الفن الإسلامي
إذا ذكرنا إيران في الفن الإسلامي، فإن أول ما ينصرف إليه الفكر هو الصور البديعة التي رقمها الفنانون الفرس، والسجاد الجميل الذي لا يزال محط إعجاب الشرقيين والغربيين حتى الآن. وقد امتاز الطراز الفارسي بالزخارف النباتية ولا سيما الزهور، وبالإسراف في رسوم الإنسان والحيوان والطيور على مختلف التحف الفنية. وقد عني الفرس بصدق تمثيل الطبيعة ومحاكاة الحياة في رسومهم النباتية. ولعل بعض السر في ذلك أنهم تأثروا بالأساليب الصينية في هذا الميدان. أما العمائر في الطراز الفارسي فتمتاز بكسوتها بألواح القاشاني التي نبغ الفرس في صناعتها. ومن أزهى عصور هذا الطراز حكم الأسرة الصفوية في القرن السادس عشر والسابع عشر، وإليه يرجع الميدان الشاهاني في أصفهان، وهو من أجمل ميادين العالم، ويعد الجامع المطل عليه أفخم الجوامع الفارسية. الفن الاسلامي
عندما فتح العرب، العراق وإيران والشام ومصر وشمالي أفريقيا والأندلس؛ نما في أنحاء الإمبراطورية فن ليس من الإنصاف أن نسميه فنّاً عربيّاً Art Arab؛ لأن نصيب العرب فيه كان أقل من نصيب غيرهم من الأمم الإسلامية.
وقد كان الأوروبيون يسمونه أحيانً Art saracenic من كلمة Saracens التي لا مرادفًا لها في اللغة العربية، وهي لفظ من أصل يونانيSaraceni كان الإغريق يطلقونه قديماً على سكان القبائل البدوية التي كانت تقطن غربي نهر الفرات، ويُظن أنه مشتق من كلمتي «شرق» و«شرقيني»، ثم اتسع مدلول هذا اللفظ حتى شمل سكان شبه الجزيرة العربية عامة، وزاد استعماله في عصر الحروب الصليبية، فغلب على سكان الشرق الأدنى من المسلمين الذين كانوا يقاتلون الصليبين. وإذا أردنا ترجمة هذا اللفظ إلى العربية لما وجدنا لتأدية معناه إلا «العرب» أو «الشرقيني».
وهكذا نرى أن لفظSaracenic Art لا يصح أن يشمل في العرف الأوروبي إلا الفنون التي ازدهرت في بلاد العرب والعراق والشام، وربما في مصر أيضا، ولكننا لا نستطيع أن نطلقه في ثقة واطمئنان على الفنون الإسلامية في الأندلس وإيران وتركيا والهند.
وكذلك كان الأوروبيون يطلقون على الفن الإسلامي أحيانًا اسم art Moorish والمعروف أن كلمةMoors بالإنجليزية جاءت من Moro بالإسبانية — وهذه ترجع إلى كلمة Mauri التي كان الرومان يطلقونها على سكان شمال غربي أفريقيا، وقد كانوا يسمونها Mauretania — وأصبح لفظ Moors يطلق على المسلمين في شمالي أفريقيا وفي الأندلس. فالفن المغربي أو art Moorish هو الفن الإسلامي في إسبانيا وفي تونس والجزائر ومراكش دون غيرها من الأقطار الإسلامية.
ان «الفن العربي art Arab « أو «الفن الشرقي art Saracenic« أو «الفن المغربيart Moorish « كلها أسماء ليست أسماء جامعة، ولا شك في أن أفضل اسم للفنون التي ازدهرت في العالم الإسلامي هو «الفنون الإسلامية»؛ لأن الإسلام كان حلقة الاتصال بينها، ولأنه جمع شتاتها وجعلها وحدة متميزة على الرغم من تباين أصولها.
الطُرز والأساليب والمدارس المختلفة:
إن الفن الإسلامي في القرون الثلاثة الأولى بعد الهجرة كان يسوده طراز أموي، ثم طراز عباسي بعد سقوط بني أمية سنة ٧٥٠م، ولما ضعفت الدولة العباسية في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، وخلفتهما دويلات وإمارات مستقلة في الأقاليم الإسلامية المختلفة، قامت على أنقاض الطراز العباسي أساليب فنية محلية يمكن تمييز كل منها، ولا سيما في ميدان العمارة؛ لأن منتجات الفنون الفرعية (أو الصناعية أو التطبيقية arts Minor ( كان من السهل نقلها من إقليم إلى آخر، والتأثر بالأساليب الفنية فيها.
الطراز الأموي
بدأ ا الأمويون يفكرون في تشييد مساجد توازي في العظمة كنائس المسيحين، وعظمة ملكهم الجديد، وكان جل اعتماد الأمويين في بداية الأمر على عمال وفنانين من البيزنطيين والسوريين والمسيحيين تتلمذ عليهم العرب، ونشأ الطراز الأموي في الفن الإسلامي،وثبتت هذه الأصول في الأندلس.
وأهم الأبنية التي تنسب إلى الأمويين قبة الصخرة التي تقع في وسط الحرم الشريف ببيت المقدس، ثم الجامع الأموي بدمشق وبعض قصور بناها الخلفاء في بادية الشام؛ كقصر عمرى، وقصر المشتى، وقصر الطوبة.
قبّة الصخرة:
يطلق عليها في بعض الأحيان اسم جامع عمر؛ لأن عمر بن ّ الخطاب كان قد أقام في موضعها مصلى من الخشب، ثم شيَّد عبد الملك بن مروان البناء الحالي سنة ٦٩٠ ،وهو على شكل مثمّن فوقه قبة عالية تغطيها فسيفساء عليها زخارف باللونين الأخضر والذهبي، وهي محمولة على دائرة من أعمدة ضخمة من الرخام الأخضر، وذات تيجان مذهبة، وقد عني عبد الملك بقبة الصخرة عناية زائدة؛ لأنه أراد أن يحول الحج من مكة إليها حيث كانت الكعبة في يد منافسه وهو عبد الله بن الزبري. وعلماء الآثار متفقون في أن عمارة هذا البناء مأخوذة من عمارة الكنائس المسيحية البيزنطية، بيد أننا نلاحظ أن هذا الشكل المثمن لم يتكرر في تصميم الجوامع الإسلامية؛ ً لأنه كان ملائما كل الملاءمة ليحيط بالصخرة المقدسة في الحرم الشريف؛ ولكن تصميم الكنائس المعروفة بالباسيليكا كان أوفق للعبادة الإسلامية، وقد اتخذه المسلمون في أكثر الأحيان أساسا لتصميمات مساجدهم.
الجامع الأموي :
موجود في دمشق، أقامه الوليد بن عبد الملك على أنقاض كنيسة القديس يوحنا، وفي وسطه الآن صحن كبير تحيط به أروقة وعقود وإيوانات من الحجر تحملها في الشمال دعائم Pillars ،وفي الشرق والغرب دعائم وأعمدة، وأكبر هذه الأروقة رواق القبلة، ويشمل ثلاث بلاطات bays تقوم في وسطها قبة.
ولا شك في أننا نشاهد التأثير الذي كان لتصميم الجامع الأموي على تصميم الجوامع التي شيدت في الأمصار الإسلامية المختلفة في ذلك العصر؛ كجامع القيروان، وجامع الزيتونة بتونس، وجامع قرطبة بإسبانيا.
والقصور التي شيدها الخلفاء في بادية الشام أكثرها أبنية مربعة الشكل وسطها ُّ حيشان تحيط بها غرف للسكنَى، وكان يأوي إليها الأمراء للصيد أو حين تنتشر الأمراض في المدن.
إن في تصميم هذه القصور وفي زخارفها عناصر عراقية وفارسية، إلى جانب العناصر الشرقية المسيحية التي امتاز بها هذا العصر وتلك الأقاليم.
الطراز العباسي:
لما استولت الدولة العباسية على مقاليد الحكم سنة ٧٥٠م، أصبحت السيادة في العالم الإسلامي للعراق دون الشام، وأدى ذلك إلى تغيير كبير في أساليب العمارة والزخرفة، فانتقل البناءون إلى استعمال الآجر بدلا من الحجر، وإلى بناء القوائم Pillars بدلا من اتخاذ الأعمدة، وغلبت الأساليب الفنية الفارسية على الفنون الإسلامية، كما غلب الطابع الفارسي على الأدب والحياة الاجتماعية. وفي سنة ٧٦٢ ،شيَّد المنصور مدينة بغداد على نهر دجلة محاولا بناءها على شكل دائرة في وسطها القصر والجامع، ويحيط بها سور كبير فيه أبراج ويوازيه سور آخر.
وفي سنة ٧٦٢ ،شيَّد المنصور مدينة بغداد على نهر دجلة محاولا بناءها على شكل دائرة في وسطها القصر والجامع، ويحيط بها سور كبير فيه أبراج ويوازيه سور آخر، وفي سنة ٨٣٦ ،شيَّد المعتصم مدينة سامراء على الضفة اليمنى لنهر دجلة، وعلى بُعد مائة متر شمالي بغداد، واتخذها عاصمة جديدة للدولة. وقد ذاع صيت سامراء بالقصور العظيمة التي شيدها فيها المعتصم وخلفاؤه، حتى هجرها المعتمد سنة ٨٨٣ ،وأرجع البلاد والحكومة إلى بغداد، وسقطت أبنيتها الواحد بعد الآخر إلا الجامع.
جامع أحمد بن طولون :
يعتبر في عمارته وزخرفته الجصية مثالاً حياً من أمثلة الفن العراقي في القرن التاسع الميلادي.
تم بناء هذا الجامع سنة ٨٧٨ ،وهو يتكون من صحن مربع مكشوف، تحيط به أروقة من جوانبه الأربعة، وتقع القبلة في أكبر هذه الأروقة، وهناك ثلاثة أروقة خارجية بين جدران الجامع وبين سوره الخارجي، وتسمى الزيادات، ولعلها بنيت حينما ضاق الجامع على المصلين، وجامع ابن طولون مشيد بآجر أحمر غامق، وأقواس الأروقة محمولة على دعائم ضخمة من الآجر تكسوها طبقة سميكة من الجص، بدلا من الأعمدة التي كان المسلمون يأخذونها من الكنائس والمعابد القديمة.
ولكن أهم ما يمتاز به هذا الجامع هو مئذنته أو منارته التي تقع في الرواق الخارجي الغربي، فتكاد لا تتصل بسائر بناء الجامع، وهي مبنية بالحجر، وتتكون من قاعدة مربعة تقوم عليها طبقة أسطوانية وعليها طبقة أخرى مثمنة. وأما السلالم فمن الخارج على شكل مدرج حلزوني،أهم ما يمتاز به هذا الجامع هو مئذنته أو منارته التي تقع في الرواق الخارجي الغربي، فتكاد لا تتصل بسائر بناء الجامع، وهي مبنية بالحجر، وتتكون من قاعدة مربعة تقوم عليها طبقة أسطوانية وعليها طبقة أخرى مثمنة. وأما السلالم فمن الخارج على شكل مدرّج حلزوني، وليس لهذه المنارة نظير في الأقطار الإسلامية، إلا في المسجد الجامع ومسجد أبي دلف بسامراء.
وأبنية الجامع الطولوني مغطاة بطبقة سميكة من الجص، وعلى أجزاء كبيرة منها زخارف هندسية جميلة مأخوذة عن الزخارف العراقية في سامراء.
وليس لهذه المنارة نظير في الأقطار الإسلامية، إلا في المسجد الجامع وفي مسجد أبي دلف بسامرا.
ومما امتاز به العصر العباسي نوع من الخزف ذو بريق معدني lustre ذاع استخدامه في العراق وإيران ومصر والشام وإفريقية والأندلس، وكانت تصنع منه آنية ً يتخدها الأمراء والأغنياء عوضاً عن أواني الذهب والفضة التي كان استعمالها مكروها في الإسلام؛ لما تدل عليه من البذخ والترف المخالفين لتعاليم الدين، كما كانت تصنع منه أيضاً تربيعات تكسى بها الجدران كالتي لا تزال باقية حتى الآن في جامع القيروان.
الطراز الإسباني المغربي :
قام في المغرب والأندلس على يد دولة الموحدين في القرن الثاني عشر الميلادي، والمعروف أن جمع المغرب والأندلس تحت سلطان واحد حدث على يد المرابطين، وهم أسرة من المسلمين البربر كانت تحكم شمالي أفريقيا منذ القرن الحادي عشر، ثم حدث أن استعان بها مسلمو الأندلس لمقاومة تقدم المسيحين في طرد المسلمين من إسبانيا، فهب المرابطون لنجدة المسلمين في الأندلس مرة، ثم ساروا لنصرتهم مرة أخرى، ضموا بعدها بلاد الأندلس الإسلامية إلى دولتهم في إفريقية سنة 1090 ،ولكن دولة المرابطين في المغرب لم تلبث أن اضمحلت وخلفتها أسرة الموحدين سنة 1130.
أرسل الموحدون إلى الأندلس جيشا استولى عليها بين سنتي ١١٤٥ و١١٥٠ ،وظلوا يجاهدون ضد المسيحيين حتى هزموا سنة ١٢٣٥ ،وكان ذلك نذير طردهم من إسبانيا، ومنذ سنة ١٢٣٦ صار نفوذ المسلمين في إسبانيا قاصراً على مملكة غرناطة التي كان يحكمها بنو نصر، والتي سقطت في سنة ١٤٩٢،فانتهى بسقوطها حكم المسلمين في الأندلس.
وقد كانت الزعامة في ميدان هذا الفن الإسباني المغربي لمراكش وإسبانيا، بينما لم يكن فيه للجزائر أو لتونس شأن خطير، فقد كانت الصلة وثيقة بني مراكش والأندلس حين كان الإقليمين خاضيعن للموحدين، ثم بعد أن سقط الموحدون في بداية القرن الثالث عشر، وغدت الأندلس الإسبانية ممثلة في بني نصر بغرناطة، بينما كان يحكم مراكش بنو مرين (سنة ١١٩٥–١٤٧٠ ). فإلى عصر الموحدين تنسب بعض العمائر الشهرية في الطراز المغربي؛ كجامع الكتبية في مراكش، والأبواب الجميلة في رباط ومراكش، وكالجريالدا (منارة جامع أشبيلية).
وإلى عصر بني نصر في غرناطة يرجع في الفنون الإسلامية قصر الحمراء سيد العمائر المغربية على الإطلاق، وقصر جنة العريف، كما ترجع إلى عصر بني مرين المدارس الجميلة في مراكش. واضمحل الفن المغربي في القرن الخامس عشر، وكانت له نهضة ثانية على يد أسرة الأشراف السعديين في مراكش. ويرجع إلى عهد هذه الأسرة مشهد السعديين المشهور ومدرسة بني يوسف في مراكش. ومن مميزات الطراز الإسباني المغربي استخدام نوع من العقود على هيئة حدوة الفرس، واستخدام الدعائم المبنية من الآجر عوضا عن الأعمدة، مما يكسب الأبنية هيبة وجلالا عظيمين.
ولسنا نستطيع أن نستعرض هنا الظواهر المعمارية التي اختص بها هذا الطراز، وطبعته بطابع خاص يميزه عن سائر الطرز الإسلامية، وحسبنا أن نذكر المآذن المربعة والطنف أو الأفاريز الخشبية التي كانت تظلل البوابات الخمسة. ونلاحظ أن الأعمدة في قصر الحمراء وفي العمائر التي تأثرت بهذا القصر قد امتازت برشاقتها وجمالها وتيجانها ذات الدلايات أو المقرنصات، كما أن استخدام الفسيفساء من الخزف في تغطية الجدران، والإسراف في الزخارف املحفورة على الجص ظاهرتان قويتان في الطراز الإسباني المغربي.
الطراز المصري السوري :
كان الفن بمصر في العصر الطولوني تابعاً للأساليب الفنية العباسية، لما فتح الفاطميون مصر سنة ٩٦٩ ،ثم استولوا على جزء كبير من الشام، وصارت لهم دولة عظيمة نشأ على يدهم الطراز المصري السوري، وتطور بعد ذلك على يد المماليك (١٢٥٠–١٥١٧) تطوراً بعيد المدى، حتى ليمكننا أن ننسب إلى الفاطميين طرازاً خاصا، وإلى المماليك طرازا آخر، ولكننا لسنا في معرض تفصيل المميزات الدقيقة في كل منهما، فلا بأس من أن نعتبرهما هنا طرازاً واحدا، وأن ننظر في مميزاتهما على وجه عام. وقد كان الطراز المصري السوري أكثر اعتدالا ً واقتصادا في الزخرفة من سائر الطرز الإسلامية، ولا سيما الطراز الإسباني المغربي.
وقد تأثر الفاطميون بالأساليب الفنية الفارسية بعض التأثير، فكثر رسم الإنسان والحيوان على التحف التي ترجع إلى عصرهم، وفي دار الآثار العربية ألواح خشبية كانت في أحد قصورهم، وعليها زخارف محفورة تمثل مناظر صيد وطرب وموسيقى وسفر، وغير ذلك من صور الحياة اليومية، كما نجد كثيرًا من صور الحيوانات على الخزف ذي البريق المعدني، التي تعتبر صناعته من مفاخر العصر الفاطمي، وعلى قطع النسيج الفاخر التي كان لها تأثير كبير في صناعة النسيج في صقلية وفي إسبانيا.
وقد بقي من عمائر العصر الفاطمي الجامع الأزهر، ومن الظواهر المعمارية التي يمتاز بها العقود الفارسية الطراز، وهي مبنية من الآجر، وعليها طبقة من الجص غنية بزخارفها النباتية والخطية، ومن أبنيتهم أيضا جامع الحاكم، ويمتاز بمنارته ذات القواعد الحجرية، والجامع الأقمر الذي يمتاز بواجهته ذات الزخارف الجميلة، وفي العصر الفاطمي استخدمت القباب فوق الأضرحة وقد كانت القباب قبل ذلك تبنى فوق جزء من أبواب المحراب في المسجد، فالفن في العصر الفاطمي كان زاهرا وكانت قصور الفاطميين عامرة بالتحف الفنية التي أقبلوا على جمعها، وأفاض في وصفها المؤرخون والرحال.
أما عصر الدولة الأيوبية (١١٧١–١٢٥٠) فقد امتاز بالعمائر الحربية ولا سيما القلعة، كما امتاز بالمدارس الكثرية التي شيدها الأيوبيون لتدريس المذاهب الأربعة، ومحاربة العقيدة الشيعية؛ ولذلك كانت هذه المدارس صليبية الشكل، ولكل مذهب فيها رواق. ومن الظواهر المعمارية في العصر الأيوبي القباب الجميلة المحلاة زواياها بالمقرنصات كقبة الشافعي. أما في الزخرفة فقد انصرف الفنانون عن رسوم الإنسان والحيوان، وأبدعوا في الزخارف النباتية والهندسية، على أن عصر المماليك في مصر هو الذي جعل القاهرة متحفاً عظيماً، تتيه بما فيها من مساجد وقصور تتجلى فيها عظمة الطراز المصري السوري، ولا يحد إعجاب المشاهد ما فيها من زخارف دقيقة، وفسيفساء بديعة، ورخام متنوع الألوان، وشرفات مسننة، وأبواب ضخمة، ومآذن رشيقة، وقباب منمقة.
الطراز الفارسي:
إذا ذكرنا إيران في الفن الإسلامي، فإن أول ما ينصرف إليه الفكر هو الصور البديعة التي رقمها الفنانون الفرس، والسجاد الجميل الذي لا يزال محط إعجاب الشرقيين والغربيين حتى الآن. وقد امتاز الطراز الفارسي بالزخارف النباتية ولا سيما الزهور، وبالإسراف في رسوم الإنسان والحيوان والطيور على مختلف التحف الفنية. وقد عني الفرس بصدق تمثيل الطبيعة ومحاكاة الحياة في رسومهم النباتية. ولعل بعض السر في ذلك أنهم تأثروا بالأساليب الصينية في هذا الميدان. أما العمائر في الطراز الفارسي فتمتاز بكسوتها بألواح القاشاني التي نبغ الفرس في صناعتها. ومن أزهى عصور هذا الطراز حكم الأسرة الصفوية في القرن السادس عشر والسابع عشر، وإليه يرجع الميدان الشاهاني في أصفهان، وهو من أجمل ميادين العالم، ويعد الجامع المطل عليه أفخم الجوامع الفارسية.
فنون
1010قراءة
2021-12-15 09:55:06