الشّيخ الشّهيد
من نِعَم الله عليّ أنّي نشأت يتيم الأبوين فأمّي من أسرةٍ هاشميّةٍ من آل شرف الدّين ماتت وأنا في الثالثة أو الرابعة من عمري ولا أتذكّر شيئاً من ملامحها وصفاتها ولا عن علاقتي بها واهتمامها بي سوى صورٍ غامضةٍ مُبهمة..وأبي الشيخ محمود مغنيّة تخرّج من النّجف عالماً بحلال الله وحرامه عن نظَرٍ واجتهاد.. وتوفيّ قبل أن أُتِمّ الثانية عشرة من عمري.. ولليُتم أكثر من صورة وكلّها عواصف وقواصف، ولكنّ آثاره -على الرّغم من ذلك- أضدادٌ متنافرة فقد يؤدّي اليُتم إلى التّسوّل وارتكاب الجرائم، وقد يجعل الله فيه خيراً كثيرا، فيصنع اليتيم كيانه من آلامه، ويحقّق ذاته من أوصابه تماماً كما تصنع الشُّعوب المغلوبة من أغلالها مِعولاً تحطّم به السّدود والقيود، وهل الرّجولة في واقعها إلا أن يخلق الإنسان نفسَه بنفسِه؟
أبداً لا فرق بين أعمىً يتوكّأ على عصاه وبصير يعتمد على إنسانٍ مثله.
مقتطفات من كتاب
"تجارب محمد جواد مغنية"
برامج
2206قراءة
2018-05-26 11:24:05