12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

المواهب >> العمر والتعبير لدى الأطفال

العمر والتعبير لدى الأطفال


 

حالة التعبير عند الأطفال ترتبط ارتباطًا مباشرًا بمستوى العمر الزمني لديهم، وأعمارُهم تحدّد مدى مستوى أدراكهم، ومدى مستوى قدرتهم على التعبير والحركة والمبادرة، فالأطفال منذ ولادتهم وحتّى سنّ الثامنة من عمرهم يكون لديهم رغبةً مبهمةً للتعبير عن ذاتهم، وتتبلور هذه الرغبة وتتّضح اتجاهاتها مع السنين.
الأطفال من سنّ الولادة حتّى سنّ المراهقة يمرّون بمستوياتٍ مختلفةٍ في التعبير والإدراك والخلق.
 
• تحدَّد هذه المستويات في عدّة مراحل:
 
1- مرحلة التخطيط: 
تتّجه هذه المرحلة من بعض التخطيطات غير المنظّمة التي تنمّ عن بعض الإحساسات العضليّة أو الجسمانيّة التي تتوافق مع نموّه، إلى بعض التخطيطات المنظّمة، كالتخطيط الدائري في سنّ الثالثة.
أمّا في عمر الرابعة، يبدأ تعبير الطفل في التحوّل من الإحساسات العضليّة إلى الخيال، الذي يعتمد على التفكير، وهذا يظهر من خلال رموز متنوّعة يقوم بها الطفل ولا نتعرّف عليها إلا إذا أطلق عليها الطفل أسماء محدّدة، كأن يرسم مثلا خطًّا ويقول هذا "بابا" .
أمّا من حيث الألوان، فالطفل يستعملها فقط للتفرقة بين عنصرٍ وآخر، ومن واجبنا في هذه المرحلة أن نهيّئ للطفل خاماتٍ وأدواتٍ سهلةٍ لمساعدته على التعبير، دون أن نعترض على أسلوبه وطريقته، وهذه المرحلة تبدأ في سن 2–4 سنوات.
 
2- مرحلة المدرك الشكلي:
تبدأ من سن 4–7 سنوات، فيها يكون الطفل قد اكتسب وعيًا ونضجًا ذاتيين، ورسومه أخذت تعتمد على خطوط شبه هندسيّة، وأصبح يستخدم الألوان للمتعة والتفرقة بين العناصر.
ومرحلة المدرك الشكلي لديه تبدأ من سن 7–9 سنوات تقريبًا، تكون فيها شخصيّة الطفل قد تحدّدت معالمها بفضل نضجه العقلي والاجتماعي. ومن الملاحظ في هذه المرحلة أنّ رسومه وتعابيره الفنّيّة تتّسم بالحريّة والتلقائيّة وتحمل بين ثناياها سمات أصحابها المميّزة فضلاً عن بعض الاتجاهات الأخرى المهمّة، كالتكرار المهم والمطلوب في الرسوم (أي رسمُهُ للسيّارة والشجرة مثلاً، بنفس الصيغة في عدّة مواضع مختلفة). 
ونرى أيضًا المبالغة في التعبير كرسمه المظلّة أكبر حجمًا من حاملها، وذلك للتأكيد على أهميّتها ومحاولته إبرازها.
كذلك نرى التسطيح (كرسمه للطاولة موضحًا أرجلها الأربعة، أو البيت مبيّنًا جدرانه الأربعة).
ومن الملاحظ أيضًا في رسوم هذه المرحلة، جمع الطفل بين الأمكنة والأزمنة في حيّزٍ واحدٍ، أي أنّه لا يتقيّد بالأمكنة والأزمنة التي توجد عليها الأشياء. إنّه يعبّر كما لو أنّه يعرض شريطًا مصوّرًا للحوادث، بغضّ النظر عن أمكنتها وأزمنتها.
ونلاحظ أيضًا أنّ هناك اتجاهًا آخرًا يلجأ إليه الطفل وهو الشفافيّة، فمثلاً: إذا طُلب منه التعبير عن طائر، قد يُظهر لنا في معدته حبوب، رغم أنّ المعدة والحبوب لا تُرى في جوف الطائر من الخارج.
أمّا خطّ الأرض، فالطفل عندما يريد أن يعبّر عن مشاهد بيئته، يرسم خطًّا أفقيًّا عند نهاية كلّ عنصرٍ يعبّر عنه، موضحًا الأرض التي يرتكز عليها، فإذا كان هذا المشهد سوق قريةٍ أو مدينةٍ وضع في نهاية كلّ عنصرٍ من عناصر الموضوع، إن كان إنسانًا أو شجرةً أو حيوانًا، خطًّا أفقيًّا يمثّل الأرض التي يقف عليها العنصر المرسوم.
 
3- مرحلة التعبير الواقعي:
من سن 9–11 سنة، يتحوّل فيها الطفل من الاتجاه الذاتي الذي يعتمد على الحقائق الذهنيّة إلى الاتجاه الموضوعي الذي يعتمد على الحقائق المرئيّة والبصريّة وتكون فترةً ممهِّدةً لمرحلة التعبير الواقعي.
يتحوّل الطفل في هذه المرحلة من حياة الطفولة إلى حياة الرجولة، حيث تطرأ عليه تغيّراتٌ شاملةٌ في جميع نواحيه العقليّة والجسمانيّة والانفعاليّة والاجتماعيّة.
أمّا من حيث تعبيره الفنٍي، ينشأ لديه اتجاهان متناقضان: إتجاهٌ بصريٌّ وآخرٌ ذاتيّ.
البصريّ: هو اعتماده على الحقائق البصريّة كمراعاته للنِّسب بين الأشياء، ومراعاته لمسألة الظلّ والنور، والبعد والقرب بين العناصر.
أمّا عن الألوان فهو غالبًا ما يستخدم الألوان التي تناسب رؤيته، لونٌ أزرقٌ للسماء وأخضرٌ للأرض.
أمّا الاتجاه الذاتيّ، فطفل هذا النمط يعتمد على نظرته الشخصيّة، أو انفعالاته الخاصّة حيث يلّون السماء بالأحمر أو الأصفر لأنّه يرى في ذلك متعةً شخصيّةً وذاتيّة.
واجبنا في هذه المرحلة دقيقٌ للغاية، حيث يجب علينا أن نعالج مسألة عدم إقبال التلاميذ على ممارسة الأعمال الفنيّة بروح استكشافيّة لمعرفة السبب الحقيقي. حيث أنّ الطلّاب يعتقدون أنّ النشاط الفنيّ هو المحاكاة الحرفيّة للطبيعة، وبما أنّ عمليّة المحاكاة عمليّةٌ شاقّةٌ يصعب على الكثيرين القيام بها، فيمتنع التلميذ عن تأدية الأعمال الفنيّة، وبالتالي يقلّ إنتاجهم.
فواجب المدرّس إذًا أن ينحصر بالدرجة الأولى في تبيان الفرق بين المحاكاة الحرفيّة والتعبير الحرّ للطلّاب، وهذا الفرق يتلخّص في أنّ المحاكاة الحرفيّة أسلوبٌ سلبيٌّ يجعل من صاحبه وسيلةً لا أثر لشخصيّته أو كيانه في أعماله.
التعبير الحر في هذه المرحلة هو أسلوبٌ إيجابي، يجعل من صاحبه في أثناء عمله وسيلةً وغايةً في نفس الوقت.
 
4- مرحلة المراهقة:
تبدأ من سن 13–18، في هذه المرحلة يكون الشاب قد بدأ يتمتّع بوعيٍ منطقيٍّ، وإدراكٍ عمليٍّ، للكلّ المسائل والأمور التي تحيط به من بيئةٍ وعالمٍ خارجي.
تتّضح في أعماله وتعبيره الفنّيّ فروقاتٌ ملموسةٌ وواضحةٌ، في كلٍّ من الإتجاهَين البصريّ والذاتي. في الاتجاه البصري، يلجأ الشاب إلى رسم أنصاف أو أجزاء من العناصر المأخوذة كموضوعٍ للتعبير عنه.
واهتمامُه أيضًا بالنسب بين الأشياء في المجموعة وبين العناصر في الموضوع الواحد، والحجم ومسألة الظلّ والنور، كحقيقةٍ مرئيّة. واهتمامه أيضًا بالمنظور البصريّ والعلميّ، من حيث البعد والقرب، واستخدام ذلك للتعبير عن الأشخاص، ويستخدم خطّ الأرض في التعبير عن الإحساس بالقريب والبعيد.
 
5- الفروقات الفرديّة في التعبير:
الفن تعبيرٌ وليس محاكاة. فالفرد إذا انخرط في عمله الفنّي، لا يعنيه تسجيل الحقائق، بقدر ما يعنيه تسجيل ما يشعر به من انفعالاتٍ وأحاسيس اتجاهها. فالطفل الصغير، عندما يهتمّ بشيءٍ ما، فإنّه ينفعل تِبعًا لاستجابة هذا الشيء لوجدانه الطفولي، من هنا كانت القصّة كعنصر إثارةٍ وتشويقٍ، لها حقيقتها المتفرّدة.
وجود القصة هنا لتسهيل مهمّة التعبير عند الطفل، حيث أنّه ليس المطلوب من الأطفال في رسومهم، تسجيل ما يرون بالتفاصيل والدقائق، إنّما المطلوب عملاً فنّيًّا يتوافق واستجابة الأطفال للموضوع. حيث أنّ العمل الفنّيّ له طبيعةٌ تناقض طبيعة الواقع، فليس المقصود فيه تسجيل الحقائق الواقعيّة، إنّما هو تعبيرٌ عن هذه الحقائق.
بعد ذلك أحبّ أن أُلفت انتباهكم إلى أنّ القصة ليست هي المطلوبة فقط، لتسهيل العمل الفني والابداع، بل أنّه هناك فروقاتٌ فرديّةٌ بين الأطفال، المطلوب أخذها بعين الاعتبار، تتناول الطفل العادي وغير العادي، وتتناول سن الأطفال وتفاوتها، وبيئاتِهم المختلفة، وسرعة الذكاء والاستيعاب لديهم. هذه المسائل بمعظمها تؤثّر على العمل الفنّيّ والبرنامج المطلوب.
فلكلّ طفلٍ فروقاته الفرديّة، في كلّ مرحلةٍ من مراحل تعبيره، حيث  أنّه يحتاج إلى خططٍ ومناهج، وتحضيراتٍ خاصّةٍ بها، مثلاً لا يُتوقّع من طفلٍ رضيعٍ أن يمسك بالقلم ويخطّط به، فهذه عمليّةٌ فوق مستواه.
أمّا الطفل في الثانية من عمره، فلا يُتوقّع منه أن يمسك بالقلم ويرسم رسومًا طبيعيّة. بينما المراهق يُتوقّع منه ذلك. فلكلّ حقبةٍ زمنيّةٍ من عمر الطفل تعبيرٌ فنّيٌّ يناسبه، وإذا لم تتّوافق هذه الحقبة الزمنيّة مع العمل الفنّيّ المطلوب، يعتبر الطفل طفلًا غير عاديٍّ أو شاذٍّ، والشذوذ هنا هو عدم انطباق الصفات الفرديّة على المستوى القياسيّ المتوقّع للنضوج في كلّ مرحلةٍ من مراحل النمو. فإذا وُجد طفلٌ في الثانية من عمره يرسم رموزًا شكليّةً في تعبيراته الفنّيّة، اعتبرناه شاذًّا عن أقرانه لأنّه لا يمثّل القاعدة العامّة، وشذوذُه في هذه الحالة هو أنّه يسبق مرحلة نموّه أو العكس. إذا وصل الطفل إلى سن الرابعة وهو لا يزال في طور الخربشة، أيضًا نعتبره شاذًّا، وشذوذُه هنا لأنّ عمره الزمنيّ يسبق عمره الفنّيّ، فالأوّل له صفة الامتياز، والأخير له صفة التأخّر من الناحية الفنّيّة.
هذه الفروقات الفرديّة بين تلميذٍ وآخر في نفس السنّ أو الصفّ أو العمر في صفّين مختلفَين، أو بين الفروقات الحاصلة لطفلٍ في مدرسةٍ لا تهتمّ بالفنّ، وآخر خارج المدرسة، أو بين الفروقات الناتجة عن بيئةٍ فقيرةٍ، وأخرى  غنيّةٍ أو بيئة القرية وبيئة المدينة.
هذه الفروقات يجب أن نأخذها بعين الاعتبار ونضع لكلٍّ منها برنامجًا فنّيًّا خاصًّا ومواضيع وأدوات تنفيذٍ خاصّةٍ، وتقييمٍ خاصٍّ يناسب كلٍّ منها من حيث مقوّماته العامّة. 
 
• كيف نقيّم نتاج أطفالنا؟

أيّ إنتاجٍ فنّيٍّ يقوم به الطفل، يخضع مباشرةً لرأي المشرف في اعطاء الكلمة البنّاءة حول العمل وهذه العمليّة النهائيّة تسمّى التقويم.
والتقييم هو قياس مقدار ما حقّقه الدرس من الأهداف المنشودة، شاملاً نقاشٌ مع الطفل حول الدرس والشرح والإعداد والتوجيه من الناحية التأليفيّة والتعبيريّة والموضوعيّة.
وللتقييم دورٌ مهمٌّ للطفل الذي يقدّم عمله من فترةٍ لأخرى أمام مدرّبه أو أستاذه وزملائه ليأخذ رأيهم بما أجاد. ومن خلال هذه العمليّة (الحوار المتبادل) يلعب الفنّ دورًا حيًّا في استشارة المناقشات حول بعض القيم التي يتضمنّها.
ويتضمّن التقييم حصر النتائج الضعيفة على إحصائيّةٍ خاصّةٍ، لكلّ من هذه الحالات في كلّ مشروع، لكي يتمكن المدرّس من خلالها تحديد الأطفال الذين يتجاوبون مع خطّته، وفي نفس الوقت يعطي الحافز والمعنويّات للأطفال الذين لم يتجاوبوا.

• ومن دلائل العمليّة التقيميّة: 
-    إقناع الطفل بما ينتج.
-    الاستجابة الجماليّة عنده.
-    كيفيّة استخدامه للخامات.
-    استغلاله لوقت الفراغ في انتاج الأعمال الفنّيّة.
-    تذوّق القيم الفنْيّة. 
-    اعتماده على نفسه في انهاء عمله الفنّيّ.
أمّا بالنسبة لعمليّة التصحيح أو ما يسمّى بالعلامات، يجب أن تتكوّن تتمّةً للحوار المتبادل في كلّ نشاطٍ بين المدرّب والمشاركين، مقابلةً بين الرسوم المختارة والمعروضة والتأمّل بكلّ لوحةٍ من رسوم الأطفال، ولفت النظر إلى نواقصها برفقٍ ومحبّة.
 
• المحترف الفنّيّ: 
المرسم أو المحترف الفنّيّ هو المكان الأفضل لتنفيذ المشاريع الفنّيّةِ مع الأطفال، وهو أمرٌ مهمٌّ يجب أن يعَالج في أيّ مكانٍ ندرس فيه الفنون، فمن المفضّل إيجاد غرفةٍ خاصّةٍ بالرسم نجهّز بها كلّ ما يلزم:
- إضاءة المكان بنورٍ طبيعيٍّ من الخارج أو استعمال نورٍ كهربائيٍّ أبيض عند الحاجة.
- وضع ألواحٍ خشبيّةٍ بيضاء على جدران المرسم لتعليق وعرض إنتاج الطلّاب الأسبوعي.
- وجود خزائنٍ خشبيّةٍ أو حديديّةٍ لحفظ وسائل التنفيذ.
- ومن المستحب أن تكون غرفة المحترف مجهّزة بآلةٍ موسيقيّةٍ.
 
• المعارض:
المعارض الفنّيّة تقام عادة في قاعةٍ واسعةٍ مجهّزةٍ لعرض أكبر عددٍ ممكنٍ من أعمال الأطفال، فتُجهّز بألواحٍ واسعةٍ ونورٍ مناسبٍ، تُبقي أبوابها مفتوحةً بين الزائرين والمتذوّقين لفترةٍ معيّنة من الزمن.
لهذه المعارض أهميّةٌ كبرى في حياة الطفل الفنّيّة، إذ أنّ بها توحيدٌ لمشاعر الأطفال وأفكارهم، وبها تزداد ثقتهم بأنفسهم، ممّا يدفعهم إلى مزاولة أعمالهم الفنّيّة بمزيدٍ من الرغبة والحماس. في المعارض، يزداد التقارب بين البيئة الخارجيّة والأهداف الرئيسيّة للتربية الفنّيّة، حيث تساهم في ارتقاء الذوق الجماليّ للأطفال.

• التقييم: 
مدّته عشر دقائق، فيه يعرض المدرّب رسوم تلاميذه ويطلب منهم نقد إنتاجهم وإبداء رأيهم بصراحةٍ وموضوعيّةٍ، هكذا يُكوّن لديهم الاستعداد لنقد الأعمال الفنّيّة وتذوّقها على أكمل وجه.
 

فنون
970قراءة
2021-12-15 09:48:05

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا