12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

خيمة الولاية >> الدرس الثاني: القانون ضرورة اجتماعية

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

الكتاب: دروس تمهيدية في ولاية الفقيه

الدرس الثاني: القانون ضرورة اجتماعية

 

أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يُبيّن مفهوم القانون، ويربطه بالشريعة الإلهيّة.
2- يستدلّ على ضرورة القانون للمجتمع.
3- يعدّد أهم صفات القيّم على القانون.

تمهيد
قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾1.
يؤكّد الله تعالى في هذه الآية تزامن إرسال الرسل مع إنزال الكتاب والميزان. والهدف من إنزالهما تمكين الناس من القيام بالقسط وتحكيم العدالة في المجتمع. فالقرآن يُصرّح بأنّ الله تعالى وضع القوانين من أجل إقرار العدل في المجتمع الإنساني، وأنزلها بواسطة الأنبياء في صورة كتب سماوية.

والبحث في هذا الدرس يدور حول ثلاثة مواضيع، هي:
1ـ مفهوم القانون.
2ـ ضرورة القانون للمجتمع.
3ـ القيّم على القانون.

 

 

الفیديو بجودة منخفضة  لإرساله عبر الواتساب:

 

مفهوم القانون
القانون عبارة عن مجموعة من المقرّرات التي تشتمل على الواجبات والممنوعات (ما ينبغي وما لا ينبغي)، وهذه المقرّرات هي التي تُحدِّد وتنظِّم حركة الإنسان في المجتمع الذي يعيش فيه.
فالقانون يُقصد به تلك الفرضيّة التي تنصّ على ما يجب على الناس من أفعال وتروك في حياتهم الفرديّة والاجتماعيّة.

والشريعة الإلهيّة هي مجموعة من التشريعات والأنظمة الإلهية التي تشمل الجوانب الحياتية للإنسان كافّة، وفي مختلف الأصعدة والمراحل. وما الأحكام الشرعيّة من واجب وحرام ومستحبّ ومكروه ومباح إلا طريق مرسوم، ينبغي للإنسان أن يسلكه ويلتزم به، فيعرف ما له من حقوق، وما عليه من واجبات، تجاه الخالق والمخلوقين ونفسه. والشريعة الإلهيّة هي قانون سماويّ ينظّم حياة الإنسان بمختلف جوانبها وحيثيّاتها.

ضرورة القانون للمجتمع
هل هناك ضرورة لوجود قانون يحكم المجتمع؟ ما هي النتائج المترتّبة على عدم وجود قانون للناس؟ في الإجابة على هذين السؤالين نعرض دليلاً يتكوّن من مقدّمتين ونتيجة.

المقدِّمة الأولى:
إنّ الإنسان لا يستغني في حياته عن المجتمع، والدليل على ذلك هو أنّ الدافع العقلائي الاختياري للإنسان لانتخاب الحياة الاجتماعيّة يرجع إلى ملاحظة المنافع التي ترجع إليه, فإنّه يرى أنّ مجموعة من احتياجاته الماديّة والمعنويّة تتوقّف على الحياة الاجتماعيّة، وبدون المجتمع لا يمكن للإنسان تأمين هذه المنافع، أو إنّها تكون ناقصة غير تامّة، وهذا أمر بديهيّ لا يحتاج إلى مزيد من التوضيح.

المقدِّمة الثانية:
إنّ من لوازم الحياة الاجتماعيّة وجود التضارب والتضادّ بين مصالح أفراد المجتمع, أي إنّ الناس في حياتهم الاجتماعيّة، ومن خلال التعاون الذي يتمّ بينهم وتقسيم الوظائف فيما بينهم، يقع التضارب بين منافع بعضهم بعضًا. فبعضهم يسعى إلى تحصيل نصيب أكبر من الإمكانات والمواهب الطبيعيّة بثمنٍ أقل، أو يسير بنحو لا يتطابق مع ميول الآخرين, فيقع الاختلاف بينه وبين الآخرين. والطريق لأجل الحدّ من هذا الاختلاف، إنّما هو وجود قانون مدوّن يُتَحاكَم إليه عند الاختلاف.
إنّ هذه المقدّمة بديهيّة، وبداهتها تظهر من ملاحظة ميول الإنسان، مادّية كانت أم معنويّة، فإنّها تدلّ ـ وبوضوح ـ على أنّه من غير الممكن تأمين مصالح جميع أفراد المجتمع، وإنّ الإنسان إذا أراد أن يعيش ضمن المجتمع، فإنّه لا بدَّ له أن يُحدِّد ميوله، وأن لا يفعل كلّ ما تميل إليه نفسه, لأنّ عدم رعاية الحدود يؤدّي ـ وبشكل حتمي ـ إلى التصادم، الذي سوف يؤدّي بدوره إلى تزلزل الحياة الاجتماعيّة وتعارض مصالح البشر فيها. وعليه، فلا بدّ لأجل الحدّ من الاختلافات أو إزالتها نهائيًّا من ملاحظة الالتزام بالحدود والقوانين.

ثمّ إنّنا على ضوء هذه الحدود والقوانين، بشرط تطبيقها، يمكننا تأمين الظروف المناسبة لتكامل جميع أفراد المجتمع ماديًّا ومعنويًّا, وتحقيق حياة اجتماعيّة صحيحة.

إنّ ضمّ هاتين المقدّمتين سوف يوصلنا إلى النتيجة المطلوبة، وهي: إنّ وجود قانون للمجتمع أمر ضروري.

 

 

الفیديو بجودة منخفضة  لإرساله عبر الواتساب:

 

 

القيّم على القانون
ولكن القانون لوحده لا يكفي كما يقول الإمام الخميني قدس سره في كتاب الحكومة الإسلامية بل لا بد من وجود قيّم على هذا القانون يضمن تنفيذه بشكل دقيق وكامل: "وجود القانون المدوَّن لا يكفي لإصلاح المجتمع. فلكي يصبح القانون أساسًا لإصلاح البشرية وإسعادها، فإنّه يحتاج إلى سلطة تنفيذية, ولذا أقرّ الله تعالى الحكومة والسلطة التنفيذية والإدارية إلى جانب إرسال القانون, أي أحكام الشرع. وكان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على رأس التشكيلات التنفيذية والإدارية للمجتمع الإسلامي، واهتمّ صلى الله عليه وآله وسلم بالإضافة إلى إبلاغ الوحي وبيانه وتفسير العقائد والأحكام والأنظمة الإسلامية، بإجراء الأحكام وإقامة نُظُم الإسلام، إلى أن وجدت الدولة الإسلامية، فلم يكتفِ في ذلك الزمان مثلاً ببيان قانون الجزاء فحسب، بل قام مع ذلك بتنفيذه أيضًا، فقطع الأيدي ورجم وأقام الحدود. فعندما عيّن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم خليفة بعده، لم يكن ذلك لمجرّد بيان العقائد والأحكام، بل كان لأجل تطبيق الأحكام وتنفيذ القوانين أيضًا.

وكانت وظيفة تنفيذ الأحكام وإقامة نُظُم الإسلام هي التي جعلت تعيين الخليفة مهمًّا إلى درجة لولاه لما كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد بلّغ رسالته، ولما كان أكملها، إذ إنّ المسلمين بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يحتاجون إلى من يطبّق القوانين، ويقيم النظم الإسلامية في المجتمع لتأمين سعادة الدنيا والآخرة.

فالقانون والنُظُم الاجتماعية تحتاج أساسًا إلى منفِّذ. ففي جميع بلاد العالم كان الأمر دومًا بهذا النحو، فالتشريع وحده لا فائدة فيه. التشريع وحده لا يؤمّن السعادة للبشر. وبعد التشريع يجب أن توجد سلطة تنفيذية تنفّذ القوانين وأحكام المحاكم لتعود ثمرة القوانين والأحكام العادلة للحاكم على الشعب. لذا، فكما قام الإسلام بالتشريع، فإنّه أقام سلطة تنفيذية أيضًا، ووليًا للأمر يتصدّى للسلطة التنفيذية"2.

صفات القيّم على القانون
ولا بدّ للقيّم الذي يتولّى مهمّة ومسؤوليّة تنفيذ وتطبيق القانون أن يتّصف بالصِّفات الآتية:
1- العلم التامّ بالقانون, لأنّ العلم بالقانون مقدّمة ضروريّة لتطبيقه.
2- الحصانة الأخلاقيّة, لأنَّ القيمومة على الأمر أمانة عظمى, لا ضمان لأدائها ما لم يكن القيّم في أعلى مستويات العدالة والورع والتقوى. 
3- الكفاءة الإداريّة, لأنّ القيام بهذه المسؤوليّة على أكمل وجه، يتطلّب مهارت وخُبرات إداريّة واجتماعيّة وسياسيّة، وغير ذلك ممّا له مدخليّة في الوصول إلى الهدف على أكمل وجه.
 
النتيجة 
أكّد القرآن الكريم أنّ العدل لا يتحقّق إلّا من خلال وحي (قانون) إلهيّ منزل: 
قال تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾3. وإذا كان الكلام عن الحكم الإسلاميّ، والإسلام دين الله المنزل على رسوله الأعظم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾4، فهذا يعني أنَّ القيّم يجب أن يكون - من باب تطبيق الصفات السابقة التي حكم العقل بها - حائزًا على الصفات الآتية:
1- عالمًا بحكم الله, وقادرًا على معرفة الحكم الشرعيّ لكلّ واقعة.
2- عادلاً، ورِعًا، تقيًّا، ملتزمًا بالأحكام الشرعيّة كاملةً، وهذا المراد من الحصانة الأخلاقيّة.
3- لديه كفاءة إداريّة عالية، تخوّله إدارة النظام والحكم الإسلامي في عصر الغيبة.

وإذا عيّن الله تعالى من يقوم بالأمر, ونصّبه لحمل هذه المسؤوليّة, فهو المتعيّن، ويجب على الناس طاعته والرجوع إليه، فليس هناك أفضل ولا أولى من القيّم، ومن الجهاز الحاكم الذي يعيّنه الله تعالى, لأنَّه المطّلع على سرائر خلقه والخبير بنفوسهم، ولا يختار لهذه المسؤوليّة العظمى والأمانة الكبرى، إلّا من طَهُرَت نفسه وصفت سريرته، وخلصت نيّته، وكمل عقله، فيحمّله الأمانة ويسدّده بالوحي، كما هو الحال بالنسبة إلى الرُسُل وأنبياء الله الكرام عليهم السلام، وآخرهم وخاتمهم الرسول الأعظم محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكما هو الحال بالنسبة إلى الأئمّة الأوصياء المعصومين عليهم السلام الذين نصّ عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمر الناس بطاعتهم والتمسّك بهم والولاية لهم، وهذا البحث موكول للدراسات الكلاميّة والعقائديّة.

إنَّما البحث في هذه الدروس فيما لو غاب الإمام المعصوم عليه السلام المعيّن، فإن ثبت أنّهم عليهم السلام نصّوا على أحد بعينه فتلزم طاعته والرجوع إليه، وإن ثبت بوصفه وعلامته فكذلك.

أمّا إذا فرضنا انتفاء النصّ، فهنا يوجد ثلاثة فروض:
أ- الإهمال، وهذا ما ينكره العقل والعقلاء.

ب- إفساح المجال أمام أيّ شخص لتولّي هذا الأمر، دون مراعاة الصفات والشروط، وهذا قد يؤدّي إلى تولّي من هو غير جامع لها. وعليه، فلن يقدر على تطبيق الأحكام لجهله وعدم أهليّته.

ت- تولّي الفقيه الجامع للشرائط، العالم بأحكام الإسلام، العامل بها. وهذا هو المتعيّن من الفروض الثلاثة، بعد بطلان الفرضين السابقين، وملاحظة المقدّمات المذكورة سابقًا.

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سورة الحديد، الآية 25.
الإمام الخميني، روح الله, الحكومة الإسلامية، ص22.
سورة المائدة، الآية 45.
سورة آل عمران، الآية 19.

برامج
1048قراءة
2021-01-24 17:32:16

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا