ أن يعبّر الأطفال.
ثانيًا: التعبير بالرسم
يمكن إعداد كتاب مصوّر (ألبوم)، بحيث نطلب من الأطفال كمجموعات، اختيار مشهد من الأماكن التي زارها غسّان ورسمه، ومن ثمّ تجميع المشاهد وترتيبها حسب التسلسل الزمنيّ للقصّة.
ثالثًا: التعبير بالتمثيل
يمكن للأطفال تمثيل الحكاية بحيث يقوم الأطفال بآداء أدوار القصّة (دور غسّان ودور الجدّة)، والمهم ألّا يُجبِر المشرف أيّ طفل على القيام بدورٍ لا يرغبه، كما يفضّل أن تعطى الفتيات أدوار الإناث، والفتية أدوار الذكور.
رابعًا: زاوية الأشغال الفنية
مثلاً أن نصنع من الكرتون وبعض المواد البسيطة ديكور المسرحيّة وبعض الشخصيّات الإضافيّة، كالفراشات والورود في قصّة غسّان، تُصنع من الكرتون والأسلاك والكريبون.
خامسًا: الإيقاع
من خلال تدريب الأطفال على الاستماع لأصوات: العصافير، المياه، صدى الصوت(الجبال)...
سادسًا: أنشطة حركيّة مستوحاة من القصّة
• لعبة القفز: تقليد قفز الأرنب والضفدع، وممكن أيضًا تقليد طريقة سباحة السمكة وطيران العصفور.
• لعبة التجمّد: تتكوّن هذه اللعبة من مجموعة أطفال، يقف أحدهم موجّهًا وجهه للحائط، ويتحرّك الباقون بحريّة، عندما يدور الطفل إلى الخلف، على الجميع أن يقفوا متجمّدين بلا حراك، فإذا تحرّك أحدهم تبادل المكان مع الطفل المتّجه إلى الحائط، وإذا لم يتحرّك أحد كرّر الأطفال اللعبة.
•• تُعلم هذه اللعبة التفكير والتركيز والسيطرة على الموقف المطلوب، مع التحكّم بالقدرات الجسديّة.
• لعبة القفز بالأكياس: يضع المشرف صورًا للفراشات في سلّةٍ ما، وفي اتّجاهٍ آخر صورًا للأزهار معلّقةً على الحائط، وعلى الأطفال أن يقفزوا وهم يلبسون الأكياس، ليأخذو صور الفراشات ويوصلونها إلى الأزهار.
• لعبة التوازن: نحضر بعض أكياس الحبوب، يضع كلّ طفلٍ كيسًا على رأسه، ثمّ يسيروا ضمن مسافةٍ محدّدةٍ، الفائز هو الذي يصل إلى الهدف دون ان يقع الكيس منه.
• لعبة التشابه: نحضر صندوقًا نغلّقه من الجهات الأربع، ونفتح فيه دائرتَين في الجهتين المعاكستين، ونضع بداخله زوجين من أشياء بلاستيكيّة كأشكال أرانب وعصافير وفراشات على سبيل المثال، وعلى الأطفال محاولة اختيار شيئَين متماثلَين من الصندوق، من دون النظر إلى ما في داخل الصندوق.
• لعبة الذاكرة: يقوم الأطفال بتذوّق بعض الأطعمة وهم معصوبو العينين، من ثمّ نطلب منهم أن يُسمّوا اسم النوع الذي تذوّقوه.
إنّ أدب الأطفال يساعد على تهيئتهم للانخراط في الحياة من خلال الأنشطة التي قد تكون منطلقًا للتسلية، وتحقيق الأهداف التربويّة، والمطالعة الحرّة.
فنون
2473قراءة
2019-01-28 12:17:38