12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

مرحلة الناشئة >> العين الناضخة 

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

العين النضاخة 

| مرحلة الناشئة والشباب | 

 

نُبذة عن الكتاب : 

 

 

 

لمحة عن ميزات مصباح اليزدي في كلام الإمام الخامنئي : 

 

 

 

 

 

 

 اقتباسات : 

_ المياه الرّاكد ة في المُجتمع

"ويمكن تشبيه الطاقات الموجودة في المجتمع بالطاقات الموجودة في أنواع المياه الطبيعية، فهذه المياه قد تكون في بعض الأحيان مياها راكدةً، وهذا النوع من المياه يعاني من عيبين أساسيين:

 العيب الأوّل: أن حجمه ينقص ويتضاءل على أثر عملية التبخر إلى أن يزول شيئًا فشيئًا، ولا يحلّ مكانه ماء آخر.

 العيب الثاني: أنّه ينفعل بسرعة على أثر العوامل الخارجية المحيطة به، فيتعفن تدريجيا ويتحوّل إلى مستنقع قذر، الأمر الذي شأنه أن يؤدّي إلى كثير من المفاسد والأضرار. 

وكذلك حال أفراد المجتمع الذين لا يكون لديهم أي حركة أو تأثير، فإنّهم ينفعلون بسرعة تحت تأثير العوامل المحيطة بهم، ومن الممكن أن يتحوّلوا إلى عناصر مضرّة بالمجتمع، حالهم كحال المستنقعات الآسنة التي تصيرُ مكانا لانتشار الميكروبات المضرّة والأمراض المؤذية".

العين النضاخة  ، الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي، ص 26.

 

 

_ العين النّضّاخة في المجتمع

"ثم إن في الطبيعة أيضًا عيونًا نضّاخة تكون مياهها غزيراً ومتدفقة بكل قوة، فلا تتحلل ولا تتلوّث ولا تتحوّل إلى مستنقعات بل وتتدفّق، فتروي النباتات والحيوانات و تبقى جارية بنحو سريع وتصير سببا لحياة الأراضي الميتة. 

وهذا هو حال التعبويين في المجتمع الإسلامي، فهم العين النضاخة التي تتدفق على الدوام وتفيض على غيرها بالخير ولا تتوقف عن الحركة لحظةً لكيلا تتحلّل أو تتضرّر بسبب العوامل الخارجية. وهي بجريانها لا تؤمن استمرارية حياتها فحسب، بل تمنح الحياة لغيرها أيضًا، ولا تصون نفسها عن الانفعال بالملوثات فحسب بل وتصير مكانها نقيا أيضًا.

وبناءً عليه، فإنّ أفضل قوّة من شأنها أن تنهض بدور في تقدم المجتمع ونموه ورشده ورفعته وحفظ ،قیمه، وأن تشكل مانعا من ظهور الفساد والملوّثات في المجتمع وتوسعها وانتشارها هي الحركة التعبوية؛ وذلك لأنها كالعين النّضّاخة التي لا تتوقف حركتها ولا ينتهي تدفّقها.

العين النضاخ ة   ، الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي، ص 28.

 

 

_ التّعبويّون رِبِّيّون

"إن الإنسان الذي يعتقد بالإسلام ومبانيه حق الاعتقاد، سوف يكون على استعداد دائم لأداء وظيفته في سبيل الإسلام بكل ما لديه من قوة، وهذه هي خاصية الفرد التعبوي. وإن أفضل مفردة قرآنية يمكن لها أن تكون معادلةً لكلمة «تعبويون» هي كلمة «رِبيُّونَ» الواردة في قوله تعالى: «وَكَأَيّن مِّن نَّبِيِّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبَيُّونَ كَثِيرٌ»؛ فإن هذه الآية الكريمة تتحدّث عن فئة مخلصة من المؤمنين الذين بمجرد أن يدعو الله تعالى نبيه للجهاد وأداء الوظيفة الإلهية؛ فإنهم يستجيبون مع نبيّهم للنداء الإلهيّ ويدخلون في ركاب النبي ويُجاهدون تحت قيادته ويتبعون أمره".

العين النضاخة  ، الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي، ص 33.

 

 

_ يحبّهم و يحبّونه

" «يَا أيُّهَا الَّذِينَ امَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ».

فلحن هذه الآية الكريمة يدلّ على أنّ النبي الأكرم صلى اللّه عليه و آله، وأصحابه المؤمنين كانوا يتأذّون من وجود أفراد ضعيفي الإيمان وذوي روحٍ انهزامية تتبدّل عقيدتهم بتبدّل الظروف، بل كان من المتوقع أنّهم مجموعةٌ من المسلمين الّذين يُشاركون في صلاة الجماعة خلف النبيّ، ويصومون في شهر رمضان ويؤدّون العبادات، سوف يرتدّون عن دينهم في ظروفٍ معيّنة. ففي هذه الآية يُبشر الله تعالى نبيّه بألّا يحزن ولا يقلق حِيال هذا الأمر، كما يُخاطب المؤمنين ويقول لهم: «لعلكم تتصوّرون أنّكم قوام الدين، وأنّ دين اللّه يزولُ من دونِكم، وأنّه لو ارتدّت فئةٌ منكم، فإنّه لا يبقى حجرٌ على حجرٍ في دين اللّه. كلّا، بل إنّه إذا ارتدت فئةٌ منكم عن دينها، فإنّه لن يطول الأمر حتى يأتي الله تعالى بأناسٍ يُحبّهم الله وهم أيضًا يحبّونه، فبينهم وبين اللّه حبٌّ متبادل ومتقابل، وهذه بشارةٌ عظيمةٌ تقوّي الدوافع في قلوب المؤمنين، وتدفع نحو الحركة كل إنسان يكون في قلبه ذرّةٌ من الإيمان".

العين النضاخة ، الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي، ص 37 - 38.

 

 

_ "ولكن آيات القرآن الكريم تحدثنا عن فئة من المؤمنين المخلصين الذين لا ينالهم الضعف ولا الاستكانة، بل يصمدون في ركاب قائدهم؛ «فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُوا».

فهذه الفئةُ التي يمدحها القرآن الكريم في آياته ويثني عليها عبارة عن أفراد كانوا بمنزلة النجوم المضيئة خلف قادتهم".

العين النضاخة  ، الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي، ص 34.

 

 

_ "إن أقوى قوى العالم ضعيفةً في نظر التعبوي." مثلا، بعدما سيطر الشباب الإيراني على وكر التجسس الأمريكي، انتشرت في المجتمع أخبار تحكي عن أنّ أمريكا سوف تأتي بأسطولها الحربي إلى الخليج الفارسي وتشنّ هجومًا عسكريًا على الجمهورية الإسلامية، إلا أن هذا لم يؤثر على روحيّة الشباب المخلص، وعندها وقف الإمام الخميني الله أمام العالم بأسره وواجه أمريكا بكل قوة وبأس، حتى بدت وكأنها لا تمتلك أي قوة. وفي ذلك الوقت، اصطفّت كلّ قوى العالم العظمى في مقابل الثورة الإسلامية، وحينها لم يكن لدى الجمهورية الإسلامية جيش منظّم ولا حرس ثوري ولا قوى تعبوية منظّمة، و مع ذلك فقد وقف الإمام الراحل الله بكلّ صلابةً وخاطب العالم قائلا: «إن أمريكا لا تستطيع ارتكاب أي حماقة»".

العين النضاخة ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص 40.

