القيم، هل هي نسبيّةٌ أم مطلقةٌ؟
هناك اختلاف بين من تناولوا موضوع القيم، فمنهم من اعتبرها نسبيّةً، وآخرون رأوها مطلقةً، سنعرض لكم في هذه المقالة كِلَا الرأيَين..
- البراجماتيّون (أو النفعيّون) يرَون أنّ القيم نسبيّةً، فليس هناك خيرٌ مطلقٌ أو شرٌّ مطلقٌ، فالخير أو الشر راجعٌ للممارسة والخبرة. ومن أنصار هذا الرأي "كونت" الذي ربط القيمة بالواقع، والملاحظة بالتجربة، ونادى بارتباط القيم بالأشياء الحسّيّة، وكذلك "وليام جيمس" و "ديوي" الذي يرى أنّ الخبرة والممارسة ينبوع القيم.
- أمّا المثاليّون، فعلى النقيض من ذلك، إنّهم يرَون أنّ القيم مطلقةٌ ل أنّ القيم الحقيقيّة ثابتةٌ وفيها الخير سواءً مارسها الإنسان أو لم يمارسها.
- أمّا في الإسلام فإنّ القيم من هذه الناحية قسمان:
1- قيمٌ مطلقةٌ كالصدق والأمانة والعدل.. وهي التي لا اجتهاد فيها.
2- وقيمٌ نسبيّةٌ ممّا ليس فيها نصّّ، وتحتاج إلى اجتهادٍ أو إجماعٍ لإقرارها.
بالإضافة إلى أنّ هناك مرونةً في ممارسة بعض القيم، فقيمة الإنفاق في سبيل الله يمكن ممارستها بصورٍ شتّى بحسب طبيعة الموقف.
- مكوّنات القيم:
تتكوّن القيم من ثلاثة مستوياتٍ رئيسيّةٍ هي:
المكوِّن المعرفيّ، والمكوِّن الوجدانيّ، والمكوِّن السلوكيّ.
ويرتبط بهذه المكوّنات والمعايير التي تتحكّم بمناهج القيم وعملياتها، الاختيار والتقدير والفعل.
أ- المكوّن المعرفيّ: ومعياره "الاختيار"، أي انتقاء القيمة من أبدالٍ مختلفةٍ بِحُرّيّةٍ كاملةٍ، بحيث ينظر الفرد في عواقب انتقاء كلّ بديلٍ، ويتحمّل مسؤوليّة انتقائه بكاملها، وهذا يعني أنّ الانعكاس اللاإرادي لا يشكّل اختيارًا يرتبط بالقيم.
ويعتبر الاختيار المستوى الأوّل في سلّم الدرجات المؤدّية إلى القيم، ويتكوّن من ثلاث درجاتٍ أو خطواتٍ متتاليةٍ هي:
استكشاف الأبدال الممكنة، والنظر في عواقب كلّ بديلٍ، ثمّ الاختيار الحر.
ب- المكوِّن الوجدانيّ: ومعياره "التقدير" الذي ينعكس في التعلّق بالقيمة والاعتزاز بها، والشعور بالسعادة لاختيارها، والرغبة في إعلانها على الملأ.
ويعتبر التقدير المستوى الثاني في سلّم الدرجات المؤدّية إلى القيم ويتكوّن من خطوتين متتاليتين هما:
الشعور بالسعادة لاختيار القيمة، وإعلان التمسّك بالقيمة على الملأ.
ج- المكوِّن السلوكيّ: ومعياره "الممارسة والعمل" أو "الفعل"، ويشمل الممارسة الفعليّة للقيمة أو الممارسة على نحوٍ يتّسق مع القيمة المنتقاة، على أن تتكرّر الممارسة بصورةٍ مستمرّةٍ في أوضاعٍ مختلفةِ كلّما سنحت الفرصة لذلك.
أمانة برامج الإختصاصات
1783قراءة
2016-01-30 13:34:06