 

 

_ حتّى يبدّلوا ما بأنفسهم

"فعندما يَمُنَّ الله تعالى بنعمة على جماعة ما، فإنه لا يسلبها منهم إلا إذا أحدثوا تغييرًا في أنفسهم بحيث يخسرون اللياقة والأهلية التي تخوّلهم أن يتلقوا النعم الإلهية والعون الإلهي. وكذا الحال في موردنا نحن الذين نتنعم بنعمة الجمهورية الإسلامية ونعمة العزة في مقابل الكافرين ونعمة الأمن والطمأنينة الإلهيّة، فما دمنا مقدرين لهذه النعمة ومؤدّين لحقها وشاكرين الله عليها حقَّ الشُّكر، فإنّ الله لن يسلبنا إياها، أمّا لو قصّرنا في ذلك فلا يبعد أن نخسر هذه النعمة العظيمة، فإن القرآن الكريم يتحدّث في آياته عن أناس أنعم الله عليهم بنعم إلهيّة، إلّا أنّهم عوضًا عن أداء حق شكرها أضاعوا الصلاة واتبعوا الشّهوات، فسلبوا العناية والنعم الإلهيّة: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَوَةَ وَأَتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيَّا}".

العين النضاخة ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص42.

 

 

_ بين السّيّد الحكيم و الإمامِ الخمينيّ

"عندما بدأ آيةُ الله العظمى السّيّد الحكيم حركته في العراق، كانت الظروف في ذلك الحين أفضل من ظروف قيام الإمام الخميني في إيران، وقد كانت عشائر العراق بأجمعها تحت قيادته، ولكن تفرّق عنه جمع كثير من الناس على أثر غَلَبَةِ حب الدنيا واتباع الشهوات. حتّى وصل الأمر في نهاية المطاف إلى أن يأتي السيد الحكيم من النجف الأشرف إلى بغداد ويدعو عشائر المسلمين لمواجهة الطّغاة، فلا يلبّي دعوته ولا يستجيب له إلا قليل من الناس، ولعلّ هذا الأمر هو الذي أدّى إلى إصابة السيد الحكيم بالغصّة إلى أن فارق الحياة. وهكذا كان عدم إطاعة نائب إمام الزمان وعدم إتّباعه باعثًا على بقاء العراق في مثل هذه الظّروف الصّعبة الّتي يعيشها هذا البلد المُسلم".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشًيخ مصباح اليزدي، ص44.

 

 

_ التّعبويّ يشتاقُ للجِِهاد

"التعبويّ من وجهة نظر أمير المؤمنين عليه السّلام إنسان عاشقٌ للجهاد والشّهادة وحاضرٌ للتّضحية بنفسه على الدّوام وفي جميع الأحوال. ومن هنا يقول عليه السًلام في وصف تعبويي صدر الإسلام: «دُعُوا للجهاد فَأَجَابُوا».

ويقول السلام في حقّهم أيضًا: «وهيجُوا إِلَى الْجِهَادِ فَوَلِهُوا وَلَهَ اللْقَاحِ إِلَى أَوْلادِهَا».

فعندما تُضيّع الناقةُ أولادها يسيطر على وجودها الاضطراب والقلق إلى أن تَجِدَهُم ولا تستطيع صبرًا على فراقهم، فتبحث بكل شوقٍ وحماس حتّى تعثر عليهم، وكذا حال التعبويّ عندما يُدعى إلى الجهاد، فهو يغدو كالناقة التي أضاعت أولادها، فيسارع بكل حماس وشوق  وقوّة وعزم بحثًا عن ميادين الجهاد. ويتابع عليه السّلام وصفهم ويقول: «وَسَلَبُوا السُّيُوفَ أَغْمَادَهَا، وَأَخَذُوا بِأَطْرَافِ الْأَرْضِ زَحْفًا زَحْفًا وَصَفًا صَفًّا»".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص51.

  

 

_ التّعبويّ يأكلُ القَليل!

"يُحدّثنا أمير المؤمنين عليه السّلام في نهج البلاغة عن شيعته وأتباعه الأوفياء، ويُخبرنا بأنهم أناسٌ من أهل الصيام ويقول في وصفهم: «خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الصِّيَامِ».

ومن هنا يُعلم أنّ التّعبويّ الصّادق في اتِّباعه لأمير المؤمنين السلام لا يمكن أن يكون عبدًا لشهوته و *خاصّةً شهوة البطن، ولا يشغل فكره في اختيار ألذّ طعام، بل إنّ طعامه قليل وضمن حد رفع الحاجة الجسدية، فيأكل بالمقدار الذي يمنحه القدرة والقوّة على أداء وظيفته الإلهية في مختلف الميادين".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص54.

 

 

 _ التّعبويّ يسهَر لِيُناجي مَولاه

"يقول أمير المؤمنين عليه السّلام في وصف هؤلاء المخلصين الصّادقين: «ذبل الشفاه من الدُّعاءِ، صُفْرُ الأَلْوانِ مِن السَّهَر».

فإن أمورًا من قبيل قيام الليل وإحيائه والإنابة إلى المحضر الإلهي تعدّ أيضًا من جملة الخصائص والسّجايا التي يتحلّى بها شيعة أمير المؤمنين عليه السّلام الصّادقون في اتباعه.

 والفرد التعبوي أيضًا يقتدي بمولاه عليه السلام، فيأنس بقيام الليل وذكر الله والدعاء. وخلافا لما يتصوّره البعض، فإن مفاهيم من قبيل الدُّعاء والمناجاة والبكاء في محضر الله تعالى تُعد من المفاهيم القرآنية التي تزخر ببيانها الآيات الكريمة؛ فالقرآن في بعض آياته يمدح أولئك الذين عندما تتلى عليهم الآيات الإلهية يسجدون لله تعالى من دون اختيار وتفيض أعينهم بالدموع {إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَتُ الرَّحْمَنِ خَرُّواْ سُجَّدًا وَبُكِيًّا}".

العين النضاخة  ؛ نظرة إلى الحركة التّعبوية في الإسلام، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص55.

 

 

_ التّعبويّ يُحيي السُّنّة و يُميتُ البِدعة

"ينبغي على كلّ إنسان يبحث عن الحقيقة أن يسلك الطريق الصّحيح والمستقيم الذي يوصل إلى الحقيقة وانطلاقًا من تعاليم الإسلام السماوية، فإنّ الطريق المستقيم الّذي لا عثرة فيه والموصل إلى الحقيقة الأصيلة هو طريقُ رسول الله وأوصيـائـه المعصومين عليهم السًلام. ومن هنا فإذا كان الإنسان باحثًا عن الكمال والفلاح، فمن الحريّ به أن يسعى للتعرّف على سيرة الرسول والأئمّة والاطلاع على سنتهم الشريفة، وأن يجتهد في العمل على طبقها والنهوض لإحيائها في وجوده وفي مجتمعه أيضًا.

 كما ينبغي على كل باحث عن الحقيقة أن يتعرّف على التحريفات والبدع التي ظهرت على مدار التاريخ الإسلامي، وأن يدرس الانحرافات الّتي وقعت بها شخصيات بارزة وأدت بهم للابتعاد عن طريق الهداية، فيحذر من الوقوع فيها ويعمل على إزالتها من مجتمعه وإصلاح المفاسد الاجتماعية إن وُجدت.

ومن هنا، يقول أمير المؤمنين عليه السّلام في وصف الصّادقين المخلصين الّذين يشتاق إلى رؤيتهم والّذين يراهم عامل هداية للأمة وصلاح للمجتمع: «أحيَوُا السُّنَّةَ وأَمَاتَوُا البدعة»".

العين النضاخة  ؛ نظرة إلى الحركة التّعبوية في الإسلام، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص61.

 

 

_ التّعبويّ يعرف التّكليف و يمتثل لهُ

"وفي المقابل، فإنّ واحدةً من أخطر الآفات الّتي تهدّد المجتمع الإسلامي - بل بشكل عام: أي مجتمع إنساني - هي أن يشغل كلّ فرد فكره *بوظائف غيره* من الأفراد وتكاليفهم ومسؤولياتهم عوضًا عن الانشغال في التفكير بوظيفته وأداء تكليفه وتحمّل مسؤوليته، فتراه عند كل مشكلة تواجه الجماعة يُحمّل المسؤولية للآخرين ويُبرّئ نفسه من الخطأ ويُلقي بأشكال التُّهم على سائر الأفراد، فهو يرى أن كل المشكلات والنّقائص والأخطاء هي بسبب تقصير الآخرين وهو لا يتحمّل أي مسؤولية في ذلك.

 ومن المعلوم أنه مع وجود مثل هذا النحو من التفكير في المجتمع لا يتحقق أي إصلاح أو تقدم، بل تزداد الخلافات بين الأفراد وتتفاقم عوامل الفرقة والتشرذم.

ومن هنا يعتبر أمير المؤمنين عليه السلام أن معرفة التكليف والعمل به من جملة الخصائص الرفيعة والمهمة والأساسية التي يتحلى بها أتباعه الصادقون والمخلصون فيقول عليه السّلام في حقهم: «وَتَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوه»".

العين النضاخة ؛ نظرة إلى الحركة التّعبوية في الإسلام، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص62.

 

 

_ التّعبويّ لا يخذل القائد

"في أواخر أيام عُمُره الشريف كان أمير المؤمنين عليه السّلام يتذكر في خطبة له أصحابه الأوفياء الذين فقدهم، وكان في مقابل ذلك يشكو من قلّة وفاء الفئة المحيطة به وضعف كفاءتها، ولياقتها، ويتأسّى على فقدان الأتباع الصادقين في ولايتهم ويتحسّر على عدم وجود أمثالهم، فيقول عليه السّلام في وصف هؤلاء الأوفياء: «وَثِقُوا بِالْقَائِدِ فَاتَّبَعُوه».

ويُستفاد من هذا الكلام النّوراني أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام يرى أن واحدةً من أهم الخصائص التي يتحلى بها التعبويون الصّادقون هي أنّهم بعد أن يعرفوا قائدَهم الإلهيّ يثقون به ويطيعون تكليفه من دون تردّد ويتبعونه ويمتثلون أمره.

ومما لا شك فيه أن وحدةَ الكلمة واجتماع القلوب على طاعة قائد واحد كفء تعدّ من أهم عوامل موفقيّة أي جماعة ورفعتها وانتصارها".

العين النضاخة  ؛ نظرة إلى الحركة التّعبويّة في الإسلام، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص64.

 

 

_ "أمّا ما هو في غاية الأهمّيّة في المقام فهو معرفة دور التعبئة ووظيفتها بالنسبة إلى المستقبل. فصحيحٌ أنّ التعبئة قد ظهرت في بداية أمرها بوصفها قوّةً عسكريّةً في مقابل القوى العسكريّة المعتدية على أراضي الجمهورية الإسلامية، إلّا أن ظهور هذه الظّاهرة الاجتماعيّة التي تُسمّى «التعبئة» يرجع في الحقيقة إلى عوامل اجتماعية وثقافيّة خاصة، بحيث لو لم تكن هذه العوامل الثقافية متحققة في المجتمع لما ظهرت على الإطلاق هذه الظاهرة العظيمة والإعجازية.

إذن، وجود التعبئة بوصفها ظاهرةً اجتماعيّةً عظيمةً يرجع في حقيقته إلى عوامل ثقافيّة سابقة بحيث إنّه في صورة بقاء هذه العوامل، فإنّ هذه الحركة التعبوية تبقى وتستمر، أما لو ضعفت هذه العوامل تدريجيا، فإن الحركة التعبوية أيضًا تضعف وتتضاءل سرعة حركتها ويتبدل تسارعها إلى تباطؤ يُفضي في النهاية إلى سكونها وموتها، وهو ما من شأنه أن يعود على المجتمع الإسلامي بفاجعة كبيرة كما لا يخفى على أحدٍ منّا".

 العين النضاخة  ؛ نظرة إلى الحركة التّعبويّة في الإسلام، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص72.

 

_ التّعبويّ يتقوّى على العدوّ بإيمانه

"إن الشيء الذي كان يمدُّ التعبوي بالقوّة كي يقف في ميدان الجهاد بأيدٍ خالية أمام أسلحة العدوّ المتطوّرة هو في الحقيقة ذلك الفكر الذي يحمله والإيمانُ الذي يمتلكه الإيمان بأن هذا العالم بكل سعته وعظمته تديره يد الإرادة الإلهيّة، وأنّ الوجود لم يُخلَق عبثا، بل له حكمةً وهدفٌ وغايةٌ، وأنّ الإنسان أيضًا لم يُخلَق عبئًا ولم يُخلَق ليترك سُدى في هذا العالم، بل إنّ يد الربوبية فوق رأسه على الدوام، بل فوق العالم بأسره، وأنّ حركة الإنسان في هذا العالم ليست حركةً عبثية، بل هي حركةً هادفةً لها مقصد محدّد، فالإنسان يمثل زهرة عالم الخلقة، ويد الحكمة الإلهيّة هي التي رَوَت هذه الزهرة وربّتها وأعدتها لبستان الآخرة الأبدي، لذا ينبغي على الإنسان أن يقطع مراحل تكامله في هذا العالم كي ينالَ لياقة بلوغ تلك المنزلة العظيمة في ذلك العالم: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكِ مُقْتَدِر}".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشًيخ مصباح اليزدي، ص74.

 

 

_ التّعبويّ يعمَل بما يعلَم

"إنّ عامل بقاء المجتمع الإسلاميّ ورفعته - بل تقدّم أيّ إنسان يريد أن يصل إلى الكمال - يكمن في أمرين أساسيين:

- الأمر الأوّل: يرتبط بساحة المعرفة والرؤية التي يحملها الإنسان.

- الأمر الثاني: يرتبط بساحة الإرادة والعمل والنشاط الذي يصدر عن الإنسان.

فالمعرفة الصّحيحة والإرادة القويّة تمثلان عاملين ترتبط بهما حركة الفرد المسلم والمجتمع الإسلامي ورفعتهما. ومن هنا ينبغي علينا أن نسعى في جعل معرفتنا بالحقائق أعمق وأوسع، وجعل إرادتنا لتحقيق الأهداف السامية أشد وأقوى؛ فإن سعادة الفرد والمجتمع مرهونة بالعلم والعمل، وهذان الأمران في المسائل الفرديّة والاجتماعيّة بمنزلة الجناحَين الضروريين واللّازمين للتّحليق والتّقدّم. وإذا ما تسلّل الضعف إلى أي منهما، فإنّ التحليق نحو السعادة سوف يصبح أمرًا غير ممكن. فأولئك الذين لم يسعوا إلا في سبيل تحصيل العلم ولم يخطّوا على طريق العمل وإصلاح أنفسهم سبّبوا للمجتمع الإسلامي مشكلاتٍ كثيرةً يمكن مشاهدة نماذج كثيرة منها في بلادنا. فبالإضافة إلى كسب العلم، تُعدّ تقوية الإرادة والدافع للعمل أمرًا ضروريا في حركة التعبوي في الساحات المختلفة".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص77.

 

 

_ المُستقبلُ للإسلامِ

"إنّ الغرب في أيّامنا هذه يقع على أعتاب السّقوط والانهيار من النّاحية الثّقافية والأخلاقيّة. ومن النّاحية الاقتصاديّة أيضًا يُعاني من حالةٍ من الرّكود ويتخبّط في أزمةٍ حادّة، ونحن نشهد في هذه الأيّام إفلاسَ كثيرٍ من الشّركات الغربيّة الكبيرة. وبشكلٍ عام، فمسيرة الحضارة الغربيّة تتّجه في حركتها نحو الفناء. وفي مُقابل ذلك نُشاهد الميلَ نحوَ الإسلام والمعنويّات في تلكَ البِلاد يرتقي ويزداد بشكلٍ ملحوظ. فعلى الرغم من أن العدوّ قد صوّر الإسلام في الغرب بنحوٍ سيّئ، وشوّهه إعلاميًّا في وسائل الإعلام والأفلام السّينمائية بل القنوات الإخبارية، وقدّم الإسلام - وخاصّةً الإتّجاه المُحافظ الإسلاميّ - للمتلقّين على أنّه مساوٍ للعُنف والإرهاب، وأنفق مليارات الدّولارات في سبيل هذا الأمر، إلّا أنّ الإسلام يشهد توسّعًا كبيرًا في المجتمعات الغربيّة وخاصّةً بين الفئات المتعلّمة والمثّقفة".

العين النضاخة ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص80.

 

 

_ ثقافة الشّكّ المدمِّرة

"ولكِن، إذا أصبح الشّكّ هو علامة الثّقافة في مجتمعٍ من المجتمعات، فهل يُمكن بعد ذلك العثور في هذا المجتمع على تعبويّ بعمر الثّالثة عشرة يحتضن القنبلة ويرمي بنفسه تحت الدّبابة ليوقف هجوم العدوّ؟! هل يمكن مع ثقافة الشّكّ العثور على صناعيٍّ أو زراعيٍّ يترك كل أعماله ويتّجه إلى الجبهة كي يدافع عن دينه وأرضه ويقدم كلّ أمواله للجبهات ؟! هذا الشّخص الذي لا يعلم يقينًا ما إذا كان هناك إلَه أم لا، وما إذا كان هناك نبيٌّ مُرسَلٌ من اللّه أم لا، وما إذا كان لدين الإسلام حقيقةٌ أم لا، وما إذا كان في البَين حسابٌ وعالمٌ آخر أم لا، هل سوف يكون مستعدًّا - مع ما يحمله من شك وترديد - للتّضحية بنفسه وتقديم روحه ؟! فى سبيل ماذا سوف يقوم بذلك إذا كان شاكًّا في كلّ شيء؟!".

العين النضاخة ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص87.

 

 

_ خطَر فكرة ربط الأعلميّة الدّينيّة بالأعلميّة بكلّ العلوم الآخرى

"إنّ التعبويّ يطمئنّ لمعرفة الإمام الرّاحل بالدّين، ويقبلُ معرِفة الفُقهاء بأحكام الدّين بوصفهم أُناسًا عالمين بدين اللّه، إلّا أن العدوّ من أجل أن يسلِب من قلب التعبويّ هذا الاطمئنان يقولُ له: « إنّ جميع العلوم مرتبطة بعضُها ببعضٍ، ومن لا يعرف في الكيمياء والرّياضيات والفيزياء وسائر العلوم الأخرى هذه، من لا يعرف جميع العلوم المترابطة لا يحقّ له أن يقول إنّه عالمٌ بالدّين. إذًا الإمام الخمينيّ وسائر الفقهاء لا يُمكِن اعتبارهم عالمينَ بالإِسلام وعالمين بالدّين؛ لأنّ مجموعة المعرفة البشريّة لها شكلٌ هندسيّ بحيثُ إنّه لو فَقَدَ أحدٌ ضِلعًا من أضلاع هذا الشّكل فإنّه المعرفة تفقد شكلها وتزول»".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص85.

 

 

_ التّعبويّ جاهز دائمًا لتلبية النِّداء

"والشيء بالشيء يُذكر، فإنّ بعضَ العلُماء كانوا على طولِ حياتِهم في زمنِ غيبة إمام الزّمان (عج) يُهيّئون سيوفهم وخيولَهم في كلّ ليلة جمعةٍ على أمل أن يكون يوم الجمعة هذا هو يوم الظّهور الشّريف، فيقاتلون في ركاب إمامهم، وبهذه الطريقة يحفظون استعدادهم وجاهزيتهم بشكل دائم ومستمر.

وبناءً عليه، فإنّ حفظ هذه الرؤية والاستعداد الروحي للإيثار والشّهادة في جميع شؤون الحياة - وبعبارة أخرى حفظ الفكر التعبوي والروحية التعبويّة - يُعد من أكثر الأمور ضرورةً".

العين النضاخة ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص92.

 

 

_ الوحدة بين الحوزة و الجامعة

"من جملة الأمور الّتي كان يؤكّد عليها الإمام الرّاحل هي مسألة تشكيل الحركة التّعبوية في الجامعات والحوزات العلميّة، كي يحصل نحوٌ من التّآلف والاجتماع بين التّعبويين من الطّلاب الجامعيّين وطلّاب العلوم الدّينية، بحيث يتحقّق نحوٌ من الوحدة بين هاتين المؤسّستين المقدّستين اللّتين يستند إليهما النّظام الإسلاميّ بشكلٍ كبيرٍ. ومن هنا، فإنّ رواج الفكر التعبويّ والرّوحيّة التّعبوية بين الطّلبة الجامعيّين يمثّل أمرًا قَيّمًا ومُهمًّا للغاية؛ إذ من جهةٍ أولى يستزيد الطّلبة الجامعيّون بشكلٍ وافرٍ من الثّقافة الإسلاميّة، وخاصّةً تعاليم الإمام الرّاحل، ومن جهةٍ ثانيةٍ يستفيدون من الدّروس الجامعيّة في جامعاتهم ويكون لهم تعامل مباشر مع الشّرائح المختلفة في الجامعات وهكذا يكون لهؤلاء التّعبويون الجامعيّون القدرة على أداء دور أساسي في تحقيق الارتباط والوحدة بين الجامعة والحوزة العلميّة".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص93. 

 

 

_ الحضارة الغربيّة لا تحبّذ الوعي السّياسيّ عند شبابها

"في هذه الأيّام لا تلقى المسائل الاجتماعيّة والسياسيّة والإنسانيّة والقيميّة رواجًا بين الشّباب الغربيّ وليس لها أيّ قيمةٍ أو منزلةٍ عندهم، وهذا يرجع إلى سياسات الأقليّة الحاكمة. فهذه الأقليّة تكتشف الأفراد الأذكياء وأصحاب الاستعدادات، فتبعدهم عن الأنظار وتستثمرهم وتُنفق عليهم الأموال الطّائلة وتستفيد ممّا يمتلكونه من ذكاءٍ واستعداداتٍ في سبيلِ تحقيق أجندتها، وتصيّرهم كالأدوات بين يَديها، أما عموم النّاس والأكثريّة السّاحقة من أبناء المجتمع فتُبقيهم منغمسين بأُمورهم الشّخصية دونَ أن يكونَ لهم أيّ إطّلاعٍ على المسائل الأساسيّة الاجتماعيّة والسياسيّة، وتجعل أقصى ما يشغل بالهم هو تأمين أمورهم الحياتيّة والعمل ليلًا ونهارًا من أجل المال وجمع وتوفير مصارفهم الشّخصيّة".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص100.

 

 

_ "وفي مثل هذه الظّروف الّتي يشهدها مجتمعنا، أوّل وظيفةٍ تقع على عاتقِ التّعبويّين الجامعيّين هي أن يعمّقوا ويوسّعوا معرفتهم بالمسائل الإسلاميّة، وأن يتعرّفوا جيّدًا على الإسلام والأحكام الدينيّة والحدود الإلهيّة. ومن الأمور الّتي ينبغي أن يتنبّهوا إليها هي أن يتعرّفوا على هذه المعارف والأحكام والحدود الإلهيّة كما يبيّنها اللّه تبارك وتعالى ونبيّه الأكرم، وبالقراءة الّتي يعتمدها جميع علماء الإسلام من الشّيعة والسّنّة منذ فجر الإسلام إلى الآن، والقراءة الّتي حملها الإمام الراحل للإسلام، لا أن يأتي أيّ شخص كان فيُقدّم قراءته الخاصّة الّتي تنسجم مع رغباته وأهوائه من دون أن يُبالي بالميراث الرّوائي والفقهي الإسلاميّ".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص105.

 

 

_ التّعبويّ حامي الثّورة

"والحاصل أنّ التعبويّ الجامعيّ بفضل اطّلاعه على الظّروف السّياسيّة والاجتماعيّة، فإنّه باتِّباعه للولاية يؤدّي دورًا عظيمًا في حماية النّظام الإسلاميّ والدِّفاع عنه من دونِ أن يُوجد أيّ توتّر في المجتمع الإسلاميّ، وإذا ما أراد عملاء الدّاخل وأعداء الخارج أن يقوموا بأيّ تحرّك ضد الثّورة الإسلاميّة والقائد دام ظلّه فإنّهم سوف يجدون التّعبويّ أوّل من يقفُ أمامهم بكل صلابةٍ متّبعًا أوامر قائده الحكيم والمدبّر".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص106.

 

 

_ نظريّات المسؤوليّة عن حماية المجتمعات الإنسانيّة

"ومن هنا يُطرح الحديثُ عن مسألة الحكم وإدارة المجتمع والدّفاع عنه، بمعنى أنّه لا بدّ من وجود أناسٍ تكونُ وظيفتهم الأساسيّة هي حفظ أمن المجتمع على الصّعيدين الدّاخلي والخارجيّ، ويأخذونَ على عاتِقهم مواجهة الاضطرابات والمواجهات والصّراعات الدّاخليّة والدّفاع عن البلاد في مقابل التّهديدات والاعتداءات الخارجيّة. وعلى هذا الأساس، تُطرح في هذه الأيّام في فلسفة السّياسة والعلوم السياسيّة مباحثٌ متنوّعّةٌ حول مسؤوليّة حفظ الأمن في المجتمعات، وتختلف النّظريّات والآراء باختلاف المباني المطروحةِ في مسألة إدارة المجتمعات. فالبعضُ يرون أنّ إدارة المجتمعات ينبغي أن تقع على عاتق مجموعةٍ محدّدةٍ اسمها «الحكومة» أو «الدولة»، أمّا سائر أفراد المجتمع فلا وظيفةَ لهم في إدارة المجتمع، بل لا حقّ لهم في ذلك. وفي مقابل هؤلاء، يعتقد البعض أنّه بالإضافة إلى هذه المجموعة الخاصّة الّتي توكّل إليها مهمّة الحكم، فإنّ سائر أفراد المجتمع أيضًا يلعبون دورًا في إدارة المجتمع، و هذا الدّور ليس حقًّا لهم فحسب، بل هو بمعنى من المعاني وظيفةٌ و مسؤوليّةٌ ينبغي عليهم أن يؤدّوها".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ محمد تقي مصباح اليزدي، ص110.

 

 

_ نظريّة الإسلام عن المسؤوليّة المجتمعيّة

 "والإسلام يقضي بأنّ كلًّا من الدّولة وآحاد الأفراد مكلّفون ومسؤولون في قبال المجتمع والأفراد سواءً في ذلك الأمور المادّيّة والأمور المعنويّة؛ فوظيفةُ توفير حاجات أفراد المجتمع لا تختصّ بالدّولة فقط، حتّى الأفراد أنفسهم مسؤولون عن ذلك، فمن لديه أبٌ وأمٌّ عاجزان ينبغي عليه أن يتكفّل بنفسه تأمين حاجاتهم، والأب أيضًا إذا كان له ولدٌ فقيرٌ ينبغي عليه أن يعمل على رفع فقره".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص117.

 

 

_ التّعبويّ مُبّيِّنٌ بليغٌ

"ولكن ماذا لو كان من بين أفراد المجتمع فئةٌ خاصّةٌ من الأفراد يمتلكون شيئًا من البلاغة والبيان ويحملون إحساسًا كبيرًا بالمسؤولية واستعدادًا للتضحية من أجل مجتمعهم؟
 بالطبع، إن وجود مثل هذه الفئة في المجتمع سوف يخفّف الحمل بشكل كبير عن كاهل سائر أفراد المجتمع، وهذا بالطبع من دون أن يسلبهم المسؤولية الاجتماعية بشكل كلّيّ، بل يخفّف من حملها عنهم. فهؤلاء بتطوّعهم وإيثارهم ينهضون بالقسم الأكبر من هذه الوظيفة ويضعونها عن کاهل سائر الأفراد، وكما يقول القرآن الكريم: {وَلْتَكُن مِنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص120.

 

 

_ "وهذه الفئة تُسمّى في المجتمع الإسلامي باسم «التّعبئة»، ومع وجود التّعبويين الحقيقيين يمضي المجتمع الإسلامي على مسير السعادة والكمال.
فببركة وجود هؤلاء المضحّين يُزال الحمل الثقيل عن كاهل سائر أفراد المجتمع، كي يتمكّنوا من النهوض بأمورهم ووظائفهم ومسؤوليّاتهم بجدّيّةٍ كبرى، وبفضل مساندة التّعبويّين يقلّ قَلَقُ سائر الأفراد حيال مسؤوليّاتهم الاجتماعيّة.ومن جهةٍ أخرى، فإنّ القوى والأجهزة الرّسميّة أيضًا عندما تطمئنُّ لوجود هذه القوّة الحركيّة النّضّاخة والثّابتة والمتّقية في المجتمع الإسلامي، فإنّها تتحفّز أكثر فأكثر للمضي قدما في خدمة الناس".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص122.

 

 

_ "إنّ التعبئة بوصفها ظاهرةً اجتماعيّةً هي كأيّ ظاهرة أخرى يتوقف ظهورها على تحقّق عللٍ وعواملٍ، ولو لم تكن الأرضيّة المناسبة والظّروف اللّازمة مهيّأةً في المجتمع الإسلاميّ، لما أمكن ظهور هذه الحركة أبدًا.
 والأهمّ من ذلك أنّه إذا بقيت هذه العوامل والظّروف حيةً في مجتمعنا ومُنسابةً فيه، فإنّ هذه الحركة التعبوية تبقى فعّالةً ومؤثرةً، أما لو ضعفت هذه العلل والعوامل وبهت لونها وفقدت روحها تدريجيًا، فإنّ فعاليّة الحركة التعبوية وبعدها أصل روحها سوف تضعف وتفقد نقاءَها شيئًا فشيئًا إلى أن تزول وتفنى.

وقد ذكرنا في ما سبق أن التّعبئة عبارةٌ عن حركةٍ وثقافةٍ تنبع من الاعتقاد باللّه، خالق العالم بقوّته غير المتناهية، وأنّ جميع المخلوقات بما فيها البشر عبارةٌ عن قافلةٍ آتيةٍ من عند الله، ومتجهة في نهاية حركتها نحوه تعالى".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص128.

 

 

_ أزمة الغرب

"تعصف بالمجتمعات الغربيّة في هذه الأيام أزمات ٍ شديدةٍ في مختلف الميادين، وهذا باعترافٍ من أهل الاختصاص البارزين في الغرب، فالأزمات السياسيّة والاقتصاديّةُ من جهة، والأزمات الاجتماعيّة والثقافيّة من جهةٍ أخرى تفتك بالمجتمعات الأمريكيّة والأوروبيّة. وفي مقابل ذلك، نشهد في تلك المجتمعات رواجًا للميل نحو الإسلام والتّوجّه إلى المعنويّات، الأمرُ الذي أصبح مدعاةً لقلق زعماء تلك الدّول وتهديدًا لسلطتهم ومصالحهم وموقعيّاتهم، لذلك تراهم يسعون بشتى السبل لإخفاء مظاهر الميل إلى الدّين من التّوجّه إلى الإسلام من مجتمعاتهم.

وقد أشرنا سابقًا إلى ما تفعله دولة فرنسا الّتي تفتخر بأنها مهد الحرّيّة والديموقراطيّة في العالم من طردٍ للفتيات المسلمات المحجّبات من المدارس بجرم ارتدائهنّ للحجاب، وهذا في الحقيقة يرجع إلى إحساس هؤلاء بالخطر على مصالحهم وموقعيّاهم جراء الرّواج العفويّ للثّقافة الإسلاميّة في المجتمعات الغربيّة".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي ،  ص131.

 

 

_ ضرورة معرفة عناصر البناء المعرفيّ للعدوّ وعملائه

"بعد أن تتّضح للتّّعبوي الرّؤية الكلّيّة للثّقافة الغربيّة وبعد أن يعرف أعداء الدّين ومخطّطاتهم، لا يكون تشخيص الوظيفة أمرًا صعبًا ومُشكلًا. ولكن ينبغي على التّعبوي أن يلتفت إلى أن ثمّة عناصر ثقافيةً أساسيّةً لا بدّ من دراستها والتعرّف عليها، وهي عناصر يعتمد عليها الغرب في غزوه الثّقافيّ، ويستفيد منها لتوجيه ضرباتٍ ثقافيةٍ إلى أهدافٍ دقيقةٍ في الثّقافة الإسلاميّة. فالتيّارُ الثّقافيّ التّابع للغرب الّذي ظهر في مجتمعاتنا على أيدي بعض المتنوّرين المعاصرين يعتمد على عناصر أساسيّةٍ تُشكّلُ بناءَه المعرفيّ، وكلّ واحدٍ من هذه العناصر يتعارض بنحوٍ ما مع ثقافتنا الدينيّة، ومن أهم هذه العناصر «مسألة النّسبية» و «الاتّجاه الشكّي في المعرفة الدّينيّة»".

العين النضاخة  ، آية اللًه الشّيخ مصباح اليزدي، ص 133.

 

 

_ "إذ كما ذكرنا مرارًا، إنّ التّعبئة إنّما تكتسب مفهومها عندما يكون هناك جمع كبيرٌ من المعتقدين بالدّين، المعتقدين بأنّ هذا الدين يحمل حقائقَ أصيلةً وثابتةً، ويمتلك قِيمًا معتبرةً وعامّةً تشملُ جميعُ البشر، وأنّ أصول هذا الدّين وفروعه يمكنُ التّعرّف عليها والتّيقّن بها والدّفاع عنها.

 فما دام الإيمان بالتّوحيد والعدل والنبوّة والإمامة والمعاد والثّواب والعقاب والجنّة والنّار وسائر المعتقدات الدّينيّة ليس راسخًا في قلوب الأفراد، وما دام لم يصبح أمرًا ثابتًا في نفوس أبناء المجتمع، فإنّ التّعبئة لا يمكن لها أن تتخذ شكلًا في مثل هذا المجتمع. فالتّعبويّ - كما ذكرنا سابقًا - يطمئنّ قلبه بمعرفة الإمام الرّاحل بالإسلام ويطمئنّ قلبه بمعرفة الفقهاء بأحكام الدّين بوصفهم أُناسًا عالمين بدين اللّه. هذا الاطمئنان يعقد العزم والهمّة على أداء جميع مسؤوليّاته وتكاليفه".

العين النضاخة  ، آية الله الشّيخ مصباح اليزدي، ص138.

 

 

_ حكوماتٌ إلهيّة وحكوماتٌ بشريّة

"والنّقطة الأساسيّة الأخرى الّتي تُطرح في هذا الأسلوب من الحكم أنّه لا يحقّ لأي إنسانٍ أن يُحمِّلَ إرادته الشخصيّة على الآخرين، لأنّ الإرادة العليا في هذا النّظام لا تأتي من ناحية البشر؛ لأنّهم جميعًا متساوون في كونهم عبيدًا للّه تعالى، بل إنّ الإرادة العليا هي إرادة الله، وهو من بإمكانه أن يختارَ شخصًا خليفةً له كي يتولّى أمور الحكم ويُقدّم إرادته على إرادة الآخرين. وبناءً على هذا الأصل، فإنّ الشّخص الّذي ينبغي أن يتصدّى لأمر الحكم لا بدّ من أن يكون مأذونًا من قبل اللّه تعالى.

ومن هنا، يُمكن تقسيم الحكومات إلى قسمين:حكومات إلهيّة، وحكومات بشريّة. وفي الحكومات الإلهيّة تُطرح أربعة عناصر أساسيّة هي:«توفير الأمن الاجتماعيّ»، و «تأمين المصالح المادّيّة والدنيويّة»، وتأمين المصالح المعنويّة والأخرويّة»، و«كون الحاكم مأذونًا من جانب اللّه»".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص141.

 

 

_ الدّيكتاتوريّة تتعارض مع ولاية الفقيه

"ثمّ ينبغي من خلال الإلتفات إلى مفهوم «الدّيكتاتورية» وإلى ما تقدّم من أصول ولاية الفقيه أن نرى النّسبة والعلاقة بين نظام ولاية الفقيه من جهة، والّنظام الدّيكتاتوري من جهة أخرى.

يُطلق اصطلاح «الدّيكتاتور» في الأدبيّات السّياسيّة على الحاكم الّذي يكتب القانون من عنده والّذي يقول: «القانون هو ما أريده أنا وما آمر به أنا» فإذا ما أردنا أن نصوّر «الدّيكتاتور» في مورد بحثنا - أيّ في المجتمع الإسلاميّ الّذي يؤمن بوجود اللّه تعالى والشّرع المقدّس، فالدّيكتاتورُ هو الحاكمُ الّذي يقول: «أنا أؤمن بوجود اللّه والدّين والشّرع، ولكنّ القانون الحاكم على المجتمع هو ما أقوله أنا وما أُريده أنا سواءٌ كان موافقًا للإسلام أو مخالفًا له، و سواءٌ أراده الشّعب أم لم يرده، القانون هو هذا فقط».

و على هذا الأساس، لا تنسجم الدّيكتاتوريّة مع التّقيّّد بالقيم والقوانين و الأطُر المعيّنة بشكلٍ مُسبق، سواءٌ أكانت هذه الأطر معيّنة من قِبل اللّه تعالى أم من الشعب".

العين النضاخة ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص142.

 

 

_ وأولي الأمر منكم

"أمّّا في ما يرتبط بالبعد التّنفيذي والإجرائيّ، فإنّ للإسلام إطارًا محدّدًا في مسألة تطبيق القانون الإلهي، وهذا القانون لا يختصّ بزمان الرّسول الأكرم، بل يشمل جميع الأزمنة اللاحقة. فاللّه تبارك وتعالى يأمر النّاس صراحةً في كتابِه الكريم بإطاعة رسول اللّه وأولي الأمر والامتثال لأوامرهم، حيث يقول: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ}.

وفي تفسير «أولي الأمر »، يُستفاد من القرائن والشّواهد القرآنيّة وكذلك من تص  ريح النّبي الأكرم نفسه أنّ مصداق أولي الأمر هم الأئمّة المعصومون الاثنا عشر. أمّا في زمن غيبة الإمام المهديّ، فأيضًا لم يُترك الأمر مسكوتًا عنه، بل إن زمام الحكومة يوكّل للفقيه الجامع للشرائط.

 وفي أيّامنا هذه، الوليّ الفقيه موجودٌ في سدّة الحكم، وهو انطلاقًا من الإذن الّذي يحمله من اللّه تعالى يُمنح السلطة التنفيذيّة ، ومهمّة تنفيذ الأحكام لشخص يُنتخَب بأصوات الشعب، ووفقًا للشروط المقرّرة في الدستور الإسلامي".

العين النضاخة  ، آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص145.

 

 

_ الغزو الغربيّ الثّقافي

"ومن أجلِ أن يصل الأعداء إلى أهدافهم - والّتي يقع على رأسها القضاء على الثّقافة الإسلاميّة - عملوا على وضع برامج ثقافيّةٍ منظّّمةٍ ومدروسةٍ وطويلة الأمد، و هم الآن في حال تنفيذ هذه البرامج. ومن البديهيّّ أنّه من أجل مواجهة هذه البرامج من الضّروري أن يُصار إلى إجراء فعاليّات ثقافيّة توازي تلك البرامج. وفي هذا الصّدد، ينبغي أن يوفّر للجامعيّّين وسائر الفئات الشّبابيّّة المصادر العلميّة والمتون اللّازمة، وأن تُقدَّمَ لهم بِلُغَةٍ واضحةٍ وقابلةٍ للفهم، كما لا بدّ من تنفيذ البرامج الثّقافيّة اللّازمة، وتنفيذها في كافّة أنحاء البلاد؛ لأنّه في حال لم يكن لدى فئة الشّباب والفئات المتعلّمة من أبناء الأمة الإسلاميّة الاطّلاع الكافي على المباني والأصول الدّينيّة، فإنّها سوف تقع تحت تأثير المذاهب والتّعاليم الغربيّة الّتي تتدفّق يومًا بعد يوم وبشكلٍ غزيرٍ إلى داخل المجتمع الإسلاميّ،وهذا ما من شأنه أن يُبعد الشّباب عن الثّقافة الأصيلة ويُدنيهم من الغرب ومظاهره".

العين النضاخة   ،آية اللّه الشّيخ مصباح اليزدي، ص152.

 

 

تلخيص أوّل 80 صفحة من كتاب العين النضاخة 

- تعريف التّعبئة

يمكن أن نعرّف التّعبئة من خلال خصائصها بأنّها حركة سريعة و حثيثة -لا يسيطر عليها السكون و البطئ- شاملة و جماعيّة و هادفة، مضحيّة و فدائيّة لا توفّر نفسها في سبيل مصلحة الحق العُليا.

- عينٌ نضّاخة

لعلّ أجمل تشبيه لهذه التّعبئة هو ما قدّمه لنا آية اللّه مصباح اليزدي بتشبيهها بالعين النّضّاخة، الّتي تكون كامنة، و بفتح مجرى لها تتدفّق بقوّةٍ و غزارة. فلا يُمكن أن تكون التّعبئة كالمياه الرّاكدة، و لا حتّى كالجداول الصّغيرة قليلة التّأثير الّتي لا تُمدّ على الدّوام.

- التّعبويين في القرآن الكريم

إنّ خاصيّة الفرد التّعبوي الأولى أنّه على استعداد تامّ لأداء وظيفته، و من هنا يعتبر آية اللّه مصباح اليزدي أن أفضل توصيف معادل للتّعبويين في القرآن الكريم هو "رِبِّيون". فمن من أبرز صفات هؤلاء الرّبِيّين في القرآن الكريم أنّهم ثابتين على الطّريق الٱلهي {فما وهِنوا لِما أصابهم في سبيل اللّه}، طالبين للمغفرة الإلهيّة {و ما كان قولهم إلّا أن قالوا ربّنا اغفر لنا ذنوبنا و إسرافنا في أمرنا}، يحبّون اللّه و يحبّهم، متواضعين للمؤمنين أشدّاء على الكافرين {أذلّةٌ على المؤمنين أعزّةٌ على الكافرين}، معتمدين على القدرة الإلهية {إن تنصروا اللّه ينصركم}، مرتبطين بالولاية و الوليّ.

- التّعبويين في نهج البلاغة

كما إنّ كلمات قرآننا النّاطق في نهج البلاغة تزخر بذكر مجاهدي صدر الإسلام و تبعويّيه، و من خلالها يمكن استخلاص توصيف أمير المؤمنين للتّعبويّ. فيتبيّن أنّه عاشقٌ للجهاد و الشّهادة «و هيجوا إلى الجهاد وله اللّقاح إلى أولادها»، يأنس بالقرآن الكريم «الّذين تلوا القرآن فأحكموه»، من أهل الصِّيام «حمصُ البطون من الصِّيام»، يقوم اللّيل و يأنس بالدّعاء «ذبل الشِّفاه من الدّعاء، سفر الألوان من السّهر»، يُحيي السُّنن و يُميت البِدع «أحيوا السّنة و أماتوا البِدعة»، يعرف التّكليف و يمتثل له « و تدبّروا الفرض فأقاموه»، ويعرف القائد فيتّبعه «وَوثقوا بالقائد فأطاعوه».

- التّعبئة حارسة الثّورة

إنّ هؤلاء التّعبويين الّذين وصفهم القرآن و أمير المؤمنين هم أمل الإسلام في كلّ زمن. و هذا ما حصل في زمننا الحالي، فلولا الفكر التّعبويّ لما كان هناك وجود لثورتنا الإسلاميّة، و لما كانت لتبقى. فلعلّ أهم دور للتّعبئة، كحركة عسكريّة سياسيّة،إقتصادية و إجتماعية و ثقافية، هو حراسة الثورة و حمايتها من كلّ أنواع الأخطار.

 

 

تلخيص الصًفحات من صفحة 80 إلى نهاية كتاب العين النضاخة 

- المواجهة في الميدان الثًقافي

إنّ أهم ما يجب أن يلتفت إليه التّعبويّ في هذه الأيّام هو أنّ المعركة اليوم ثقافيّة. فبالإضافة لجهوده في الميادين الصِّناعيّة و الزِّراعيّة والعمرانيّة، عليه أن يُحارب في مركز الهجوم وهو الميدان الثّقافي. ومن أهمّ ما يُمكن القيام به في هذا الصّدد هو التّعرف [إلى] إنحطاط الثّقافة الغربيّة والمشاكل الّتي تعاني منها هذه المجتمعات، تمهيدًا للتّصدّي لهذا الغزو عبر إظهار هذا الإنحطاط وتبيين مكانة الإسلام أمام مثل هذه الثّقافة. ولعلّ من أبرز هذه الشّبهات هي تصدير فكرة تقضي على روح وجوهر الإنسان، وهي فكرة الإتّجاه الشّكّي. والتّي تعني عدم القدرة على الوصول إلى معرفة يقينيّة أبدًا، لزرع الشّكوك في قلوب البشر إتّجاه كلّ ما يمكن أن يطمئنهم من معارف دينيّة. في هذا الإطار، لا بدّ من الحفاظ على الرّوحيّة التّعبويّة على الدّوام،  والجهوزيّة للحضور في أيّ ساحة من ساحات الجِهاد على مختلف أنواعها.

- التّعبئة الجامعيّة

إنّ من أهم تجليّات التّعبئة في الزّمن الحالي هي التّعبئة الجامعيّة، الّتي كان يؤكّد الإمام القائد الخمينيّ على تشكيلها. كما كان يؤكّد على ضرورة وحدة هذه التّعبئة مع التّعبئة الحوزويّة، لتحقيق ربط ووحدة تكامليّة بين هاتين المؤسّستين. وفي إطار هذه التّعبئة، لا بدّ للجامعيّ أن يبقى جاهزًا للتّصدّي للغزو الثّقافي، فالعدوّ يعتبر أنّ الجامعة من أفضل السّاحات ليمرّر نظريّاته ومبانيه الباطلة إلى الأذهان. إنّ مقاومة هذا الغزو لا يمكن أن تكون إلّا عبر برنامج منظّم متكامل، ينطلق من الوعي بالمسائل السِّياسيّة الّتي تشغل بال شرائح المجتمع، ويتصرّف على أساس مصلحة الإسلام والدّفاع عن الثّورة و قيمها.

- الدّور الإجتماعي للتّعبئة

طُرِحت عدّة نظريّات في مجال المسؤوليًة عن أمن المجتمعات، والجهة التًي يترتّب عليها ذلك. ولعلّ أكثر نظريّة رائجة في الغرب عن هذه القضيّة هي نظريّة إزالة حمل حفظ هذا الأمن عن كاهل أفراد المجتمع، ليتمتّعوا بأقصى قدر ممكن من الحريّة الفرديّة ولا يثقلوا كاهلهم بتحمّل مسؤولية اتّجاه باقي الأفراد. وثمّة نظريّة فلسفيّة عقليّة تعتبر أنّ كل فرد مسؤول اتجاه باقي الأفراد، لكن ضمن الإطار المادّي فقط، أي في حالات الكوارث و الأزمات المادّية الخانقة وما إلى ذلك. أمّا النّظرية التّي يتبنّاها الدّين الإسلامي هي أنّ كل فرد مسؤول تّجاه حاجات الآخرين، معنويّة كانت أو مادّية. إلّا أنّه لا بدّ من الإشارة أنّه إذا تحمّل كلّ فرد في المجتمع مسؤوليّة تأمين حاجات كل معارفه الماديّة والأخلاقيّة، قد يؤدّي ذلك إلى إخلال التّوازن في المجتمع بسبب عدم قدرة كل فرد على أداء وظائفه المرتبطة بحياته الفردية والعائلية. لذا، كان لا بدّ من فئة خاصّة لديها الإستعداد العالي للتّضحية والإيثار والإحساس الكبير بالمسؤوليّة، تخفّف الحمل عن سائر أفراد المجتمع بتطوّعها لتلبية حاجات الآخرين في سائر المجالات، ألا وهي "التّعبئة".

- المبادئ و الأصول المعرفيّة للتّعبوي

بالإضافة إلى ما سبق ذكره، لا بدّ للتّعبوي من مبادئ وأصول معرفيّة تكون هي الموجِّه في ساحة المواجهة الثّقافيّة، منها ما هو متعلّق بمعرفة السّير الحضاري في الغرب، ومعرفة أنّ الإسلام في هذه المجتمعات أصبح يلقى رواجًا وميلًا فيها للتوجّه إلى المعنويّات، وهذا ما تُحاول الحكومات الغربيّة محاربته بشتّى الوسائل. كما أنّ التّعبويّ يجب أن يتعرّف على العناصر الّتي يعتمد عليها الغرب في الغزو الثّقافي، ولعلّ أهمّها الإتّجاه الشّكّي المتمثّل بتنظير أنّ جميع المعارف، ومنها الدّينيّة غير يقينيّة، وأنّها جاءت بشكل أساطير بسبب غياب الفلسفة في تلك الأزمنة.
 وإلى جانب ذلك، لا بدّ من التشبّع بمبادئ ولاية الفقيه وتبيين حقيقتها الإلهيّة النّاصعة لمواجهة الشّبهات الّتي توجّه إليها، ومن أبرزها ربطها بالديكتاتوريّة. ولعلّ إبراز خضوع هذا النّظام للقوانين الإلهيّة و الإرادة الإلهيّة،
 -لا قوانين الوليّ- هو أول طريقة لدفعها. إلى جانب إظهار أن تدخّل الوليّ الفقيه بشكل مباشر لحسم المسائل لا يكون إلّا بعد استنزاف جميع التّدابير الموضوعة، من قبيل مجلس صيانة الدستور و مجمع تشخيص مصلحة النظام وغيرها، فأين الدّيكتاتوريّة من هذا؟. 



 

هل تعلم؟

بعضٌ من حياة الفيلسوف العالم آية اللّه مصباح اليزدي في سطور

- ولد سماحته عام 1935 ميلادي في مدينة يَزْدْ، وسافر إلى النجف الأشرف لإكمال دراسة العلوم الإسلامية، ثمّ اضطر للعودة إلى إيران بعد عام واحد واستقر في قم المقدّسة.

- تفرّغ للدراسة والبحث والمطالعة حتى أكمل في مدّة أربع سنوات جميع مراحل المقدمات والسطوح، حتى الرسائل والمكاسب.

- إضافة إلى متابعته الدروس الحوزوية، وبدافع محبّة العلم والبحث عن الحقيقة درس الشيخ محمد تقي بعض العلوم الحديثة مثل الفيزياء والكيمياء والفسيولوجيا واللغة الفرنسية.

- بدأ الأستاذ مصباح اليزدي التدريس من مدرسة حقاني (المنتظرية)، بدأ هذا العمل بهدف تدريب القوى الفكرية والعقائدية، وتربية أشخاص ملتزمين وفاعلين لتشكيل الكادر المستقبلي للنظام الإسلامي والحكومة الإسلامية.

- بعد توقف دروس الإمام الخميني الراحل(قده) بسبب نفيه إلى خارج ايران، تصدّى سماحته لإجراء دراسات متعدّدة في المباحث الاجتماعية في الإسلام منها بحث الجهاد، كذلك القضاء والحكومة الاسلامية.

- وكان لسماحته حضور فعّال أيضًا فى ساحة المواجهة مع النظام البهلوي البائد تمثّلت في التعاون مع الشهيد بهشتي والشهيد قدوسي والراحل الشيخ هاشمي الرفسنجاني، وخلال ذلك قام بإصدار نشرتي (البعثة) و(الإنتقام) حتّى أنّه كان متصديًا لشؤون الطباعة والتوزيع للإصدار الثاني.

- بعد انتصار الثورة الإسلامية العظيمة في إيران اختير الشيخ المصباح عضواً فعّالاً في اللجنة الثورية الثقافية، وشارك في فعاليَّات تأسيس مكتب التنسيق بين الحوزة والجامعة، وإصلاح نظام الحوزة العلمية، وقد قام بتشجيع من الإمام الخميني بتأسيس مؤسّسة باقر العلوم العلمية التحقيقية، ثم بتأسيس مؤسسة الإمام الخميني للتعليم والبحث العلمي.

- انتخب عام 1990 نائبًا عن محافظة خوزستان في مجلس خبراء القيادة، كما انتخب لاحقًا نائبًا عن أهالي طهران فى المجلس المذكور.

 

برامج
349قراءة
2023-10-08 13:54:55

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا